

ذكرتينا في مالك ابن الريب ههههههههه
اذكر كنت حافظه القصيده صم مع ذلك ما كتبتها في الورقة هههه ثوله
ايام يسق الله ذيك الايام
اذكر كنت حافظه القصيده صم مع ذلك ما كتبتها في الورقة هههه ثوله
ايام يسق الله ذيك الايام

مالك بن الريب
موضوع قصيدة شاعرنا موضوع لم يسبقه إليه أحد قبله، فهو جديد من حيث الفكرة، فالشاعر هنا يرثي نفسه قبل موته وكما نعرف فالرثاء لا يكون إلا بعد الموت، وشاعرنا عند قول هذه الأبيات لم يكن قد مات بالطبع، فهو يستحضر الأشياء بعد موته ويتخيلها، ويتساءل عنها، كأنه يخرج من ذاته يتأمل مصيره الآخر، ويرى الصورة من بعد.
شاعرنا هو مالك بن الريب بن حوط بن حسن بن ربيعة بن كابية بن حرقوص بن مازن بن مالك بن عمر بن تميم، شاعر من العصر الأموي قال هذه القصيدة عندما كان غازياً في جيش سعيد بن عثمان بن عفان لخرسان، إذ يقال أن ولاية سعيد على خرسان لم تدم طويلا، فرجع عنها ومعه مالك بن الريب، إلا أن مالكاً مرض وأشرف على الموت، فخلَّفه سعيد وترك عنده مُرَّة الكاتب ورجلاً آخر.
والقصيدة غنية بالكثير من الألفاظ الموحية والتراكيب الدالة التي تنقل قارءها إلى أجواء استحضار الموت، والإحساس بالوحشة والحسرة والندم، تلك المشاعر التي يقدمها مالك في أكثر صور الصدق نقاءاً وصفاءاً.
ونحن في تناولنا لهذه القصيدة سنشير إشاراتٍ بسيطة إلى بعض مواطن الجمال فيها، ونعرّج سريعاً على جانب من أسرار دلالاتها وغنى معانيها.
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة *** بجنب الغضى أزجي القلاص النواجيا
ألم ترني بعت الضلالة بالهدى *** وأصبحت في جيش ابن عفان غازيا
دعاني الهوى من أهل ودي وصحبتي *** بذي الطبسين فالتفت ورائيا
أجبت الهوى لما دعاني بعبرة *** تقنعت منها أن ألام ردئيا
أقول وقد حالت قرى الكرد دوننا *** جزى الله عمرواً خير ما كان جازيا
إن الله يرجعني من الغزو لا أرى *** وإن قلّ مالي طالباً ما ورائيا
لعمري لإن غالت خرسان هامتي *** لقد كنت عن باب خرسان نائيا
فإن أنجُ من باب خرسان لا أعد *** إليها وإن منيتموني الأمانيا
فلله دري يوم أترك طائعاً *** بنيّ بأعلى الرقمتين وماليا
ودر الرجال الشاهدين تفتكي *** بأمري ألا يقصروا من وثاقيا
ودر الظباء السانحات عشية *** يخبرن أني هالك من ورائيا
ودر كبريّ الذين كلاهما *** عليّ شفيق ناصح ما ألانيا
تقول ابنتي لما رأت طول رحلتي *** مسيرك هذا تاركي لا أبا ليا
ولكن بأكناف السمينة نسوة *** عزيز عليهن العشية ما بيا
وأصبح مالي من طريفٍ وتالدٍ *** لغيري وكان المال بالأمس ماليا
فياليت شعري هل بكت أم مالكٍ *** كما كنت لو عالوا بنعيك باكيا
إذا متُ فاعتادي القبور وسلمي *** على الرمس أسقيت السحاب الغواديا
ترى جدثاً قد جرت الريح فوقه *** تراباً كلون القسطلان هابيا
رهينة أحجارٍ وتربٍ تضمنت *** قراراتها مني العظام البواليا
فيا صاحباً إما عرضت فبلغن *** بني مالك والريب ألا تلاقيا
وبلغ أخي عمران بردي ومئزري *** وبلّغ جوزي اليوم ألا تدانيا
وسلّم على شيخي مني كليهما *** وبلغ كثيراً وابن عمي وخاليا
وعطّل قلوصي في الركاب فإنها *** ستبرد أكباداً وتبكي بواكيا
أقلب طرفي حول رحلي فلا أرى *** به من عيون المؤنسات مراعيا
وبالرميل مني نسوة لو رأينني *** بكين وفدين الطبيب المداويا
فمنهن أمي وابنتاها وخالتي ***وباكية أخرى تهيج البواكيا
تذكرت من يبكي عليّ فلم أجد *** سوى السيف والرمح الرديني باكيا
وأشقر خنذيذ يجر عنانه *** إلى الماء لم يترك له الموت ساقيا
يقاد ذليلاً بعدما مات ربه *** يباع ببخسٍ بعدما كان غاليا
صريعُ على أيدي الرجال بقفرة *** يسوون لحدي حيث حُم قضائيا
فيا صاحبيّ رحلي دنا الموت فأنزلا *** برابيةٍ إني مقيم لياليا
أقيما عليّ اليوم أو بعض ليلة *** ولا تعجلاني قد تبين ما بيا
وقوما إذا ما استُل روحي فهيئا ***لي السدر والأكفان عند فنائيا
وخطّا بأطراف الأسنة مضجعي *** وردا على عيني فضل ردائيا
ولا تحسداني بارك الله فيكما *** من الأرض ذات العرض أن توسعا لي
خذاني فجراني ببردي إليكما *** لقد كنتُ قبل الموت صعباً قياديا
وكنت غصناً البان هبت له الصبا *** أرجل فيناناً يصيد الغوانيا
وقد كنت صبراً على القرن في الوغى *** وعن شتم ابن العم والجار وانيا
وقد كنتُ محموداً لدى الزاد والقرى *** ثقيلاً على الأعداء عضباً لسانيا
وقد كنت عطفاً إذا الخيل أحجمت ***سريعاً لدى الهيجاء إلى من دعانيا
فيوماً تراني في طلاء ومجمع *** ويوماً تراني والعتاق ركابيا
ويوماً تراني في رحىً مستديرةٍ *** تخرق أطراف الرماح ثيابيا
غداة الغد يا لهف نفسي على غد *** إذا أدلجوا عني وأصبحتُ ثاوياً
وأول ما يلفت نظرنا في هذه القصيدة هو ظاهرة التكرار، وهي ظاهرة تطالعنا بكثافة في مطلع القصيدة عندما يكرر الشاعر لفظ "الغضى" هذه الشجرة التي حملت معنى الأرض والبلاد والأحباب، فالغضى ليست الشجرة بل هي الأهل والأرض البعيدة التي لا سبيل إليها فكرر هذه اللفظة لتوحي إلينا بمدى حنينه إليها وإلى ما ترمز إليه من وطن وأحباب كم يودّ العودة إليهم ورؤيتهم من جديد.
