بسم الله الرحمن الرحيم
بعض الاسئلة و لها الأجوبة الشافية بحول الله
و الله تبارك و تعالى أعلى و أعلم
السؤال الأول ""
في علاقة القَدَر باختيار الإنسان
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين،
وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فاعْلَمْ أنَّ المسلمين وسائِرَ أهلِ المِلَلِ مُتَّفِقون على أنَّ اللهَ تعالى على كُلِّ شيءٍ قديرٌ،
وأنَّ قُدْرتَه عامَّةٌ على كُلِّ شيءٍ بما في ذلك أفعالُ العبادِ واختياراتُهم، كما أنَّ اللهَ قدَّر على الخَلْق
ما يكون مِنْ أعمالهم مِنْ خيرٍ وشرٍّ مِنْ شقِيٍّ وسعيدٍ، وأنَّ قَدَرَ اللهِ واقعٌ مِنَ الله تعالى على العباد،
جارٍ على مقتضى قضائه وقَدَرِه، وسائرٌ تحت تصرُّفه وإرادتِه، لا مُبدِّلَ لكلماته ولا رادَّ لحُكْمِه،
على ما ثَبَتَ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم مِنْ حديثِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضي الله عنه:
أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال:
«مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ، مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلَّا كُتِبَ مَكَانُهَا مِنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ،
وَإِلَّا قَدْ كُتِبَ: شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً»، فَقَالَ رَجُلٌ: «يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلَا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ العَمَلَ؟
فَمَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنَّا مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ فَسَيَصِيرُ إِلَى عَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ»،
قَالَ: «أَمَّا أَهْلُ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا أَهْلُ الشَّقَاوَةِ فَيُيَسَّرُونَ لِعَمَلِ الشَّقَاوَةِ»،
ثُمَّ قَرَأَ: «﴿فَأَمَّا مَنۡ أَعۡطَىٰ وَٱتَّقَىٰ ٥ وَصَدَّقَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ ٦﴾ »البخاري
فالقَدَرُ لا يمنع العملَ ولا يُوجِبُ الاتِّكالَ، بل يُوجِبُ الجِدَّ والحِرْصَ على الأعمالِ الصالحةِ؛
لقوله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «اعْمَلُوا؛ فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ»البخاري
إلَّا أنَّ الإنسان أَلْهَمَهُ اللهُ تعالى عَقْلًا به يختار سبيلَ الخيرِ أو سبيلَ الشرِّ،
قال الله تعالى: ﴿وَنَفۡسٖ وَمَا سَوَّىٰهَا ٧ فَأَلۡهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقۡوَىٰهَا ٨﴾ ،
قال ابنُ القيِّم ـ رحمه الله ـ:
«فاتَّفَقَتْ هذه الأحاديثُ ونظائرُها على أنَّ القَدَرَ السابقَ لا يمنع العملَ ولا يُوجِبُ الاتِّكالَ عليه،
بل يُوجِبُ الجِدَّ والاجتهاد؛ ولهذا لمَّا سَمِعَ بعضُ الصحابةِ ذلك قال: «ما كنتُ أَشَدَّ اجتهادًا منِّي الآنَ»رواه بن حبان
فالإنسانُ مخيَّرٌ في فعلِ الأوامر أو تَرْكِها، وفي اجتنابِ المَعاصي أو فِعْلِها،
وهذا الذي يُحاسَبُ عليه المرءُ يومَ القيامة؛ فلا يُمْكِنُه أَنْ يَحْتَجَّ بالقَدَرِ فيما أَمَرَهُ اللهُ تعالى أو نَهَاهُ عنه،
وشرُّ الناس مَنْ يحتجُّ بالقَدَرِ لنَفْسِه ولا يَراهُ حُجَّةً لغيره، يَسْتَنِدُ إليه في الذنوب ولا يَطْمئِنُّ إليه في المَصائب،
أمَّا خيرُ الخَلْقِ فيَسْتغفِرون في المَعايب والذنوب، ويصبرون على المَصائب والكروب
......يتبع

♥️Morjana @morjana_3
عضوة مثابرة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

السؤال الثالث "
في الفرق بين القَدَر والمكتوبوتغييرِ المكتوب بالدعاء
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين،
وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فمرتبةُ الكتابة: كتابة الله لجميع الأشياء ـ الدقيقةِ والجليلة ـ في اللوح المحفوظ،
ما كان وما سيكون، هي إحدى مراتب القَدَر الأربع المتمثِّلةِ في:
إثباتِ عِلْمِ الله بكُلِّ شيءٍ، وكتابةِ الله لجميع الأشياء في اللوح المحفوظ،
