سيدة الوسط

سيدة الوسط @syd_alost

عضوة شرف في عالم حواء

مخاطر تتهدد صحتنا في المنازل!!

الصحة واللياقة

مع اتساع دائرة العمران، وتطور صناعة المباني على نحو زاد من إغلاقها وإحكامها بهدف الحفاظ على الطاقة، تزايدت معدلات انبعاث الغازات داخل المباني، مما ساعد على ظهور أمراض وحالات مرضية ومضاعفات لدى الكثير من الناس ومسجلة حالات غريبة انتشرت في الآونة الأخيرة مثل الصداع والعيون الدامعة والزكام والتثاؤب والشعور بثقل في الرأس والإجهاد السريع والخمول والشعور بالاكتئاب.
ولذلك فقد شرع خبراء البيئة والأطباء والمحللون النفسيون في إجراء البحوث العلمية والاختبارات والدراسات السريعة والتي شملت الفحوصات الطبية على مجموعات الموظفين المتقدمين بهذه الشكاوى، وقد أخذ عينات لدراسة المباني دراسة معملية دقيقة للغاية، وقام المسؤولون والمتخصصون بتحليل عينات الهواء وجميع محتويات المباني، وقد دلت الفحوص العلمية والطبية على وجود تلوث في الأجواء الداخلية لهذه المباني وهو ما يعرف باسم (Indoor-Air Polluation).
مصادر التلوث الداخلي
تتنوع الملوثات، فمنها ما هو كيميائي ومنها ما هو فيزيائي ومنها ما هو جرثومي. ويمكن في هذا الشأن أن نضع أيدينا على ثلاثة مصادر للتلوث الداخلي هي:
سوء تصميم المباني:
فالملاحظ خلال العقدين الماضيين حدوث قفزة هائلة في مجال الهندسة المعمارية، حيث تم بناء العمارات الشاهقة الارتفاع والإسراف في استخدام الزجاج كواجهات كاملة للعديد من المباني وتركيبها في نوافذ كبيرة.
ومن المعروف أن الزجاج يجمع الحرارة من أشعة الشمس الساقطة عليه، مما يستلزم استهلاك كمية كبيرة من الطاقة لتبريد الهواء مما يكون سببا في تلوث الهواء داخل المباني.
كما لوحظ في المباني الحديثة الحرص الشديد على إحكام غلقها وانخفاض أسقفها، مما يؤدي إلى قلة كمية الهواء النقي التي تصل إلى داخل المبنى، مما يجعلها أشبه بجو الغواصات التي طال اختفاؤها في أعماق البحار.
السكان:
ونقصد بذلك نشاطات السكان داخل المبنى واستخدامهم الأجهزة كالمواقد والمكيفات والغسالات والمراوح والمكانس الكهربائية، وسلوكيات أخرى كالتدخين وأعمال النظافة الشخصية.
ولا شك أن سلوكيات السكان في حياتهم داخل المساكن تمثل مصدراً للتلوث الداخلي خصوصاً إذا كان المسكن يقع في بيئة ملوثة كالمناطق الصناعية والمناطق الواقعة على طرق مرور السيارات.
ملوثات خارجية:
أحياناً يكون مصدر تلوث الهواء الداخلي من خارج المبنى ومن ذلك أدخنة المصانع وعوادم السيارات والمواد العالقة الدقيقة المنبعثة من المطاحن وأجران القمح والغبار الناجم عن أعمال الحفر والبناء.. إلخ.
وهذه الملوثات تتسرب إلى داخل المباني عبر الفتحات والنوافذ والمناور. وقد ثبت أن نصف الأتربة العالقة بالجو تتسرب إلى المباني، وتكمن خطورتها في حملها حبيبات الرصاص السامة الناتجة عن عوادم السيارات. وقد ثبت أن تركيز الرصاص بهواء المباني ضعف تركيزه في الهواء خارج البيوت.
أهم ملوثات الهواء الداخلي:
الغازات السامة
قد تشكل الغازات السامة وبخاصة أول أكسيد الكربون خطراً على صحة الإنسان وخصوصاً في فصل الشتاء وذلك بفعل انبعاثه دون سيطرة من أجهزة التدفئة. ويصاحب هذا الانبعاث استنزاف لغاز الأكسجين وإنتاج غاز ثاني أكسيد الكربون والمواد الكربونية الدقيقة العالقة.
