مرثية الأسير الشهيد .. من أم حسين ..

مرت سنين ..
وانا انتظر ...
وما أصعب الانتظار يا ولدي ؟؟!!
يومها ..
كنت في التاسعة عشر من عمرك ..
لم تكن تحب تمشيط شعرك منذ الصغر ..
قلت لك : حسين يا ولدي مشط شعرك , لقد أصبح طويلا ..
قلت لي : لن أقصه ولن أمشطه حتى تعود الكويت ..
ضحكت يومها وقلت لك : روح يا حسين ربي يهنيك ويبعد عنك شر الدنيا ..
وخرجت كي تلتقي بابن خالتك عبدالله ..
جاء الليل ولم تعود ..
اتصلت بخالتك وأخبرتني أنك لم تأت أصلا ؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
كيف ذلك وقد خرجت منذ الصباح ..
اتصلت بوالدك وأخوك وأختك وكل من أعرفهم وأخبروني أنهم لم يروك ..
يا الهي أين ذهب ؟
مر يوم ويومان وأيام ..
أين ولدي يا ناااااااااااااااااااااااااااااس ؟
أين حسين نور عيني وقلبي ؟
احساسي يخبرني أن مكروها قد لحق بك !!
صليت ودعوت الله ان يطئنني عليك ..
مرت الأيام حتى جاء ذلك اليوم الذي وصلتني فيه رسالتك :
أمي الحبيبة , أنا الآن في ضيافة الرئيس صدااااااااااااااااام
لا .. لا ... لالالالالالالالالالالالالالالالالالالالالاه
ما هذا الذي يقوله , أي ضيافة هذه ..
أخبرني حامل الرسالة أن ابني اسير بمعنى أصح ..
وتمر الساعات ثقيلة وتحمل الأيام معي مرارة الانتظار وجنون الهواجس ودموع الخوف والرجاء ..
تتحرر الكويت بفضل من الله ..
ويعود فوج من الأسرى لكنك لست معهم ..
ويعود فوج آخر وآخر وآخر ولا تعود ..
وتتحرر العراق أيضاً وتحتل كذلك في نفس الوقت ..
ويتجدد الأمل في رؤياك ..
يومها ..
توقعت أن أراك في فجر اليوم التالي حين يطلق سراح كل من أسرهم النظام الطاغي وحلمت بك ترتدي رداءاً ناصع البياض تفتح ذراعيك وتناديني :
أمي يا بهجة العمر القصير , ها أنا أعود إليك وستزفيني , هل تعرفين بأني الآن قد بلغت الثالثة والثلاثين أي عمر أهل الجنة ..
انتظريني
انتظريني
واستيقظ من نومي امسح دمعي وأدعو الله
استلقيت مرة أخرى على الوسادة وتخيلتك تطرق الباب بقوة وتناديني من خلفه وافتح الباب وأضمك يا عمري وأبكي بكاء العمر وتلك السنين من غيرك ..
أغمضت عيني وتمر أيام بل شهور ولا تعود ونرسل من يبحث عنك بلا جدوى ..
وفي يوم من الأيام يطرق الباب مندوب لجنة الأسرى وينقبض قلبي ويخبرنا الرجل نبأ العثور عليك ... نعم عثروا عليك ..
عثروا عليك يا ولدي قتيلا ..
يا ويلي ..
يا ويلي
يا ويلي
كم تمنيت أن أحضنك وأضمك بقوة وأمسك رأسك بشعرك الطويل وأقول لك هيا أقصه لك فقد عادت لنا الكويت منذ سنين يا حسين
كم تمنيت أن أرى عينيك وانت تضحك وتخبرني أنك قد عدت وعاد معك الفرح
كم تمنيت يا ولدي أن أحضر لك الغداء والعشاء
كم تمنيت أن أناديك : حسين وترد علي : لبيه يا أم حسين ..
كم وكم تمنيت أن أقبل رأسك وأبوح لك بشوق روحي اليك
ولكن
ها أنت تعود
تعود إلي رفاتاً ..





















حسبي الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله
انا لله وإنا إليه راجعون ..