حياة البشر قطار لا يتوقف إلا بتوقف الأنفاس لنغادر الحياة للأبد
في حياتنا يتوقف في محطات تستوقف مسيره السريع وتشل سرعته الخارقة
قطار الحياة نحن ركابه وبقدرة الله وحكمته كان مسيره وبأمر من الله سبحانه وتعالى يكون توقفه .

في القطار أجناس وأجناس وفيه حكايات وأسرار...
في القطار أعراس وفيه مآتم...
في القطار سعادة وفيه حزن ...
وللحزن محطة يقف عندها القطار ليرتاح من سفر بعيد
أتعبه وأفقده بنزين المسير .
محطات لأحزان مختلفة وأوجاع مؤلمة ...
محطات لشعوب وأخرى لأفراد...
محطات تستوقفنا لندخل لمعصرة كبيرة تعصرنا عصرا وتستخرج منا أنفس الأشياء وأطيبها.
ألم تروا بعد عصر الزيتون ماذا يعطينا ؟
الزيتون عندما يعصر : يعطينا زيتا صافيا !..
الفواكه عندما تعصر: تعطينــا ألــذ العصــائر !..
والزهور عندما تعصر: تعطينا أطيب طيب !..
وهكذا عندما تعصر المحن والبلايا الإنسان: تستخرج منه كل نفيس وطيب فمن فوائد هذا العصر ومن فوائد المحن والابتلاءات
أنها تكفر الذنوب وتقرب من رب العباد .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ : مَا يَزَالُ الْبَلاءُ بِالْمُؤْمِنِ فِي جَسَدِهِ وَمَالِهِ ، حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ تَعَالَى ،وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ"
المستدرك للحاكم (7879) صحيح
وعَنْ سَعْدٍ قَالَ : سُئِلَ النَّبِىُّ: أَىُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاَءً؟ قَالَ :« الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ ، يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ فَإِنْ كَانَ فِى دِينِهِ صَلاَبَةٌ زِيدَ صَلاَبَةً ، وَإِنْ كَانَ فِى دِينِهِ رِقَّةٌ خُفِّفَ عَنْهُ ، وَلاَ يَزَالُ الْبَلاَءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَمْشِىَ عَلَى الأَرْضِ مَا لَهُ خَطِيئَةٌ.
سنن الدارمى (2839) صحيح
أنها تؤدي إلى مراجعة النفس ومعرفة مسارها ومن أين أُتيت،
فيصحح الإنسان مساره ويقاوم عيوبه فيصبح شخصاً آخر يقر ب الحق ولا يعاند بالباطل،فيقر بخطئه ويعترف بذنبه ويتوب إلى ربه،
أنها تظهر الصديق من العدو وتعرف الإنسان محبيه من مبغضيه فيظهرون وقت الشدة،
أما المحب فيقف بجانبك منصفاً، وأما المبغض فيقف وراءك شامتاً،
والشماتة ليست من خلق المسلم .
وفي الأثر "لا تظهر الشماتة لأخيك فيعافيه الله ويبتليك"،
ومن دعائه صلى الله عليه وسلم : "اللهم إني أعوذ بك من درك الشقاء ، ومن جهد البلاء ، ومن شماتة الأعداء " .
قال عدي بن زيد العبادي :
أيها الشامتُ المعَيَّرُ بـالـدهُـر* ِ أأنتَ المبَرََّأ الـمـوفـورُ
أم لديكَ العهدَ الوثيق من الأيّـامِ *بل أنت جاهـلٌ مـغـرورُ
من رأيتَ المنونَ خلَّدْنَ أمْ مَنْ * ذا عليه من ألاَّ يُضام خفـيرُ
وقال أبو ذؤيب :
وتجلُّدِي للشـامـتـين أريهـم * أني لِريبِ الدَّهر لا أتضعضَعُ"
قال عبد الله بن أبي عيينة :
كلُّ المصائب قد تَمُرُّ على الفتى * فتهونُ غير شماتةِ الـحُسَّادِ
وفي المحن يبحث لك المحبون عن عذر، والمبغضون يبحثون لك عن عثرة،والمنصفون يوازنون الأمور حتى يحكموا بالعدل...
ومن المحن أن يتعرض المؤمن للأذى من الباطل وأهله؛ ثم لا يجد النصير الذي يسانده ويدفع عنه ، ولا يملك النصرة لنفسه ولا المنعة؛ ولا يجد القوة التي يواجه بها الطغيان
وفي النهاية من المحن تأتى المنح.
لهذا إذا شعرت بمتاعب الحياة تضغطك بهمومها .. تعصرقلبك بآلامها .. فلا تحزن !!
واعلم أن الله يريد أن يخرج أطيب ما فيك(إيمانك) لتنال الأجر، فاستعن بالصبر

ولهذا لا تجعل حياتك محطة للأحزان بل تخيلها معصرة لكل نفيس وطيب
بقلم : أم حازم الجزائرية
عصر يوم الأحد 09 شعبان هـ
الموافق لـ :10-07-2011مـ
بسم الله الرحمن الرحيم
عصارة استخلصتِها بمهارة ..
هي رحيق الحقيقة لكل ذي بصر وبصيرة
استقراء عميق أحيّيك و لكِ شاكرة
:26:
و السلام عليكم ورحمة الله و بركاته