تعانى منذ ولادتها
إيمان أبو صبحة : تكسر عظامي الزجاجية عقدتي منذ الصغر
تقرير: هبة كريزم- غزة- نساء من أجل فلسطين
http://www.womenfpal.com/ar/default.aspx?xyz=BOgLkxlDHteZpYqykRlUuI1kx%2fVDUOFom%2f3J79VzuqLc8Ivuit7m8lQVZT7ExMl5Mz8fDWBpE9UK30TpASD4pfDNylAYov%2bZQDnEkWB3qBHP8mW1kS8VoBUjq6CT%2fyXORmYQi7jd%2f9Y%3d
عندما تسمع صوتها للوهلة الأولى ، يستحضرك صوت طفولى رقيق ، يعبر عن براءة الأطفال المعتادة ، ولكنك لا تتخيل أن صاحبة هذا الصوت تبلغ من العمر أربع وعشرون عاماً وتعانى من مرض غريب ، فصوتها يعطيك الأمل والتفاؤل بالغد ، هذه الفتاة تعانى منذ كانت جنين في رحم والدتها من مشاكل عديدة نتيجة خطاً طبي ، دفعت ثمنه هي وحدها .
إيمان أبو صبحة تعمل محفظة في مسجد قريب من منزلها في غزة ، توجهنا إليها لنتعرف على قصة معاناتها الكاملة .
معاناة مستمرة
وتبدأ قصتنا منذ حملت والدة إيمان بها ، حيث كانت الظروف الحياتية المحيطة بها صعبة جدا ، فكان بناء المنزل الذي يحتاج وقت وجهد كبيرين ، وفى يوم مرضت أمها ، فتوجهت إلى الطبيب في عيادة الوكالة ، على اثر مرض أنفلونزا شديدة ، فشرحت له حالتها ولكنه لم يسمعها جيدا عندما أضافت جملة "أنها حامل" في الأشهر الأولى ، فأخدت أمها الدواء على عاتق الطبيب ولم يكن في ذلك الوقت تصوير للأجنة لمتابعة حالتهم ، ومرت الأيام والأشهر وخرجت إيمان إلى الدنيا ولم يكن أحد يتوقع حالتها ، ولكن من هول ما شاهده الممرضات من حالتها الغريبة فضلوا أن يخفوها ولا يعطوها لأهلها، لأنها ولدت عجينة لينة لا يوجد لها عظام فمنذ ولادتها تبين أنها تعانى من نقص حاد في الكالسيوم وهشاشة عظام أثّر على حياتها إلى الآن ، فأرادت والدتها رؤيتها لتطمئن عليها ولكن الممرضات رفضن ، ولكنها عندما أصرت على رؤيتها وبكل شدة ، فجلبوها لها ملفوفة بغطاء ، فكشفت والدتها عن وجهها ووجدته سليم لا يوجد به شي ، وعندما كشفت عن جسمها أغمى عليها مباشرة ، وبعد ذلك خرجت الممرضة لتطمئن والدها عليها وعلى والدتها، فقالت له ابنتك ولدت مكسرة عجينة لينة أما والدتها فسليمة ، فنطق والدها بالشكر والحمد لله سبحانه وتعالى ، ومن ثم توجه إلى زوجته فوجدها تبكى بشدة من الألم والحسرة على ابنتها ، ولكن إيمانه القوى بالله جعله يصبر على ما أصابه وأخذ يصبر زوجته ويقول لها أنت إمراة صالحة مؤمنة بقضاء الله وقدره ، ونذر لها بذبيحة يطعمها للفقراء والمساكين .
وتستكمل إيمان قصتها ومشاعر الأمل تبدو واضحة في ملامحها، وتقول لقد توجهت في فترة العلاج الأولى إلى مستشفى زعيتر في بيت لحم ، وقام الطبيب بتوقيع الكشف الطبي على حالتي ، وطمأن عائلتي علي وأكد لهم أننى أتمتع بدرجة ذكاء عالية، وأنني عندما أبلغ الستة أشهر ، فوالدي فرح كثيرا بهذه النتائج وتوجه في صلاته بالمسجد الأقصى بالدعاء بالشكر والعرفان لله سبحانه وتعالى ، ومن ثم توجهت إلى جمهورية مصر للعلاج ، وأول شي قاموا به اعطائى علاج لجعلي أحبو، وفعلا استفدت عليه وبدأت بالحبو ، ثم قاموا بمد قدمي بالبلاتين ولكنه لم ينفع بحالتي ، وجاء اليوم الذي عدت به إلى غزة فنحن عندما كنا في المعبر ، كان لابد من التفتيش الذاتي للقادمين إلى القطاع ، فقامت الشرطية بتفتيشي ووضع آلة الكشف عن المعادن على فأخرجت صوت ، فأمسكتنى الشرطية وأنزلتنى أرضا أدى إلى تكسر في أنحاء كثيرة من جسدي ، فتوجهت مباشرة إلى مستشفى ناصر بخانيونس فتبين من خلال التصوير الكسور الكثيرة ، فعظامي كانت مثل الزجاج من أقل حركة تنكسر ، ولن تقوى عظامي إلا بعد سن السابعة عشر ، ولكن بحمد الله شفيت وخرجت من المستشفى، وتوجهت إلى منزلي فأنا أنام في سرير أطفال إلى هذه اللحظات ، خوفا من أن يقع على أحد من أخوتي ويكسرني إذا نمت على الأرض مثلهم أو في أى مكان أخر.