وقد لوحظ أن معظم أجهزة التدفئة المنزلية المطروحة للبيع في الأسواق تفتقر إلى متطلبات الأمان، إذ يتعين أن يكون استخدامها مصحوباً بوجود نظام مناسب لتصريف الغازات المستهلكة وكذلك منافذ لدخول الهواء النقي.
وللعلم فإن التركيزات العالية من غاز أول أكسيد الكربون تسبب تغيرات فسيولوجية في جسم الإنسان يمكن أن تفضي إلى الموت، إذ إن هذا الغاز يتحد مع هيموجلوبين الدم مكوناً كربوكسيلي هيموجلوبين الذي يتسم بعدم قدرته على الاتحاد بالأكسجين، مما يؤدي إلى شعور الإنسان بضيق في التنفس ودوخة، وقد يصل إلى حد الغثيان إذا زادت الجرعة التي يستنشقها من هذا الغاز.
وثمة غازات أخرى سامة تنبعث من أجهزة التدفئة كأكاسيد النتروجين وأكاسيد الكبريت، فبالنسبة لأكاسيد النيتروجين، فإنها تدخل الجسم عن طريق التنفس وتؤثر على الجهاز العصبي المركزي، وتتسبب في تغيير خواص الدم، حيث تتزايد كرات الدم الحمراء والبيضاء، كما يمكن أن تؤدي إلى تهتك في الأوعية الدموعية وتسرب السوائل منها، وهو ما يعرف بداء الاستسقاء.
وأما ثاني أكسيد الكبريت فإنه غاز سام ومهيج، وتكمن خطورته في أنه يتحول في الهواء إلى مركب يسبب مرض السرطان، كما يسبب اضطرابات في نمو الإنسان.
الفورمالديهايد
يحتوي عدد كبير من مواد البناء والخشب الحبيبي على الفورمالديهايد، ويتم تصنيع الخشب الأبلكاج والخشب الحبيبي (المضغوط) وبلاط الأرضيات وخشب الديكورات من فورمالديهايد اليوريا، وتعتبر ألواح الفوم المستخدمة في تغطية جدران وأسقف المباني من المصادر الأساسية للفورمالديهايد. ويزداد انبعاث الفورمالديهايد في داخل المباني مع ارتفاع درجات الحرارة، والرطوبة، وتتسبب الغازات المتصاعدة من الفورمالديهايد في أضرار صحية بالغة بالسكان كالالتهابات الحادة في العيون، إضافة إلى حساسية في الغشاء المخاطي والمسالك البولية.
الرادون
وهو غاز مشع لأنه يصدر عن عنصر اليورانيوم الموجود في الطبيعة (في التربة والصخور ومياه البحار ومياه بعض الآبار) ولكن يتزايد تركيزه في الأماكن المغلقة كالبنايات القديمة والمنازل رديئة التهوية والمكاتب الإدارية المغلقة والمطاعم والمطابخ التي تستخدم الغاز الطبيعي كوقود للطهي، وقد ثبت علمياً أن استنشاق هذا الغاز يتسبب في الإصابة بسرطان الرئة، وقد لوحظ وجود بعض أماكن.
ووفقاً لإحصائية صادرة عن وكالة حماية البيئة الأمريكية، فإنه يموت نحو عشرين ألف شخص سنوياً في الولايات المتحدة نتيجة لسرطان الرئة الناتج عن استنشاق غاز الرادون.
مكيفات الهواء
تنبعث من أجهزة التكييف والتدفئة المركزية غازات ملوثة وغير مرئية وكذلك أتربة غنية بالمواد العضوية أو العفن أو الفطر وتمثل هذه المواد العضوية بيئة مناسبة لنمو الفطريات والميكروبات والقراديات، و يمكن أن تتراكم هذه الكائنات في أنابيب أجهزة التكييف، ثم تتدفق مع تيارات الهواء وتتوزع في جميع أنحاء المبنى.
وقد أجريت تجربة على مجموعة عاملين موجودين في وسط مغلق ومكيف، وأظهرت التجربة أن ثلث الإصابات التي سجلت بينهم شملت أمراض الأنف والأذن والحنجرة، فيما تعرض 25% منهم لإصابات في العين، والباقون أصيبوا في الجهاز التنفسي أو بإرهاق عام مترافق مع أوجاع في الرأس.
التدخين
يعد دخان السجائر أحد أكثر الملوثات الداخلية شيوعاً، وهو ما يتركب أساساً من هباءات جوية عضوية أو من رقائق عالقة في الهواء.
يؤدي التدخين بأنواعه كافة (السجائر، الشيشة، التمباك، الجيراك) إلى إلحاق أضرار جسيمة بالجهاز التنفسي، إذ يتسبب في الإصابة بسرطان الرئة، والنزلة الشعبية المزمنة، والإنفزيما (وهو مرض يهدم بنية الرئة ويفقدها مرونتها المطاطية فينحبس فيها الهواء، ويؤدي تدريجياً إلى صعوبة التنفس)، وقد بلغ عدد الوفيات بسبب سرطان الرئة الناجم عن التدخين أكثر من نصف مليون حالة وفاة في الدول النامية عام 1995م.
وتشير التقديرات الحالية إلى أن التبغ يسبب أكثر من ثلاثة ملايين حالة وفاة، واستناداً إلى الاتجاهات الراهنة فإن مجموع الوفيات بسبب التدخين وتعاطي التبغ سيرتفع إلى عشرة ملايين حالة سنوياً في غضون 30 إلى 35 عاماً، بحيث يقع 70% من هذه الوفيات في الدول النامية، ولا تقتصر آثار التدخين السلبية على المدخن، وإنما تمتد إلى من يجالسونه (وهو ما يعرف بالتدخين السلبي).
وقد قدرت منظمة الصحة العالمية في تقرير بعنوان «التبغ أم الصحة؟» أن التدخين السلبي يتسبب في وفاة 4000 إلى 5000 شخص سنوياً في الولايات المتحدة، و1000 شخص في بريطانيا، مما حدا بكثير من الدول إلى حظر التدخين في الأماكن العامة، بينما خصصت بعض الدول أماكن للمدخنين.
ويعتبر دخان التبغ المنتشر في أجواء الأماكن المغلقة سبباً في التعرض لنوبات إضافية من الربو، ولزيادة في حدة أعراض الربو لدى الأطفال.
كما نجد أن الأطفال الذين يولدون لأمهات يدخن أثناء الحمل والأطفال الذين يتعرضون لدخان التبغ البيئي، يتعرضون لخطر الوفاة بما يسمى متلازمة الوفاة المفاجئة في المهد.
غازات وأبخرة غير مرئية
مثل الأبخرة التي تتصاعد من ماكينات تصوير المستندات أو من الورق الذي ينسخ، ومن ورق الحائط ومواد التنظيف التي يحتوي بعضها على غازات قد تسبب الغثيان أو طفح الجلد أو الاضطراب في مواعيد الطمث عند النساء.
ويعد بخار الماء وثاني أكسيد الكربون الناتجان من عملية التنفس لدى الإنسان من الغازات الضارة إذا تزايدت كميتها في مكان مغلق عديم التهوية، وثمة غازات أخرى ضارة تنبعث داخل المباني من مواد الرش ومواد التبريد ومساحيق التجميل ودخان البخور.
وتشير دراسة أنجزت في دولة الكويت إلى أنه قد أجري مسح طبي لعدد من الأطفال أصيبوا بتسمم الرصاص، وتبين أن السبب هو تعرضهم لدخان البخور المحتوي على نسبة من الرصاص أو كبريتيد الرصاص.
كما يؤدي استنشاق هذا الغاز إلى الإصابة بالالتهاب الشعبي المزمن والسعال والتهاب البلعوم وتهيج الغدد الدمعية ودفعها لإدرار الدموع بغزارة.
الجسيمات الدقيقة
الجسيمات الصلبة ذات الأقطار المختلفة تنطلق إلى الهواء من مصادر متعددة، وهذه تشمل الغبار المعدني والألياف والإسبستوس (وهو مادة تستخدم في أعمال البناء)، ويحدث التلوث بالجسيمات الدقيقة في داخل الأماكن المغلقة نتيجة لعدم تنقية وتصفية تيارات التهوية.
وتنطلق هذه الجسيمات من قطع الأثاث ومواد البناء مثل أنواع الدهانات الرديئة على الحوائط والنسالة الناتجة من السجاد، كما تنبعث عن عمليات تنظيف الأثاث وكنس الأرضيات، ومن عمليات الرش بالمبيدات الحشرية كما أن النسالات المتناثرة من الجلد البشري والحيوانات الأليفة، تعد مصدراً آخر للتلوث بالجسيمات الدقيقة.
