
في زمنٍ رتيب ساكن
تهالكت خيوط الأمس البعيد
ودقت نواقيس الرحمة من قبة العبادات..!
رمضان أقبلَ
بالبشرِ وبركة الأسحار
وتعالت نداءات الحق
يا باغي الخير أقبّل
وأستدرك ما فات وضاع
فنبضات العمر ستتوقف لا مُحال
وطاحونة الزمن في سباق..!
أختي المؤمنة:
الصيام رحلة إيمانية روحانية
يقطر من جبينها نور التقوى،
وخير العتاد فيها.. العمل الصالح،
فكلما مر على هذا الكون هلال رمضان
عاد إلى الأمة الإسلامية حنينها
إلى ما أنطوت عليه أيامه من نفحات مباركة
وليالٍ عامرة بالأجر والعتقِ من النار..
ولنّا معكم - أحبتي - في هذا الشهر الفضيل
( محطات رمضانيــــــــــــــــة )
تتجلى فيها معانٍ سامية
تملأ الروح بأفواج السكينة
وينغمس القلب معها بلذة القرب إلى الله..!
المحطة الأولى:
~ أعمالنا في الميزان ~
قال تعالى: ( فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ *
وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ نَارٌ حَامِيَةٌ ).
في داخل النفس البشرية يوجد عاملان يتجاذبانها كقطبي المغناطيس المختلفين
وهي بينهما .
عامل الخير يدعوها إلى التزكية والارتقاء والتطهر والسمو وإلى كل خُلق فاضل ،
وعامل الشر وهو يجذبها إلى الأسفل إلى هوة الارتكاس في الضلال والخطيئة
وإلى كل سوء..
وهي بينهما في جهاد مستمر ،
ومعارك طاحنة .. يعلو فيها بيرق الإيمان حين تنتصر دواعي الخير
وينتكس ذلك البيرق حين تتبع النفس هواها ..
ولذلك يكون الفلاح والنجاح في نهاية رحلة الحياة ،
لمن تغلب على هواه ورجحت كفة ميزان الخير في أعماله ،
وتكون الخيبة والخسران من نصيب من خفّت كفة عمله الصالح ،
في خاتمة حياته
يقول تعالى: ( وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ *
وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ).
ورسولنا الكريم سمى مجاهدة النفس ومحاربه عوامل الشر فيها ومقاومة المغريات
" الجهاد الأكبر " ... ذلك لأنه يقتضي المتابعة المستمرة
ومحاسبة النفس دائما ، وعدم تركها ..
فاجعلي- عزيزتي - شهر رمضان بداية مسيرة إصلاح لنفسكِ
واكتساب المزيد من الحسنات بزيادة العمل الصالح
وكوني في نهاية الأمر فائزة
بحياة مطمئنة في ظل الطاعة
وبحسن خاتمة تحوزي بها الرضا والرضوان والنعيم المقيم
بتوفيق من الله أولاً
وبالعزم والتصميم وتحكيم الإرادة على الهوى
ومواجهة تحديات الحياة والتغلب على عقباتها
والخروج من معركة الجهاد مع النفس بالنصر..!