وتكرار آخر يبرز في القصيدة في مواطن متفرقة، وهو قوله:
ليت شعري هل أبيتنّ ليلةً؟..
فياليت شعري هل بكت أم مالكٍ؟..
فياليت شعري هل تغيرت الرحا..؟
واستخدام تركيب "ليت شعري" في ذاته له من الدلالات ما له، فكيف عندما ينثر في مواطن متفرقة من القصيدة؟ فهو تركيب يستخدم في العربية للتعبير عن شدة الحيرة والتساؤل الملحّ الذي يتطلع صاحبه فيه إلى جواب، وأي تطلع أقوى من تطلع من هو مقبل على الموت؟!، والحيرة تلفه فهو لا يعلم مستقبله المنتظر، وفي الوقت نفسه يفكر في الكثير من الأمور التي قد تحصل له أثناء وبعد الموت.
وتكرار ثالث يدق القلوب دقاً، إنه تكرار المتشبث يأساً بالحياة، المقبل كرهاً على الموت "فلله دري ودر الرجال" و"در الظباء" و"در الهوى" و "در كبيريّ".
وتطالعنا في ثنايا القصيدة تراكيب وألفاظ كثيرة تجسد مأساة الشاعر، وتعمق إحساسنا بمعاناته وشدة حسرته، منها على سبيل المثال لا الحصر:
قوله"فالتفت ورائيا" في:
دعاني الهوي من أهل ودي وصحبتي.. بذي الطبسين فالتفتُ ورائيا
تعبير عن رغبة عميقة مستحيلة في العودة، فقد التفتَ الشاعر وراءه يرجو رجاء يائس أن يعود، إذ يمثل الالتفات إلى الوراء التفاتاً إلى الحياة التي بدأت تغيب عن ناظريه أمام ظلال الموت وأثواب الردى، وهو رمز لكل الندم الذي يعيشه الشاعر ويحاول أن يعوض نفسه بإلقاء نظرة أخيرة على ذاك الماضي الذي بات واضحاً أنه لن يعود ليحياه أبداً.
وفي "تقنعت ردائيا" في قوله:
أجبت الهوى لما دعاني بعبرة.. تقنعت منها أن ألام ردائيا
احتماء بهذا الرداء ليطرح ما به من حزن ولوعة وشوق دون أن يرى رفاقه منه هذا الضعف الذي لا يليق بأن يصدر من محارب شديد البأس، فهو يختفي وراءه لئلا يلام فتهتز رجولته.
وفي " وإذن منيتومني الأمانيا" في قوله:
ودر كبيري الذين كلاهما.. عليّ شفيق ناصح ما ألانيا
إحساس بالحاجة إلى الأمان، فالكبير دائما ملاذ فكأنهم قد أضاع ملاذه، وندم على عدم استماعه للومهما له عندما قرر الرحيل مع الجيش، حيث حاولا إبقاءه ولكنه رفض إلا أن يرحل مع الجيش ليطلب الجهاد وبحثاً عن الرزق من خلال الغنائم المنتظرة.
وفي" تاركي لا أبا ليا" في قوله:
تقول ابنتي لما رأت طول رحلتي.. مسيرك هذا تاركي لا أبا ليا
ظلالٌ من الأبدية والديمومة التي تهجس الطفلة بها أنها تختطف أباها، وكأن الشاعر قد استرجع صورة طفلته المودعة في هذه اللحظة بالذات حيث لم يبق على فراقه للحياة إلا ساعاتٍ قلائل، فعاد إليه مشهد وداع طفلته له، ولم ينتبه لتلك الإشارة في عيني طفلته المحذرة بأنه الوداع الذي لا لقاء بعده، فتبقى هي طفلة وحيدة يتيمة،وكأنه يوحي إلينا بيتمه هو الآن في لحظة الاحتضار حيث لا أحد من أحبته معه فهو يتيم بسبب الغربة التي يعيشها وذل الموت وحيداً غريباً.
وفي " وأصبح مالي من طريف وتالد" في قوله:
وأصبح مالي من طريفٍ وتالدٍ.. لغيري وكان المال بالأمس ماليا
تعجبٌ من دوران الأيام وتقلُّبها وعدم ثبوتها على حال، فالمال الذي اكتسبه والذي ورثه كله سيؤول إلى غيره بعد أن كان ماله بالأمس القريب يتصرف فيه كيف يشاء وسيؤول هو إلى قبر لا ينفعه ماله فيه، وفي البيت إشارة إلى تكذيب ما ورد في التاريخ عن مالك بن الريب من أنه كان قاطع طريق وصعلوكاً، فكيف له أن يكون صعلوكاً وقد أشار إلى أمواله التي اكتسبها والتي ورثها، وهذا يعني أنه كان غنياً ولديه اكتفاء ماديّ.
وفي " هل بكت أم مالك" في قوله:
فياليت شعري هل بكت أم مالكٍ.. كما كنتُ لو عالوا بنعيك باكيا؟
فرط حنين وشوق إلى أمه في هذه اللحظات القليلة التي تفصله عن الموت يفكر فيها وفي حالها بعد سماعها خبر وفاته هل ستبكي؟، هو متأكد من ذلك ولكنه يتساءل لأنه حزين على أنه لن يموت بين يديها مطمئناً وسيموت وحيداً غريباً لا تدري عنه أمه شيئاً، ويشير إلى أنه لو سمع خبر وفاتها لكان قطّع الفضاء بكاءاً وعويلاً على فقدها، وكأنه يرجو منها أن تفعل الشيء نفسه في حال سماعها خبر وفاته.
وفي "فاعتادي القبور وسلمي على الرمس" في قوله:
إذا متُّ فاعتادي القبوري وسلِّمي.. على الرَّمسِ أُسقيتِ السحاب الغواديا
طلب بالتواصل المستحيل، وكأنه يمدُّ وشائج متخيلة بين الموت متمثلاً فيه والحياة متمثلةً فيها، فهو يعلم بأنها لا تسطتيع ذلك لأن المسافة الفاصلة بين أراضيه التي سيموت ويدفن فيها تبعد عن أرض أمه مسيرة شهور، ولكن المعنى يتضمن أمنية منه أن يموت في أرضه بين أهله ليزوروه ويدعو لأمه بأن يسقيها المطر من فرط شوقه وحنينه لها فهو لايملك شيئاً إلا الدعاء عله يخفف عنه وطأة الإحساس بالخسارة المطلقة.
وفي"ألاّ تلاقيا" في قوله:
فيا صاحبا إما عرضت فبلغن.. بني مالك والريب ألا تلاقيا!
الكثير من اللوعة والحسرة والحرقة فهو يرجو هذا التلاقي المستحيل فالموت والغربة والمسافات تحول بينه وبين هذه الأمنية التي يطلب أن تتحقق ولو للحظات، ولكنه محاصر باليأس المطبق مسكون بالموت المؤذن بالفراق الأبدي. إنها إعلان اليائس، وصرخة من لا يجيبه إلا صدى هلعه وندمه وحسرته، ولا وسيلة لديه لإيصال هذا الخبر وحمل هذه الوصية إلا صاحبه الذي آنسه في رحلته إلى الموت، وعاصر ما مرّ به مالك، فأوصاه بأن ينقل إلى أهله الخبر الأليم الذي لا رجعة فيه، "فبلغن" وجاءت النون في هذه الكلمة لتوكيد البلاغ، والتأكيد على لزوم إيصال هذا الخبر الأهم في سيرة مالك كلها.
وفي" وعطّل قلوصي" في قوله:
وعطل قلوصي في الركاب فإنها.. ستُبردُ أكبادا وتُبكي بواكيا
طلب بإطلاق ناقته لتُعلن خبر وفاته على الملأ وفي ذلك بقية تمسك باستمرار التواصل مع الأحياء، فالعلم بالأمر ارتباط، والجهل به غفلة وانقطاع، وهذه العادة متوارثة من الجاهلية حيث تعطل نوق الميت وتطلق في البراري حزناً على صاحبها، فأراد من صاحبه أن يفعل هذا بناقته حتى يعرف الجميع بخبر موته.
وفي " أقلب طرفي" في قوله:
أقلب طرفي حول رحلي فلا أرى.. به من عيون المؤنسات مراعيا
قمة الشعور بالوحدة والضياع والحيرة والفراغ الذي يرجو أن يملأه أحد أحبته وهو أمر مستحيل ولكنه يعلل نفسه بهذه الآمال الكاذبة التي تتلاشى سريعاً حين يقول" فلا أرى به ن عيون المؤنسات مراعيا" وفي "باكية أخرى" في قوله:
فمنهن أمي وابنتاها وخالتي.. وباكية أخرى تهيج البواكيا
ستبكي عليه الكثير من النساء المفجوعات منهن أمه الثكلى وأختاه وخالته وامرأة أخرى يُلمح لها ستكون هي من تثير الباكيات لشدة مصابها ولوعة فؤادها هذه المرأة التي لم يُصرح بها هي زوجته التي ستغدو أرملةً من بعده ترعى بنيه الأيتام الذين لا يعرف مصيرهم المجهول فهو بذلك خائف رائعٌ قلبه على بنيه الذي جعلتهم الحرب دون أبٍ يعولهم ويحنو عليهم ويحميهم.
وفي " لم يترك له الموت ساقيا" في قوله:
وأشقر خنذيذٍ يجر عنانه.. إلى الماء لم يترك له الموت ساقيا
يُقاد ذليلاً بعدما مات ربه.. يباع ببخس بعدما كان غاليا
حيث يتحدث عن حصانه، تبدو الحسرة الخفية التي تحياها نفسه، حسرته على حاله فيتقنَّع بقناع فرسه ويرثي لحالها بعد موته، وهو لا يقصدها وإنما يقصد نفسه الشقية التي ستموت بعيدة غريبة ذليلة هذا الذل الذي سيرثه عنه حصانه عندما " يُقاد ذليلاً" وهذه صورة أخرى للحصان.
