محاضرة مفرغه .. غربة صائم .. للشيخ / خالد الراشد

ملتقى الإيمان






السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..



أخواتي الحبيبات ..

أقدم لكن هذه المحاضره الأكثر من قيمه لشيخنا / خالد الراشد ( فرج الله همه )


أعلم أخيه ..

ان المحاضره طويله بعض الشئ ولكن وبإذن الله
لن تخرجي من هذه المحاضره القيمه بدون ان تترك أثراً طيباً فـ نفسك
أحتسبي الأجر ياحبيبتي

* * *
فأنت مخيره .. بين الاستماع أو القراءة ..

وفقني الله وإياك وجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين ..



عناصر غربة صائم ..

ـ مقدمة .
ـ وقفة قبل البداية .
ـ شهر رمضان .
ـ كتب عليكم الصيام .
ـ المطلوب منك ومنكِ ومني .
ـ بدأ غريباً وسيعود غريباً .
ـ الغرباء مع الصيام .
ـ أنواع الصائمين .
ـ عذراً رمضان .
ـ نداء أخير .


غاليتي ..

اتركك مع المقطع الصوتي ..








محبتكن ..
المشتاقة لجنةربها





26
2K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

المشتاقة لجنةربها
يعتبر شهر رمضان من أعظم الشهور منزلة عند الله تعالى، لما فيه من الخير والبركات والنفحات الإيمانية، فعلى المسلم أن يتعرض لهذه النفحات الإيمانية في هذا الشهر الكريم، والرابح من استغل هذا الشهر في طاعة الله عز وجل، والخاسر من ضيع وفرط في هذا الشهر الكريم.





غربة صائم,,


إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ،

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ،

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا .


أما بعد: فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.ثم أما بعد: معاشر الأحبة رجالاً ونساءً!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. طبتم وطاب ممشاكم، وتبوأتم من الجنة منزلاً، وأسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجمعني وإياكم في دار كرامته إخواناً على سرر متقابلين، أسأله سبحانه أن يفرج هم المهمومين، ويكشف كرب المكروبين، ويقضي الدين عن المدينين، وأن يدل الحيارى ويهدي الضالين، وأن يغفر للأحياء وللميتين.أحبتي.!أيام معدودة ونستقبل شهر رمضان، وعنوان لقاء هذه الليلة الطيبة المباركة: غربة صائم.وسيتكون موضوع هذه الليلة من العناصر الآتية:وقفة قبل البداية. شهر رمضان. كتب عليكم الصيام.المطلوب منك ومنك ومني. بدأ غريباً وسيعود غريباً. الغرباء مع الصيام.ولك من أخبار النساء. أنواع الصائمين.هذا حالهم فما هو حالنا؟ نداء أخير.
المشتاقة لجنةربها
وقفة قبل البداية :



كنا في العام الماضي في مثل هذه الأيام نرقب شهر الصوم ونتحراه، ثم ماذا؟! عام كامل بأيامه ولياليه قد قوض خيامه، وطوى بساطه، وشد رحاله بما قدمنا فيه من خير أو شر، وصدق الله - (( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً )).. (( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً )) - :

وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ .

قال ابن كثير رحمه الله: تمر بنا الأيام تترا، وإنما نساق إلى الآجال والعين تنظر. إن الدقائق والثواني التي ذهبت من أعمارنا لن تعود، ولو أنفقنا جبال الأرض ذهباً وفضة. واعلم أن الأنفاس معدودة والآجال محدودة، واعلم أن من أعظم نعم الله عليك أن مد في عمرك وجعلك تدرك هذا الشهر العظيم، فكم غيب الموت من صاحب، ووارى الثرى من حبيب، فتذكر من صام معنا العام الماضي وصلى العيد، ثم أين هو الآن بعد أن غيبه الموت؟!. اجعل واجعلي لك من هذا الحديث نصيباً، قال صلى الله عليه وسلم:

(اغتنم خمساً قبل خمس: اغتنم حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك)، رواه الحاكم .

احرص رعاك الله! أن تكون من خيار الناس كما قال صلى الله عليه وسلم وأخبر حين سئل: أي الناس خير؟ أي الناس خير؟ قال: (من طال عمره وحسن عمله).إلهي ثكلت خواطر أنست بغيرك عدمت قلباً يحب سواك
المشتاقة لجنةربها
شهر رمضان :




