مخاطر المضاربة .. الأقتــصــاديــة

المشاريع والافكار التجارية الشاملة

مخاطر المضاربة .. الأقتــصــاديــة
عبد الله زيني جفري - - - 02/03/1427هـ
الآن وقد بدأ مؤشر السوق باسترجاع بعض خسائره بعد الانهيار الذي حل بها فهل ينسى المستثمرون ما حصل؟ والسؤال الأهم هو، هل تعلمنا الدرس؟ فمن الخطأ الآن أن نمارس طقوس المضاربة التي اعتدنا عليها دون التفكير فيما آلت إليه استثمارات الكثير من صغار المستثمرين، وبغض النظر عن أسباب هذا الانهيار فالمستقبل لا يخلو من المفاجآت السارة وغير السارة التي ستأتي بها أسباب جديدة وغالبا ما تكون غير متوقعة. فالدرس هنا هو في أهمية إدارة المخاطر المترتبة على القرارات الاستثمارية التي يتخذها كل مستثمر، وما سبب كون أغلبية ضحايا الانهيار الأخير من صغار المستثمرين إلا أن الكثير منهم كشف محفظته لمستوى مخاطر أعلى مما يستطيع وضعه المالي احتماله.
فمن بدهيات علم التمويل أن الاستثمار في أي سوق أسهم هو استثمار ذو مخاطر عالية على المدى القصير، وكلما طال أمد الاستثمار قلت المخاطر وإن كانت لا تختفي ولا تدخل ضمن أي نطاق مضمون. والسوق السعودي لا يختلف عن الأسواق الأخرى في هذه الخاصية، ومع ذلك نجد أن أغلب المستثمرين خاضوا السوق بمضاربة يومية وهي سياسة الاستثمار الأقصر مدى والأعلى مخاطرة. فيصبح السؤال المنطقي هنا هو كيف غفل المستثمرون في السوق السعودي عن هذه المخاطر ووضعوا أنفسهم مكشوفين بالكامل أمام أهواء السوق؟
جواب هذا السؤال نجده في السطحية الشديدة في التحليل التي لا يعاني منها المبتدئون من المستثمرين فحسب، بل والكثير من المحللين المتخصصين وحتى بعض دور الاستشارات الاستثمارية. فبدءا من التحليلات البسيطة المتداولة في منتديات الهواة وحتى عدد ليس بقليل من التقارير المهنية التي تباع لمن رغب في تحليل أعمق وأكثر منهجية، نجد أن الأداة الرائجة لتقييم أي سهم هي "مكرر الربحية". والميزة الوحيدة لهذه الأداة هي البساطة، فهي سهلة الحساب وتعطي فكرة سريعة قابلة للمقارنة عن مستوى سعر السهم. ولكن مع البساطة يأتي قصر النظر، فمكرر الربحية يغفل عن احتواء أهم عامل من عوامل الاستثمار وهو مستوى المخاطرة المرتبط بالاستثمار في السهم. ومع أن نقطة ضعف كهذه كفيلة بأن تجعل دور مكرر الربحية في التحليل المالي محدود للغاية، إلا أننا نجد أن مكرر الربحية قد أصبح أداة التحليل الأولى في السوق السعودي، حتى أن تقارير بعض دور الاستشارات الاستثمارية تتوصل إلى القيم المفترضة للأسهم باستخدام مكرر الربحية، بل أحيانا باستخدام أداة أكثر سطحية وهي مكرر المبيعات. فبالتالي أي قرارات تبنى على مكرر الربحية لا تضع في الاعتبار مستوى المخاطرة الذي يناسب وضع المستثمر المالي الذي يختلف من مستثمر لآخر بطبيعة الحال.
