تغريد حائل

تغريد حائل @tghryd_hayl

عضوة شرف في عالم حواء

~ محطات رمضانيــــــــــــــــــة ~

ملتقى الإيمان





في زمنٍ رتيب ساكن
تهالكت خيوط الأمس البعيد
ودقت نواقيس الرحمة من قبة العبادات..!

رمضان أقبلَ
بالبشرِ وبركة الأسحار

وتعالت نداءات الحق
يا باغي الخير أقبّل
وأستدرك ما فات وضاع
فنبضات العمر ستتوقف لا مُحال
وطاحونة الزمن في سباق..!
أختي المؤمنة:
الصيام رحلة إيمانية روحانية
يقطر من جبينها نور التقوى،
وخير العتاد فيها.. العمل الصالح،
فكلما مر على هذا الكون هلال رمضان
عاد إلى الأمة الإسلامية حنينها
إلى ما أنطوت عليه أيامه من نفحات مباركة
وليالٍ عامرة بالأجر والعتقِ من النار..
ولنّا معكم - أحبتي - في هذا الشهر الفضيل

( محطات رمضانيــــــــــــــــة )
تتجلى فيها معانٍ سامية
تملأ الروح بأفواج السكينة
وينغمس القلب معها بلذة القرب إلى الله..!







25
3K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

تغريد حائل
تغريد حائل


المحطة الأولى:

~ أعمالنا في الميزان ~

قال تعالى: ( فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ *
وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ ).

في داخل النفس البشرية يوجد عاملان يتجاذبانها كقطبي المغناطيس المختلفين
وهي بينهما .
عامل الخير يدعوها إلى التزكية والارتقاء والتطهر والسمو وإلى كل خُلق فاضل ،
وعامل الشر وهو يجذبها إلى الأسفل إلى هوة الارتكاس في الضلال والخطيئة
وإلى كل سوء..
وهي بينهما في جهاد مستمر ،
ومعارك طاحنة .. يعلو فيها بيرق الإيمان حين تنتصر دواعي الخير
وينتكس ذلك البيرق حين تتبع النفس هواها ..
ولذلك يكون الفلاح والنجاح في نهاية رحلة الحياة ،
لمن تغلب على هواه ورجحت كفة ميزان الخير في أعماله ،
وتكون الخيبة والخسران من نصيب من خفّت كفة عمله الصالح ،
في خاتمة حياته

يقول تعالى: ( وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ *
وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ).
ورسولنا الكريم سمى مجاهدة النفس ومحاربه عوامل الشر فيها ومقاومة المغريات
" الجهاد الأكبر " ... ذلك لأنه يقتضي المتابعة المستمرة
ومحاسبة النفس دائما ، وعدم تركها ..
فاجعلي
- عزيزتي - شهر رمضان بداية مسيرة إصلاح لنفسكِ
واكتساب المزيد من الحسنات بزيادة العمل الصالح
وكوني في نهاية الأمر فائزة
بحياة مطمئنة في ظل الطاعة
وبحسن خاتمة تحوزي بها الرضا والرضوان والنعيم المقيم
بتوفيق من الله أولاً
وبالعزم والتصميم وتحكيم الإرادة على الهوى
ومواجهة تحديات الحياة والتغلب على عقباتها
والخروج من معركة الجهاد مع النفس بالنصر..!




تغريد حائل
تغريد حائل


المحطة الثانية:

~ مبادراتنا مابين الإنسانية والأجر ~

رمضان ميعاد الكرماء، وملتقى ذوي الجود، ومجمع أصحاب الخير
وواحة الإنسانية العامرة بالرحمة وغرس القيم..
في رمضان تتنزل الفيوضات الإلهية والعطايا الربانية،
وفيه تُشع الهبات السماوية، وتشرق المنح الروحانية..
في رمضان تشرئب الأعناق ممتدة لتعانق نسمات الفضل،
وتتنسم عبير الخير، وتستنشق أريج الهداية..
العطاء في رمضان يهمل كغيث مدرارٍ يُحيِّي قيعان المعاصي؛لتنبت بأزهار الصدقات،
ويغسل أدران الزلل؛ لتبرق معادن الاستقامة..
قال تعالى: (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً
وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ )

