يسرني يا أخواتي الغاليات أن تكون أول مشاركة لي هي في هذا المنتدى الرائع
والذي يهتم بفئة معلمات وحافظات كتاب الله تعالى
أسأل الله أن يوفقني في طرح هذا الموضوع وأن ينال على رضاكن واستحسانكن
وأن تحصلن على الفائدة المرجوة منه .
مصابيح مضيئة في طريق حاملات النور

الحمد لله الذي نزل كتابه تبياناً لكل شيءٍ وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إله واحد ، لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله . اللهم صل وسلم على هذا النبي العظيم نبينا محمد ، وعلى آله وأصحابه ، والذين اتبعوهم بإحسان ، رضي الله عنهم ورضوا عنه ، اللهم اجعلنا في زمرتهم ، واحشرنا معهم يا رب العالمين ، آمين . وبعد :
فقد خص الله الأمة الإسلامية ، وشرّفها ، وأنعم عليها بهذا القرآن العظيم ، فكانت به خير أمةٍ أخرجت للناس فهو النور المُبين الذي يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ، وهو أحسن الحديث الذي تقشعر من جلود الذين يغشون ربهم .
ومن الله على المصطفين الأخيار من عباده ، فأورثهم كتابه ، وهيأهم لحمل أمانته ، فكانوا أحق بها وأهلها ، فعكفوا على كتابه دراسة وتعلما وتلاوة وتدبرا وحفظاً وتحفيظا ، ولا عجب في ذلك فإن الله تعالى قد تكفل بحفظ كتابه ، فهنيئاً لمن حفظ الله تعالى كتابه بهم ، فقد نالوا شرف أهليته ، فهم أهل الله وخاصته ، وأعظم به من شرف !
لكن لابد لنيل هذا المجد أن يخلص المرء عمله لله .. وتلاوته لله .. وقد قمت بجمع واقتطاف ما تيسر لي من الفضائل والآداب والأخلاق التي يجب أن تتحلى بها طالبة ومعلمة القرآن .. والتي أسأل الله أن تكون مصابيح هدى وخير لكل الحاضرات في هذا الجمع المبارك وأول ما سنستعرضه هو نتف من فضائل القرآن ، ثم نعرج على آداب الطالبة ، ثم نتكلم عن آداب المعلمة أيضاً . نبدأ بسم الله :
من فضائل القرآن الكريم
أختي الفاضلة: إن فضائل القرآن الكريم عظيمة وجليلة ويكفيه فضلاً أنه كلام الله
ويكفيك فخرا وشرفاً غاليتي أنك تحفظين كلام الله .. الذي يعد حفظه من خصائص هذه الأمة المباركة، والحمد لله لا يزال حفظ القرآن شعاراً لهذه الأمة ، وشوكة في حلوق أعدائها ، تقول المستشرقة لورا فا غليري : ((إننا اليوم نجد على الرغم من انحسار موجة الإيمان آلافاً من الناس القادرين على ترديده عن ظهر قلب ،وفي مصر وحدها عدد من الحفاظ أكثر من عدد القادرين على تلاوة الأناجيل عن ظهر قلب في أروبا كلها)) ، إذاً الحمد لله الخير موجود ، والقرآن مازال موجوداً على الرغم من كيد الأعداء ، ومكر الماكرين (يريدون ليطفؤ نور الله بأفواههم) ولكن هيهات فقد تكفل الرحمان بحفظه فقال :{إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} . وخير ما يدل على وجود القرآن هو حلقات تحفيظه المنتشرة والحمد لله في كل أرجاء هذه البلاد المباركة ، وإنما مما يساعد النفس على علو الهمة في حفظ القرآن هو معرفتها بفضائل القرآن العظيمة ، وبركاته الجليلة .. وسأذكر هنا ما تيسر لي من جمعه من الفضائل ، التي أسأل الله أن تكون باعثاً على علو هممكن وشد عزائمكن :
1- عن أَبي أُمامَةَ رضي اللَّه عنهُ قال : سمِعتُ رسولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقولُ : « اقْرَؤُا القُرْآنَ فإِنَّهُ يَأْتي يَوْم القيامةِ شَفِيعاً لأصْحابِهِ » رواه مسلم ، حين تلم بالواحدة منا حاجة من حوائج الدنيا ، فتضيق السبيل أمامها ، وتغلق الأبواب في وجهها ، فإنها تبحث عن فلان وفلانة من الناس لتكون لها شفعياً في حاجتها وقاضية لها .