وهي صورة مذلة مالك نفسها الذي تعز عليه نفسه الغالية حين أذلها الموت وقهرها البعد، فكان أن ذل كل ما يملكه ورخص.
وحين يقول "استُل روحي" في قوله:
وقوما إذا ما استُل روحي فهيئا..لي السدر والأكفان عند فنائيا
يبدأ مع عملية الاستدلال هذه التي توحي بنزع روحه رغماً عنه ببطء يزيد من عذابه وألمه، يبدأ بتصوير طقوس الموت والدفن التي تمتزج فيها الشفقة بالألم، واستسلام الموت القادم بعنفوان الحياة العابث في كنف الأكفان وبرودة القبر.
وتأتي موسيقى القصيدة الداخلية لتشع أسىً ولوعةً، كأنما العبرات تتساقط منها عند قراءتها، فمن الحروف التي تكررت وتشي بالحزن "حرف السين" و "حرف الشين" التي تشي بموسيقى متصلة لا تنقطع، وتوحي بالسكون قرين الموت، فتضفي على القصيدة أجواء حزن مستسلم غير صداح ولا هلع.
أما عن الموسيقى الخارجية فقد كان روي القصيدة موحياً، فالياء المفتوحة الممدودة كانت تعطي متسعاً للتأوه والتنفس العميق فكان ينفثها نفثة مكروب عاجزٍ عن تخليص نفسه مما يعتريه من الهم واللوعة والآهات والشجى، فهي تأوهات النادم المتحسر ساعة لا يفيد الندم ولا تفيد الحسر ة.
كانت هذه بعض جماليات القصيدة التي تميزها عن بقية القصائد، ونترك للقارئ التمعن في القصيدة، والحياة في كنفها لأن فيها ما عجز القلم عن تسطيره وهو كثير.
مالك شاعر بكل معنى الشاعرية حساس للغاية، وعاطفته القوية كانت سببا في خلود قصيدته وشاهداً على معاناته
موضوع قصيدة شاعرنا موضوع لم يسبقه إليه أحد قبله، فهو جديد من حيث الفكرة، فالشاعر هنا يرثي نفسه قبل موته وكما نعرف فالرثاء لا يكون إلا بعد الموت، وشاعرنا عند قول هذه الأبيات لم يكن قد مات بالطبع، فهو يستحضر الأشياء بعد موته ويتخيلها، ويتساءل عنها، كأنه يخرج من ذاته يتأمل مصيره الآخر، ويرى الصورة من بعد.
شاعرنا هو مالك بن الريب بن حوط بن حسن بن ربيعة بن كابية بن حرقوص بن مازن بن مالك بن عمر بن تميم، شاعر من العصر الأموي قال هذه القصيدة عندما كان غازياً في جيش سعيد بن عثمان بن عفان لخرسان، إذ يقال أن ولاية سعيد على خرسان لم تدم طويلا، فرجع عنها ومعه مالك بن الريب، إلا أن مالكاً مرض وأشرف على الموت، فخلَّفه سعيد وترك عنده مُرَّة الكاتب ورجلاً آخر.
والقصيدة غنية بالكثير من الألفاظ الموحية والتراكيب الدالة التي تنقل قارءها إلى أجواء استحضار الموت، والإحساس بالوحشة والحسرة والندم، تلك المشاعر التي يقدمها مالك في أكثر صور الصدق نقاءاً وصفاءاً.
ونحن في تناولنا لهذه القصيدة سنشير إشاراتٍ بسيطة إلى بعض مواطن الجمال فيها، ونعرّج سريعاً على جانب من أسرار دلالاتها وغنى معانيها.
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة *** بجنب الغضى أزجي القلاص النواجيا
ألم ترني بعت الضلالة بالهدى *** وأصبحت في جيش ابن عفان غازيا
دعاني الهوى من أهل ودي وصحبتي *** بذي الطبسين فالتفت ورائيا
أجبت الهوى لما دعاني بعبرة *** تقنعت منها أن ألام ردئيا
أقول وقد حالت قرى الكرد دوننا *** جزى الله عمرواً خير ما كان جازيا
إن الله يرجعني من الغزو لا أرى *** وإن قلّ مالي طالباً ما ورائيا
لعمري لإن غالت خرسان هامتي *** لقد كنت عن باب خرسان نائيا
فإن أنجُ من باب خرسان لا أعد *** إليها وإن منيتموني الأمانيا
فلله دري يوم أترك طائعاً *** بنيّ بأعلى الرقمتين وماليا
ودر الرجال الشاهدين تفتكي *** بأمري ألا يقصروا من وثاقيا
ودر الظباء السانحات عشية *** يخبرن أني هالك من ورائيا
ودر كبريّ الذين كلاهما *** عليّ شفيق ناصح ما ألانيا
تقول ابنتي لما رأت طول رحلتي *** مسيرك هذا تاركي لا أبا ليا
ولكن بأكناف السمينة نسوة *** عزيز عليهن العشية ما بيا
وأصبح مالي من طريفٍ وتالدٍ *** لغيري وكان المال بالأمس ماليا
فياليت شعري هل بكت أم مالكٍ *** كما كنت لو عالوا بنعيك باكيا
إذا متُ فاعتادي القبور وسلمي *** على الرمس أسقيت السحاب الغواديا
ترى جدثاً قد جرت الريح فوقه *** تراباً كلون القسطلان هابيا
رهينة أحجارٍ وتربٍ تضمنت *** قراراتها مني العظام البواليا
فيا صاحباً إما عرضت فبلغن *** بني مالك والريب ألا تلاقيا
وبلغ أخي عمران بردي ومئزري *** وبلّغ جوزي اليوم ألا تدانيا
