السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكلتي .. وما ادراكن ما مشكلتي ..؟؟!!
احداثها تدع الحليم حيران .. ووقعها على قلبي .. كهزيم الرعد ..
اثقلت كاهلي .. وحرمتني لذيذ النوم ..
فاصبحت كالمريضة .. يعلو محياها الهزل والأرق والخمول ..
عقلي المتأزم .. لم يدع شاردةً ولا واردةً .. إلا .. ومر عليها .. مرور المنهك .. المتعب .. الوجل .. !!
حاولت طرق جميع الابواب .. فوجدت ان لا حيلة لبعضهم .. ولا جواب من البعض الآخر ..!!
تطوووول أزقة وشوارع مشكلتي .. !! وأتيهُ في وديانها السحيقة .. !!
تلطمني امواجها العاتية .. فتزج بي الى قعر بحورها .. حيث لا مفر ..!!
عندما يكويني لهيبها .. اتمنى اني متُّ قبل هذا .. وكنت نسياً منسيا ..
وفي اقل ما اتمناه .. ان اكون كالطائر .. همي هو اطعام صغاري الجياع .. وبناء عشي الوثير ..!!
قِواي خارت .. وطموحاتي تبددت .. وامنياتي تَيَتَّمت ..
لن أحكي لكن عما كابدته وسادتي .. معي .. من عظيم الأسى ومرارة الألم ..
فهي الوحيدة التي تستقبل فائض دمعاتي الحارة .. المثقلة بالانين والحزن ..
وهي الوحيدة التي تستأصل مخزون اتراحي من اعماقها ..
فتتركني ارقرق الدمع .. حتى ألوذ الى نووووم عميق ..
اصحو بعده على الآمٍ متجدده .. لم يُجدِ بها الاستئصال.. فهي اقوى من مشرط المعالج ..!!!!
لا أحد اظنه يعاني ماعانيت .. ولا يقاسي ماقاسيت ..!!
ولا أحد اظنه مر على جمرٍ تذيب حرارته الحديد .. وتصهر قساوته الجلود ..!!
فمهما اجتمعت مشكلات العالم بأسره .. لن تبلغ معشار مشكلتي ..!!
لا اعلم لماذا احس بأني وحيدة .. ؟؟
ولا اعلم لماذا نظرات من حولي تشعرني بالنقص ..؟؟
ولا اعلم كيف تكوَّن حولي حصناً لا يخترقه الضوء ولا الهواء .. حتى بت اشعر بالاختناق ..؟؟
واصبحت كالكسيرة .. التي لا عائل لها ولا منقذ ..!!
تكالبت علي الهموم والغموم .. وتكاثرت المآسي والألام ..
بدأت افقد السيطرة على نفسي ..
فتارةً ابكي .. وتارةً اسرح بالتفكير .. وتارةً انوح بأعلى صوتي .. لكن من يجيب ..؟؟؟؟
احاول الهروب من مشكلتي القاسية .. ولو في احلامي .. التي غلبتها الكوابيس ..
لكن هيهات هيهات ..!!
فهل اجد لديكن حلاً لها .. ؟؟؟؟
كثيراً ما تمر علينا تلك الحالة .. او بعضها ..
والكثير منا ذاق مرارة الألم .. من المشاكل .. التي تقع على عاتقه ..
فتنجرف انهار الدموع الغزيرة .. التي قد تعمي ابصارنا من كثافتها ..
ونجد انفسنا وقد انطوينا في زاويةٍ من زوايا الحياة المظلمة والموحشة ..
حيث اخذ منا الأنين مأخذه .. وباتت الزفرات والآهات تتعاقب في الخروج من ارواحنا اليائسة ..
نتخبط في خضم الهموم .. فنلقي اللوم على المتسبب تارةً .. وتارةً اخرى نلوم انفسنا ..
فتضربنا سياط الحيرة .. وتحرقنا هواجس محاسبة النفس .. ويتدفق اليأس الى اعماقنا ..
