السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
غالياتي الحوائيات
طاب مساؤكن بكل خير
غالياتي
مامن مصيبةٍ تمر بنا .. ومامن نازلةٌ تنزل علينا
الا وقد كتب الله لنا فيها اجراً وحط عنا بها وزرا .. وله فيها حكمةٌ عظيمة ..
لن اتكلم هنا
عن المصائب الشاملة للأمة .. ولا عن النوازل العامة ..
سأكرس حديثي هنا
عن المصائب الخاصة
التي تنزل علي وعليك ..
ولن ادقق في تفاصيلها
بل سأقودك الى حكمة الله في انزالها ..!!
تأملي ايتها الغالية كلام ربي جلّ جلاله حيث قال :
{ وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير }
لاحظي قوله تعالى
فبما كسبت ايديكم ..!!
المصيبة من الله .. لكن السبب :
هو النفس ..!!!
النفس طلبت ان اعصي الله بطريق مباشر او غير مباشر .. هي امرتني وانا اطعت ..
لم اتمهل قبل الخضوع لها ..
ولم افكر في ما سأفعله ..
ولم اتروى فيما ستعقبه علي تلك الموافقه ..
كل ما أعرفه ان نفسي أمرت وانا اطعت ..!!!!!!
ثم ماذا ..؟؟
ثم توالت علي انواع المصائب
من عصيانٍ للوالدين .. او عقوقٍ من قِبَل الابناء ..
او خسارةًٍ في تجارة .. او اعتداء علي من قبل البعض اما ضرباً او سباً ..
او .. او .. او ..
وفي ادنى الأحوال الرحيمة
قد تمر علي حالات ( الطفش والزهق والضيقة )..!!!!
من اقل هبة ريح ..
ثم اتساءل بيني وبين نفسي
لماذا ..؟؟
لماذا انا بالذات ..؟؟
مالذي فعلته ..؟؟
كي تقع عليّ تلك للمصائب ..!!!!
ولن اخفيكم سراً
انني كنت هكذا من قبل ..
لكن ساق الله لي قولاً لأحد السلف والذي يسطر بماء الذهب ..
حيث فتح باب الإجابة للتساؤلات السابقة ..
يقول احد السلف :
" إني لأذنب الذنب فأرى ذلك في دابتي وولدي وحتى في فأر بيتي "...
عند التمعن .. وجدت هذا الأمر في حياتي اليومية ..
حتى بت اعرف انني اذنبت في حق مولاي وخالقي ذنباً ..
لعله يغتفر.. !!
فتأتيني اعراض ذلك الذنب .. بضيقة في نفسي ..
ثم اراها على اهل بيتي .. !!
واعتقد ان فيما يحصل رحمةً لي ..
حيث اراجع نفسي .. واوبخها واعاتبها ..
ثم استغفر لها الله ..
نسأل الله القبول
قال صلى الله عليه وسلم لما نزلت آية { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} ..
( والذي نفس محمد بيده ما من خدش عود ولا اختلاج عرق ولاعثرة قدم إلا بذنب وما يعفو عنه الله أكثر )...
قال علي ابن أبي طالب: " ما نزل بلاء إلا بذنب ولارفع إلا بتوبة "...
اذاً البلاء الذي نزل بي هو من سوء نفسي التي امرتني بما نهى الله عنه ..
وبسبب ذنبي الذي اقترفته في حق خالقي ..
والحمد لله الذي جعل الاستغفار جلاءً للذنوب ..
و باب التوبة مفتوح مالم تغرغر الروح
ومالم تطلع الشمس من مغربها ..
بعض حال السلف..
- محمد بن سيرين رحمه الله لما ركبه الدين اغتم لذلك فقال: إني لأعرف هذا الغم .. هذا ذنب أصبت به منذ أربعين سنة قلت لرجل منذ ذلك الوقت يامفلس...
يقول الشيخ سعود الشريم حفظه الله تعليقاً على هذا القول : قلت ذنوبهم فعرفوا من أين يؤتون ..وكثرت ذنوبنا فلم نعرف من أين نؤتى..