وسلّم على شيخي مني كليهما *** وبلغ كثيراً وابن عمي وخاليا
وعطّل قلوصي في الركاب فإنها *** ستبرد أكباداً وتبكي بواكيا
أقلب طرفي حول رحلي فلا أرى *** به من عيون المؤنسات مراعيا
وبالرميل مني نسوة لو رأينني *** بكين وفدين الطبيب المداويا
فمنهن أمي وابنتاها وخالتي ***وباكية أخرى تهيج البواكيا
تذكرت من يبكي عليّ فلم أجد *** سوى السيف والرمح الرديني باكيا
وأشقر خنذيذ يجر عنانه *** إلى الماء لم يترك له الموت ساقيا
يقاد ذليلاً بعدما مات ربه *** يباع ببخسٍ بعدما كان غاليا
صريعُ على أيدي الرجال بقفرة *** يسوون لحدي حيث حُم قضائيا
فيا صاحبيّ رحلي دنا الموت فأنزلا *** برابيةٍ إني مقيم لياليا
أقيما عليّ اليوم أو بعض ليلة *** ولا تعجلاني قد تبين ما بيا
وقوما إذا ما استُل روحي فهيئا ***لي السدر والأكفان عند فنائيا
وخطّا بأطراف الأسنة مضجعي *** وردا على عيني فضل ردائيا
ولا تحسداني بارك الله فيكما *** من الأرض ذات العرض أن توسعا لي
خذاني فجراني ببردي إليكما *** لقد كنتُ قبل الموت صعباً قياديا
وكنت غصناً البان هبت له الصبا *** أرجل فيناناً يصيد الغوانيا
وقد كنت صبراً على القرن في الوغى *** وعن شتم ابن العم والجار وانيا
وقد كنتُ محموداً لدى الزاد والقرى *** ثقيلاً على الأعداء عضباً لسانيا
وقد كنت عطفاً إذا الخيل أحجمت ***سريعاً لدى الهيجاء إلى من دعانيا
فيوماً تراني في طلاء ومجمع *** ويوماً تراني والعتاق ركابيا
ويوماً تراني في رحىً مستديرةٍ *** تخرق أطراف الرماح ثيابيا
غداة الغد يا لهف نفسي على غد *** إذا أدلجوا عني وأصبحتُ ثاوياً
وأول ما يلفت نظرنا في هذه القصيدة هو ظاهرة التكرار، وهي ظاهرة تطالعنا بكثافة في مطلع القصيدة عندما يكرر الشاعر لفظ "الغضى" هذه الشجرة التي حملت معنى الأرض والبلاد والأحباب، فالغضى ليست الشجرة بل هي الأهل والأرض البعيدة التي لا سبيل إليها فكرر هذه اللفظة لتوحي إلينا بمدى حنينه إليها وإلى ما ترمز إليه من وطن وأحباب كم يودّ العودة إليهم ورؤيتهم من جديد.
وتكرار آخر يبرز في القصيدة في مواطن متفرقة، وهو قوله:
ليت شعري هل أبيتنّ ليلةً؟..
فياليت شعري هل بكت أم مالكٍ؟..
فياليت شعري هل تغيرت الرحا..؟
واستخدام تركيب "ليت شعري" في ذاته له من الدلالات ما له، فكيف عندما ينثر في مواطن متفرقة من القصيدة؟ فهو تركيب يستخدم في العربية للتعبير عن شدة الحيرة والتساؤل الملحّ الذي يتطلع صاحبه فيه إلى جواب، وأي تطلع أقوى من تطلع من هو مقبل على الموت؟!، والحيرة تلفه فهو لا يعلم مستقبله المنتظر، وفي الوقت نفسه يفكر في الكثير من الأمور التي قد تحصل له أثناء وبعد الموت.
وتكرار ثالث يدق القلوب دقاً، إنه تكرار المتشبث يأساً بالحياة، المقبل كرهاً على الموت "فلله دري ودر الرجال" و"در الظباء" و"در الهوى" و "در كبيريّ".
وتطالعنا في ثنايا القصيدة تراكيب وألفاظ كثيرة تجسد مأساة الشاعر، وتعمق إحساسنا بمعاناته وشدة حسرته، منها على سبيل المثال لا الحصر:
قوله"فالتفت ورائيا" في:
دعاني الهوي من أهل ودي وصحبتي.. بذي الطبسين فالتفتُ ورائيا
تعبير عن رغبة عميقة مستحيلة في العودة، فقد التفتَ الشاعر وراءه يرجو رجاء يائس أن يعود، إذ يمثل الالتفات إلى الوراء التفاتاً إلى الحياة التي بدأت تغيب عن ناظريه أمام ظلال الموت وأثواب الردى، وهو رمز لكل الندم الذي يعيشه الشاعر ويحاول أن يعوض نفسه بإلقاء نظرة أخيرة على ذاك الماضي الذي بات واضحاً أنه لن يعود ليحياه أبداً.
وفي "تقنعت ردائيا" في قوله:
أجبت الهوى لما دعاني بعبرة.. تقنعت منها أن ألام ردائيا
احتماء بهذا الرداء ليطرح ما به من حزن ولوعة وشوق دون أن يرى رفاقه منه هذا الضعف الذي لا يليق بأن يصدر من محارب شديد البأس، فهو يختفي وراءه لئلا يلام فتهتز رجولته.
وفي " وإذن منيتومني الأمانيا" في قوله:
ودر كبيري الذين كلاهما.. عليّ شفيق ناصح ما ألانيا
إحساس بالحاجة إلى الأمان، فالكبير دائما ملاذ فكأنهم قد أضاع ملاذه، وندم على عدم استماعه للومهما له عندما قرر الرحيل مع الجيش، حيث حاولا إبقاءه ولكنه رفض إلا أن يرحل مع الجيش ليطلب الجهاد وبحثاً عن الرزق من خلال الغنائم المنتظرة.