وبعد ذلك بدأت اكبر وأترعرع فأنا لم تكن لدى أدني فكرة عن اللعب، فكنت أخرج إلى الشارع أبقى بجانب الجدار خوفا من الكسر، فكانت أمنيتى أن أجرى وأمسك يدي رفيقاتي بالحارة وألعب معهم ولكن الحظ لم يحالفني، فأقل حركة أو تسليم خاطئ يحدث عندي كسر كبير، فعقدتى الوحيدة في حياتي هي الكسور والتكسير من كثرة ما رأيت تكسير في حياتي , ومرت السنين وأنا على نفس الوضع تكسير في يدي وقدمي يوميا تقريبا .
وبعد فترة قصيرة توجهت لي رفيقاتي، وقالوا لي أنهم سيسجلون في المدرسة ،وأنا لا لأنني معاقة ، فقلت لهم أنني سأسجل مثلهم في المدرسة ، فوالدتي كانت تعلمني الحروف والأرقام وسور القرآن القصيرة في المنزل ، فدخلت المنزل وقلت لوالدتي أريد أن أسجل في المدرسة مثل رفيقاتي ، فنقلت لوالدي طلبي، ووافق وتوجه إلى مديرية التربية والتعليم وشرح لوكيل الوزارة حالتي ، فوافق وكيل الوزارة بتسجيلي في المدرسة ومضى قرار التسجيل ، ومن ثم عرض والدي عليه رؤيتي وفعلا خرج من مكتبه وشاهدني وصدم من حجمي وحالتي ، فقال لوالدي هي صغيرة جدًا وحجمها لا يوحى بسنها وقام بتوجيه أسئلة لي عن الحروف والأرقام وأعجب بدرجة الذكاء التي أتمتع بها ، وفعلا بدأت الدوام في المدرسة مثلى مثل أى طالبة عادية ، فكان إخواتى الشباب هم من يساعدوني في الذهاب إلى المدرسة ، ولكنني كنت أواجه صعوبات كثيرة فقد جلبوا لي عربة لأركبها خلال ذهابي وانصرافي منها ، لكن مشكلة التكسير المستمرة لعظامي لم تتركني أتمتع بحياتي التعليمية على أحسن ، كان أملى تحقيق طموحاتي بأن أكون إنسانة تؤدى واجب تجاه مجتمعها، فقد كنت موفقة جدًا بالمدرسة إلى الصف السادس الابتدائي ، كنت أتضايق جدا في حصص الرياضة فزميلاتي في الصف كن يخرج للعب والمرح وأنا كنت أبقى وحدي في الصف ، وأحيانا يتأخر أخى في القدوم إلى المدرسة لأخذى للمنزل فكنت أخاف أن تغلق بوابة المدرسة وأنا داخلها .
ومضت الأيام وأصبحت في الصف السادس الابتدائي، وكان هناك إعادة إعمار لمدرستي بسبب ظروف معينة ، فنقلوني إلى مدرسة طابق ارضي جميلة ، كنت سعيدة جدا وأنا ادرس فيها ،وبعد فترة انتهى إعمار مدرستي ورجعت إليها فوجدتها عمرت للطابق الثالث ، ولكن بالرغم من جمالها وترتيبها كان يوجد لدى إحساس قوى باننى لن ارجع لهذه المدرسة بعد ذلك ، فبقيت فترة قصيرة أذهب مع أخي وأحيانا يأتي لأخذى إلى المنزل ، وذلك لتحويل دوامه إلى الفترة الصباحية مثلى ، فكانت الطالبات يذهبن للمدرس ويطلبن منه أن ينزلني من الطابق الثالث وزميلاتي كانوا يوصلونى إلى منزلي ، فقرر والدي التوجه لناظرة المدرسة والتحدث إليها بإيجاد حل مناسب لي ، فرفضت الناظرة تنزيل صف سادس للطابق الأرضي فعجزنا عن إيجاد الحل المناسب ، فقالوا لي ادرسي منازل ، فاعترضت ورفضت وقلت لهم أريد أن ادرس مع صديقاتي وان أتابع شرح المدرسة ، فاتخذت في لحظتها قرار تركي للمدرسة .
