بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
وددت لو أن شخصا آخرا قام بسرد هذه القصة لأتجنب الوقوع فيما يغضب رب العالمين ألا و هو الرياء. تفاديا لذلك، لم أتحدث عن بعض التفاصيل إلا بعد طلب من مشرفتي الحبيبة نرجس، رعاها الله و جزاها عني كل خير. فنزولا عند رغبتها حاولت جاهدة أن أفصل في بعض الأمور بكل أمانة و صدق.أدعو الله أن يجعل كل حرف كتبته في ميزان حسنات حبيبتي نرجس صاحبة هذه الفكرة التي أتاحت لي فرصة تعايشي من جديد مع أحداث قصتي من خلال كتابتها.رب لا تؤاخذني إن نسيت أو أخطأت
...............................
قصتي مع الترتيل
لقد اشتريت منذ مدة طويلة كتيبا يحوي أهم أحكام الترتيل و لكنني لم أستوعب شيئا عند تصفحه. حاولت مرارا و لكن دون جدوى.
وضعت الكتاب جانبا ولجأت إلى التلفزيون علني أجد ضالتي. تابعت بعض الحصص إلا أنني لم أستفد شيئا تقريبا.
منذ أقل من سنتين اقتنيت جهازا رقميا ليتسع نطاق اختياراتي الذي كان جد محدود. بدأت البحث فعثرت صدفة على قناة دريم 2 التي كانت تبث في تلك اللحظة برنامج « بلغ عني و لو آية ».
تابعت الحصة بكل شغف و فضول. جذبني الأسلوب السهل الممتنع الذي يتميز به فضيلة الشيخ أحمد عامر جزاه المولى جنان الفردوس فبدأت مشواري معه منذ ذلك اليوم وكنت جد مواظبة.
بعد فترة قصيرة لاحظت أنني بدأت أحاول تطبيق الأحكام. فعقدت العزم على البحث عن معلمة لتصحح لي إلا أنني لم أجد إلا القراءة على رواية ورش المتداولة رسميا في المغرب العربي.
و لئلا تختلط علي الأمور، توقفت عن متابعة الحصة التلفزيونية و انضممت في أواخر صيف 2007 إلى إحدى جمعيات التحفيظ لأتواجد على الأقل في مجلس تحفه الملائكة كل يوم تقريبا.
كان تركيز المعلمة منصبا حول الحفظ لكثرة عدد الطالبات. وعند التحاقي بالجمعية، لم أتلق إلا الدروس التي تلم بالأحكام الخاصة برواية ورش. ثابرت رغم ذلك و حاولت مع القراءة الجديدة و لكنني لم أفلح و نقصت بذلك وتيرة حفظي.
رغم تشجيع معلمتي ، حفظها المولى و جزاها عني كل خير، و ثنائها علي إلا أنني قررت أن أواصل البحث علني أعثر على ضالتي.
بلغت سعادتي أوجها عندما قيل لي إن معلمة تعطي دروسا في احد المساجد و هي تجمع بين الروايتين (ورش و حفص).. لم أصدق فقررت الذهاب إلى عين المكان لأتأكد من ذلك و اتضح أنه خبر يقين.
طلبت مني المعلمة أن أنضم إلى الأخوات و أحضر الدرس فقد لا يروق لي و أعدل بذلك عن المجيء.. لم أقتنع بكلامها في قرارة نفسي لأنني كنت سأعود حتما و إن لم أذعن لرغبتها.
بدا حماسي واضحا للعيان منذ الوهلة الأولى إثر سردي لقصتي مع الترتيل و رحب بي بحفاوة كبيرة.
و عندما حان وقت التطبيق و جاء دوري، رجوت المعلمة أن تمهلني بعض الوقت ريثما أتأقلم من جديد مع رواية حفص. و لكنها رفضت و أمرتني أن أرتل ما خصصته لي من آيات.
