دواء
قصة ، من : محمد البشيِّر
ضرب بقدمه الأرض ، فثار الغبارُ كَسِلاً ، تقافزت أمامه صوره القديمة وهو يفتل عضلاته ، ويسير بخيلاء أمام الناس فيستجيرون به عند المدلهمات ليأتي ويحلها بذراعيه ، واليوم يتردد في مسمعه : كيف حالك يا عم ؟! سؤال يثير الشفقة ، كأنه يعير بكبر سنه !
ثار : ( لست بعمك ، وحالي أحسن من حالك ، أتريد أن نتصارع لأثبت لك ؟ ) فر سائله لعلمه بما كان يمتلك من قوة .
تزوج من أجنبية فتهامس الناس وهنئوه مخفين ابتسامة خلف شفاههم ، أبصرها وأدرك معناها ، فاختال ووعد بابن سيأتي قريباً - بإذن الله – ، زادت حيرتهم كيف برجل في نهاية عمره أن يخلف صبياً ! – لله في خلقه شئون - .
سكن الليل ودوى صوت سيارة الإسعاف في الحي ، دخل المسعفون ليحملوه وبجانبه علبة دواء من أربع حبات باهظة الثمن .
******************
الحلم ممنوع
قصة ، من : شذا برغوث
قال الراوي، يا سادة يا كرام:
حين استيقظ الرجال صباحا, في ذلك اليوم الذي ليس كبقية الأيام و الساعة التي ليست كبقية الساعات. وجدوا أنفسهم مع ملعب سجائرهم و عصيهم، أبوابهم مشرعة، و أسرتهم خالية إلا منهم.
خرجوا للخلاء، كانت الديوك مهدلة أعرافها، و ذكور الحيوانات رمادية ألوانها، و عجائز الرجال يلتفون في فرواتهم، و نشيجهم المكتوم يعلو ويهبط، و على الدرب آثار لأقدام جميلة و أقدام صغيرة. تساءلوا، تحاوروا، قلقوا.
قال أحد العجائز بأنه رأى عند طلوع الفجر، قافلتهن تسير بمرح، شدوا أحزمتهم، رفعوا عصيهم، برموا شواربهم، و تفرقوا في الجهات، و انتظر العجائز و الجبناء و العقلاء عل لظى. عند المساء سحب الظلام بأذياله، أشباحا لرجال مدلاة عصيهم، محلولة أحزمتهم، مهدلة شواربهم، تكبل أقدامهم قناطير الخيبة.
لم ينبس المنتظرون و لم يطرحوا سؤالا كأن الجميع قد عرف السؤال والجواب. دخلوا بيوتهم صامتين، و ما أغلق أحد بابه.
في الصباح لم يجرؤ أي منهم على رواية حلمه لأحد. و قد تصور كل منهم أنه الوحيد الذي رأى ذلك الحلم
*******************
عزيــــــــــز قوم ذل
قصة ، من : أحمد الشمسي
بصعوبة نجحوا في إقناع أجساد اعتادت الانبطاح أن تنتصب ثانية.
- أضيق من علبة السردين يا نزار.
حدث نفسه متجولا بنظره بين جدران أربعة، مراقبا البقية على ضوء كشافات قاربت بطارياتها على النفاذ، استطاع تمييز بعض الرجال يرسلون النداءات عبر هواتفهم المحمولة، بينما راح البعض يستمع لما تقوله الإذاعات.
أمسك بيده المرتجفة قلما ووقع بيانا يدين العملية الاستشهادية الأخيرة التي قالوا أنها سبب محاصرته، وتمنى لو فكر هذا الشهيد قليلا قبل أن يضعه في موقف كهذا.
أخبره أحد رجاله أن قناة عربية تود إجراء حديث معه عبر الهاتف، أمسك الهاتف بارتجاف يديه، وتحدث بارتجاف شفتيه.
- يا جبل ما يهزك ريح.
رددها مرارا قبل أن يدوي انفجار هائل في الغرفة المجاورة، وقع الهاتف...
انبطح الجميع أرضا حتى لامست أنوفهم تراب البلاط...
ظلوا هكذا طويلا حتى إذا ما أتعبهم انثناء ظهورهم حسدوا منفذ العملية لأنه –على الأقل- مات منتصبا
********************
أتمنى أن تحوز على رضاكم
سكارلت @skarlt
عضوة شرف في عالم حواء
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
ما اروع ان نعيش مراحل عمرنا وبكل زهوتها
الماضي جميل والذكريات اما حلوة واما مرة لا احب الرجوع سوي للذكرى
همس الازاهير مختارات جميلة
الماضي جميل والذكريات اما حلوة واما مرة لا احب الرجوع سوي للذكرى
همس الازاهير مختارات جميلة
سكارلت
•
الغاليات
بحور , نور , Fragrance , طيف الأحبة
أقدر مروركن الكريم وأشكر لكن كلماتكن الرقيقة
تحياتي وإحترامي :26:
بحور , نور , Fragrance , طيف الأحبة
أقدر مروركن الكريم وأشكر لكن كلماتكن الرقيقة
تحياتي وإحترامي :26:
الصفحة الأخيرة
أعجبني الختام ...
ليتنا نكرم بالموت منتصبين ..
جزاك الله خيرا :26: