مصير كل شيء(قصة قصيرة بقلمي)

الأدب النبطي والفصيح





_مصير كل شيء_

*
*

جرت بسرعة خارجة من المنزل , ثم وقفت في منتصف الفناء ,

وانحنت لتلتقط شيئا ما من الأرض , كان شيئا صغيرا جدا ,
لا يميزه كل من كان يراها وهي ذاهبة لتلتقطه .
و سرعان ما جرت عائدة لتقف على الباب مستظلة به ,
ثم فتحت كفها وظلت تنظر بسعادة لتلك البلورة البيضاء بيدها .




لقد كانت سعادتها الغامرة بقطعة البرد تلك لا توصف ,
فمجرد جريها في المطر لثواني معدودة وما تسببه من بلل لملابسها
يعتبر قمة المغامرة بالنسبة لسنها الصغير .

أخذت تقلب تلك البلورة , ثم قررت أخيرا أن لا تخبر أحدا عن كنزها العظيم ,
وأطبقت كفها على البلورة ظنا منها أنها بذلك تحميها ,
لكن شوقها إلى النظر لكنزها دفعها لتفتح كفها ففوجئت بأن يدها خالية !
صمتت مندهشة لبرهة ثم قطبت حاجبيها معترضة ومستغربة , وقالت لم رحلتِ وتركتني؟
ثم ما لبثت حين رفعت بصرها حتى أبصرت بلورة أخرى أجمل وأكبر من الأولى ,
فأسرعت والتقطتها وعادت و تأملتها قليلا ثم أطبقت كفها عليها بشدة لتحفظها ,
لكن خوفها من أن ترحل هي الأخرى وتتركها ,
جعلها تفتح كفها لتتفقدها ففوجئت حين وجدت يدها خالية إلا من قطرات ماء صغيرة !
ورغم ذلك لم تيأس فتقدمت وحاولت مرارا ,
وفي كل محاولة كانت تحدث بلوراتها ببراءة وهي تقول : (أنا أحبك فلا تتركيني كما فعلت صاحبتك من قبل)

وفي كل مره تختفي البلورات من يديها رغم شدة حرصها .

نفد صبرها وضاقت ذرعا , فالتفتت باحثة عن شخص يفهم شكواها , فلم تجد سواه ,
هو وحده من ملك مشاعر قلبها فرأته قدوة , هو المصدر الذي تستمد منه قوتها ,
علمت أن أباها وحده هو من يجيب عن جميع تساؤلاتها بحب وصبر .
ذهبت وهي لا تستطيع حبس دموعها الحزينة على بلوراتها المفقودة . أجلسها في حجره ,
وكعادة الأب بحنانه أخذ يمسح دموعها البريئة ,
ويقبلها ويسألها عما حدث .
حكت له كل ما جرى .
فتبسم واحتضنت يديه يدي صغيرته ثم قال لها : يا ابنتي كل شيء في حياتنا هذه كبلوراتك الصغيرة نلتقيه ونتعلق به ,

ثم يرحل من بين أيدينا دون أن نستطيع منعه ,
حتى وإن أطبقنا عليه أكفنا . لكن بلوراتك يا ابنتي لم ترحل عنك باختيارها , وهكذا يا صغيرتي كل من حولنا لا يرحلون عنا باختيارهم .

(نعم كل من حولنا كقطعة البرد ما تلبث قلوبنا تتعلق بهم حتى يرحلوا عنا
ولا يبقى سوى حبهم في القلوب وذكرهم على الألسن ,
وسيأتي اليوم الذي نرحل نحن فيه عمن حولنا ,
فيا ترى بأي شيء ستذكرنا ألسنتهم
وأي مشاعر ستحملها قلوبهم لنا..)
*
*
بــقلمي ســـارة العبدالله
8
2K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

روح الفن
روح الفن

بسم الله الرحمن الرحيم


خاطرة رقيقة شفيفة الوصف ..
فما أجمل أن نرى ما حولنا بعيون الأطفال ،،
ونتقبّل الواقع بعقول ناضجة قادرة على التكيّف
وبقلوب وفيّة مخلصة حتى لمن غادر ورحل..!

أخيتي سارة حبات البرد لامستنا بدفء،،
فمزيــدا من هذا النّدف ..


والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته
مناير العز
مناير العز
قلمكـ مميز وأقصوصة جميلة

بارك الله فيكـ

ننتظر المزيد بشوق
Vanity
Vanity
روعة ماشاء الله
رحالة عبر الزمن
ما شاء الله

رااائعة
فلوتس كراميل
فلوتس كراميل
قصه رائعه
سلمت اناملك الجميله