أما فترة ما بعد المدرسة فقضيتها محبوسة بين جدران المنزل ، أتابع برامج التلفزيون لأنني كنت أتعلم أشياء في الحياة العامة، ومشواري الوحيد كان على البحر والاحتلال كان يغلق طريق البحر كثيرا ، فبقيت سنوات كثيرة داخل المنزل لا أخرج أبدا ولكنني كنت مصممة على تعلم وحفظ القرآن الكريم ،خاصة أنني أعرف القراءة والكتابة فكنت أمسك كتاب الله وأقرأ فيه ولكنني كنت أجد صعوبة في بعض الكلمات والحركات، وتوجهت بالدعاء إلى الله سبحانه وتعالى بأن يقوموا ببناء مسجد قريب من منزلنا ، وفعلا استجاب الله لدعائي وقاموا ببناء مسجد قريب فلم أجد صعوبة في الذهاب أو الانصراف منه ، فذهبت لحفظ كتاب الله ولكن واجهت مشكلة ألا وهى أن المحفظة في المسجد لديها مسجد رئيسي تحفظ به ، فقلت لها وأنا من سيتابع معي التحفيظ ، فقالت لي:" لن أتخلى عنك ، أنت ذكية ولديك مقدرة كبيرة على الحفظ لذلك سآتي إلى منزلك للمتابعة معك إلى أن أتممت حفظ القرآن الكريم كاملا ، وخلال مخيم الشهرين في المسجد قمت بالتطوع في المسجد كمحفظة للقرآن الكريم للفتيات ، وفى ختام المخيم قام السيد إسماعيل هنية بتكريمي خلال مهرجان تكريم حفظة القرآن الكريم على مستوى القطاع .
أما عن المؤسسات والمساعدات فتتحدث إيمان ومشاعر اليأس تسيطر عليها ، لقد توجهت للكثير من المؤسسات الأهلية من أجل طلب كرسي آلي حتى أستطيع التحرك من خلاله ، ولكن هذه الطلبات رفضت كلها كنت أبعث بالرسائل القصيرة على شريط الاهداءات الموجود أسفل القنوات الإخبارية" أننى فتاة فلسطينية معاقة أحتاج لكرسي آلي بأقصى سرعة ممكنة ، وخلال هذه الفترة تعرفت على مذيع في إذاعة الأقصى يقدم برنامجاً اجتماعياً انسانياً ، وكنت أشارك في برنامجه بالخواطر المختلفة ، فقام بنشر معلومات عنى عبر الإذاعة لإيجاد أى مؤسسة تقدم لي أى مساعدة احتاجها ، ومن ضمن هذه المؤسسات التي سمعت البرنامج مؤسسة الأسرى ، فطلبوا من المذيع معلومات عنى ورقم جوالي للتواصل معي ، وفعلا اتصلوا بي وقالوا لي:" نحن سنتقدم لك الكرسي الآلى بحسب المواصفات التي تريدينها ، فأنا الآن أقوم بفعل أى شي بدون مساعدة من اى شخص .
وأنا الآن أعمل كمتطوعة في المسجد لتحفيظ القرآن الكريم ، وهذا نابع من مسئوليتي والواجب الذي اشعر به اتجاه ربنا سبحانه وتعالى ، فهذا العمل أقل ما أقدمه لله شكرا له على هذه النعم التي أتمتع بها إلى هذه اللحظة .
عذابات المستشفيات والمؤسسات
أما والدة إيمان السيدة " أم على " فتقول أن من أصعب المواقف التي مرت عليها عندما توجهت للطبيب وهى صغيرة لتعالجها فأعطها علاج لسحب عظام يديها ، فكنت أعطيها العلاج واشعر أنها تتألم وبشدة إلى أن قررت التوجه بها إلى المستشفى لتصويرها بالأشعة ، فتم تصويرها وخرج فني الأشعة يسال عن والدة الطفلة فوقفت ، فنظر إلى وقال ابنتك مكسرة تمام لا توجد عظمة مكانها ، فلم اصدق ما اسمع فأغمى على مباشرة ، وبعدها اهتممت بإعطائها الكالسيوم و الأطعمة التي تحتوى على المقويات والكالسيوم.
تضيف أن الكثير من المستشفيات رفض استقبال إيمان ، فالكل كان يقول اتركيها تموت لا تهتمي بها كثيرا ، هي لا تنفعك ستتعذبين معها ، ولكنها كانت مستعدة لتحمل اى شي من اجل إيمان .
إيمان فتاة تتمتع بالروح المرحة الجميلة ، لديها الكثير من الصدقات بين الفتيات ، تذكر وتحافظ على جميع من تراه ، إنها فعلا إنسانة بمعنى الكلمة بلا اى مجاملات أو مقدمات .

نساء من أجل فلسطين @nsaaa_mn_agl_flstyn
عضوة جديدة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.


سبحان الله
إعاقتها كانت السبب في أن تكون محفظة قرآن
إنها في نعمة وخير عظيم
خيركم من تعلم القرآن وعلمه
ماعذر من عافاه الله وانعم عليه؟
حفظها الله وبارك فيهاوابدلهاخيرا مما فقدت
إعاقتها كانت السبب في أن تكون محفظة قرآن
إنها في نعمة وخير عظيم
خيركم من تعلم القرآن وعلمه
ماعذر من عافاه الله وانعم عليه؟
حفظها الله وبارك فيهاوابدلهاخيرا مما فقدت
الصفحة الأخيرة
ماشاء الله عليها