وفي" تاركي لا أبا ليا" في قوله:
تقول ابنتي لما رأت طول رحلتي.. مسيرك هذا تاركي لا أبا ليا
ظلالٌ من الأبدية والديمومة التي تهجس الطفلة بها أنها تختطف أباها، وكأن الشاعر قد استرجع صورة طفلته المودعة في هذه اللحظة بالذات حيث لم يبق على فراقه للحياة إلا ساعاتٍ قلائل، فعاد إليه مشهد وداع طفلته له، ولم ينتبه لتلك الإشارة في عيني طفلته المحذرة بأنه الوداع الذي لا لقاء بعده، فتبقى هي طفلة وحيدة يتيمة،وكأنه يوحي إلينا بيتمه هو الآن في لحظة الاحتضار حيث لا أحد من أحبته معه فهو يتيم بسبب الغربة التي يعيشها وذل الموت وحيداً غريباً.
وفي " وأصبح مالي من طريف وتالد" في قوله:
وأصبح مالي من طريفٍ وتالدٍ.. لغيري وكان المال بالأمس ماليا
تعجبٌ من دوران الأيام وتقلُّبها وعدم ثبوتها على حال، فالمال الذي اكتسبه والذي ورثه كله سيؤول إلى غيره بعد أن كان ماله بالأمس القريب يتصرف فيه كيف يشاء وسيؤول هو إلى قبر لا ينفعه ماله فيه، وفي البيت إشارة إلى تكذيب ما ورد في التاريخ عن مالك بن الريب من أنه كان قاطع طريق وصعلوكاً، فكيف له أن يكون صعلوكاً وقد أشار إلى أمواله التي اكتسبها والتي ورثها، وهذا يعني أنه كان غنياً ولديه اكتفاء ماديّ.
وفي " هل بكت أم مالك" في قوله:
فياليت شعري هل بكت أم مالكٍ.. كما كنتُ لو عالوا بنعيك باكيا؟
فرط حنين وشوق إلى أمه في هذه اللحظات القليلة التي تفصله عن الموت يفكر فيها وفي حالها بعد سماعها خبر وفاته هل ستبكي؟، هو متأكد من ذلك ولكنه يتساءل لأنه حزين على أنه لن يموت بين يديها مطمئناً وسيموت وحيداً غريباً لا تدري عنه أمه شيئاً، ويشير إلى أنه لو سمع خبر وفاتها لكان قطّع الفضاء بكاءاً وعويلاً على فقدها، وكأنه يرجو منها أن تفعل الشيء نفسه في حال سماعها خبر وفاته.
وفي "فاعتادي القبور وسلمي على الرمس" في قوله:
إذا متُّ فاعتادي القبوري وسلِّمي.. على الرَّمسِ أُسقيتِ السحاب الغواديا
طلب بالتواصل المستحيل، وكأنه يمدُّ وشائج متخيلة بين الموت متمثلاً فيه والحياة متمثلةً فيها، فهو يعلم بأنها لا تسطتيع ذلك لأن المسافة الفاصلة بين أراضيه التي سيموت ويدفن فيها تبعد عن أرض أمه مسيرة شهور، ولكن المعنى يتضمن أمنية منه أن يموت في أرضه بين أهله ليزوروه ويدعو لأمه بأن يسقيها المطر من فرط شوقه وحنينه لها فهو لايملك شيئاً إلا الدعاء عله يخفف عنه وطأة الإحساس بالخسارة المطلقة.
وفي"ألاّ تلاقيا" في قوله:
فيا صاحبا إما عرضت فبلغن.. بني مالك والريب ألا تلاقيا!
الكثير من اللوعة والحسرة والحرقة فهو يرجو هذا التلاقي المستحيل فالموت والغربة والمسافات تحول بينه وبين هذه الأمنية التي يطلب أن تتحقق ولو للحظات، ولكنه محاصر باليأس المطبق مسكون بالموت المؤذن بالفراق الأبدي. إنها إعلان اليائس، وصرخة من لا يجيبه إلا صدى هلعه وندمه وحسرته، ولا وسيلة لديه لإيصال هذا الخبر وحمل هذه الوصية إلا صاحبه الذي آنسه في رحلته إلى الموت، وعاصر ما مرّ به مالك، فأوصاه بأن ينقل إلى أهله الخبر الأليم الذي لا رجعة فيه، "فبلغن" وجاءت النون في هذه الكلمة لتوكيد البلاغ، والتأكيد على لزوم إيصال هذا الخبر الأهم في سيرة مالك كلها.
وفي" وعطّل قلوصي" في قوله:
وعطل قلوصي في الركاب فإنها.. ستُبردُ أكبادا وتُبكي بواكيا
طلب بإطلاق ناقته لتُعلن خبر وفاته على الملأ وفي ذلك بقية تمسك باستمرار التواصل مع الأحياء، فالعلم بالأمر ارتباط، والجهل به غفلة وانقطاع، وهذه العادة متوارثة من الجاهلية حيث تعطل نوق الميت وتطلق في البراري حزناً على صاحبها، فأراد من صاحبه أن يفعل هذا بناقته حتى يعرف الجميع بخبر موته.