فما بالك أختي بالحاجة الأم ، والقضية الأساس ، التي يلقاها العبد أمام الله عز وجل؟ ما بالك بهذه القضية التي يكون المرء فيها رهن عمله وما قدم ، أليس يحتاج فيها إلى الشفاعة؟ فكيف بمن يشفع لها القرآن؟
بمن تأتي سور القرآن – كما قال رسول الله – تحاج عنها ، تحاج عن صاحبتها التي أمضت وقتاً ودهراً من عمرها في حفظها وتلاوتها وتعلمها وتعليمها ؟ فالله الله بقراءة القرآن .
2- لقد جعل الله تبارك وتعالى من الناس صاحب المال الوفير ، وصاحب المكانة العالية بين الناس ،وجعل منهم صاحب الجاه والشهرة فيشير الناس لأحدهم ويتطلعون إليه ويحسدونه على ما هو عليه ولسان حال كل منهم يقول :"يا ليتني مكانه"
أما الذي يستحق الغبطة حقاً ، ويستحق أن يتبوأ هذه المكانة، فهو حامل كتاب الله عز وجل .
عنِ ابن عمر رضي اللَّه عنهما عن النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « لا حَسَدَ إلاُّ في اثنَتَيْن : رجُلٌ آتَاهُ اللَّه القُرآنَ ، فهوَ يقومُ بِهِ آناءَ اللَّيلِ وآنَاءَ النَّهَارِ ، وَرجُلٌ آتَاهُ اللَّه مالا ، فهُو يُنْفِقهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النهارِ » متفقٌ عليه .
3- وعن عائشة رضي اللَّه عنها قالتْ : قال رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « الَّذِي يَقرَأُ القُرْآنَ وَهُو ماهِرٌ بِهِ معَ السَّفَرةِ الكرَامِ البررَةِ ، والذي يقرَأُ القُرْآنَ ويتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُو عليهِ شَاقٌّ له أجْران » متفقٌ عليه .حافظ القرآن مع السفرة الكرام البررة ، وأولئك السفرة اختارهم الله تبارك وتعالى ،وشرفهم بأن تكون بأيديهم الصحف المطهرة {في صحف مكرمة. مرفوعة مطهرة . بأيدي سفرة كرام بررة}، وما نفتاء نرى النساء اليوم يفتخرن حين ينسبن إلى عظيم من العظماء ، أو امرأة تحمل الشهرة والاسم اللامع ولو كان ذلك في ميدان الغناء أو اللهو الباطل ، فهنيئاً لهؤلاء ما اختاروه من هوان لأنفسهن ، وهنيئاً لكن حفظة كتاب الله حين اخترتن أن تكن مع السفرة الكرام البررة . هنيئاً .
أختي الطالبة : إن أدب المرء عنوان سعادته وفلاحه ، وقلة أدبه عنوان شقاوته وبواره ، فما استجلب خير الدنيا والآخرة بمثل الأدب ، ولا استجلب حرمانها بمثل قلة الأدب .
ومن الآداب المجمع عليها : الأدب مع المعلمين ، يقول ابن حزم –رحمه الله- : ((اتفقوا على توقير أهل القرآن والإسلام والنبي صلى الله عليه وسلم ، وكذلك الخليفة والفاضل والعالم)) ، فإن من توقيرك للعلم الالتزام بآدابه التي حث عليها القرآن مع المعلم ومع غيره ... وسنستعرض جملة من آداب حاملة القرآن ، لعل الله أن ينفع بها حاملات القرآن :
أولا : أن يكون هدفها من الحفظ رضا الله عز وجل .
