في تلك الصحراء القاحلة ..وعلى كثبان الرمال الشهباء ..وتحت حرارة الشمس المحرقة
هناك عالم وردي محصن بأسوار شاهقة..أبصرته وأنا على شرف الهلاك ..قد نفذ زادي وجف مائي..
كنت أدعو ربي أن لا يكون ماأراه سراباً ..كنت أدعوه أن يلطف بي ويوصلني لهذا العالم المحصن..
وفعلا ..حصل ما تمنيت
هاأنا أقف خلف بوابة ضخمة ..بديعة الصنع مزخرفة بالحب ..بالمودة ..
أسوارها مطلية بالرقة والحنان..على جنباتها وردات مضيئات..اللللللللله ..ماأجملها من بوابة
حاولت أن أتسللها..لكنها مع جمالها ..هي محصنة .. أسوارها
شاهقة لاأستطيع حتى التفكير بختراقها ..بدأت أنظر ببؤس ..نعم !!لقد تحطمت أمنياتي ..وماتت كل أحلامي
وبينما أنا كذلك
أطلت لي من بين فتحات السور إحدى فتيات هذا العالم ..كانت تلهو بالقرب منه
- ماذا تريد أيها الغريب
- المعذرة فأنا تائه في هذه الصحراء أذابني حرها وأعطشني جفافها ..هل تسمحين لي بالدخول
ابتسمت وقالت ..
- لا ..فأنا لست سوى أحد فتيات هذا العالم ليس لي دخل في هذه الأمور ..
-إذن ماذا أفعل ..
جلست تفكر قليلا ..مممم..حسنا أيها الغريب ..سوف أخبر الأميرة بذلك ..انتظرني !!..
دقائق وكأنها سنين ....حتى كدت أن أفقد الأمل !!
ثم جاءت ومن خلفها أربعة الجنود..قالت لهم ..
- هذا هو !!وأشارت لي بإصبعها ..ثم ذهبت لشأنها ..
أخرج الجندي مفاتيح ضخمة وقام بفتح البوابة ..
أمسكني الجندي الآخر ..وقادني بينما يتبعه إثنان أم الثالث فقد كان يحاول إغلاق مافتح
وبينما نحن في الطريق إلى قصر الأميرة ..كنت أختلس النظرات ..يمينا وشمالا ..
كان على جنبات الطريق بساط أخضر شديد الإخضرار..يجاري النظر في إتساعه ورحابته ..
لم أكن أتصور أن يوجد مثل هذا العالم في تلك الصحراء المخيفة ..زاد إعجابي وزاد لهفي ..
كان هناك بعض الفتيات ينظرن لي بدهشة ..البعض منهن يقول عني فقير ..والبعض يقول غني متنكر..
أماإحداهن فكادت تقسم أني أحد المخالفين للقانون ..أما الأخرى..كانت تتفحص وجهي بتأمل وتقول ..
أعتقد أنه مظلوم ..
..البعض منهن ينظرن لي بعطف وأسف ..والبعض ينظرن لي بتكبر وخيلاء ..والبعض لا ينظرن أصلا
ومع كل هذا ..لم نتوقف عن المسير ..
ووصلنا إلى قصر الأميرة ...
---------------وفي القصر--------
قامت الأميرة من عرشها ..وفي مجلسها حشد من الوزيرات ..والجلاس ..ولا يخلو مجلسها أيضا من بعض الفتيات
الآتي يضفن روح الفكاهة والدعابة ..على الحضور ..
وبعد نظرة سريعة فاحصة ..
- ماذا تريدأيها الغريب
- سيدتي ..لقد كنت على شرف الهلاك لولا أن وجدت هذه القلعة الحصينة وهذه البقعة الندية
وهذا العالم ..الوردي ..في هذه الصحراء..
- لم تجب عن سؤالي ..!!قالتها وهي تنظر نظرات حادة
- سيدتي الأميرة ..إني ليشرفني ويسعدني أن تسمحي لي بالمكث في هذا العالم قطعة من الزمن فهل يمكن ذلك؟
طأطأت رأسها قليلا ..ثم التفتت للجالسات ..وكأنها تطلب الشورى ..
قامت إحداهن..
سيدتي إني لأذكر هذا الفتى حينما كان صغيرا..فهذه القسمات لست بالغريبة ..ورأيي أن يبقى معنا
فهو ليس غريبا..
قامت أخرى ..سيدتي الأميرة ..إنك هنا تحكمين وفق القانون ..ولا يحق لك أن تتجاوزيه ..إلا بمشورة
الشعب ..فهو الذي يقرر ما إذا كان يود بقائه أم لا ..
فكرت الأميرة قليلا ثم قالت
- حسنا..أيها الغريب ..إن مكوثك أم رحيلك ..يتوقف على الشعب ..فهذا الأمر ليس لي به يد
ونادت المنداية ..أن هلموا يافتيات عالم حواء ...
تجمعت الفتيات من كل صوب وناحية ..وجتمع الحشد العظيم..في حديقة القصر !!
وقفت الأميرة ..على شرفة القصر وعلى بعد ثلاثة أمتار ..وقفت أنا ..
الأميرة: إلى كل فتاة ينبض بها عالم حواء ..صغيرة أم كبيرة .....إلى كل كاتبة ومديرة ..
