لا شيء واضح، حتى البديهيات لم تعد
من البديهة. وكُلَّما هربت من العدم،
أعدمني العدم..
تتوالى تنهيدات مثقلة، وأنوي الرجوع من
سفري إلى المستقر، تتكاثر ووتوالى الكلاب
منزوعة الوفاء، وتصحبها ذئابٌ بلا
شجاعة. كل هؤلاء القطط والذئاب
والكلاب، أشكالها بشعة!!
رائحتها كريهة، عوراء، مجروحة، مشوهة،
تهاجم بكل حيوانيّة، بلا أدنى عقلانيّة،
أحاول العيش في كوخي بهذهِ الغابة
المطيرة، التي يسكنها الضباب والبخار،
وذلك البركان الخامد، أخبروني أنّه قد يثور،
ولكنّني لم أصدقهم، فكيف للموت
أن يعودَ للحياة!! أخبروني كيف له أن
يعيش؟ وأنا غير مؤمنة بعيش العدم.
وإن كنت أنا العدم وما يعتريني هو الضباب،
وأنا الغابة والسراب، وأنا البحر وأنا النهر..
لكنّني لستُ بركانًا لأثور! أخبرتهم أنّني لست
من جنس البراكين، فأنا مخلوقٌ آخر، أكثر
لطفًا وحميمية، ألين، أهدأ، أنا من طين..
أخبرت ذلك الجمع الغفير أنني من طين، ولكنّهم
أصرّوا أنني بركانٌ خامد، فلمّا طال الجدال
أغرقتهم ببراكيني، هم من أجبروني،
لست من جنى عليهم، كنت مجرد غابة، ولكنّهم
أبوا إلّا أن يبركنونني، فتبركنت. كما أخبروني
سابقًا الطين يتشكل، وهم شكلوا الطين
ليكون بركان، وجعلوا البركان يثور.
ما ذنبي إن كانوا لا يتقون الله في براكينهم..
وقد نفسر سطورك كما نراها
ويختلف التفسير
ويظل تعبيرك يحمل الغموض
ويتميز به أسلوبك الجميل