قال سبحانه: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ،

جاء عند أحمد و النسائي من حديث أبي هريرة : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدوم رمضان، فكان يقول لهم: قد جاءكم شهر رمضان شهر مبارك، افترض الله عليكم صيامه، يفتح فيه أبواب الجنة، ويغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خير تلك الليلة فقد حرم الخير).
قال ابن رجب : هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضاً بشهر رمضان، فكيف لا يبشر المؤمن بفتح أبواب الجنان؟! كيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران؟! كيف لا يبشر العاقل بوقت يغل فيه الشيطان؟! من أين يشبه هذا الزمان زمان؟!قال معلى بن الفضل : كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم رمضان.قال يحيى بن كثير : كان من دعائهم: اللهم سلمني إلى رمضان، وسلم لي رمضان، وتسلم مني رمضان متقبلاً.. فمرحباً بشهر طيب مبارك كريم.في رمضان أنزل القرآن والكتب السماوية، في رمضان الشفاعة بالصيام والقرآن، في رمضان التراويح والتهجد، في رمضان التوبة وتكفير الذنوب، في رمضان تصفد الشياطين، في رمضان تغلق أبواب الجحيم وتفتح أبواب الجنان، في رمضان الجود والإحسان والعتق من النيران، في رمضان الصبر والشكر والدعاء، في رمضان مضاعفة الحسنات وليلة القدر، في رمضان الجهاد والانتصار..

فكيف لا يفرح المؤمن بشهر هذا بعض ما فيه؟! بين الجوانح في الأعماق سكناه فكيف أنت ومن في الناس ينساه وكيف أنت حبيباً كنت في صغري أسير حسن له جلت مزاياه ولم أزل في هواه ما نقضت له عهداً ولا محت الأيام ذكراه قد شاخ جسمي ولكن في محبته وما زال قلبي فتى في عشق معناه وفي كل عام لنا لقيا محببة يهتز كل كياني حين ألقاه بالعين والقلب والآذان أرقبه وكيف لا وأنا بالروح أحياه والليل تحلو به اللقيا وإن قصرت ساعاتها أحيالها وأحلاه فنوره يجعل الليل البهيم ضحى فما أجل وما أجلى محياه ألقاه شهراً ولكن في نهايته يمضي كطيف خيال قد لمحناه في موكب الطهر في رمضان الخير تجمعنا محبة الله لا مال ولا جاه من كل ذي خشية لله ذي ولع بالخير تعرفه دوماً بسيماه قد قدروا مواسم الخيرات فاستبقوا والاستباق هنا المحمود عقباه صاموه قاموه إيماناً ومحتسباً أحيوه طوعاً وما في الخير إكراه وكلهم بآيات القرآن مندمجاً كأنه الدم يسري في خلاياه فالأذن سامعة والعين دامعة والروح خاشعة والقلب أواه
المشتاقة لجنةربها
كتب عليكم الصيام :



قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ .

قال ابن عثيمين رحمه الله: الحكمة من الصيام: ليس أن يمنع الإنسان نفسه عن الطعام والشراب والنكاح، ولكن كما قال الله: (( لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ))،

وما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)، ومعنى قوله عليه الصلاة والسلام: ( من لم يدع قول الزور ): هو كل قول محرم، أو العمل به أي بالزور، أي: كل فعل محرم، وقوله: ( والجهل ): أي العدوان على الناس وعدم الحلم.


المطلوب منك ومنكِ ومني :

فالمطلوب منك ومنك ومني: تحقيق تقوى الله جل في علاه، فهي الغاية المنشودة والصفة المفقودة، قال سبحانه:

وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ،



وقال صلى الله عليه وسلم: (اتق الله حيثما كنت

والتقوى في أبسط معانيها: فعل المأمور وترك المحذور. فهل ترانا حققنا هذا بصيامنا؟! أم نحن ممن بالنهار يتقيه وبالليل يعصيه؟!كتب عمر بن عبد العزيز إلى رجل: أوصيك بتقوى الله عز وجل التي لا يقبل غيرها ولا يرحم إلا أهلها ولا يثيب إلا عليها، فإن الواعظين بها كثير والمتكلمين بها كثير والعاملين بها قليل.. جعلني الله وإياكم من المتقين.تقوى الله أكرم ما أسررت، وأزين ما أظهرت، وأفضل ما ادخرت، وَالآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ .



وإليك موجزاً وبعضاً من أخبار المتقين: قال البخاري : ما اغتبت مسلماً منذ احتلمت. وقال الشافعي : ما حلفت بالله صادقاً ولا كاذباً، ولو أعلم أن الماء يفسد علي مروءتي ما شربته. قيل لـمحمد بن الواسع : لم لا تتكئ؟! قال: إنما يتكئ الآمن وأنا لا زلت خائفاً. وقرئ على عبد الله بن وهب : ( وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ

فسقط مغشياً عليه. وحج مسروق فما نام إلا ساجداً. وقال أحدهم: ما كذبت منذ علمت أن الكذب يضر أهله. وقال أبو سليمان الداراني : كل يوم وأنا أنظر في المرآة هل اسود وجهي من الذنوب؟ هذا حالهم فكيف هو حالي وحالك؟! لبسنا الجديد، وأكلنا الثريد، ونسينا الوعيد، وأملنا الأمل البعيد! رحماك يا رب! لماذا تريد الحياة؟! لماذا تعشق العيش إذا لم تدمع عيناك من خشية الله جل في علاه؟! إذا لم تمدحه في السحر! إذا لم تزاحم بالركب في حلق الذكر! إذا لم تصم الهواجر، وتخفي الصدقات! هل العيش إلا هذا؟! هل العيش والسعادة إلا هذا؟! قالوا: إذا لم تستطع قيام الليل وصيام النهار، فاعلم أنك محروم، قال سبحانه: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ .فهذه أخبارهم لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ .
المشتاقة لجنةربها
بدأ غريباً وسيعود غريبا :


قال صلى الله عليه وسلم: (بدأ الدين غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغرباء)، إن الذي يقرأ ويسمع عن أخبار السلف وثلة من الخلف يعلم أن الدين يعيش غربة بين أهله، فمن سمع عن صيامهم وقيامهم وجهادهم أيقن أن الواقع اليوم يحتاج إلى مراجعة وتصحيح.فتعالوا أحبتي! ننظر في بعض صور الغرباء في رمضان.



الغرباء مع الصيام :



عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ما مات عمر حتى فرغ الصيام.أما أمير البررة وقتيل الفجرة عثمان ، قال أبو نعيم عنه: حظه من النهار الجوع والصيام، ومن الليل السجود والقيام، مبتل بالبلوى منعم بالنجوى.وعن الزبير بن عبد الله عن جدته قالت: كان عثمان يصوم الدهر ويقوم الليل إلا هجعة من أوله رضي الله عنه.قتلوه وقد كان صائماً والمصحف بين يديه والدموع على لحيته وخديه، حبيب محمد ووزير صدق ورابع خير من وطئ التراب. أما أبو طلحة الأنصاري الذي قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لصوت أبي طلحة في الجيش خير من ألف رجل)،




فعن أنس رضي الله عنه قال: كان أبو طلحة لا يصوم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من أجل الغزو، فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم لم أره يفطر إلا يوم أضحى أو يوم فطر. أما حكيم الأمة وسيد القراء أبا الدرداء فقد قال: لقد كنت تاجراً قبل أن يبعث محمد صلى الله عليه وسلم، فلما بعث زاولت العبادة والتجارة فلم يجتمعا، فأخذت بالعبادة وتركت التجارة. تقول عنه زوجه: لم تكن له حاجة في الدنيا، يقوم الليل ويصوم النهار ما يفتر. لله درهم!.كرر علي حديثهم يا حادي فحديثهم يجلو الفؤاد الصابي أما من خبر الإمام القدوة المتعبد المتهجد عبد الله بن عمر رضي الله عنهم أجمعين، فيكفيه قول النبي صلى الله عليه وسلم فيه: ( نعم العبد عبد الله)، قال عنه نافع : كان ابن عمر لا يصوم في السفر ولا يكاد يفطر في الحضر. وعن سعيد بن جابر قال: لما احتضر ابن عمر قال: ما آسى على شيء - يعني ما أحزن على شيء - من الدنيا إلا على ثلاث: ظمأ الهواجر، ومكابدة الليل، وأني لم أقاتل الفئة الباغية التي نزلت هنا، يعني الحجاج .



وإليك المزيد:عن رجاء بن حيوة عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: ( أنشأ رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشاً فأتيته فقلت: يا رسول الله! ادع الله لي بالشهادة، فقال: اللهم سلمهم وغنمهم، فغزونا فسلمنا وغنمنا، حتى ذكر ذلك ثلاث مرات، قال ثم أتيته فقلت: يا رسول الله! إني أتيتك تترا - ثلاث مرات - أسألك أن تدعو لي بالشهادة فقلت: اللهم سلمهم وغنمهم، فسلمنا وغنمنا يا رسول الله! فمرني بعمل أدخل به الجنة، فقال: عليك بالصوم فإنه لا مثل له، قال فكان أبو أمامة لا يرى في بيته الدخان نهاراً إلا إذا نزل بهم ضيف، فإذا رأوا الدخان نهاراً عرف أنه قد اعتراهم ضيف). وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: ( خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره في يوم حار حتى إنه ليضع الرجل يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم إلا ما كان من النبي صلى الله عليه وسلم و ابن رواحة).