ألا سألت إحداكن نفسها هذا السؤال: لماذا أحفظ القرآن؟ ألأني صحبت صديقات يحفظن فحفظت معهن؟ أم لأني درست في مدرسة تحفيظ القرآن؟ أم ليقال حافظة؟ أم لأن والدي ألزمني بذلك . فهلا حرصتِ غاليتي على تصحيح النية واستصحاب الإخلاص لله وحده ، وأن تقصدي بتعلمك للقرآن تحلية باطنك ، ونقاوة نفسك ، وطهارة سريرتك ، وأن تقصدي به القرب إلى الله ، والترقي إلى جوار الملأ الأعلى .
عن إياس بن عامر قال أخذ علي بن أبي طالب رضي الله عنه بيدي ثم قال : ((إنك إن بقيت سيقرأ القرآن ثلاثة أصناف، فصنف لله ، وصنف للجدال ، وصنف للدنيا ، ومن طلب به أدرك )) أخرجه الدرامي فانظري غاليتي من أي صنف أنت ؟ .
ثانياً : الأخلاق الفاضلة والحميدة .
يجب على حاملة القرآن أن تكون على أكمل الأحوال ، وأكرم الشمائل ، وأن ترفع نفسها عن كل ما نهى القرآن عنه إجلالاً للقرآن ، وأن تكون مصونة عن دنيء الاكتساب ، شريفة النفس ، مترفعة على الجبابرة والجفاة من أهل الدنيا ، متواضعة للصالحين ، وأهل الخير والمساكين ، وأن تكون ذات سكينة ووقار ، فقد جاء عن عمر ابن الخطاب أنه قال : يا معشر القراء ، ارفعوا رؤوسكم ، فقد وضح لكم الطريق ، واستبقوا الخيرات ولا تكونوا عيالاً على الناس .
وعن الفضيل بن عياض –رحمه الله- : حامل القرآن حامل راية الإسلام ، لا ينبغي له أن يلهو ، ولا يسهو مع من يسهو ، ولا يلغوا مع من يلغو . وكل هذا تعظيماً لحق القرآن .
وإننا لنجد في هذا الزمان ما يندى له الجبين ويقشعر منه البدن ، حين نرى إحدى الحافظات لكتاب الله تتكلم بالنميمة وتغتاب صديقاتها وتلمز جارتها وتلبس العريان والشفاف الواصف لجميع بدنها ، وكأنها لم تقرأ كتاب الله ولم تعرف ما فيه ، وكل هذه الأشياء سببها عدم الإخلاص لله عز وجل في طلب العلم وتلاوة القرآن إذ كيف تقرأ قوله تعالى : {ويل لكل همزة لمزة} ثم لا تتعظ و لا تخاف من عقاب الله ؟ وتقرأ قوله تعالى : { وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} ثم لا تمثل لأمر الله تعالى وتتبرج في حجابها ، وتتكشف أمام أبناء عمها ، وإخوة زوجها ، وحجتها أنهم من الأهل والأقرباء ولا نخاف من أنفسنا عليهم ، أهذه بالله عليكن نستطيع أن نطلق عليها لقب الحافظة لكتاب الله ؟
إن يجب أن نصون أنفسنا وألسنتنا وأيدينا وأعيننا وأرجلنا وقلوبنا عن كل ما حرم الله وأن نكون على أفضل الأحوال وأكرم الشمائل لأن هذا من واجب القرآن علينا .
ثالثاً : الأدب الجم مع المعلمة ويكون في أمور :
1- السلام عليها عند حضورك إلى التحفيظ ، فلا يكفي أن تسلم عن بعد بل تعمم الطالبات وتخص المعلمة بالمصافحة لأن هذا من الإجلال لها وإنزالها منزلتها يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ((من حق المعلم على الطالب أن يسلم على الناس عامة ، ويخصه دونهم بتحية))
2- أن تتأدب في مجلسها : فلا تأتي بأعمال تزعج المعلمة كالكلام مع الصديقات من غير داعي ، أو الخروج بدون إذن منها ، وكذا الدخول عليها بدون تسليم ، وأن تجلس أمامها بسكينة ووقار فلا تعبث بشعرها ولا تلعب بأصابعها ولا تشغل نفسها بالتلفت يمنة ويسرة من غير حاجة ، ولا ترفع صوتها على معلمتها في الأحاديث الجانبية بل تخفض صوتها إجلالاً وتعظيماً وتأدباً والأدب مع المعلمة من الأدب مع الله ، ومن تعظيم شعائر الله {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} ، وإننا نحن معاشر الطالبات نفتقر إلى هذه الخصلة المهمة جداً ونسأل الله أن يعفو عنا وأن يتجاوز عن سيائتنا في معلمتنا .
3- التواضع لها وعدم التكبر عليها : أن ن لا تتكبر على المعلمة ولا على العلم .. لأن العلم وخاصة القرآن يضيع بين (الكبر والخزي والكسل) ، فيجب أن تكوني متواضعة ، لأن الكبر دافع إلى الأنفة من الناس ، ومن أنف منهم بعد عنهم ، ومن بعد عنهم انقطع به سبيل المعرفة ، والخزي يمنعك من التساؤل .. فالعلم خزائن ومفاتيحها السؤال .. فيجب على الطالبة التواضع الشديد للمعلمة ، وقد قال ابن جماعة رحمه الله :" ويعلم –أي الطالب- أن ذله لشيخه عز ، وخضوعه له فخر ، وتواضعه له رفعة . ويقال إن الشافعي رضي الله عنه عوتب على تواضعه للعلماء فقال :
أهين لهم نفسي فيكرمونها**ولن تكرم النفس التي لا تهينها .
4- الصبر على جفوة المعلمة : ولا يصدك ذلك عن ملازمتها والأخذ منها ، فلعل جفوة المعلمة في مصلحتك وأنت لا تشعرين بها .. وإن جفتك المعلمة ابتدئي أنتِ بالإعتذار إليها ، وأظهري أن الذنب لك واللوم عليك ،فذلك أنفع لك في الدنيا والآخرة ، وقد قالوا : ((من لم يصبر على ذل التعلم بقي طول عمره في عماية الجهالة ، ومن صبر عليه آل أمره إلى عز الآخرة)) ، ومنه الأثر المشهور عن ابن عباس رضي الله عنهما: (ذللت طالبا ، فعززت مطلوباً) .
رابعاً : التأدب مع الرفيقات .
وهذا من الأدب مع المعلمة ، فيجب أن تحترم الطالبة كل واحدة من صديقاتها، فلا تعبث بمصاحفهن، ولا ترفع صوتها عليهن ، فتحترم الكبيرة منهن وترحم الصغيرة منهن ، ولا تعطلهن عن الحفظ والتسميع بكلام لا فائدة فيه أو المزاح المفرط ، وأن تعين رفيقاتها إذا طلبن منها العون ، وأن توثق العلاقة الحسنة بينهن حتى خارج التحفيظ ، فتزور المريضة ، وتسأل عن الغائبة ، وتعين المحتاجة على قدر استطاعتها ، وتشاركهن في الأحزان والأفراح تحت مظلة الأخوة في الله والمحبة في ذات لا لأجل غرض شخصي أو دنيوي .
خامساً : عـدم العجب بالنفس .
حذارِ من آفة الآفات ، ومصيبة المصائب (العجب بالنفس) حين يأتي الشيطان إحداكن فيقول لها لقد أتممت حفظ القرآن فأنتِ خير من فلانة وفلانة ، وأنت من أهل الله وخاصته ، وأنت أولى بالتدريس من فاطمة ، وبالإشراف من عائشة .