فالمال لا يذهب بالجود
إنما هو قرض حسن مضمون عند الله
يضاعفه الحق تبارك وتعالى أضعافاً كثيرة
يضاعفه في الدنيا مالاً وبركه وسعادة وراحة،
ويضاعفه في الآخرة نعيماً مقيماً.!
فالمبادرون بالخير في رمضان هم الرابحون
واستشعار حاجة الفقراء والمستضاعفين ذروة السعادة ورونق الإحساس
فالصائم تنمو جذور إنسانيته حينما يتلمس موطن الحاجة لدى الآخرين
ممن أوجعتهم لسعات شظف العيش وشدة الحاجة وقسوة الفقر.
وخير قدوة لنا في البذل والعطاء والجود رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم
فالجود كان من أكثر سجاياه بروزاً في حياته،
وأنه ما لبث ملازماً له ولم ينفك عنه لحظة، إذ ماكان - صلى الله عليه وسلم -

يدخر شيئاً عنده من خير عن الناس، وما سئل - عليه الصلاة والسلام - شيئاً قط فقال: لا
إلا أن جوده كان في رمضان أجلى وأكثر وضوحاً..

قال ابن عباس: ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ ).
وقال المهلب: (وفيه بركة أعمال الخير، وأن بعضها يفتح بعضاً، ويعين على بعض؛
ألا ترى أن بركة الصيام، ولقاء جبريل، وعرضه القرآن عليه زاد في جود النبي - صلى الله عليه وسلم - وصدقته،

حتى كان أجود من الريح المرسلة )
فكوني - أختي الحبيبة - من المبادرين لفعل الخير
وممن ينثر أزاهير التوق.. في سباق الفوز بالجنان،
واغتنمي موسم الفلاح ومضاعفة الأجور بكل ما يملأ صحيفتكِ بالأعمال الصالحة
فنحن في هذه الحياة راحلون
ولا يبقى لنّا إلا الأثر الطيب والذكر الحسن
فهنيئاً لمن اقتنص هذه الفرصة الثمينة لعمارة أوقاته المباركة.!







تغريد حائل
تغريد حائل



المحطة الثالثة:

~ الروحانية فتيل الإيمان ~

الروحانية هي: التعلق بالحبل المتين
ورمضان منار الروحانية بأنوارها المتلألئة في فضاء السكينة الإيمانية..

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الصِّيَامُ جُنَّةٌ ، وَهُوَ حِصْنٌ مِنْ حصونِ الْمُؤْمِنِ )
فالروحانية هي الثمرة التي تجنيها الروح حينما تقبل بإنابة على ربها،
وتتبتل في خضوع له سبحانه، وتركع في استسلام كامل له عز وجل،
وهي تلك الصفة الخاصة بالروح التي استكملت معالم الهداية،
واستجمعت أمارات الصلاح، واستتمت جوانب التّقى، واستوعبت خصال الاستقامة،
وهي استجابة القلب لداعي الإله، وانصياع الفكر لآيات مولاه، واتساق الروح مع مراد الله..
فتلك الروحانية التي تغمر الحياة في رمضان.. تمنح الروح طاقة جبارة تنتشلها من قاع الكسل
وحضيض الخمول لترتقي بها في مراقي العبودية والطاعة،
وتفسح المجال لها من فيوضات الرحمن جلَّ وعلاه في شهر الرحمة،
وتنال من أعطيات الكريم المنان - سبحانه وتعالى - في موسم العطايا الإلهية،
كما أنها تساعد الروح على الاستمرار بعد رمضان في العمل والعبادة والرقي الإيماني
والتهذيب الأخلاقي والعطف الإنساني،
وتساعدها أيضاً على عدم هجر تلك العادات البهية التي داومت عليها خلال شهرها المنصرم،
وتردعها عن العودة لمخالطة الخطايا التي أقلعت عنها خلال شهر الخير..!

فلتكن روحانيتكِ - أختي الصائمة -على مدار العام
وكأن العام كله رمضان..
وعمقي الإيمان بقيمكِ العليا ومبادئكِ في نفسكِ
واعسفي كل سلوكياتكِ لتنسجم معها،
وداومي على التأمل والتفكر في صلتكِ في الله،
واغرسي تعظيمه سبحانه وتعالى - في قلبكِ،
ووجهي أفكاركِ وأعمالكِ ومشاريعكِ صوب مراد الله وفي سبيل مرضاته..
وفي أعلى الاستشعار أحيي في روحكِ مشاعر إيمانية، ويقظة عالية بمستوى روحانيتكِ الفياضة بالنور،
وقاومي كل مغريات الحياد عن منهج الروحانية السامية التي التزمتيها،
واكثري من الابتهال إلى خالقكِ بأن يهديكِ للحق ويتوج قلبكِ بالثبات.!