حيث نهدم هناك ماتبقى من الحياة .. ونبني النظرة السوداوية المتشائمة ..!!
فلا أمل من النجاة .. ولا رجاء في بزوغ فجرٍ جديد .. ونستمر في الدوران في حلقةٍ مفرغة .. !!!!!
وقد ينتابنا الجزع .. والاعتراض .. والتسخط ..
فنتساءل في قرارة انفسنا ..
لماذا يارب .. ولماذا انا بالذات يحدث لي هذا ..؟؟
لماذا تتعطل افراحي .. وتوأد سعادتي ..؟؟
وانتشل بقايا نفسي المكلومة من بين اتراحي ..؟؟
لماذا لا أكون مثل فلانه .. في تنقلاتها بين المشرق والمغرب .. !!
او مثل تلك التي تتدفق عليها الأموال .. بلا حسيبٍ او رقيب .. !!
او مثل تلك التي تجر زوجها خلفها .. ولا تأبه به .. !!
لم اكن اقل من تلك التي اعتلت اعالي الرتب .. فلماذا لم ينالني ما نالها ..؟؟
لماذا لم ارزق بالذرية .. فمن هن في مثل سني .. انجبن الاثنين والثلاثة ..؟؟
لماذا لم يحالفني التوفيق في دنياي ..؟
لماذا يتسلط علي الخلق .. وتؤذيني ألسنتهم وافعالهم ..؟؟
لماذا هذه تلمز .. وهذه تسب وتشتم .. وهذه تتعدى وتخطئ..؟؟
فلست اقل منهن في مستويات الجمال والعلم .. والجاه والمنصب ..!!
لماذا .. ولماذا .. ولماذا .......؟؟؟؟؟؟؟؟
مشكلتي مهما عظمت .. فحلها بعد توكلي على الله بيدي .. ويدي انا وحدي ..
مشكلتي مهما تفاقمت .. فمن سيوقفها هو تعلقي بالله وحده .. وليس بعباده ..
مشكلتي مهما بلغت .. فالله سبحانه هو من يستطيع ابادتها ..
مشكلتي مهما وصلت .. فالله جلَّ في علاه من سيعيد المياه الى مجاريها ..
مشكلتي مهما كَوَت .. فالله سبحانه قادر على تبريدها ..
مشكلتي مهما اعيت .. فالله سبحانه هو الطبيب الشافي المعافي ..
مشكلتي مهما آذت .. فالله سبحانه سيكفر بها الخطايا ..
مشكلتي مهما استعصت .. فليست على الله بعزيزة ..
ان استسلمت لقضاء الله وقدره ..
ان سلمت الأمر كله لله ..
ان عملت بما يقتضيه الله ..
ان فوضت امري الى الله ..
ان تركت مايغضب الله ..
ان اتبعت ما ارشدني اليه الله ..
ان وجهت وجهي لله .. فدعوته .. ورجوته .. وانطرحت بين يديه ..
باكيةً .. متوسلةً .. وجلةً ..
ارجو رحمته .. واتمنى عافيته .. وعظيم هباته ..
فوالله لن يردني الله خائبه .. وسيحقق لي ما اريد ..
فستنجلي همومي .. و ستفارقني غمومي ..
وستشرق شمس الأمل في نفسي ..
وستتغير نظرتي للحياة ..
وسيتجدد وسيتوالد الفرح والسرور .. والخير والحبور ..
فمن وجدت الله وذاقت حلاوة الايمان
لن تزعزعها هموم الدنيا .. ولا نكباتها ..
بل ستشعر المتلقية لأي مصيبة .. بأن الله اختارها من بين الخلائق لمحبته لها ..
وستدرك كلٌّ منا .. ان الله لم يكن ليبتليها بأمرٍ ..
الا وقد رفع الله بها درجاتها .. او حط عنها من خطيئاتها ..