خفت منها فأطعتها مسلمة أمري إلى الله و كنت أفعل ذلك لأول مرة أمام الملأ. استرسلت في الترتيل بكل ثقة و شجاعة و ما إن قلت صدق الله العظيم حتى انهالت علي التعليقات : ما شاء الله... تبارك الله...أين كنت ؟...لماذا لم تنضمي إلينا من قبل ؟
لم أغتر بفضل المولى و اعتبرت ذلك مجاملة لطيفة لتحفيزي.. شكرت الجميع ووعدتهن بالعودة لأنهل من ذلك المجلس المبارك ما تاقت إليه نفسي إلى درجة أنني رأيت الشيخ أحمد عامر في منامي مرتين.. ووفيت بوعدي.
و رغم أن أغلب الأحكام (و أهمها الصفات و المخارج) فاتتني إلا أن ما تعلمته بمفردي من خلال التلفاز ساعدني على تدارك الأمر و اللحاق بأخواتي.
نجتمع حول مائدة القرآن أسبوعيا في جو أخوي يسوده التنافس و بخاصة خلال فترة تطبيق الأحكام إذ تشرئب أعناقنا لننصت جيدا و نتفادى بذلك الوقوع في الأخطاء نفسها. أما إذا جاء دوري فكأن على رؤوسهن الطير.. إذ كن كلهن آذانا صاغية.
و لكم تكون فرحة الواحدة منا عارمة إذا لم تنبس المعلمة الفاضلة ببنت شفة أثناء الترتيل.. كانت الابتسامة التي تعلو ثغرها لا تستدعي أي تعليق و تغني عن كل إطراء.
و في الحقيقة لم ينل هذا الشرف غيري (مرتين إذا لم تخنني الذاكرة).
و أذكر أنه عندما حدث ذلك في المرة الأولى، اضطرت المعلمة أن تطلب مني إعادة ترتيل آية (أو آيات) لتتأكد ما إذا أخطأت فعلا حسب قول إحدى الأخوات.. رتلت ثانية و أظنني أبدعت لأن ابتسامة المعلمة ازدادت عرضا.. الحمد لله على فضله.
و لا يفوتني بالمقابل أن أذكر أغرب ما حدث لي خلال إحدى الحصص : ارتبكت أثناء الترتيل و أصبحت أضم المنصوب و أنصب المرفوع و أفخم ما ينبغي ترقيقه و .........
و ما أدهشني هو الغبطة التي لمستها في أخواتي.
و الأغرب أن امرأة مسنة يشع النور من وجهها (من فوج محو الأمية) أرادت تقليدي عندما أمرتها المعلمة أن ترتل.
سبحان الله.. كنت في الحضيض في ذلك اليوم في حين تحسن الكل.. و هناك من من الله عليها بصوت رخيم تقشعر له الأبدان عند سماعه.. إلا أن المرأة الطيبة أعجبت بي و طلبت مني أن أسمعها المزيد يوما ما.. لم أشأ تأجيل الأمر لأن حالتها النفسية بدت لي سيئة.. انزوينا في أحد أركان المسجد و أذكر أنني أسمعتها سورة الجمعة و كنت جد خاشعة أثناء تلاوتها فبكيت و بكت هي الأخرى و تأثرت كثيييرا..
لم أعر أية أهمية لموقف الأخوات بل اعتبرته مشروعا بدليل قول الله عز و جل : « وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ». هذا من جهة، و من جهة أخرى كنت أشعر بحبهن لي و اشتياقهن إلي كلما تغيبت (لظروف قاهرة) إذ كنت أحظى بترحيب مميز..
لم أتوقف عن التدخل دون هوادة أثناء الدرس:
فتارة أعيد صياغة شرح المعلمة (بعد طلب الإذن) إذ أنني أحبذ التفكير بصوت عال علني أفيد أحدا.
و كنت، تارة أخرى، أقول لإحدى الأخوات : « ابتسمي عند ترقيق حرف وقطبي جبينك عند التفخيم. »
و كنت أقول للأخرى : « تدربي في المنزل و استعيني بالمرآة لتتأكدي من زيادة حجم خيشومك عند الإتيان بالغنة. »
و تحضرني في هذا المقام تعقيبات بعض الأخوات : « ما أصعب فعل ذلك..»..« كيف سأبدو إذا فعلت هذا و حجم أنفي كبير أصلا ؟ »
عجبا.. أو لا نقتدي بخير الأنام حبيبنا المصطفى صلوات الله عليه و سلامه الذي كان يعطي لكل حرف حقه و مستحقه.. ألا يستحق ذلك عناء بعض التمرينات الرياضية لعضلات الوجه.. و هناك من يمارس رياضة أصعب بكثير لمجرد المتعة و الترويح عن النفس..
