السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
سبق وأن طرحت احد الاخوات هذا السؤال
كيف تردين على من زعم أن مدارس التحفيظ تفرغ ارهابيين وتنشي جيل ارهابي !!!!
ولأهمية الموضوع طرحته في صفحة مستقله..
واليكم الاجابه..
ينبغي علي وعليك الثقة بدين الله عز وجل، وأنه دين منصور وغالب، فالثقة بالطريق مطلب أساسي.
نحن نعرف ديننا وطبيعة هذا الدين، وهي الابتلاء؛ لقول الله: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ}.
فما نسمع الآن، وما يتداول من أن هذا الدين دين إرهاب، وأنه سبب لكل مشكلة حلت بهذه الأمة.. كل هذه لا تضيرنا، بل نعرف أن مثل هذه مقولة قديمة وسنة ماضية، وما يحارب هذا الدين إلا بنفس الأساليب التي حورب بها قديما، بل وستظل كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فقد أخبر تعالى عن كيد الكفار بقوله: {أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ}، وذكر عن نوح عندما تكلموا في نيته وقالوا عنه: {يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ}، وبعده نبينا عليه الصلاة والسلام، فقالوا له: {إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ}.
وقالوا عن نبينا شاعر, ساحر, كاهن، فنحن - كما ذكرت - نعرف أن هذا هو طريق الكفرة وأعداء الدين، وهذا هو أسلوبهم، وينبغي أن نواجههم بما واجه به نبينا وصحابته تلك الحرب ألا وهو: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا}، وقول الله: {وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ}، وغيرها من الآيات؛ فيكون منا العمل المبني على أصول الشريعة والتواصي بذلك والصبر عليه.
إذن، هل يعقل أن يقال مدارس التحفيظ والتي تحفظ كتاب الله تخرج مفسدين في الأرض، وهذا القرآن الذي يتربون عليه يهدي للتي هي أقوم؟! كما قال تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}، قال الشنقيطي صاحب الأضواء - رحمه الله - : فهو يهدي للتي هي أقوم في السياسة والاقتصاد والاجتماع والأخلاق.
إذن.. ديننا يأمر بالقسط والعدل وعدم الظلم، فهو خلال 14 قرنا لم يخّــرج إلا من يحمل الرحمة والعدل للناس.
ديننا يوافق الفطرة ويوافق العقل الزكي السليم، وأوامره كلها عدل لا حيف فيها ولا ظلم، فهي تدعو للصدق والعفاف والعدل وحفظ الحقوق والعهود وأداء الأمانات وحسن الجوار ـ وأوامره تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي والإثم والعـــــدوان.
فديننا هو دين رحمة وسماحة للبشرية جمعاء، بل حتى في البهائم؛ لحديث: "وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته"، أفيعقل أن يكون دين يرحم البهيمة ولاتحد الشفرة ـ السكين ـ أمام البهيمة كل ذلك رأفة بها، ولا تذبح البهيمة وأختها تنظر إليها، وحديث ابن عمر: "أن امرأة عذبت هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار لاهي أطعمتها وسقتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض" متفق عليه، وروى مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ على حمار قد وسم في وجهه فقال: "لعن الله الذي وسمه".
أفيكون هذا الدين الذي يأمر برحمة حتى البهائم دين إفساد، أو كما يسمونه إرهابا؟!
ديننا عظيم لو يعلم أهل الذمة مالهم فيه من الحقوق؛ لتركوا أهلهم وديارهم ودخلوا تحت مظلة حكم أهل الإسلام، كما فعل أهل حمص عندما قدموا إلى أبي عبيدة، وقالوا له: أنتم أحب ألينا من الروم فأنتم أوفى لنا وأرأف بنا وأكف عن ظلمنا وأحسن ولاية علينا، ولكن الروم غلبونا على أمرنا ومنازلنا.
وما قالوا ذلك؛ إلا لما علموا ما لهم من الحقوق التي كفلها هذا الدين، بل ولا يجدونها ولا حتى في ديانتهم المحــّرفة؛ فالله يقول: {لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}.
وارجعي إلى كتاب أحكام أهل الذمة لابن القيم - رحمه الله -؛ لتري عظمة هذا الدين، ومع ذلك يربي القرآن أتباعه على النظرة المتوازنة، وذلك بقتال من يقاتلنا في الدين ومن يحاربنا في عقيدتنا، ويربينا هذا القرآن على الأنفة والعزة، فهو دين يربي أبناءه على العزّة وعدم الظلم لأي كائن، وكذلك عدم قبول الظلم من الغير.
كما قال تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ...}الآية.
فمطلوبة الغلظة مع من يقف في وجه هذا الدين وعدم تحكيمه بين الناس، وفي آية أخرى يقول في وصف سيد الخلق المبعوث رحمة للعالمين ومنمعه من المؤمنين: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ}، فمن صفاتهم الشدة على الكفار المحاربين والمناؤين للإسلام، لكن المشكلة في مثل هذا التشويه والإعلام المقلب للحقائق والمغير للمفاهيم، وتغيير صورة الإسلام وسماحة الإسلام، وللأسف أحيانا كثيرة نتأثر بمثل هذه الحملات الإعلامية، شعرنا أو لم نشعر.
ديننا حتى في عقوبته للعاصي فيه رحمة به ورحمة بالمجتمع الذي يعيش فيه، فلو ترك مثل هذا العاصي والمذنب دون عقوبة؛ لكان لذلك أثر سيئ عليه وعلى المجتمع، فيستخف بأعراض وحقوق وأنفس الآخرين، ويعرض نفسه وسفينة المجتمع للغرق، كما في الحديث: "فإن تركوه هلكوا جميعا وإن أخذوا على يده نجا ونجوا جميعا".
