صبآحكم / مسائكم طاعة وقرب من الله
((قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا
وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً * أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ
فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً)).
هذه الآيات الكريمه من سورة الكهف ترعبني جدآ واشعر دائماً بالضعف امامها
واخشى ان أكون منهم اسال الله السلامه والعافيه
/
تفسير الآيآت لابن عثمين رحمه الله :
قال تعـــالى :
( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُـــمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً ) – الكهف : 103
قوله تعالى : ( قُلْ )أي يا محمــــــــــــــــــد للأمة كلها : (هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً)
الجواب : نعـــم .
نريد أن نُخبَر عن الأخسرين أعمالاً حتى نتجنب عمل هؤلاء و نكون من الرابحين ، و قد بيَّن الله تعالى في سورة العصر أنَّ كل إنسان خاسر إِلاَّ من اتصف بأربع صفات :
1- الـلذين آمنوا .
2 – و عملوا الصالحات .
3 – و تواصــــوا بالحق .
4 – و تواصــــوا بالصبر .
و هنا يقــــــــــــــــول :
( الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُــــــــمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُـــــــــــمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) – الكهف : 104
قوله تعالى : ( الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُــــــــــمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا )يعني ضاع سعيهــــــــــــم و بَطل في الحياة الدنيا لكنهم :
{يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً } فَغُطي عليهم الحق – و العياذ بالله – و ظنوا و هم على باطل أن الباطل هو الحق ، و هذا كثير ، فاليهود مثـــــــــــلاً يظنون أنهم على حق ، و النصارى يظنون أنهم على حق ، و الشيوعيون يظنون أنهم على حق ، كل واحد منهــــــــــــم يظن أنه على حق ، و لذلك مكثوا على ما هم عليـــــــــــه ، و منهم من يعلم أنه ليس على حق لكنــــــــــــه – و العياذ بالله – لاستكباره و استعلائه أصرَّ على ما هو عليــــــــــه .
(أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِــــــــــمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَـــــــةِ وَزْناً) – الكهف : 105
قوله تعالى: { بِآياتِ رَبِّهِــــــــــمْ } الكونية أم الشرعية؟
الظاهر كلتاهما ، لكن الذين كذبوا الرسول صلى الله عليه و سلم كذبوا بالآيات الشرعية و لم يكذبوا بالآيات الكونية ، و الدليل أن الله تعالى أخبر أنهم إذا سُئلوا : من خلق السموات و الأرض؟ يقولون : الله ، و لا أحد منهم يدَّعي أن هنالك خالقاً آخر مع الله ، لكنهم كذبوا بالآيات الشرعية ، كذبوا الرسول صلى الله عليه و سلم ؛ كذبوا بما جاء به ، فهم داخلون في الآيــــــــــــــــــة .
( وَلِقَائِــــــــــهِ ) أي : كذبوا بلقاء الله ،
و متى يكـــــــــــون لقاء الله ؟
الجواب : يكون يوم القيامة ، فهؤلاء كذبوا بيوم القيامة و جادلوا ، و أُروا الآيات و لكنهـــــــــــــــــــم أصرُّوا ،
قال الله تعالى : ( أَوَ لَمْ يَرَ الإنسان أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77) و َضَرَبَ لَنَا مَثَلاً ) - يّـس : 78 يكذبنا فيه فقال : { مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ } - يس: 78 ؛ تَحَدٍّ! من يحييها؟ رميـــــــــــــم لا فيها حياة و لا شيء؟
( قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ) - يّـس : 79
و من الذي أنشأها أوّل مرة ؟
الجواب : هو الله ، و الإعادة أهون من الابتداء كما قال الله عز و جل : ( وَ هُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيـــــــــــدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ) – الروم : الآية 27 هذا دليل
إذاً الدليل على إمكان البعث ، و إحياء العظام و هي رميم:
1 - أن الله تعالى ابتدأها ، و لما قال زكريا حين بُشِّر بالولد و كان قد بلغ في الكِبَر عتيا، إن امرأته عاقر ، قال الله تعالى : ( قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْــــــــــــلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً ) – مريم : 9 ، فالذي خلقــــــــــــك من قبل و أنت لم تكن شيئاً قادر على أن يجعـــــــــــــــل لك ولداً.
2 – ( وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيــــــــــمٌ ) - يّـس : الآية 79 ، و إذا كان الله بكل خلق عليماً، فإنـــــــــه لن يتعذر عليه أن يخلق ما يشاء ، من الذي يمنعـــــــــــــــه إذا كان عليماً بكل خلق ؟
الجواب : لا أحد يمنعــــــــــــــــه .
3 – ( الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ ) - يّـس : 80 ، شجر أخضر يخرج منه نار ، فالشجر الأخضر يضرب بالزند ثم ينقدح ناراً ، و كان العرب يعرفون هذا ، فالذي يخرج هذه النار ، و هي حارة يابسة من غصن رطب بارد ، يعني متضادان غاية التضاد ، قادر على أن يخلق الإنسان ، أو أن يعيد خلق العظام و هي رميـــــــــــــــم ، ثم حقق هذه النار بقوله
: ( فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ )
4 – ( أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ ) - يّـس : 81
الجواب : بلى ، قال الله تعالى : ( لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ ) – غافر : 57 ، فالذي خلق السموات و الأرض بِكِبَرِهَا ، و عظمها قادر على أن يعيد جزءاً من لا شيء بالنسبة للأرض ، من أنت يا ابن آدم بالنسبة للأرض؟ لا شيء ، أنت خلقت منها ، أنت بعض يسير منها ، فالذي قدر على خلق السموات و الأرض قادر على أن يخلق مثلهـــــــــــــم ، قال الله تعالى مجيباً نفسه : ( بَلَى ))- يّـس : الآية 81
5 – ( وَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ ) - يّـس : 81 ، الخلَّاق صيغة مبالغة ، و إن شئت فاجعلها نسبة ، يعني أنه موصوف بالخلق أزلاً و أبداً ، و هو تأكيـــــــــد لقوله قبل : ( و هو بكل خلق عليم ) - يس : 79
6 – ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) - يّـس :82 لا يحتاج إلى عمَّال و لا بنَّائين و لا أحد ( كن فيكون ) ؛ و لهذا قال : ( إِنْ كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَــــــــــةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُــــــمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ )
- يّـس : 53 ، كلمة واحــــــــــــــــدة .