أما مسروق بن عبد الرحمن الذي كان في العلم معروق، وبالثناء موصوفٌ، ولعبادة الله معشوق، قال عنه الشعبي : غشيته يوماً - يعني زرته يوماً - غشيت مسروقاً في يوم صائم، وكانت عائشة قد تبنته فسمى ابنته عائشة، وكان لا يعصى ابنته شيئاً ( لا يخالف ابنته من محبته إياها ) قال: فنزلت إليه فقالت: يا أبتاه! أفطر واشرب، قال: ما أردتي يا بنية! قالت: الرفق، قال: يا بنية! إني طلبت الرفق لنفسي في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة.قال الله عنهم:



فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا * مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلا زَمْهَرِيرًا * وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا * وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَ * قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا * وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا * عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا * وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنثُورًا * وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا * عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا * إن هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً .



سعيكم مشكوراً إذ صبرتم على طاعتي، سعيكم مشكوراً إذ صبرتم على الأذى في سبيلي.وهذا خبر أخير عن المبشر المحزون، والمستتر المخزون، تجرد من التلاد وشمر للجهاد وقدم العتاد للمعاد: العلاء بن زياد كان ربانياً تقياً قانتاً لله بكاءً من خشية الله، عن هشام بن حسان أنه قال: كان قوت العلاء بن زياد رغيفاً كل يوم، وكان يصوم حتى يخضر، ويصلي حتى يسقط، فدخل عليه أنس بن مالك و الحسن فقالا له: إن الله تعالى لم يأمرك بهذا كله، فقال: إنما أنا عبد مملوك لا أدع من الاستكانة شيئاً إلا جئته. قال له رجل: رأيت كأنك في الجنة، فقال له: ويحك أما وجد الشيطان أحداً يسخر به غيري وغيرك.قال سلمة بن سعيد : رؤي العلاء بن زياد أنه من أهل الجنة، فمكث ثلاثاً لا ترقأ له دمعة ولا يكتحل بنوم ولا يذوق طعاماً، فأتاه الحسن فقال: أي أخي! أتقتل نفسك أن بشرت بالجنة؟ فازداد بكاءً، فلم يفارقه حتى أمسى وكان صائماً فطعم شيئاً من الطعام، قال الله سبحانه:


إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ * لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ * وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ * إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ * وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ107].



دعوه لا تلوموه دعوه فقد علم الذي لم تعلموه رأى علم الهدى فمشى إليه وطلب مطلباً لم تطلبوه أجاب دعاءه لما دعاه وقام بأمره وأضعتموه لنفسي ذاك من فطن لبيب تذوق مطعماً لم تطعموه قال سبحانه:


تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً * وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا * رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا .



لله درهم! فكم علت بهم الهمم، وأي كلام يترجم فعلهم. ولك من أخبار النساء الغرباء. عن عبد الرحمن بن قاسم أن عائشة كانت تصوم الدهر، وعن عروة أن عائشة كانت تسرد الصيام، وقال القاسم : كانت تصوم الدهر فلا تفطر إلا يوم أضحى أو يوم فطر. وقد بعث لها معاوية مرة بمائة ألف درهم، فقسمتها ولم تترك منها شيئاً، فقالت بريرة : أنت صائمة فهلا ابتعت لنا منها بدرهم لحماً؟ فقالت: لا تعنفيني، لو كنت أذكرتني لفعلت. إنها الصديقة بنت الصديق ، العتيقة بنت العتيق، حبيبة الحبيب، وأليفة القريب، المبرأة من العيوب رضي الله عنها وأرضاها. أما القوامة الصوامة حفصة بنت عمر رضي الله عنها وعن أبيها وعن إخوتها وآل عمر وارثة الصحيفة، والجامعة للكتاب، فعن قيس بن زيد : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق حفصة فدخل عليها خالاها قدامة و عثمان ابنا مظعون ، فبكت وقالت: والله ما طلقني عن شبع، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فتجلببت، قال: قال لي جبريل عليه السلام: راجع حفصة فإنها صوامة قوامه، وإنها زوجتك في الجنة). فأي شهادة أعظم من شهادة الله وجبريل لـحفصة رضي الله عنها وأرضاها، وأنعم بها من عبادة كانت سبباً لرجوع أم المؤمنين حفصة إلى رسولنا صلى الله عليه وسلم لتبقى له زوجة في الجنة.قال نافع : ماتت حفصة حتى ما تفطر.



وإليك المزيد.عن سعيد بن عبد العزيز قال: ما بالشام ولا بالعراق أفضل من رحمة العابدة مولاة معاوية ، دخل عليها نفر من القراء فكلموها لترفق بنفسها، فقالت: ما لي وللرفق بها، فإنما هي أيام مبادرة وأيام معدودة، فمن فاته اليوم شيء لم يدركه غداً، والله يا إخوتاه! لأصلين لله ما أقلتني جوارحي، ولأصومن له أيام حياتي، ولأبكين له ما حملت الماء عيناي،