الامــيــرة01 @alamyr01
عضوة مميزة
مدارسنا ومدارسهم
للمدرسة دور كبير في تكوين الطالب و الطالبة من جميع النواحي
أي النواحي العلمية والنفسية والإجتماعية و الفكرية والعملية
أو دعونا نقول هذا هو المتوقع من المناهج الدراسية لأي مدرسة
فالقصد من التعليم
هو تمكين الخريجين من العلم والمعرفة اللازمين للحياة عموما
بما في ذلك من علاقات عمل أو مجتمع
أما تحديد دور المدرسة أو تحديد مناهجها على القدرة على القراءة والكتابة ففيه ظلم كبير
للطالبوالطالبة وظلم كبير للبلد
كذلك المواد وطريقة عرضها
فتحديد المواد الدينية في المناهج مثلا
على أفكار تحد من عالمية الإسلام وواقعيته وانسانيته وعدله وشموله
فيه ظلم كبير للدين الإسلامي وللمتلقي من طلبة وطالبات
وبل وظلم للمجتمع المسلم والذي تتغذى أفكاره من أفكار الأجيال الشابة
فإما هي أفكار محدودة وعقيمة وغير نافعة لدنيا أو آخرة
أو هي أفكار منطلقة ومؤسسة على أساس متين من الفكر الإسلامي الصحيح ,
وبما أن
الإسلام يلبي حاجتنا العلمية بدعوته للعلم والتعلم
وحاجتنا النفسية بدعوته للإيمان و الرضى
وحاجتنا الإجتماعية بدعوته للتواصل والتراحم وتنظيمه للعلاقات الإنسانية عموما
ويلبي حاجتنا الفكرية بدعوته للتأمل والتفكير والتدبر
كما أنه يلبي حاجتنا العملية فيدعونا للنظر والبحث في كيفية بداية الخلق
والتعرف على أسرار المخلوق ويدعونا لعمارة الأرض والحفاظ عليها
وأرشدنا الى الطريق لذلك كله
وبعد ذلك ربط كل ذلك بمعنى وجودنا وبمعنى الآخرة
وبعلاقتنا بالخالق جل وعلى
لذلك كان لزاما على المدارس أن تتبني منهجا يعكس كل ذلك
حتى يستطيع الطالب والطالبة أن يفهموا ويطبقوا معنى قوله تعالى
فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ ،
وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ،
أُولَـئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُواْ وَاللّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ }البقرة200-202.
ومع صعوبة ايجاد هذه الصيغة الإسلامية في مناهج أي من بلادنا الإسلامية
وهي التي تعيش فترة فكرية عصيبة وغير سوية ومصبوغة بالإفراط و التفريط
تكون المسألة أصعب وأكثر تعقيدا حين يحاول البعض ***** مدارس "اسلامية" ,
كما يطلقون عليها,وهي مدارس تنشأ في الغرب
حيث المسلمون فيه قلة عددية وذلك ليسدوا النقص في مصادر الدين أو ليتجنبوا المناهج الغربية
المحلية
والصعوبة ليست فقط في ايجاد المال اللازم لبناء المباني
بل ان الصعوبة الحقة في تحقيق الأهداف التعليمية التي ذكرناها في مقدمة هذه المقالة,
والأسباب كثيرة
ولكن يمكن اختصارها في سببين رئيسيين :
السبب الأول
هو تحديد مفهوم الإسلام وتحجيمه
أما السبب الثاني
فهو غياب التخصص اللازم لعملية التربية والتعليم
لذلك
يضطر المسلمون في الغرب بإرسال ابنائهم وبناتهم للمدارس المحلية
وحينها يدور حوار بين الفريقين مضمونه : مدارسنا أم مدارسهم ؟
مع أن السؤال الأهم هو ماذا نريد لأبنائنا أن يتعلموا؟
سؤال مهم يجب أن نسأله ونحاول الإجابة عليه !
بداية نقول:
نحن نعلم بأن الإسلام كان واضحا في تقريره لمصير البشر و الشعوب والدول
فجعل مصيرهم مرتبطا بأفعالهم و أخلاقهم
فكما أن تغيير حال البشر هو بيدها لأن الله قرر ذلك فقال عز وجل
(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)**
**سورة الرعد آية 11
فكذلك هي الأخلاق
فربط سبحانه وتعالى مصير الأمم بمدى سمو أو انحطاط اخلاقها
ومن ذلك تأثير الظلم على مصير الأمم
فالظلم هي الصفة التي حرمها الخالق سبحانه على نفسه
فلنا أن نتصور مصير أمة انحطت اخلاقها فبغت وظلمت
من الطبيعي و المتوقع بل الأكيد هو انهيار هذه الأمة وزوالها
وهذه سنة ربانية وحكم الهي لا يتبدل ولا يتغير وهو سبحانه القائل
( ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا ) سورة يونس آية13
اذا لربط هذين الأمرين بمدارسنا والمناهج التي تدرس
يكون من الضروري
ان تصبح مناهجنا عملية بالشكل الذي يجعل من كل خريجيها شباب فاعلون وعاملون
كما اننا نريدها ان تكون اخلاقية ومتحلية بالخلق الإسلامي الصحيح البعيد عن الإفراط والتفريط
والأمر ليس بالهين !