ومن الجسيمات الدقيقة العالقة التي يكثر انتشارها في المنازل «العُثَّة» أو «السوس» وهي كائنات حية دقيقة تعيش في المنسوجات والمفروشات الأرضية كالسجاد والموكيت، وتنشط في الأجواء التي تزداد فيها الرطوبة النسبية، ولقد ثبت أن الأضرار الصحية للإنسان تسببها الجسيمات التي يقل قطرها عن 15 ميكرومتراً فقط، ولذا يطلق على هذا النوع من الجسيمات «الغبار المستنشق» ومن هذه الأضرار، مرض «ميزو ثيليوما» والذي ينجم عن استنشاق الإسبستوس، وهو نوع فتاك من السرطان الذي يصيب الأغشية البريتونية في الرئتين.
كيفية الحد من تلوث الهواء داخل المباني
هناك مجموعة من المقترحات التي قد تساعد في تحسين جودة الهواء داخل المباني وتخفيض التعرضات الوسطية للملوثات الداخلية.
* يجب أن يراعى في تصميم المساكن أن تتوافر بها فتحات كافية للتهوية ودخول أشعة الشمس، وتحتاج المساكن المقامة على جوانب الطرق إلى تصفية وتنقية خاصة في فتحات دخول الهواء، وذلك لإزالة المواد الملوثة.
* تنظيف أجهزة التكييف بصورة دورية في ورش الصيانة وغسلها بالماء لإزالة ما تكدس بداخلها من الأتربة والطحالب.
* فرض قيود على الأثاث المصنوع من مادة الفورمالديهايد، وكذلك مواد البناء التي تدخل فيها هذه المادة، ويتعين معالجة أسطح الأبلكاج والمواد الأخرى المصاحبة له من أجل تخفيض معدل انبعاث الفورمالديهايد.
* يجب تبني سياسة واضحة لمكافحة التدخين يكون من عناصرها، رفع أسعار منتجات التبغ، التوعية الصحية بمضار التبغ والتدخين في المباني المغلقة وفي وسائل المواصلات، وبالإضافة إلى ذلك، فإن هناك دلائل تشير إلى أن استخدام المعالجات الصيدلانية، حيثما كان ذلك مناسباً، ولا سيما المنتجات البديلة للنيكوتين، يمكن أن يخفف من المشكلات المتعلقة بالاعتماد على التبغ بالنسبة للمدخنين الذين يحاولون الإقلاع عن التدخين.
* يجب حث وتشجيع رجال الأعمال على تصنيع منتجات صديقة ومفيدة للبيئة. فمثلاً، من الممكن للتصميمات الجيدة للمواقد وأجهزة التدفئة المنزلية أن تخفض تركيز نواتج الاحتراق، وقد نجحت فعلاً بعض الشركات الكبرى التي تنتج الأجهزة المنزلية مثل البوتاجازات والأفران في إدخال تحسينات جوهرية أدت إلى انخفاض ملحوظ في أكاسيد النيتروجين، حيث انخفض انبعاث هذه الأكاسيد بنسبة 35% لأكسيد النيتروجين و26% بالنسبة لثاني أكسيد النيتروجين.
واخيرا فإن نجاح أي برنامج لتحسين جودة الهواء داخل المباني يتوقف على سلوك أصحاب البنايات وساكنيها، وفي الوقت الراهن، فإن الغالبية لا تكترث بالمشكلات الصحية التي قد تنجم عن طريقة استعمالهم لبعض الأدوات أو المواد، ولهذا فقد درست بعض الحكومات المحلية مسألة إلزام كل صاحب عقار سكني بالفرضيات الواردة في التصميم، وبهذا النهج يمكن الحفاظ على تسلسل المسؤولية بدءاً بالمهندس الميكانيكي والمهندس المعماري وانتهاء بمالك المبنى وساكنيه، وثمة عنصر مهم في هذا النظام قد يتمثل في وجود وثيقة مساندة متعلقة بالمبنى، أشبه ما تكون بالصك، تصف فرضيات التصميم المتعلقة بنوعية الهواء الداخلي، وتسجل جميع التغيرات التي تطرأ على شكل المبنى أو على أجهزة التهوية الموجودة فيه.
المصدر:الرياض- باب
0
761

هذا الموضوع مغلق.

خليك أول من تشارك برأيها   💁🏻‍♀️