اللهم لك الحمد حتى ترضى ولك الحمد إذارضيت ولك الحمد بعد الرضى
اللهم صلي وسلم على عبدك ونبيك المجتبىورسولك المصطفى وسلم تسليما كثيرا
المواقف التي يقف عندها الإنسان فيالدنيا كثيرة لا يملك نفسه عندها إلا حائرا متأملا عظمة الله وقدرته ونعمه ونقمهوابتلاءه
أخواتي حبيباتي
كنت في زيارة للمشفى قبل يومين لوعكةصحية ألمت بي أسأل الله أن يزيحها ويبدلني مكانها صحة وعافية
وفي غرفة الانتظار
شاهدت موقفين أثارت حيرتي وحركت تأملاتي
الموقف الأول لإحدى النساء في العقدالخامس من عمرها أحسست من حديثها طيبة نفسها وحبها للناس
أخذت تتكلم مع إحدى الأخوات عن أبناءهاوزوجاتهم وحبهم لها ثم بعد فترة طلبت منها الممرضة قبل الدخول على الطبيبة إجراءبعض التحاليل الطبية فذهبت
ثم عادت بعد عشر دقائق وإذا بها تجهشبالبكاء وقد احمرت عيناها
تملكني وجميع أخواتي بالغرفة شعور بالخوفعليها خشية أن يكون في تحليلها شي خطير لا قدر الله
سألناها ، ياخالة ، مابالك هل تحاليلكسليمة
سكتت برهة ثم قالت
لا الحمد لله كلها سليمة
ولكني
تذكرت ابنتي التي ماتت بهذه المستشفى عند دخولي غرفة التحاليل
سكتنا
ثم أخذت الأخوات يصبرنها ويهدئن من روعها
فحمدت الله ثم سكتت
وبعد دقائق دخلت سيدة في العقد الرابع منعمرها ، أخذت تتحدث مع الأخوات ويالها والله من سيدة
من يستمع لحديثها يدرك لأول وهلة صفاءسريرتها وهدوء نفسها ورباطة جأشها ودماثة خلقها
فدخلت هذه السيدة مع الأخوات في حديثالأبناء وسألتها إحدى الأخوات كم لديك من أطفال
فقالت أنا عندي ولله الحمد ثلاثة منالأبناء مات منهم واحد ، وستة من البنات ماتت منهم واحدة
أخذت تتحدث عن وفاة ابنيها وعن معاناتها لفقدهم
ووالله يا أخوات لم تذرف دمعة واحدة وإنما عينان مبتسمتان راضيتانبقضاء الله
فسبحان من جعل للصبر في قلوب عباده درجاتومنازل
وكلا السيدتين نحسبهما إن شاء الله منالصابرات المحتسبات
ولا ننكر على التي لم تتمالك نفسها من البكاء
ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل علي ابنه إبراهيم وهو يجود بنفسه فجعلت عينا رسول الله تذرفان، قال عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا بن عوف، إنها رحمة،
إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون .
وفي الحديث المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا أو يرحم، وأشار إلي لسانه "
- أخرج الإمام مالك وأبو نعيم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى اللهعليه وسلم قال:
" ما يزالُ المؤمنُ يُصاب في ولده وحامِتِه حتى يَلقَى الله وليست عليه خطيئة " .
عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
" بخٍ بخٍ لخمس ما أثقلهُنَّ في الميزان: لا إله إلا الله، وسبحان الله والحمد لله، والله أكبر، والولد الصالح، يُتوفَّي للمرء المسلم فيحتسِبَهُ لله)صدق رسول الله
وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم :
أنه رأى صاحبياً يبكي على فرطاً له فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أومايسرك أنه الآن يلاعب أبني إبراهيم تحت ضل العرش قال بلا ) صدق رسول الله
في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" يقول الله عز وجل: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة"
يروي أن امرأة من الأعراب حجت ومعها وحيدها، فمرض عليها في الطريق ومات فدفنته بمساعدةالركاب الذين كانوا معها، ثم وقفت بعد دفنه فقالت: يا بني، والله لقد غذوتك رضيعاًوفقدتك سريعاً وكأن لم يكن بين الحالتين مدة ألتذ فيها بعيشك وأتمتع فيها بالنظرإلي وجهك، ثم قالت: اللهم منك العدل ومن خلقك الجور، اللهم وهبتني قرة عين فلمتمتعني به كثيراً بل سلبتنيه وشيكاً ثم أمرتني بالصبر ووعدتني عليه الأجر، فصدقتوعدك ورضيت قضاءك فلك الحمد في السراء والضراء، اللهم ارحم غربته واستر عورته يومتكشف العورات وتظهر السوءات، رحم الله من ترحم علي من استودعته الردم ووسدته الثري.
ثم لما أرادت الانصراف قالت: أي بني، لقد تزودت لسفري فيا ليت شعري ما زادك لسفرك ويوم معادك؟ اللهم إني أسألك الرضا عنه برضاي عنه، استودعك بني من استودعني إياك جنيناً في الأحشاء ومن يجازي من صبر في السراء والضراء.
أسأل الله بمنه وكرمه أن يبلغنا وأياكن حبيباتي الشهادة قبل الممات وأن يحسن خواتمنا
وأن يجعلنا عند النعماء من الشاكرين وعند البلاء من الصابرين
وصلي اللهم وبارك على محمد صلى الله عليه وسلم