فهل توفر مدارسنا هذان الأمران ؟
أم هل توفرها المدارس الغربية في بلادها ؟
وهل المدارس " الإسلامية" في الغرب قادرة أيضا على توفير هذين الشرطين ؟
وللبعد عن الطرح الإستفزازي أو التعميم المرفوض وبعيدا عن التعصب الأعمى أقول:
أولا
أنه ومهما كان حال المدارس ومناهجها , فإن دور الأم والأب يبقى هو الأصل
وهو دور اكثر من ان يكون دورا مكملا لمهمة المدرسة والمنهج
وبغياب هذا الدور الأهم يكون الحديث عن المدرسة أو المنهج لا فائدة مرجوة منه
لأنه وكما في الأمثال( اليد الواحدة لا تصفق) !
فإن كنا مغربين أو مشرقين يبقى دور الأم واب هو أصل التربية ومفصلها ومحورها
وهما (الفلتر) لأي "شوائب" تعكر ذهن الإبن أو البنت مهما كانت مصادر هذه الشوائب
وغياب المتابعة اللصيقة من الوالدين
هو سبب غياب أي فائدة لأحسن المدارس وأفضل المناهج
والغياب هو ايضا سبب ترسب كل سلبيات المدارس والمناهج وتعلقها في نفس وعقول أبنائنا وبناتنا
ثانيا
المسلم الكيس الفطن هو من استخرج من الشيء رحيقه و فائدته وبعد كل البعد عن شوكه وعلقمه
كذلك يجب التعامل مع أي مدرسة وأي منهج
أي
أن نتعرف على المنهج ونعرفه ثم ننتقده ونأخذ منه الصالح ونترك الطالح
طبعا كل هذا يجب ان يتم بمعرفة الأبناء وبشرح مبسط ومتنور دون ذم أو تحقير لما في سلبيات
المنهج ودون افراط في التسليم او التعامل بايجابيات المنهج وكأنها قرآن منزل
فالمناهج في الغرب مثلا
تقدم العلم بطرق علمية متطورة مرغوبة
وهدفها
علم عملي يخدم غرض التعلم من طلب للعيش الى بناء عقلية نقدية مفكرة تساهم في تطوير
العلم ذاته والى تطور العالم عموما كذلك واثناء ذلك
تقدم مناهج الغرب عملا يخدم في بناء شخصية الإنسان واستقلاله واعتزازه بنفسه
كما يساعد ايضا في
بناء العلاقات الإنسانية على اسس احترام الخصوصية و والحدود للأفراد واحترام الآخر
طبعا
تقدم مناهج الغرب ايضا ما يعزز عاداتهم وافكارهم ونظراتهم نحو امور اخرى كثيرة
نختلف في بعضها معهم
( ولسنا ملزمين بالأخذ بها )
ونلتقي في بعضها الآخر او في جزئيات منها
ولكن
من غير المقبول او المعقول ان نحاول العيش مع الغير وكأن لا شيء يجمعنا بهم
فديننا الإسلامي
دين جمع ما بين البشر بعلاقات إنسانية تعتبر نقطة لقاء مهمة
فعلينا ان نكون في موقف المساهم ايجابيا لا المشاهد المغيب وذلك نحو كل ما يتعلق بالإنسانية
وخيرها
متبعين ( المنهج ) الرباني
والذي يجب ان تتشبع به مناهجنا
وبلغة تفسر مختصراته وتشرح اسراره وتفعل دعواته
وليس هناك من مشاركة افضل من مشاركة علمية عقلية عملية تربط المخلوق وكل ما حوله بالخالق
يحتاج ذلك المنهج الى عقلية المؤمن المحب للخير لا الى عقلية المعادي للغير
اخيرا
ليس المهم بالنسبة لأبنائنا عنوان المدرسة الخارجي
بل الأهم هو مضمون المناهج ومتابعتنا لمحتواها
وعلى اولياء الأمور تقع مسؤولية ما قبل وما بعد المدرسة وما بين ذلك ايضا
وعلى الجميع
تقع عملية اعادة احياء علوم الدين في حياتنا اليومية
وفي علاقاتنا الإنسانية فيما بيننا وفيما بيننا وغيرنا
حتى يكون ما يتعلمه ابناؤنا واقعا مشهودا
وحتى لا نوصلهم الى نتيجة مخجلة وهي اننا نقول ما لا نفعل
والله أعلم
2
760
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
محبوبه لدى الجميع
•
يسلمو اختي بارك الله فيك على الطرح الرائع
الصفحة الأخيرة