فالحذر الحذر يا أهل القرآن من التشبه بمن قال {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} فحقت عليه {وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ} .
سادساً : الطهارة وحسن المظهر .
ينبغي عليك أختي الفاضلة في حال وجود المصحف بين يديك الطهارة من الحدثين الأصغر والأكبر ..
الحدث الأصغر هو الذي يجزئه الوضوء : كالريح والبول .. أما الأكبر فلا يجزئه إلاَّ الإغتسال كالحيض والنفاس والجماع .
يقول الشيخ صالح الفوزان : (( يحرم على الحائض مس المصحف من غير حائل ؛ لقوله تعالى {لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} ، ولما في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو ابن حزم : ((لا يمس المصحف إلا طاهر)) ،وهو يشبه المتواتر ؛ لتلقي الناس له بالقبول ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : مذهب الأئمة الأربعة : أنه لا يمس المصحف إلا طاهر .
وأما قراءة الحائض للقرآن من غير مس المصحف فهي محل خلاف بين العلماء والأحوط : أنها لا تقرأ القرآن إلا عند الضرورة ، كما إذا خشيت نسيانه . والله أعلم))أ.هـ كلام الفوزان هنا .
هذا عن الطهارة أما عن حسن المظهر فينبغي أن تدخل الطالبة على المعلمة وهي كاملة الخصال منظفة بدنها .. ونظيفة ملابسها .. ومهتمة بهندامها وأناقتها ، لا أن تدخل على المعلمة والغمس في عينيها ، ورائحة فمها كريهة ، وملا بسها ملابس البيت العادية ، وشعرها مشبك ومتلفلف كأنه سلك نحاس ، بل يجب أن تستاك وتمشط شعرها وتنظم لبسها لأن هذا من حق المعلمة عليها .
سابعاً : مراعاة آداب التلاوة وهي كالتالي:
1- الإصغاء والإنصات وحضور القلب والخشوع والتدبر لقوله تعالى {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} .
2- اجتناب ما يخل بالمقصود مثل اللهو واللغو والضحك والعبث .
3- القراءة بهدوء وترتيل لأن ذلك أعون على الفهم .
4- الإبتعاد عن الأصوات المنكرة ، والألحان الهزلية فإنها حرام .
5- أن تكون القارئة طاهرة الجسم في مكان طاهر .
6- يستحب أن تستقبلي القبلة وتجلسي كجلسة التشهد .
7- أن لا تقطعي القراءة لمحادثة أحد .
ثامناً : آداب حاملة القرآن مع الناس عامة .
فينبغي أن تكون ملتزمة بحدود الأدب الذي في القرآن .. وهي آداب المعاشرة والمجالس ودخول البيوت ومعاملة الأهل والجيران بأن تكون ودودة عطوفةً عفيفة .. لا تسطو على الموائد .. ولا تتشمم رائحة المواقد ولا تتسمع إلى ما ليس لها فيه حق ، منزهة فلا تتكلم إلا الصدق ، وتنطق إلا الحق ، ولا تخشى في الله لومة لائم ، إذا مشت لازمتها الهيبة ، وإذا توقفت وفق معها الاحترام ، لا تسمع اللهو،ولا تخوض في اللغو ،وتربأ بنفسها عن الشبهات ، وتنأى عن مواطن السيئات، تصل من قطعها، وتعفو عن من ظلمها، إذا غضبت فلله ، وإذا رضيت فلله ، وإذا كرهت فلله ، وإذا أحبت فلله ، ومع كل هذا تكون للقرآن مرتلة ، وللناس قدوة ومعلمة ، وبذلك تكون من المؤمنين الذين وردت صفاتهم في القرآن إما جملة أو تفصيلا ومن ذلك قوله في سورة الرعد :{إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ،الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ،وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ،وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً وَيَدْرَأُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ،جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ،سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} (الرعد:من الآية19-24) .]]]]