*غفران*

*غفران* @ghfran_3

عضوة جديدة

محنة... منحة

الملتقى العام

محنة... منحة

يقال ان لكل فارس كبوة، وان طريق الانسان مليئة بالعثرات والمطبات ، حقا هذه حال الحياة تتزاحم فيها الادوار والمتطلبات ويعيش فيها الانسان في صراع وتنافس فكثيرا ما يهوي عرضة للالام والضغوط النفسية ، والاكتئاب والحزن ، حتى ليشعر نفسه من اتعس الناس ، وان ما مر به لم يمر على اشد الناس بؤسا وحزنا ، واحيانا يظن انه لم يعد بينه وبين الجنون سوى خيط دقيق جدا، ادق من الشعرة .
تقلبه ايدي الزمان بين كفاتها تارة هنا وتارة هناك ، يسيطر عليه الماضي الحزين ، ويثقل كاهله احتكاكه بالناس وجحودهم ، ويضيق عليه العيش بسبب عيشة الكفاف ، وينغص عليه منامه ومشربه ومطعمه رؤيا المستقبل والتفكير فيه ، ذاك المجهول المظلم حتى يرى الدنيا اضيق من سمّ الخياط فتضيق عليه الدنيا بما رحبت ويستحيل عليه الاستشعار براحة في الدنيا ويشرب كؤوس الحنظل مرارة مدرارة ، فيرى الموت اسهل من هذا الحال والمعاش ، ويكأن الحياة استحكمت حلقاتها عليه فلا مخرج ولا متنفس ، انما الهلاك والضنك والحزن صديق دائم ورفيق ملازم وانيس ملاصق .
فيظن انه عاش ووجد اصلا لمعاركة المحن ،ولأواء العيش ، وينسى وجه الخيرية في الامر ، ويتغاضى عن محاولة استخلاص المنح من تلك المحن ، ولو يقلب اوجه النظر فيما حوله لراى ان مصابه لا شيء الى جانب حواث الزمان ، وتقلبات التاريخ ، ولو امعن النظر لاحس بفضل الله عليه ، ونعمه التي التي لا تحصى ، ابتداءا من جسمه وانتهاءا الى اعلى الافق ، فيرى الدنيا سوداء قاتمة، ومما يروى في ذلك ان سجينان نظرا من شباك السجن فنظر احدهم الى وحل الارض وقال ما اضيق الحياة ، ونظر الاخر الى الافق وقال ما اروع العيش فانشرح صدره.
فكم وكم من الالام والاسقام اصيب بها اصحابها ، فكرهوها وحزنوا لاجلها وظنوا انفسهم من المغضوب عليهم ، ولكن عندما تكشفت لهم خفايا الزمان علموا واستيقنوا ان الالامهم كانت منحا اكثر من كونها محنا ، ولو نظر اليها من هذه الزواية لوجد حكمة الله تتجلى في كل مصاب ولكن تغطيها وتخبأها بعض القشور او هنا وهناك ، ولكن بحاجة منا إلى أن نجيل النظر والفكر ، كيف لا والله ارحم بنا من أمهاتنا اللاتي ولدننا ، كيف لا وهو خالقنا وهو اعلم بما هو الأفضل وبما يناسبنا .
وقد سئل أحد الناس ذوي الأعمال الكثيرة والمشاريع الضخمة المعقدة ، وقد بلغ من العمر ما بلغ ولم يظهر عليه الكبر ولم تغدر به تجاعيد السنين ولم تهاجمه الانحناءات والاوجاع المقعدة ، عن سر ذلك فاجاب انه قد فوض اموره كلها لله تعالى ، فلا يجزع او يغتم او يقلق او يحزن، ويقول : الرضا بما يقدر الله عزوجل هو الافضل لصحة الانسان النفسية والبدنية ، فليس من المعقول ان اخاصم الله تعالى واجادله فيما خلق وقدر. اذن فهو الرضا والتسليم والثقة بقدر الله ،وهو الاعتماد المطلق والتفويض بايمان مطلق للباري ، يقول ابن عطاء " الرضى سكون القلب الى قديم اختيار الله للعبد انه اختار له الافضل " ،
ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في رسالته الى ابو موسى الاشعري:" اما بعد فان الخير كله في الرضا ، فان استطعت ان ترضى والا فاصبر" .
وحتى تعلم درجة الرضا في نفسك فانظر الى هذا القول : " ليكن رضاك تبعا لرضى ربك " ، فالرضا الرضا والا فالصبر الصبر حتى تدرك وتفوز بالخيرية والمنحة في تلك المحنة ،وحتى لو لم تدركه ، فالاطمئنان الى قدر الله واختياره لانه هو الافضل قطعا .
واستمع الى ابن القيم يقول:
واذا اعترتك بلية فاصبر لها صبر الكريم فانه بك اكرم
واذا شكوت الى ابن آدم انما تشكو الرحيم الى الذي لا يرحم.
وهذه بلية اعظم يقع بها معظم المكروبين والمحزونين ، وربما يقع بها حتى غير المكروبين والمبتلين فكيف بمن رسم البلاء والكرب والحزن في قلبه وعلى جسده ووجهه صفحات وصفحات ، فيقعون بالتشكي والتضجر ويتناسون انهم يشكون الله الى العبد ، وهذا مما ينافي حكمة الصبر والرضا .. ويقول الحريري : "الصبر لا يفرق بين النعمة والمحنة مع سكون الخاطر "، لعمري من يملك مثل هذه الهمة العالية بحيث لو اصيب بالضراء او السراء كان عنده الصبر وسكون الخاطر سيان .
فحتى لا تهوي الاحزان بصاحبها الى الحضيض ، حتى لا تصل به الى الجنون والخروج عن جادة الصواب ، حتى لا تقوده المآسي الى طريق اللاعودة ،والى طريق لا تنفع فيها الاوبة ،وحتى لا يستمرأ الفارس عذوبة الكبوة ويرتاح لها فيجدها هينة سهلة ويؤثرها على شموخ الفروسية ، فتركن نفسه الى التخاذل والحزن والتشكي ، فاطرق باب الكريم ، باب من لا يوصد بابه، باب من لا ملجأ منه الا اليه ، والح الحاحا على بابه، وابكي بحرارة على اعتابه ،واتخذه عونا وسندا فليس بعد معية الله معية ، وهل بعد الاحساس بحلاوة ولذة مناجاة الله ومعيته التذلل والتشكي الى خلقه......
4
575

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

*غفران*
*غفران*
ولو .............. معقول........
27 قراوا الايميل ولا تعليق
معنى هذا لم يعجبكم الموضوع
والله اصبت باحباط منكم
على فكرة انا نفسي كتبت الموضوع مش منقول


على كل حال انا اشجع نفسي
زارى انه الموضوع لا باس به
بعد ان شجعني زوجي حفظه الله
*غفران*
*غفران*
عذرا 23 وليس 27
*غفران*
*غفران*
تسلمي اختي ماري كوري
على ردك
الله يجبر بخاطرك يا رب
:27: