

اللهم لك الحمد خيراً مما نقول ، ولك الحمد مثلما نقول ، لك الحمد بالإيمان ، ولك الحمد بالإسلام ، ولك الحمد بمحمد رسول الهدى صلى الله عليه وسلم ، عز جاهك ، وجلّ ثناؤك ، وتقدست أسماؤك ، ولا إله إلا أنت ، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين ، وقدوة للسالكين ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .. أما بعد
فإن الصلاة شأنها عظيم في هذا الدين فهي عموده الذي قام عليه ، وهي الفارقة بين المسلم والكافر ، وهي الركن الأعظم بعد الشهادتين فمن حفظها حفظ دينه ، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع .
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( رأس الأمر الإسلام ، وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله ) .
وقال عليه الصلاة والسلام : ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) . أخرجه الإمام أحمد ، وأهل السنن الأربعة بإسناد صحيح
قال تعالى في سورة النساء : ( إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا )
أي : مفروضا في وقته .
فدل ذلك على فرضيتها ، وأن لها وقتاً ، لا تصح إلا به ، وهو هذه الأوقات ، التي قد تقررت عند المسلمين ، صغيرهم ، وكبيرهم ، عالمهم وجاهلهم ، وأخذوا ذلك عن نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم بقوله : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) .
أمرهم الله أن يستعينوا في أمورهم كلها بالصبر بجميع أنواعه
وهو الصبر عن معصية الله حتى يتركها
والصبر على أقدار الله المؤلمة فلا يتسخطها
فبالصبر وحبس النفس على ما أمر الله بالصبر عليه معونة عظيمة على كل أمر من الأمور ، ومن يتصبر يصبره الله .
وكذلك الصلاة التي هي ميزان الإيمان ، وتنهى عن الفحشاء والمنكر ، يستعان بها على كل أمر من الأمور
( وَإِنَّهَا ) أي : الصلاة ( لَكَبِيرَةٌ ) أي : شاقة ( إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ ) فإنها سهلة عليهم خفيفة
لأن الخشوع ، وخشية الله ، ورجاء ما عنده يوجب له فعلها ، منشرحا صدره لترقبه للثواب ، وخشيته من العقاب بخلاف من لم يكن كذلك ، فإنه لا داعي له يدعوه إليهاوإذا فعلها صارت من أثقل الأشياء عليه .
والخشوع هو : خضوع القلب وطمأنينته وسكونه لله تعالى، وانكساره بين يديه، ذلاً وافتقاراً، وإيماناً به وبلقائه . تفسير السعدي