
رغبة مني في المشاركة ..
كتبت لكم هذه القصة القصيرة التى اتمنى ان تكون هادفة
فأرجو ثم ارجو وارجو ان تعجبكم ...

بسم الله الرحمن الرحيم
(1)
صديقتي العزيزة
هاانا اليوم اجدد عهدي القديم ..
عهدي الذي يقتضي ان اكتب اليك في كل سنة قصة او ورقة متساقطة من دفتر حياتي
لتجدد عهد الذكرى بيننا
وتزيل غبار الماضي التليد..
وهاهي احدى وريقاتي المخطوطة بالدمع والدم
عل فيها عبرة وحكمة تستقى
وعل بها نورا ولو خافتا يهدي الى طريق الصواب
عزيزتي هذه القصة عن تلك الام ومااعظمها
فأقرأي منها ماشئت ان تقرأي فهذه هي البداية :
***********************************
(2)
هاهي الايام تمضي مسرعه مهرولة كالحلم بل كالبرق الخاطف
وهاهوذا طلال يكبر امام ناظري امل شيئا فشيئا ..
فتراه بعيني ام رؤوم يحبوقليلا ثم يقف ليمشي اولى خطوات سنيه
ويتعثرفتمسك بيديه تهزها .. ضاحكة مستبشرة ..
تراقصه .. بيديها بحب وحنان لايضاهى
تراقبه بعيون ام
وآآه وماتحويه هذه الكلمة من معاني لايمكن تجريدها على الورق
او التعبير عنها بجرةقلم..
آه كم تخاف عليه من نسمة الهواء...
تخاف عليه من نفسه...
من لعبه وعبثه ..
تخاف عليه خوف يهزها من الاعماق ويزلزل كيانها ..
حتى اذا ما حارب الظلام خيوط تلك الشمس الذهبية وجنى الليل وطوى النهار
اخذت تسقي صغيرها من حليب امومتها الى ان يرتوي ويرتوي من حليبها ومن حنانها
فتهدهده مغنية بصوتها الشجي العذب
فينام بين احضانها الدفيئة ..
فتنام بقربه بدورها بتؤدة حتى اذا ماطال نومه اخذت تشم انفاسه بين فترة واخرى لتتأكد..اهو حي
اهو بخير ..
لشد ماتقلق وتسيل دموعها اذا ماجرح جرحا بسيطا ..
فتبكي لبكائه ..
وتغضب لغضبتة
تخاصم الجميع لترضيه
احلامها فقط تنصب في ان تراه رجلا ناجحا
عظيما ..
تتباهى وتنتشي اذا مانطق بكلمة او جملة تفّوق بها على اقرانه
فتحتضنه جذلة
وتطلبه ان يعيد ماقاله امام الجمع فيعيد ويعيد ويعيد
تدمع عينيها فرحا بوليدها
وفي قلبها الرقيق ترتسم صور السعادة الحقيقية
(3)
يكبر طلال ليدخل مرحلة اخرى من حياته ..
فتطير به طيور النور ليتعلم فيدخل المدرسة
فتبدأ هي مرحلة اخرى جديدة كل الجدة من سهر على رعايته ..
ومن دعوات له في جنح الليالي الشاتية الباردة
لا يقر لها قرار
ولا يرتاح لها بال او خاطر الا اذا... رمى على مسامعها خبر نجاحه
فتنتفض مسرورة واي سرور
فرحتها تساوي الدنيا وماحوت
تشعر بأنه قد قرب بها الطريق لأن ترى حلمها الجميل الذي سيتحقق امام ناظريها يوما ما
فقد لمست بنجاح وحيدها ..
املها المنشود
ورغبتها الأكيدة بأن يصبح رجلا عظيما وناجحا ومختلفا ...
وها قد تحقق الحلم ودارت عجلة الايام كعادتها بسرعة
وكبر الفتى ..
فمن ترجيل لمته وخط لحيته وذكاءه الظاهر أصبح وليدها وفلذة كبدها رجلا مختلفا حقا ..
ولكن ....!
هاهو
بعد ان شب عن طوقها يسافربعيدا ليكمل تعليمه
ولينساها ايضا والى الابد ..
فلا رسالة منه ولااتصال او خبر يطمئنها ويهدأ من روعها
والحزن عليه يعتصرها عصرا
ودموعها الوجلة الساخنة على وجناتها تسابقها اينما حلت
وذكرى ولدها ونتن رائحة عقوقه تلاحقها في كل مجلس
لتفتق آلامها ولتزيد نزف جروحها التي لم تلتئم بعد
فلم يعد للحياة معنى عندها ..
واي حياة بعد حبيبها وصغيرها
مسكينة تلك الام ....
فلازالت تتوسل هذا وذاك
وتبعث كل من تجد لعل احدهم ان يوصل لها خبره ..