وان الله اجتبى لها خيراً من وراء تلك المحنة .. التي اتت منحةٍ ربانية .. من كريمٍ رحيم ..
فسيغدق الله عليها هباته ورحماته .. وعظيم منه وبركاته ..
قال صلى الله عليه وسلم (إذا أحب الله قوما ابتلاهم ، فمن صبر فله الصبر ، ومن جزع فله الجزع)
وقال صلى الله عليه وسلم (أعظم الأجر عند عظم المصيبة ، وإذا أحب الله قوما ابتلاهم)
ولعل الله له حكمة من هذه الابتلاءات ..
فالله سبحانه .. يحب ان يسمع انين التائبين ..
وتسبيح الصالحين .. واستغفار المستغفرين في الأسحار .. وقيام القائمين .. في جوف الليل ..
يحملون في انفسهم سهاماً لا تخطئ .. ودعواتٍ يستحي الكريم ان يردها صفرا ..
قال تعالى { إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}
و قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا ، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا ، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ )
ولعل الله اراد من تلك المحن ..
تكفيراً وتمحيصاً لذنوب سبقت .. ومعاصي منا قد اقترفت ..
فلوثت تلك الصحائف الطاهرة .. ونكتت نُكتاً سوداء ..
فتولى سبحانه تنقيتها من قلوبنا وعقولنا .. كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ..
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ العَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ ، فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ سُقِلَ قَلْبُهُ ، وَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ ، وَهُوَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ ) {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ }
ولعل الله سبحانه وتعالى
ابتغى من تلك المصائب ان تنكشف بعض الحقائق المخفية ..
وتتضح المكنونات حتى تكون جليه ..
ويعرف العدو من الصديق ..
فتبينت لنا الأمور .. وانكشف المستور .. وبان لنا الحق من الفجور ..
ولعل الكريم الرحيم
اراد تصفية الشوائب العالقة بعبده المؤمن .. حتى يقبضه اليه وليس عليه خطيئة ..
عن مصعب بن سعد عن أبيه قال ( قلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاء قال : الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل فيبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان دينه صلبا اشتد بلاؤه وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة ) ..
و قال النبيُّ - عليه الصَّلاة والسَّلام -: ( لا تقوم الساعة حتى يأخذ الله شريطته من أهل الأرض، فيبقى فيها عَجَاجَة لا يعرفون معروفًا ولا ينكرون منكرًا )
ولله في كل مامر وما يمر وما سيمر علينا حكمةٌ .. لا يعلمها الا هو سبحانه وتعالى ..
فقط نرضى .. ونسلّم الأمرلله الحكيم سبحانه ..
وان اردنا تخفيف وقع الألم .. فعلينا بالأدوية الشافية بعد اذن الله ..
ملازمة الاستغفار .. وذكر الله في السر والعلن .. ( الابذكر الله تطمئن القلوب)
وقراءة القرآن .. ربيع القلوب ونور الصدور .. وجلاء الهموم والأحزان ..
ومراقبته في الغيب و الشهادة .. والابتعاد عن كل محظور ومنكر ..
فمن عَرِف الله في الرخاء .. عرفه في الشدة ..
واتباع سنة هدي نبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم في الادعية الواردة عند حلول المصائب ..
ختاماً
لكل مشكلةٍ حل ..
ومع كل أسيةٍ عطية ..
وفي كل بلوى عافيه ..
والصبر مر وعلقم .. لكن .. نتائجه شهدٌ وبلسم ..
اللهم انا نسألك يقيناً تهون به علينا مصائب الدنيا
ونسألك ايماناً تقوي به عزائمنا
واحتساباً ترفع به درجاتنا
ونسألك اللهم
لساناً ذاكراً
وعقلاً شاكراً
وقلباً خاشعاً
وجسداً على البلاء صابراً
اختكن في الله
اطياف سدير
.