تغريد حائل
تغريد حائل



المحطة الرابعة:

~ نهايتنا.. كفن وقبر ~

غريبة أطوار البشر..
يمقتون فُتات الخبز
مُتناسين أنهم خلقوا من ترابٍ
وله عائدون بلا مفر..
يتعالون على الضعفاء
وصاحب الجبروت في عُلاه بيده مقاليد السموات والأرض..!
مساكين نحن البشر..
نأكلُ لحم بعضنا البعض
وخشاشُ الأرضَ تقتاتُ عظامنا..
نُسابقُ عقارب الزمن،
وأقدارنا رسمتْ خطوط حياتنا الدقيقة..!
عجيبةٌ حياة البشر..
يظلون يلهثون ويلهثون
وفي دنيا الأحلام سادرون
ونهايتهم.. كفن وقبر..!
فإلى متى و النفس اللومة في سُبات؟!
تمتطي صهوة التسويف،
وتغرق في وحل الضياع!
فكفى أيها الإنسان عجرفة
وحاسب نفسكَ الأمارة بالسوء
قبل أن يُداهمكَ هادم اللذات
وتندم أشد الندم..
فالموت حقيقة لا يختلف عليها عاقل
تنقلنا إلى حياة الخلود،
وتُدخلنا بطور الحساب والجزاء،
ورمضان مدرسة تهذيب وقمع لأهواء الغافلين
فمن منّا من السابقون الذين يقفون كل يوم مع أنفسهم وقفات ويعقدون لها محاكمات؟
فالمحاسبة ( كشف حساب للأمس بهدف تصحيح الغد )
فلنفتح باب المحاسبة على مصراعيه
ولنرفع على أنفسنا سوط التقريع أن هي خانت أو نامت

واحذري - غاليتي -أن تتأخري فتتسع رقعة الذنوب والغفلة
فيصعب عليكِ أستدراككِ
وتفشل محاولاتكِ ليقظة ضميركِ الغارق بالوهم الزائف
فاستغلي تأنيب الذات في تقويم سلوكياته الخاطئة،
وأفكاره المُتدحرجة من قمم الجحود وعدم شكر وحمد الخالق..
فمحاسبة النفس على مدار العام.. طوق نجاة.!








تغريد حائل
تغريد حائل





المحطة الخامسة:


~ أوقاتنا في ميدان الاستثمار ~


الوقت: صفقة استثمارية
تحتمل الخسارة أو الربح..
ورمضان موسم استثماري عظيم
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ ،وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ ،
ثُمَّ فُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجِنَانِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ ، وَيُنَادِي مُنَادٍ : يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ ).

فشهر رمضان فيه مضاعفة الأعمال،
وفيه أوقات للإجابة، وفيه مظان لمغفرة للذنوب، وفيه فرص عتق من النار..
وهذا مايدفع الصائم لاغتنام هذه الفرص والانتباه لها والحرص عليها

والسعي الشديد لتحقيق أكبر المكاسب منها، والحصول على أوفر العوائد من ورائها..
فرمضان هو الفرصة الاستثمارية الأطول والأوفر والأربح
الرابح فيها.. فائز
والخاسر.. فيها هالك.!
ففي رمضان تشعر النفوس بسرعة انقضاء الوقت؛
لأنها أدركت قيمة كل لحظة من لحظاته
فباتت تعتقد أن كل لحظة من هذه اللحظات هي منجم عامرٌ بالكنوز الوفيرة والخيرات الكثيرة،
وبقدر إحسان استثمارها بقدر الربح الحاصل منها ومن رمضان ككل.!
فكوني
- عزيزتي - من خيرة المستثمرين
فلا تُضيعي وقتكِ الثمين في هذا الشهر الفضيل بين نزعات النفس الفارغة،
واستغليه أفضل استغلال في الطاعة ومحراب العبادات
فالدنيا غراس الآخرة
فاعملي لآخراتكِ كأنكِ تموتين غداً،
وتجنبي آفة الفراغ
وسقم السريرة
فالوقت معهما سيضيع ويطير كريشةٍ في مهب الريح..!