لو حتى بكلمة واحدة تعلل بها مهجتها
ولكن بدون فائدة...
فليس هناك من بصيص امل في معرفة كنه هذا العقوق السافر
وهاهي ذي السنون تمر
وقد بلغت تلك المكلومة من العمر عتيا
واشتعل رأسها شيبا...
فتقاذفتها لياليها المرة
و عبثت بها ايادي الزمن الصعب ...
وعواصف الدهر تلك تهوي بها وترديها الى ارذل العمر
فهاهي الشعيرات البيضاء تتسلل في استحياء على خصلات شعرها الاسود ..
عشرون عاما من الفراق والاشتياق تمر وهي تتخبط في هذه الدنيا ...
يالهف نفسي ..
مازالت امومتها تنبض حية بين حناياها الناحلة رغم مرور الايام والليالي القاسية
فلم تنسيها السنين وحوادثها ذلك الطفل الكبير
فمازالت تحاكي اخباره وتحاول ان تستقصيها
ولكن !...
هيهات هيهات
فعبثا تحاول المسكينة
(4)
دائما ماكانت تعزي نفسها بعودته وتقول في داخلها:
لابد يوما ان يعود
لابد يوما ان اراه
فلايمكن للزمن ان يمحي آثار قبلاتي في وجهه
ولايمكن ان تنسيه الحياة فيض حناني
فلا بد لليل ان ينجلي
ولا بد للشمس ان تنشر نورها
حبيبي ..طفلي وصغيري لازلت انتظرك
لازلت انتظرك
ولكن
واحسرتااه
آه لم تجد لصوتها صدى ............
قربت بها مرحلة من مراحل حياتها
فاقعدها المرض ولم يعد بينها وبين القبر الا مرحلة تجتازها في بضع خطوات قليلة
===================
(5)
هناك في الضفة الاخرى حيث نجد طلال الابن العاق يلهو ويعبث في بلادالغربه
ويحلق في سماوات الظلمة
غير عابئ بماخلفة من غضب الله
فلم يكن ليسمع صرخات امه وتوسلاتها المنهكة ولا ليجيبها
فهو مشغول بجمع الاموال والدور والقصور التي لم تنتهي ..
فبعد ان استقر به المقام هناك نسي او تناسى امه وبعد ان غرته دنياه ببريقها ...
وظل وحار في طريقها
تزوج بأجنبية ..
وانجبت له ماشاء ان ينجب من ابناء وبنات
وعانى منهم اشد.. اشد الآلآم والمعاناة
حتى ...مرت السنين تلو السنين
وهاهوذا التاريخ يعيد نفسه
فابناءه يردون له الدين ضعفا ...
ويرفعون رايات العقوق فوق سفن من النكران والهجر
ويهدمون بغمضة عين ماقد بناه من قصور واحلام
فتدور به الدنيا
ويلحقه اذى ماكان من امه
فيسرقه احدهم
ويحاول الحجرعليه آخر
اما بناته فهن مثالا صارخ ايضا للعقوق والعصيان
فهذه تشتمه وتصب عليه جام غضبها وتدعو عليه
و تلك تحّمله مسئولية ماكان من فشل في حياتها
اما زوجته الجميلة التي نزعت رداء الحياء ..
وارتدت مكانه رداء خرقا باليا من اخلاق قومها فتهتكت وصارت في حال اخرى تماما
فهاهي تخونه امام ناظريه مع احد موظفيه
وهو لا يستطيع الا ان يقف صامتا متفرجاَ على ماكسبت يداه
وان يعض اصابع الندم
وتذكر ما كان من ماضيه
فكلما رسمت في خياله ذكرى ماكان من امره مع امه يضيق به الصدر
ويصبح حرجا كأنما يصّعد في السماء
فتلك هي العقوبة العاجلة
فمااقساااها من عقوبة ...
..........................
انتهت
بدات القصة بداية جميلة ..
رسائل إلى صديقة ..
ولكنك اتخذت بعد ذلك أسلوب السرد السريع ولم تهتمي بالتفاصيل التي تعطي للعمل الأدبي روحه وتقربه من قارئه ..
وصفت مشاعر الأم في البداية فحبذا لو كان معها شيء من الأحداث التي تعمق الإحساس بتلك المحبة وذلك التعلق ..
ومن ثم تسارعت الأحداث تسارعا بات معروفا معه ما سيحدث دون أي تحريك لخيال القاريء ..
هذا مع العلم أن لديك ملكة لغوية وقدرة على التعبير ولكنك آثرت الاختصار ..
أعجبني اسلوبك كثيرا لو أنك تركت الأحداث ترسم بريشة القلم بتلقائية دون تحديد المسار..
هدفك سام نبيل ..
نسأل الله أن يعيذنا من عقوقنا لآبائنا ومن عقوق أبنائنا لنا .