أما الأسوأ من هذه السطحية فهي الشعبية الواسعة التي اكتسبها نوع من التحليل المالي يعرف بالتحليل الفني Technical Analysis، وهو مجموعة من الأدوات الإحصائية تستخدم لتصميم رسوم بيانية تصف حركة الأسهم في الماضي ومنها يتم توقع توجهات السوق في المستقبل. وبغض النظر عن أن هذا النوع من التحليل المالي يحظى في الأوساط الأكاديمية وشركات "وول ستريت" بدرجة الاحترام نفسها التي يحظى بها مجال التنجيم، إلا أن ما يهمنا هنا هو أن هذا المجال هو أيضا لا يلقي بالا لمستوى المخاطرة المرتبط بالأسهم المشمولة بهذا التحليل، وبالتالي فمطبقي التحليل الفني هم أيضا معرضين لمستويات مخاطرة غالبا ما تكون غير ملائمة لتطلعاتهم الاستثمارية.
ومن المناسب هنا التطرق نحو مفهوم المخاطرة في الاستثمار، فلأول وهلة قد يبدو أن المخاطرة تعني احتمال الخسارة، ولكن مفهوم المخاطرة يعني أكثر من ذلك وهو مدى تذبذب العائد على الاستثمار عن العائد المتوقع. فعلى سبيل المثال إذا كان لديك سهم تتوقع أن يكون عائده للسنوات الثلاث المقبلة 10 في المائة سنويا وسهم آخر تتوقع أن يكون عائده 15 في المائة في السنة الأولى ثم -5 في المائة في السنة الثانية ثم 20 في المائة في السنة الثالثة، فالسهمان لهما متوسط العائد المتوقع نفسه ولكن الأول بلا تذبذب والثاني بمعدل تذبذب عالي وبالتالي فهو عال المخاطر.
وبالنسبة للسوق السعودي نستطيع تقدير مستوى المخاطرة العام له عن طريق حساب متوسط العائد لمؤشر السوق للسنوات السابقة ومن ثم حساب الانحراف المعياري. فبتحليل بيانات السوق السعودي منذ عام 1994 ميلادي وحتى اليوم نجد أن متوسط العائد اليومي هو 0.07 في المائة بينما الانحراف المعياري هو 0.94 في المائة وهذا معدل تذبذب عال خاصة إذا افترضنا أن توزيع العوائد توزيع طبيعي Normal Distribution (وهو افتراض منطقي بالنظر إلى الشكل المرفق)، نجد أن احتمال الخسارة اليومي في السوق السعودي عامة يقارب 47 في المائة فهذا هو مستوى المخاطرة المترتب على المضاربة اليومية في الأسهم.
أما عند تحليل مخاطر الاستثمار بأجل سنوي نجد أن متوسط العائد السنوي هو 26 في المائة بانحراف معياري 36 في المائة، وهذا يدل على احتمال خسارة سنوية تقدر بأقل من 24 في المائة. وبالطبع فالاستثمار لآجال أطول من سنة يترتب عليه مخاطر أقل مما سبق، وهذا يشرح بوضوح العلاقة بين أجل الاستثمار ومستوى مخاطرته.
ما سبق لا يعني أبدا أن المضاربة في السوق السعودي غير مربحة بل على العكس تماما، ولكن كما تحقق المضاربة أرباحا عالية فتقابلها فرص خسارة عالية أيضا. وتبعا لذلك فعلى المستثمر مراعاة قدرته المالية على استيعاب المخاطر وتشكيل محفظته الاستثمارية بناء على ذلك، ولتحقيق هذا يجب البحث عن التحليل المالي السليم الذي يتعدى المؤشرات السطحية والاستنباطات غير العلمية ويشمل بشكل أهم مخاطر الاستثمار ومقارنتها بقدرة المستثمر ورغبته في تلقيها. أما الافتراض بأن الاستثمار في السوق يعني المضاربة فهذا مدخل لطريق مجهول غالبا ما تكون نهايته مليئة بالأحزان.


منقـــول
5
605

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

حياة - التميز
حياة - التميز
يعطيك الف عافيه .. ياعيوني يانوف يا عيوني ...
يا نوف ياعيوني
الله يا عافيج

يارب

أختي أجمل أحساس
رينـــــا
رينـــــا
يعطيك الف عافيه
الحبووووووبه
الحبووووووبه
مشكوووووووووره ياعيوني نواف
يا نوف ياعيوني
رنيــا

الله يعافيج يا رب

..........

يا الحبيب

لا شكر على واجـــب