وفي " أقلب طرفي" في قوله:
أقلب طرفي حول رحلي فلا أرى.. به من عيون المؤنسات مراعيا
قمة الشعور بالوحدة والضياع والحيرة والفراغ الذي يرجو أن يملأه أحد أحبته وهو أمر مستحيل ولكنه يعلل نفسه بهذه الآمال الكاذبة التي تتلاشى سريعاً حين يقول" فلا أرى به ن عيون المؤنسات مراعيا" وفي "باكية أخرى" في قوله:
فمنهن أمي وابنتاها وخالتي.. وباكية أخرى تهيج البواكيا
ستبكي عليه الكثير من النساء المفجوعات منهن أمه الثكلى وأختاه وخالته وامرأة أخرى يُلمح لها ستكون هي من تثير الباكيات لشدة مصابها ولوعة فؤادها هذه المرأة التي لم يُصرح بها هي زوجته التي ستغدو أرملةً من بعده ترعى بنيه الأيتام الذين لا يعرف مصيرهم المجهول فهو بذلك خائف رائعٌ قلبه على بنيه الذي جعلتهم الحرب دون أبٍ يعولهم ويحنو عليهم ويحميهم.
وفي " لم يترك له الموت ساقيا" في قوله:
وأشقر خنذيذٍ يجر عنانه.. إلى الماء لم يترك له الموت ساقيا
يُقاد ذليلاً بعدما مات ربه.. يباع ببخس بعدما كان غاليا
حيث يتحدث عن حصانه، تبدو الحسرة الخفية التي تحياها نفسه، حسرته على حاله فيتقنَّع بقناع فرسه ويرثي لحالها بعد موته، وهو لا يقصدها وإنما يقصد نفسه الشقية التي ستموت بعيدة غريبة ذليلة هذا الذل الذي سيرثه عنه حصانه عندما " يُقاد ذليلاً" وهذه صورة أخرى للحصان.
وهي صورة مذلة مالك نفسها الذي تعز عليه نفسه الغالية حين أذلها الموت وقهرها البعد، فكان أن ذل كل ما يملكه ورخص.
وحين يقول "استُل روحي" في قوله:
وقوما إذا ما استُل روحي فهيئا..لي السدر والأكفان عند فنائيا
يبدأ مع عملية الاستدلال هذه التي توحي بنزع روحه رغماً عنه ببطء يزيد من عذابه وألمه، يبدأ بتصوير طقوس الموت والدفن التي تمتزج فيها الشفقة بالألم، واستسلام الموت القادم بعنفوان الحياة العابث في كنف الأكفان وبرودة القبر.
وتأتي موسيقى القصيدة الداخلية لتشع أسىً ولوعةً، كأنما العبرات تتساقط منها عند قراءتها، فمن الحروف التي تكررت وتشي بالحزن "حرف السين" و "حرف الشين" التي تشي بموسيقى متصلة لا تنقطع، وتوحي بالسكون قرين الموت، فتضفي على القصيدة أجواء حزن مستسلم غير صداح ولا هلع.
أما عن الموسيقى الخارجية فقد كان روي القصيدة موحياً، فالياء المفتوحة الممدودة كانت تعطي متسعاً للتأوه والتنفس العميق فكان ينفثها نفثة مكروب عاجزٍ عن تخليص نفسه مما يعتريه من الهم واللوعة والآهات والشجى، فهي تأوهات النادم المتحسر ساعة لا يفيد الندم ولا تفيد الحسر ة.
كانت هذه بعض جماليات القصيدة التي تميزها عن بقية القصائد، ونترك للقارئ التمعن في القصيدة، والحياة في كنفها لأن فيها ما عجز القلم عن تسطيره وهو كثير.
مالك شاعر بكل معنى الشاعرية حساس للغاية، وعاطفته القوية كانت سببا في خلود قصيدته وشاهداً على معاناته

وهذا شيء من البلاغة والإعراب
- ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة*** بجنب الغضى أزجي القلاص النواجيا
ليت شعري استفهام معناه ليتني أعلم، شعري هي اسم ليت، والخبر محذوف
أبيتن: بات من أخوات كان واسمها ضمير مستتر تقديره أنا. ليلة: ظرف زمان. بجنب جار ومجرور متعلق بمحذوف أبيت.
(أزجي القلاص النواجيا) جملة حالية في محل نصب حال ، القلاص مفعول به، نواجيا صفة.
الغضى هو الشجر، وعبر بالغضى وأراد به الحياة والناس والأهل الذين يعيشون في هذه البيئة.
يوجد تمني (ليت)، و(هل) تفيد التمني لأنها وقعت بعد ليت، والاستفهام ليس على حقيقته لأنه داخل في حيز التمني.
2- فليت الغضى لم يقطع الركب عرضه **** وليت الغضى ماشى الركاب لياليا
ليت الغضى لم يقطع: تمني يختلف عن البيت الأول وهو تمني مستحيل لأن الغضى قد قطع الركب عرضه. الركب لا يقطع وهذا يعني استعارة مكنية شبعة عرض الغضى بالشيء الذي يقطع والمشبه محذوف. وأيضا شبه الغضى بالإنسان الذي يمشي (استعارة مكنية).
4- ألم ترني بعت الضلالة بالهدى **** وأصبحت في جيش ابن عفان غازيا
شبه الضلالة بالشيء الذي يباع (استعارة مكنية) وأيضا هناك طباق في (الضلالة والهدى).
5- أصبحت في أرض الأعادي بعدما *** أراني عن أرض الأعادي قاصيا
اشتخدم كلمة أصبح لأن الغارة تكون تكون في الصباح لذلك عبر بأصبح (من قوله
قاصي والأعادي طباق
6- تقول ابنتي، لما رأت طول رحتللي: *** سفارك هذا تاركي لا أباليا(تقول) التعبير بالمضارع للدلالة على التكرار. والمراد بالسفار السفر
لا أبا ليا بها إيجاز بالحذف فهي (لا أبا حياً ليا) وقد حذفت الصفة (حيا),
7- فلله دري، يوم أترك طائعا *** بني بأعلى الرفمتين، وماليا(فلله دري) أسلوب مدح يقال في تعظيم ما يفعله الإنسان والمعنى (لله) صالح عملي.