إنكم الشعب الذي أفتخر به ..وأنتم من يحكم ويقرر..ويصنع ويحوّر..وأني لأستشيركم وأستفتيكم
في هذا الفتى الماثل أمامكم ..هل نقبله في هذا العالم ..أم نطرده ..
بدأت كل فتاة تناجي أختها وعلى صوت الهمهمة والتمتمة ..عندها قلت ..
-أخواتي ..ماأنا إلا فتى يرجوا من كل فتاة لطيفة أن تسمح لي بالمكث ..وأعاهدكم أن أسعى في رقي
العالم ..
وبعد نقاش إستمر نصف ساعة ..
قالت إحداهن ..:
في تلك الصحراء القاحلة ..وعلى كثبان الرمال الشهباء ..وتحت حرارة الشمس المحرقة
هناك عالم وردي...
أشكركم على ثنائكم لي أمام الأميرة..ولن أنسى هذا المعروف ..^_^
التكملة ------
أنا : (شكرت المرحبات بي وأثنيت عليهن )
أما الأميرة فنظرت للمتحدثات نظرة ممزوجة بالدهشة والعجب
وفكرت مليا فيما قالوه ..ثم سألتْ وزيرتها عنهن
الوزيرة : (تهمس في أذنها)سيدتي ..إنهن إحدى فتيات مقاطعة (الواحة)
- وتلك ..وأشارت بإصبعها إلى Neena
- سيدتي إنها حاكمة مقاطعة الواحة
(خجلت الأميرة من سؤالها ..إلا أن كبريائها ..جعلها لا تعترف بسخافة سؤالها)
- حسناً..حسناً..إذهبي (ثم ألتفتت للحشد)
الأميرة:هل هناك من الفتيات من تعترض ؟؟..أنتم يا فتيات المقاطعة العامة -
و يا فتيات مقاطعة المشاكل الخاصة(وعددت جميع المقاطعات)
صمت الجميع ولم يبدين أي إعتراض..
نظرت الأميرة إلى وجهي وأنا أبتسم إبتسامة الإنتصار..
-حسناً أيها الغريب لا تفرح كثيراً ..بعد أن عرفت رأي الشعب ..بقي رأيي أنا
أيها الجنود دعوه يرتع هذا اليوم ..بينما أفكر في أمره ..حتى الغد
تفرقت حشود الفتيات ..وذهبت كل فتاة لشأنها
أعلنت الشمس مغيبها تاركة خلفها لونا أحمر بديع الإحمرار...وعم الهدوء..
فكرت مليا وقلت في نفسي: أين أقضي هذه الليلة ..وما مصيري لو طردت من هذا العالم ..سألت إحداهن
عن الطريق المؤدي إلى الواحة ..فأشارت إلى الطريق الجنوبي ..ومضت
سرت في الطريق الذي أشارت لي ..
وبعد مسافة !!..أصبحت على مشارف الواحة ..كنت أرى بعض الكلمات الجميلة تضيء سماء الواحة
اللللله ماأجملها من كلمات ..وماأجملها من حياة..
كانت كل فتاة تبني من موضوعها بيتاً تسكن فيها ..
الكل يتفنن في بناء بيته ويزخرفه بأحلى العبارات ..
وبينما أنا واقف على قارعة الطريق ..حائرا ماذا أفعل بنفسي..في هذه الساعة المتأخرة..
جائتني إحداهن..
- المعذرة ..لكن لما أنت واقف هكذا
- آسف ..لكنني لاأعلم أين أذهب ..!!
- أوه ..يبدو أنك الغريب الذي قرأت عنه هذا الصباح ..(أدارت رأسها نحو بستان جميل)
هل ترى ذلك البستان!!
-نعم أراه..
- إنني بستانية أعمل على رعايته ..لذلك لم أستطع حظور التجمع الذي كان صباح هذا اليوم ..
- جميل ..
- نعم فأنا صاحبته..وهو مليء بالحروف والكلمات اللذيذة ..يمكنك أن تقضي فيه ليلتك ..
ولكن!! حذاري أن تقطف..إحدى الكلمات ..قالتها وهي تبتسم ..ثم حملت متاعها وذهبت ..
إتجهت إلى البستان ورميت نفسي على جشائشه الطرية ...وأسلمت نفسي لنوم عميق..
وفي الصباح ..وعند شروق..شمس المحبة ..
قمت متلهفا للنتيجة ..وعندما خرجت من البستان وجدت الجندي ,,وقد أمسك بورقة مختومة بالشمع ..
- أيها الغريب ..لم تعد غريبا بعد الآن..لقد سمحت لك الأميرة بالمكوث ....
لم أتمالك نفسي ..وصحت صيحة الإنتصار ..نعم ..لم أعد غريبا ..بعد الآن ..
..سوف أعيش حياة أخرى ..في هذا العالم ..وداعاً لتلك الصحراء المخيفة..وداعاً للشقاء ..
سوف أبني لي بيتا ..مثل هذه البيوت....
وهاأنا قد أكملت بناء بيتي ..ووضعت أمامه لوحة وردية اللون ..
مكتوب بها ........(هل تسمحي لي أيتها الأميرة )
أنتهت..