والجهاد قمع لأعداء الله ونصر لأوليائه، وحمل للكافر على ترك الكفر، الذي هو أقبح الأشياء، وهذا الجهاد ينهى عن قتل الشيخ والصبي والمرأة، ولا يقاتل إلا من قاتل، ونهى عن الغدر بهم والتمثيل، ونهى عن اجتثاث الشجر، ثم كثير من بلاد المسلمين التي فتحت لم تفتح بالسيف، بل بحسن المعاملة والخلق الحسن.
كذلك القصاص، من قتل للقاتل وقطع ليد السارق ورجم للزاني المحصن، هو زجر للنفوس الباغية، وتأديب القلوب القاسية؛ لتحفظ الأنفس والأموال والأعراض.
ديننا ينهى عن أذية المؤمنين قولا أو فعلا، {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا}، بل حتى أذيته بالرائحة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "من أكل الثوم والبصل أو الكراث فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم"، ولا يؤذيه بقتار قدره، ولا يغرز خشبة في جداره بغير إذنه، بل يطلب أن يخفض الجناح للمؤمنين، كما قال تعالى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ}
ديننا يحرم مجرد الترويع للمسلم أو مجرد رفع حديدة عليه.
ديننا أعطى كل ذي حق، وأعيدها كل ذي حق، كل من له حق ديننا أعطاه حقه.
ديننا شامل لم يترك شاردة ولا واردة إلا وقد بينت، فما مات نبينا ولا طائر يقلب جناحيه إلا وترك لنا منه خبرا صلى الله عليه وسلم.
أفيعقل أن يوصف دين بهذه الصفات والعظمة، بأنه دين غلظة وشدة وعنف وترويع وإفساد والذي يسمونه إرهاباً؟!
ديننا أمرنا بالعطف على الصغير ورحمة الكبير، والشفقة على الضعفاء والفقراء والعبيد والإماء، قال تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ}.
ديننا يأمر بنصرة المظلوم والأخذ على يد الظالم، أيا كان؛ لأجل إقامة حدود الله وتحكيم شرعه وعدم ظلم الناس بعضهم لبعض.
ديننا يأمر بالتحابّ ونشر الحب بين أبنائه عبر السلام وعبر الهدية والمصافحة والابتسامة وغيرها؛ مما يشيع التآخي والحب والتعاون.
ديننا يأمر أبناءه بقضاء حوائج الناس وخدمتهم والتحنن عليهم والعطف.
ديننا يزيل كل ما يؤدي للتشاحن والتقاطع والتدابر، فمثلا ينهى عن البيع على بيع أخيه، والخطبة على خطبة أخيه، وينهى عن أكل أموال الناس عموما بالباطل، وينهى عن الأضرار بالآخرين، بالنجش والغش وغير ذلك.
ديننا يأمر بأن يكون أبناؤه كالأخوة؛ لحديث: "وكونوا عبادا الله إخوانا"
ديننا يأمر بالصفح والعفو والتسامح، ويأمر بالإصلاح بين الناس والتضييق على التفرق والشحناء.
ديننا يأمر بالوفاء بالعهود {وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً}، وينهى عن الغدر؛ فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لكل غادر لواء يوم القيامة يقال هذه غدرة فلان".
أهذا دين إرهاب كما يسمون، أم أولئك الذين يحاربون المسلمين في عقر دارهم ويستبيحون أرضهم وديارهم وأموالهم، ويريدون فرض فكرهم ومبادئهم الفاسدة بالحديد والنار ويسمونها إعطاءً للحريات ونشر للديموقراطية وحقوق الإنسان؟!!
أين الإرهاب عمن يضرب المسلمين بـ"القنابل" العنقودية و"الكيماوية" و"الجرثومية" و"القنابل" التي يسمونها القنابل النظيفة، والتي تميت الأحياء من إنسان أو حيوان، وتبقي المعدات والبنايات؟!!
وهؤلاء لا يلامون، فهم يعملون لهدف وينطلقون من مبدأ، ولهم فيذلك أسلاف، سواء ما كان في أسبانيا من محاكم التفتيش المروعة، أو الحملات الصليبية، والتي نبشوا فيها القبور وأخذوا الأكفان، وارتكبوا فضائح جنسية، حتى مؤرخيهم وصفوها بأنها بربرية همجية.
فنحن إذن.. لا يضيرنا قولهم، بل يزيدنا إصرارا على نصرة دين الله، وعملا مخططا مبدعا، وإنتاجا متميزا، ومراجعة ودراسة لواقعنا وقدراتنا وقدرات عدونا وخططهم، وتقويما لمسيرتنا العملية وتصحيحا لها ولما يستجد فيها، واستمرارا على هذا الطريق، فهو طريق الرفعة والشرف، وربنا يقول في كتابه: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ...}الآية، {إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم}
فـــليقولوا مايقــولوا.
الشيخ:-خالد بن سليمان الغرير

ضوء النهار @doaa_alnhar
عضوة شرف في عالم حواء
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.



وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكِ غاليتي "" ضوء النهار "" ..:26:
فعلاً .. فـــليقولوا مايقــولوا..
سلمتي على هذا النقل المبارك ..
بارك الله فيكِ غاليتي "" ضوء النهار "" ..:26:
فعلاً .. فـــليقولوا مايقــولوا..
سلمتي على هذا النقل المبارك ..
زائرة
•
الصفحة الأخيرة
وبارك فيك ....
وقد كتب الشيخ آل الشيخ
عن هذا ...
في أحد الصحف اليومية ..
ـــــــــــــــــــــــــــــ
تحياتي ،،