8- تذكرت من يبكي عليّ فلم أجد *** سوى السيف والرمح الرديني باكيا
بالبيت أسلوب قصر (طريقة النفي والاستثناء)
فقد قصر البكاء على 3 أشياء فقط هم (السيف والرمح الرديني واشقر محبوك"في البيت التاسع") وهنا استعارة مكنية شبه السيف ولارمح بالإنسان الذي يبكي لأنهما جوامد لا حس لهما.
9- وأشقر محبوك بجر لجامه ***إلى الماء لم يترك له الموت ساقيا
أشقر محبوك هو فرسه، ولا مجاز عندما جعل الفرس يبكي لأن الفرس يحس وقد يعتريه إحساس بالحس
بالبيت صورة لو رسمها النفان لجاءت صورة عظيمة، والصورة هي (الحصان وهو يجر لجامعة ليشرب الماء حزينا ليس معه صاحبه الذ كان يشعره باهتمامه.
لم يترك له الموت ساقيا <-- استعارة مكنية>
10- ولكن بأكناف السمينة نسوة*** عزيز عليهن العشية ما بيا
هنا لم لم يقل الرجال وقال النسوة؟ لأن النسوة يشعرن بالفقد أشد من الرجال
العشية هي آخر اليوم واختارها لأن العشية الزمن الذي يخلو به الإنسان إلى نفسه ويتذكر ما حصله طول اليوم وهنا تتراكب عليه الهموم والأحزان
أما النهار فهو وقت حركة لا مجال فيه للعواطف فهي تهاجم على الإنسان وقت العشاء.
ما بيا (ما) للوصل.
- ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة*** بجنب الغضى أزجي القلاص النواجيا
ليت شعري استفهام معناه ليتني أعلم، شعري هي اسم ليت، والخبر محذوف
أبيتن: بات من أخوات كان واسمها ضمير مستتر تقديره أنا. ليلة: ظرف زمان. بجنب جار ومجرور متعلق بمحذوف أبيت.
(أزجي القلاص النواجيا) جملة حالية في محل نصب حال ، القلاص مفعول به، نواجيا صفة.
الغضى هو الشجر، وعبر بالغضى وأراد به الحياة والناس والأهل الذين يعيشون في هذه البيئة.
يوجد تمني (ليت)، و(هل) تفيد التمني لأنها وقعت بعد ليت، والاستفهام ليس على حقيقته لأنه داخل في حيز التمني.
2- فليت الغضى لم يقطع الركب عرضه **** وليت الغضى ماشى الركاب لياليا
ليت الغضى لم يقطع: تمني يختلف عن البيت الأول وهو تمني مستحيل لأن الغضى قد قطع الركب عرضه. الركب لا يقطع وهذا يعني استعارة مكنية شبعة عرض الغضى بالشيء الذي يقطع والمشبه محذوف. وأيضا شبه الغضى بالإنسان الذي يمشي (استعارة مكنية).
4- ألم ترني بعت الضلالة بالهدى **** وأصبحت في جيش ابن عفان غازيا
شبه الضلالة بالشيء الذي يباع (استعارة مكنية) وأيضا هناك طباق في (الضلالة والهدى).
5- أصبحت في أرض الأعادي بعدما *** أراني عن أرض الأعادي قاصيا
اشتخدم كلمة أصبح لأن الغارة تكون تكون في الصباح لذلك عبر بأصبح (من قوله
قاصي والأعادي طباق
6- تقول ابنتي، لما رأت طول رحتللي: *** سفارك هذا تاركي لا أباليا(تقول) التعبير بالمضارع للدلالة على التكرار. والمراد بالسفار السفر
لا أبا ليا بها إيجاز بالحذف فهي (لا أبا حياً ليا) وقد حذفت الصفة (حيا),
7- فلله دري، يوم أترك طائعا *** بني بأعلى الرفمتين، وماليا(فلله دري) أسلوب مدح يقال في تعظيم ما يفعله الإنسان والمعنى (لله) صالح عملي.
8- تذكرت من يبكي عليّ فلم أجد *** سوى السيف والرمح الرديني باكيا
بالبيت أسلوب قصر (طريقة النفي والاستثناء)
فقد قصر البكاء على 3 أشياء فقط هم (السيف والرمح الرديني واشقر محبوك"في البيت التاسع") وهنا استعارة مكنية شبه السيف ولارمح بالإنسان الذي يبكي لأنهما جوامد لا حس لهما.
9- وأشقر محبوك بجر لجامه ***إلى الماء لم يترك له الموت ساقيا
أشقر محبوك هو فرسه، ولا مجاز عندما جعل الفرس يبكي لأن الفرس يحس وقد يعتريه إحساس بالحس
بالبيت صورة لو رسمها النفان لجاءت صورة عظيمة، والصورة هي (الحصان وهو يجر لجامعة ليشرب الماء حزينا ليس معه صاحبه الذ كان يشعره باهتمامه.
لم يترك له الموت ساقيا <-- استعارة مكنية>
10- ولكن بأكناف السمينة نسوة*** عزيز عليهن العشية ما بيا
هنا لم لم يقل الرجال وقال النسوة؟ لأن النسوة يشعرن بالفقد أشد من الرجال
العشية هي آخر اليوم واختارها لأن العشية الزمن الذي يخلو به الإنسان إلى نفسه ويتذكر ما حصله طول اليوم وهنا تتراكب عليه الهموم والأحزان
أما النهار فهو وقت حركة لا مجال فيه للعواطف فهي تهاجم على الإنسان وقت العشاء.
ما بيا (ما) للوصل.
الصفحة الأخيرة
دائما مفيدين والله..