- أحد السلف شتمه رجل فوضع خده على الأرض وقال: اللهم اغفر لي الذنب الذي سلطت هذا به عليّ...
فلا بد إذن من الاستغفار والتوبة...
ما أعظم ايمانهم ..
علموا ان الله لم يسلط عليهم المصائب الا بسبب ذنوبهم ..
فما بالنا نحن نطهر انفسنا عن الخطأ .. وندّعي الكمال ..!!!!!!
بل
قد نلصق التهم بمن هم حولنا ..
فنكيل الويل والثبور لابنائنا .. ان هم تسلطوا ..
ونسب هذه ونشتم تلك بسبب كلمة قذفتها هي علي .. ونتطاول بالصراخ ..
وكأن الحق لايأخذ الا بتطويل الأعناق على البعض ..
ليتنا قبل ان نزيد من حدة وتر المصيبة الملقاة على كاهلنا
نزيل الغمامة عن أعيننا ..
و نقف وقفة تدبر .. وتأمل .. الى ماعملناه مسبقاً ..
هل اذنبت في حق ربي ذنباً .. فجلب المصيبة علي .. ؟؟؟؟؟؟
لماذا لانجعل محنتنا منحة ..!!!!!!!
نعم منحة ..
قال صلى الله عليه وسلم :
( ان الله اذا أحب قوماً ابتلاهم )
قد تتساءل البعض
كيف يحبني ربي وقد عصيته ..؟؟؟؟
الله يحبك لأنه سخر عقلك في العودة الى الاستغفار بعد الذنب ..
الله يحبك لانك ندمت على ذنبٍ فعلته ..
بل قد يكون الله يحبك لانه ابتلاك بتلك المصيبة التي ستزيد من رفعة درجاتك عنده ..
حتى وان سلب منك نعمةً .. فقد وهبك نعماً ..
وقد يكون في سلب الله لك تلك النعمة زيادةً ورفعةً لك ..
فاستشعري هبات الرحمن الجزلى
واحمديه ان قدم لك العقوبة في الدنيا
فقد يكون سبحانه اراد تطهيرك .. مما علق بك من الذنوب والخطايا ..
فقد قال احد السلف :
لولا مصائب الدنيا .. لوردنا القيامة مفاليس ..
وكل ابن آدم خطّااااء وخير الخطائين التوابون ..
ولعلي اختم بهذه القصة في المصيبة :
روى ابن الجوزي: ( إن ذا القرنين لما رجع من مشارق الأرض ومغاربها وبلغ أرض بابل مرض مرضاً شديداً فلما أحس بقرب الموت فيه كتب إلى أمه :
" يا أماه اصنعي طعاماً واجمعي من قدرت عليه ولا يأكل طعامك من أصيب بمصيبة واعلمي هل وجدت لشيء قراراً باقياً وخيالاًدائماً .. إني قد علمت يقيناً أن الذي أذهب إليه خير من مكاني ..".. قال : فلما وصل كتابه صنعت طعاماً ، وجمعت الناس وقالت: لا يأكل هذا من أصيب بمصيبة ..فلم يأكلوا .. فعلمت ما اراد ..فقالت: من يبلغك عني أنك وعظتني فاتعظت وعزيتني فتعزيت فعليك السلام حياً وميتاً ..)..
اللهم اغفرلنا تقصيرنا وسوء ظننا وقلة صبرنا ..
اللهم نسألك بإسمك الأعظم الذى إذا دعيت به أجبت
ان تنزل على قلوبنا برد الرضا وتمام الرضا وكمال الرضا ..
اللهم اجرنا فى مصائبنا وإبتلائتنا كلها واخلفنا خيرا ..
اللهم ارزقنا رضا يجعل البلاء فى أعيننا وقلوبنا أعظم النعم..
اللهم هون علينا مصائب الدنيا ولاتجعل مصيبتنا فى ديننا ولاتجعل الدنيا أكبر همنا
اللهم نسألك يقين كيقين ذى النون ترفع به عنا كل بلاء وتفرج به كل كرب عندما قال (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)
اللهم لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وبعد الرضا
وصلي اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
اختكن في الله
اطياف سدير