لم لا نتخيل مآل شكلنا بعد قراءتنا السليمة لما حفظناه و ارتقائنا إثر ذلك، بإذنه تعالى، لأسمى الدرجات.. أو لن يبدع رب العالمين في تصويرنا من جديد كما وعدنا.. لم نكون قصار النظر و خيرات جمة تنظرنا..
كنت أكرر على مسامعهن ما لقنني إياه فضيلة الشيخ أحمد عامر عن بعد.. كنت لا أكل و لا أمل و أحاول دوما أن أكون نافعة بشكل أو بآخر.
و في يوم من الأيام انتابني شعور بالذنب و قررت أن أضرب عن الكلام..
خيم الحزن على المجلس و افتقدت بذلك النشاط الذي كنت أثيره في نفوس الأخوات..
و في آخر الحصة، شرحت موقفي قائلة : « خشيت أن أكون قد أسأت (بصفة خاصة) إلى المعلمة بإثارة الفوضى من جراء تدخلاتي فقررت اللجوء إلى الصمت. لك أن تفصليني أستاذتي إذا أردت و لكنني لن أقوى على خوض التجربة من جديد. »
لم تستطع معلمتي الفاضلة كتمان ما كان يختلج في صدرها و قالت : « أطمع أن يكون تواجدك بيننا إشارة إلى حب الله لي إذ كنت خير عون لي. فاليوم مثلا، أعتقد أن الدرس لم يستوعب جيدا بسبب عزوفك عن الكلام. »
تحضرني في هذا الصدد حادثة طريفة : عندما انضمت إلينا إحدى الأخوات ( و هي مدرسة معي) أسدت إلي نصيحة قائلة :« اسكتي قليلا فانك تبالغين. تخيلي ما سيكون موقفك من تلميذ يتصرف في القسم على هذا النحو.. »
سبحان الله.. ما إن سمعتها إحدى الأخوات حتى صرخت في وجهها قائلة لها : « اتركيها تتكلم لنستوعب أكثر.. » كانت جد منفعلة حتى خيل إلي أنها ستوجعها ضربا.. لا أذكر إذا أسعفها لسانها لتقول جملة مفيدة.. أذكر فقط أنها ذهلت لرد فعل تلك الأخت و رضخت للأمر الواقع..
عادت الحيوية إلى المجلس الذي أصبح متنفسا لي : لا أتغيب إلا لالتزامات مهنية.. أحطت علما كل من اعتاد على زيارتي لسبب أو لآخر أنني غير متاحة في ذلك اليوم لئلا أحرم من الفرصة الذهبية التي لم تتح لي إلا بعد جهد جهيد.. أما إذا مرضت فبذهابي هناك تتحسن حالتي.. سبحان الله..
تضاءل عدد أخطائي كثيرا بفضل المولى عز و جل و أصبحت أولي أهمية أكثر للحفظ إذ لم يعد الترتيل يقف حجرة عثرة في طريقي.
لقد قطعت فيما مضى أشواطا كثيرة من هذا المشوار الطويل و لكنني عدت أدراجي لتقاعسي و فتور همتي إذ لا يسعني في هذا المقام إلا أن أقول « رب عذر أقبح من ذنب». و ها أنا ذا أعيد الكرة على مهل و في تؤدة و لكن بكل عزم و علو همة عسى الله أن يكفر عني ما ترتب من ذنب عما ضيعته من حفظ.
أدعو الله أن يجعلني ممن يرتلون القرآن و هم حافظون له و لحقه

salamamane @salamamane
عضوة نشيطة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.