7 – ( فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ )- يّـس : 83
كل شيء فبيده ملكوته عز و جل يتصرف كما يشاء ، فنسأله عز وجل أن يهدينا صراطه المستقيم .
8 – ( وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) – يس : 83 ، فهذا هو الدليل الثامن ، و إنما كان دليلاً لأنـــــــــه لولا رجوعنا إلى الله
عز و جل لكان وجودنا عبثاً ، و هذا ينافي الحكمـــة .
فتأمل سياق هذه الأدلة الثمانيــــــــــــة في هذا القول الموجز ، و مع ذلك ينكرون لقاء الله .
في قوله : ( بِآياتِ رَبِّهِمْ ) إلزامٌ لهـــــــــــــم بالإيمان؛ لأنه كونه ربهم عز و جل يجب أن يطيعوه و أن يؤمنوا به ، لكن من حقت عليه كلمة العذاب فإنـــــــــــــه لا يؤمن .
( فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ ) يعني بَطَلَت و لم ينتفعوا بها ، حتى لو أن الكافر أحسن و أصلح الطرق و بنى الرُّبط ، و تصدق على الفقراء فإن ذلك لا ينفعه ، إن أراد الله أن يثيبه عجل الله له الثواب في الدنيا ، أما في الآخرة فلا نصيب له - نعوذ بالله ، نسأل الله الحماية و العافية - لأن أعماله حبطت ، و لكن هل يحبط العمل بمجرد الردة أم لا بد من شرط ؟
الجواب : لا بد من شرط ، و هو أن يموت على ردته ، قال الله تعالى : ( وَ مَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُـــــــــــمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَ هُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُــــمْ فِي الدُّنْيَا وَ الآخِرَةِ ) – البقرة : الآية 217 ، أما لو ارتد ثم مَنَّ الله عليه بالرجوع إلى الإسلام فإنـــــــــــه يعود عليه عمله الصالح السابق للردة .
( فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً ) يعني أنه لا قدر لهم عندنا و لا ميزان ، و هو كنايـــــــــــــتة عن سقوط مرتبتهم عند الله عز و جل .
و قيل : إن المعنى أننا لا نزنهم ، لأن الوزن إنما يحتاج إليه لمعرفة ما يترجح من حسنات أو سيئات ، و الكافر ليس له عمل حتى يوزن ، و لكن الصحيح أن الأعمال توزن كُلَّها ، قال الله تعالى : ( فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضية (7) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9) وَ مَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10) نَارٌ حَامِيَةٌ )– القارعة ، فيقام الوزن لإظهار الحجـــــــــــة عليه ،
و المسألة هذه فيها خلاف .
( ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّــــــــــمُ بِمَا كَفَرُوا وَ اتَّخَـــــــــــذُوا آيَاتِي وَ رُسُلِي هُزُواً ) – الكهف : 106
قوله تعالى : ( ذَلِكَ ) يعني ذلك المذكور من أنه لا يقام لهم الوزن و أن أعمالهم تكون حابطة .
( جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّــــــمُ بِمَا كَفَرُوا ) الباء للسببية ، و ( ما ) مصدرية ، و تقدير الكلام : بكفرهـــــــــــــم .
( وَ اتَّخَذُوا آيَاتِي وَ رُسُلِي هُزُواً ) ، قوله :
( وَ اتَّخَذُوا ) معطوفة على ( كَفَرُوا ) أي : بما كفروا و اتخذوا ، فهم – و العياذ بالله - كفروا و تعدَّى كفرهم إلى غيرهم ، صاروا يستهزئون بالآيات ، و يستهزئون بالرسل ، و لم يقتصروا على كفرهم بالله .
( هُزُواً ) أي : محلَّ هُزْءٍ ، يسخرون منهم ، و لهذا قال الله عز و جل للرسول صلى الله عليه و سلم : ( وَ إِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُواً )– الأنبياء : 36 ، ( أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً ) – الفرقان : 41 ، و الاستفهام هنا لا يخفى أنه للتحقير ، أهذا الرسول! ( إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا ) – الفرقان : 42 ، أعوذ بالله ؛ يفتخرون أنهم صبروا على آلهتهم و انتصروا لها.

اللهم لاتجعلنا من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا
وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا
اللهم انا نسالك الجنه بغير حساب ولاسابق عذاب
/
شكر خاص لمشرفات قسم ملتقى الفتيات
على هذه الفعاليه الرائعه اسال الله ان تكون في ميزان حسناتكم
استودعكم الله
اللهم لاتجعلنا من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا
وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا
اللهم انا نسالك الجنه بغير حساب ولاسابق عذاب
الهم آمـيـن