والمشيئةِ الشاملة النافذة التي لا يردُّها شيءٌ، وقُدرتِه التي لا يُعْجِزها شيءٌ،
والمرتبةُ الرابعة هي الإيمان بأنَّ اللهَ خالِقُ الأشياءِ كُلِّها ومُوجِدُها؛
وعليه فإذا أُطْلِقَ المكتوبُ فهو مِنْ بابِ إطلاق الجزء وإرادةِ الكُلِّ، ودليلُ هذه المرتبة: قولُه تعالى:
﴿مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِيٓ أَنفُسِكُمۡ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مِّن قَبۡلِ أَن نَّبۡرَأَهَآۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ ٢٢﴾ ،
وقولُه صلَّى الله عليه وسلَّم:
«إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللهُ القَلَمَ فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ، قَالَ: رَبِّ وَمَاذَا أَكْتُبُ؟
قَالَ: اكْتُبْ مَقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ»الحديث أخرجه أبو داود
والدعاءُ مِنْ جملة الأسباب التي لها تأثيرٌ في مسبَّباتها؛
لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا يَرُدُّ القَضَاءَ إلَّا الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي العُمُرِ إلَّا البِرُّ»أخرجه الترمذيُّ
فالدعاءُ سببٌ في ردِّ الأمر المقدَّر، والبِرُّ سببٌ في الزيادة في العُمُر الذي كان يَقْصُرُ لولا بِرُّه؛
فالدعاءُ والبِرُّ وغيرُهما:
مِنَ الأسباب التي لها تأثيرٌ في تغيير الأمر المقدَّر، غيرَ أنَّ ذلك التغييرَ هو
ـ أيضًا ـ مكتوبٌ بسبب الدعاء؛ فلا يخرج عمَّا قدَّره اللهُ سبحانه وتعالى:
كالدواء للمريض فهو سببٌ في الشِّفاء وله تأثيرٌ فيه، لكِنْ لا يخرج عمَّا قدَّره اللهُ تعالى؛
لقوله سبحانه: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيۡءٍ خَلَقۡنَٰهُ بِقَدَرٖ ٤٩﴾ .
جزى الله الشيخ الكريم و بارك بعلمه
و جعله من الفائزين بالجنان
في الفرق بين القَدَر والمكتوبوتغييرِ المكتوب بالدعاء
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين،
وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فمرتبةُ الكتابة: كتابة الله لجميع الأشياء ـ الدقيقةِ والجليلة ـ في اللوح المحفوظ،
ما كان وما سيكون، هي إحدى مراتب القَدَر الأربع المتمثِّلةِ في:
إثباتِ عِلْمِ الله بكُلِّ شيءٍ، وكتابةِ الله لجميع الأشياء في اللوح المحفوظ،
والمشيئةِ الشاملة النافذة التي لا يردُّها شيءٌ، وقُدرتِه التي لا يُعْجِزها شيءٌ،
والمرتبةُ الرابعة هي الإيمان بأنَّ اللهَ خالِقُ الأشياءِ كُلِّها ومُوجِدُها؛
وعليه فإذا أُطْلِقَ المكتوبُ فهو مِنْ بابِ إطلاق الجزء وإرادةِ الكُلِّ، ودليلُ هذه المرتبة: قولُه تعالى:
﴿مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِيٓ أَنفُسِكُمۡ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مِّن قَبۡلِ أَن نَّبۡرَأَهَآۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ ٢٢﴾ ،
وقولُه صلَّى الله عليه وسلَّم:
«إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللهُ القَلَمَ فَقَالَ لَهُ: اكْتُبْ، قَالَ: رَبِّ وَمَاذَا أَكْتُبُ؟
قَالَ: اكْتُبْ مَقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ»الحديث أخرجه أبو داود
والدعاءُ مِنْ جملة الأسباب التي لها تأثيرٌ في مسبَّباتها؛
لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا يَرُدُّ القَضَاءَ إلَّا الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي العُمُرِ إلَّا البِرُّ»أخرجه الترمذيُّ
فالدعاءُ سببٌ في ردِّ الأمر المقدَّر، والبِرُّ سببٌ في الزيادة في العُمُر الذي كان يَقْصُرُ لولا بِرُّه؛
فالدعاءُ والبِرُّ وغيرُهما:
مِنَ الأسباب التي لها تأثيرٌ في تغيير الأمر المقدَّر، غيرَ أنَّ ذلك التغييرَ هو
ـ أيضًا ـ مكتوبٌ بسبب الدعاء؛ فلا يخرج عمَّا قدَّره اللهُ سبحانه وتعالى:
كالدواء للمريض فهو سببٌ في الشِّفاء وله تأثيرٌ فيه، لكِنْ لا يخرج عمَّا قدَّره اللهُ تعالى؛
لقوله سبحانه: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيۡءٍ خَلَقۡنَٰهُ بِقَدَرٖ ٤٩﴾ .
جزى الله الشيخ الكريم و بارك بعلمه
و جعله من الفائزين بالجنان

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته...
بارك الله فيك على الطرح الرائع ... حفظ الله الشيخ فركوس و رعاه
بارك الله فيك على الطرح الرائع ... حفظ الله الشيخ فركوس و رعاه

ام اميمة الليبية :
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته... بارك الله فيك على الطرح الرائع ... حفظ الله الشيخ فركوس و رعاهالسلام عليكم و رحمة الله و بركاته... بارك الله فيك على الطرح الرائع ... حفظ الله الشيخ فركوس و...
و عليكم السلام ورحمة الله
و فيك بارك الله يا أختي
اللهم آمين حفظه الله و إياك
و فيك بارك الله يا أختي
اللهم آمين حفظه الله و إياك
الصفحة الأخيرة
في اختيارِ العبدِ لأفعاله بإرادته
عقيدةُ أهلِ السُّنةِ والجماعةِ أنَّ ما شاء اللهُ كان وما لم يشأْ لم يكنْ،
وهنا تنقدح في نفسي شبهةٌ وهي: الفعلُ -بغضِّ النظرِ عن مشيئةِ العبدِ له أو عدمِها- و
اقعٌ بمشيئةِ اللهِ، فإذا عصى العبدُ اللهَ فإنَّ عصيانَه بمشيئةِ اللهِ، وتَوَسُّطُ مشيئةِ العبدِ بين مشيئةِ اللهِ والفعلِ لا وَزْنَ له؛
لأنها -أي: مشيئةَ العبدِ- وجودُها كعدمِها سواءٌ إلى جانبِ مشيئةِ اللهِ،
فإذا شاءَ اللهُ شيئًا شاءَه العبدُ وفَعَلَهُ، وإذا لم يشأِ اللهُ شيئًا لم يشأْه العبدُ ولم يفعلْهُ.
سؤالي: ألا يعني هذا أنَّ العبدَ مُكْرَهٌ ومجبورٌ على أفعالِه الحسنِ منها والقبيحِ؟
وإذا كان الجوابُ بنعمْ: فكيف يُعَاقَبُ على عصيانِه؟ أفيدونا جزاكم اللهُ خيرًا، فهذا أمر حيَّرَني.
الجواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين،
وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فاعلمْ -وفَّقك اللهُ للخيرِ- أنه حتى تستبين المسألةُ ينبغي التفريقُ بين القضاءِ الكونيِّ والقضاءِ الشرعيِّ.
فالأوَّلُ: هو قضاءٌ كونيٌّ قَدَرِيٌّ، ووقوعُه ضروريٌّ لِمشيئةِ اللهِ النافذةِ في مُلْكِه،
وهو لا يخلو من الحِكْمَةِ، قال تعالى: ﴿إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ ،
وقولُه تعالى: ﴿وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِن دُونِهِ مِنْ وَالٍ﴾ ،
بمعنى أنَّ عِلْمَ اللهِ تعالى السابقَ بما سيكونُ ووقوعَه إِنَّمَا يكون وَفْقَ عِلْمِهِ،
ولا يُجْبِرُ أحدًا من عبادِه على فعلِ الطاعةِ أو المعصيةِ ولا يقهرهم عليها؛
لأنَّ عِلْمَه سبحانه صفةُ انكشافٍ وإحاطةٍ لا صفةُ تفعيلٍ وتأثيرٍ، والقضاءُ الكونيُّ القدريُّ محجوبٌ عِلْمُه عنَّا،
لذلك لا يُحَاسَبُ عليه العبدُ ثوابًا ولا عقابًا، ولكنْ يلزمُه الشكرُ إنْ ترتَّب عن نفاذِ قضائِه نعمةٌ،
والصبرُ إن أصابَه سوءٌ عن نفاذِ قضائِه، وعليه فلا تُبْنَى إرادةُ العبدِ عليه ولا اختيارُه،
بخلافِ القضاءِ الشرعيِّ الدينيِّ فإنَّ إرادةَ العبدِ واختيارَه تتعلَّق به، ويُبْنَى
عليه التكليفُ الشرعيُّ بالأمرِ والنهيِ وهو مَنَاطُ الثوابِ والعقابِ،
واللهُ سبحانَه وتعالى أظهر لنا إرادتَه الشرعيةَ الدينيةَ وقضاءَه عن طريقِ الرسلِ والوحيِ من حلالٍ وحرامٍ،
وَوَعْدٍ ووعيدٍ، وَمَنَحَ لذلك القدرةَ والاستطاعةَ، ولَمَّا كان القضاءُ الكونيُّ القدريُّ شاملاً لكلِّ
ما كان وما يكون إلى يومِ القيامةِ، فإنَّ القضاءَ الدينيَّ الشرعيَّ يخضع له،
ولا يخرج عنه إذ لا يشذُّ عن القضاءِ الكونيِّ القدريِّ شيءٌ من الموجوداتِ.
وعليه، فاللهُ تعالى أراد من عبادِه الطاعةَ، وأمر بها، ولم يُرِدْ منهم المعصيةَ،
ونهى عنها قضاءً شرعيًّا دينيًّا تكليفيًّا، يدخل في قدرةِ المكلَّفِ الفعلُ والتركُ،
وموكولٌ إلى اختيارِه، لكنْ سبق عِلْمُ اللهِ أنَّ بعضَهم سَيَمْضِي باختيارِه سبيلَ الحقِّ والطاعةِ،
كما عَلِمَ سبحانَه أنَّ بعضَهم يختارُ سبيلَ الغَيِّ والضلالِ، فقضى سبحانَه لأهلِ الطاعةِ بالثوابِ،
وقضى لأهلِ الغَيِّ والضلالِ بالعقابِ قضاءً كونيًّا قدريًّا سَبَقَ عِلْمُه سبحانَه إلى ذلك،
وليس في سَبْقِ عِلْمِه عزَّ وجلَّ قهرٌ ولا جَبْرٌ بما سيفعله المكلَّفُ باختيارِه؛
لأنه قضاءٌ كونيٌّ غيبيٌّ لا يعلمه إلاَّ اللهُ سبحانَه، لذلك لا يجوز للعاصي
أنْ يحتجَّ في ذنبه وتقصيرِه عن أداءِ الطاعةِ بالقضاءِ الكونيِّ القدريِّ حيث لا حجَّةَ فيه لأحدٍ،
ومن جهةٍ أخرى لا يجوزُ لأحدٍ تركُ العملِ من بابِ الاتِّكالِ على ما سبقتْ به إرادةُ اللهِ الكونيةُ القدريةُ،
لذلك قال النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآلِه وسَلَّم: «اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ»،
ثمَّ قرأ: ﴿فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى. وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى.
وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى. وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى﴾ البخاري
قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ -رحمه الله-:
«إنَّ القَدَرَ ليس حجَّةً لأحدٍ على اللهِ، ولا على خَلْقِهِ، ولو جاز لأحدٍ أن يحتجَّ بالقَدَرِ
على ما يفعلُه من السيِّئاتِ لم يُعاقَبِ الظالِمُ، ولم يُقْتَلِ الْمُشْرِكُ، ولم يُقَمْ حدٌّ،
ولم يُكَفَّ أحدٌ عن ظلمِ أحدٍ، وهذا من الفسادِ في الدينِ والدنيا المعلومِ ضرورةً»
...يتبع