يا متميزة .. احذري الحسد فإنه آفة كل جسد ، وهو محرق السعادة ، مطفئ للإرادة ، وقاتل للتميز ، وقديماً قيل:
" الله أكبر على الحسد ما أعدله ، بدأ بصاحبه فقتله ".. " كالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله " . فعجباً لأمر الحاسدة مزاجها فاسد ، وسوق بضاعتها كاسد.
والحسد عقوبة لصاحبته ، وصدق أحمد بن الحسين المتنبي حين يقول:
إني وإن لمت حاسدي فما
أنكر أن عقوبة لهم
وإن المتميزة كلما ارتفع بها علمها وأدبها كلما تكاثفت عليها غيوم المحن والحسد ، فالحاسدة حاقدة لا يرضيها إلا أن تتخلي عن تميزك ، ولموعك ، وسطوعك.
إن تركتي نجاحك وأخفقت وصرت في صفحة الراسبات رضيت عنك .
وإن عدت ضعيفة قانعة الدون، بعيدة عن الإبداع رضيت عنك ، وقيدت حبك في قلبها ، فإذا أردت إرضاءها وسعادتها اعمدي إلى محاسنك فاقتليها ، وفضائلك فاجعلي عليها سداً ، ومن بين أيديها سداً ومن خلفها سداً ، قولي سلام على الحاسدات فإنك إذن في أمر مهين.
وتأملي هذا الموقف :
جاء في بعض الكتب أن أعرابياً من بني عذرة قد أتت عليه مئة وعشرون سنة ، فقيل له : ما أطول عمرك؟؟
قال : تركت الحسد فبقيت .." وهذا يحمل على أنه نعم براحة البال ، وتميز بالبعد عن الحسد فكان هو الكاسب.
قال بعض الأدباء : ستة لا يخلون من الكآبة .. وذكر منهم : حسود وحقود.
فلا تكوني عدوة لنعمة المنعم ، متسخطة على قضاء الرب ، غير راضية بقسمة الرب بين الخلائق.
احذري أول الذنوب ، تفوزي برضى علام الغيوب ،وتفرج عنك الهموم والكروب.
فإن الناس لا يركلون كلباً ميتاً كما يقول الغربيون ، وأقول: إن ركلك من الخلف يُخبِر أنك في الطليعة .
فالحاسدة صاحبة غم لا ينقطع ، ومصيبتها لا تؤجر عليها ، ومذمتها لا تحمد عليها ، سخط من الرب ، وإغلاق لباب التوفيق في الطريق ، كما يقول أبو الليث السمرقندي رحمه الله .
وليس هذا إلا من إنصاف الحسد .. فهو الداء المنصف الذي يفعل في الحاسد أكثرمن فعله بالمحسود.
فلله در الحسد ما أعدله ، بدأ بصاحبه فقتله.
ومما يعينك على تميزك في حياتك .. أن تعلمي أن الحاسدة تغتم وقت سرورك ..
وتمرض وقت صحتك ..
وتقلق وقت سكينتك ..
ولذلك قال الحكيم :
صحة الجسد في قلة الحسد..
ألا قل لمن كان لي حاسداً *** أتدري على من أسأت الأدب
أسأت على الله في حكمه *** لآنك لم ترض لي ما وهب
فأخزاك ربي بما زادني *** وسد عليك وجوه الطلب
الظفيرية @althfyry
عضوة فعالة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️