salamamane
ماشاء الله لاقوة إلا بالله عليك وعلى همتك العالية الله يزيدك يارب من فضله
وجزاك الله خيراً وبارك فيك وأسأل الله أن يجعلك من يرتلون القرآن و هم حافظون له و لحقه
وجزى الله المشرفة نرجس خير الجزاء
ماشاء الله لاقوة إلا بالله عليك وعلى همتك العالية الله يزيدك يارب من فضله
وجزاك الله خيراً وبارك فيك وأسأل الله أن يجعلك من يرتلون القرآن و هم حافظون له و لحقه
وجزى الله المشرفة نرجس خير الجزاء

آمين يا رب العالمين..
جزاك الله كل خير أختي في الله قاهرة الصعاب RH
مرورك أسعدني جدا..
:26::26::26:
جزاك الله كل خير أختي في الله قاهرة الصعاب RH
مرورك أسعدني جدا..
:26::26::26:

السلام عليكم حبيباتي في الله
فتحت رابط منتداي الغالي بحثا عن برنامج كنت قد رايته فيه من قبل، فعرجت على قسمي المحبب الى نفسي...حلقات تحفيظ القرآن الكريم... ليشدني عنوان موضوعك اخية...هدية الى مشرفتي الغالية نرجس.. ابتسمت من كل قلبي لاني و الله لأفرح لكل ما يمكن ان يدخل الفرحة الى قلبي غاليتي نرجس جزاها الله عنا كل خير..فاني و الله احبها فيه.
لكني قرات موضوعك اخيتي الغالية و اخبار همتك الغالية..و لا اعرف لمادا... لكني بكيت..
ربما لما رايته في نفسي من تقصيري و الناس من حولي مجدون لنيل رضى الرحمن..
بارك الله لك اخيتي في همتك و اعلاها في كل ما يرضيه حتى تلقينه وهو لك محب و عنك راض
فتحت رابط منتداي الغالي بحثا عن برنامج كنت قد رايته فيه من قبل، فعرجت على قسمي المحبب الى نفسي...حلقات تحفيظ القرآن الكريم... ليشدني عنوان موضوعك اخية...هدية الى مشرفتي الغالية نرجس.. ابتسمت من كل قلبي لاني و الله لأفرح لكل ما يمكن ان يدخل الفرحة الى قلبي غاليتي نرجس جزاها الله عنا كل خير..فاني و الله احبها فيه.
لكني قرات موضوعك اخيتي الغالية و اخبار همتك الغالية..و لا اعرف لمادا... لكني بكيت..
ربما لما رايته في نفسي من تقصيري و الناس من حولي مجدون لنيل رضى الرحمن..
بارك الله لك اخيتي في همتك و اعلاها في كل ما يرضيه حتى تلقينه وهو لك محب و عنك راض
الصفحة الأخيرة
بارك الله فيك ياعزيزتي salamamane
وجعلك ممن يقال لهم يوم القيامة ( اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا )
وشكراً على هديتك الرائعة فأنا فعلا قد طلبت ذلك من salamamane
بعد أن سمعت تلاوتها وكانت جيدة ماشاء الله تبارك الله ، وحكت لي كيف استفادت كثيراً من دروس الشيخ ( أحمد عامر )
فأعجبني ذلك كونها لم تستلم حين لم تجد من يعلمها فاستفادت من التقنية الحديثة ..
وفي هذا دعوة لكل من أرادت تعلم التجويد واستصعب عليها الخروج من المنزل أن تتعلم من برامج التجويد الموثوقة سواء من القنوات الاسلامية أو من مواقع النت أو غيرها ..
وكانت salamamane تحكي لي طريقتهم في حلقة الذكر وبعض الأحداث الجميلة فأسر كثيراً وأتمنى أن تشاركنا أخواتنا في المنتدى سماعها ..والأمر بإذن الله لارياء فيه لأننا لانعرفها بذاتها والله تعالى يقول (إن تبدو الصدقات فنعما هي )
وفي هذا الزمن نحتاج كثيراً نشر أخبارنا الطيبة في الوقت الذي أصبحت تروج وتنشر الأخبار التي تحمل رزايا وأخطاء شباب الأمة حتى لكأن الأمة لا خير فيها ..
لم الشر يفصح عنه ليؤلمنا ، والخير يخبأ لنحرم طيبته وحلاوته ؟؟!!
فجزيتِ ياغاليتي أعالي الجنان وبلغك الله أعلى المراتب في الدنيا والآخرة ..:26: