مسالم يا سالم ...بقلمي...

الأدب النبطي والفصيح

أرهقتني معاناة السنين،وأظهرتني أكبر سنا من عمري
الحقيقي،وعلى خدي خطان أسودان،بسبب كثرة البكاء
من الشقاء،وعندما أمشي أتمايل في مشيتي لشدة
الارهاق والتعب،وعندما يحل المساء أتقلب في سريري
ذات اليمين وذات الشمال،وأتأوه من الوجع،ولا أحد
يسمع بآهاتي ولا يعلم بها سوى خالقي،فوجعي نفسي
بسبب ما أجده من زوجتي، وأبنائي الأربعة،ومعهم أمي
ووجع آخر جسدي بسبب ما أعانيه من مرض السكري،و
قلة التركيز،حيث لا أركز مع أي شيء أبدا،ثم فجأة
يعود التركيز ويختفي وهكذا المعاناة تلو الأخرى.
لم أعد ذلك الأب صاحب الهيبة فكلمتي لم تعد
مسموعة كالسابق،ولم يعد أي أحد يعيرني اهتماما
فزوجتي سليطة اللسان ،ترد علي بدلا من الكلمة عشرة
وتفعل كل مايحلو لها من دون أخذ أي إذن مني،وكانت
سببا في تغير أبنائي علي وإهمالهم لي،فالأكبر قام
بخطبة فتاة بعد أن أخذ برأي أمه ولم يأخذ برأيي
والاثنان الآخران كثيرا الخروج من المنزل ولا أعلم
عنهم شيئا،وعندما أحقق معهما تتعالى الأصوات،و
يحتد الجدال حتى أضطر لكتم حزني وغضبي عنهما
وأرحل عنهما وأنا أحبس دموعي،وما إن أختلي لوحدي
حتى أبدأ البكاء،فكان البكاء هو لوحده يخفف مابي
أما ابني الأخير وهو أصغرهم،فلا زال طالبا في المرحلة
الثانوية الأخيرة،وقد اقترب موعد تخرجه لكي يلتحق
بالجامعة،وكل همه في الحياة تحقيق طموحه وكل
مايتمناه،فلم يكن كثير الخصام والجدال معي مثل
باقي اخوته،وأما أمي فهي كثيرة الشجار مع زوجتي
خصوصا بأننا كلنا تحت سقف واحد،فكلتاهما تريد
فرض سيطرتها على المنزل،وكلتاهما تريد أن تكون
كلمتها مسموعة،فلا يمر علي يوم واحد حتى،وإلا وقد
تعالت أصواتهما بشدة،وكثرة الخصومات والاكتآب الذي
يوجداه في المنزل لا يمكن وصفه،وحتى بعد أن تسكت
إحداهن تقوم الأخرى لإيجاد سبب ما لتهذب الأخرى
وفي يوم ما خططت زوجتي مع ابني الأكبر في رمي
أمي في دار للعجزة،فكان لها ما أرادت وانتصرت هي
في معركتها على أمي،ورمتها في دار العجزة،فضاقت
بي الأرض بما رحبت وضاقت علي نفسي،فحلفت
عليهم بإني لن أبقى دقيقة أخرى بعد في المنزل،وفعلا
عند باب المنزل أوقفني ابني الأصغر ،وبكى بكاء حارقا
هز بكاؤه أعماق فؤادي حتى بكيت معه،فقال لي قولة
عظيمة:أبي!.
أعلم بأنك قد تعبت كثيرا بسببنا،ولكن مالا تعلمه كنت
طوال تلك السنون أتدخر المال لأجل أن أسافر لأكمل
دراستي الجامعية،وآخذك معي هناك أنت وجدتي
ونعيش سويا،وقد أمن لي أخ صديق عملا محترما
ذا دخل جيد،فأستطيع العمل والدراسة،وبالنسبة لأمي
هي المسيطرة على كل شيء وعلى باقي
إخوتي،ستكون هي بخير معهم،وستكون أنت وجدتي
بخير معي،أمهلني فقط شهرا ونصف حتى أجهز نفسي
وأنهي إجراءات السفر،ونذهب معا وننسى هذه المعاناة.
نزل كلامه على قلبي كالماء البارد،والذي بدوره سقى
نفسي المتعبة من العطش.
فقلت له:ماذا لو اشتقت لهم ما العمل؟.
فقال:نستطيع أن نسافر لهم لزيارتهم بين فترة وأخرى.
وقام باحتضاني طالبا العفو والسماح،حينها علمت بأن
الله قد رزقني من بين هؤلاء الأربع ابنا طموحا صالحا
طيبا.
3
548

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

فيضٌ وعِطرْ
فيضٌ وعِطرْ
أجدت الطرح ملوك من خلال هذا الموضوع المؤثر الهادف
الله تعالى لاينسى عباده ولا يقطع عنهم باب الرحمة بارك الله بك
وزاد عطاء قلمك وتنوعه وننتظر دوماً جديدك


حنين المصرى
حنين المصرى
سلمت يداك اختي ملوك
حقا دائما ما يعطى الله طاقة نور وسط الظلام لتعيد امل الروح واشراقها بعد ياسها
سلمت يداك حبيبتي ودمت بود وحب دائمين
يا حظي أستفيق 🤪
رائعة كتابتك أنتي مبدعة 👍
قصة حزينة و لكن جيد انك كتبتي عن فئة قد تظلم ولا يلتفت لها الكثير ، الأباء لن يعرف قيمة وجودهم الا من فقدهم حتى لو كان الفقد معنويا .
حفظ الله أمهاتكم وآبائكم و رحم من توفي منهم .