معاملة الخدم بين الدين والواقع

الملتقى العام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


بسم الله الرحمن الرحيم



وفي زمن ٍ تفشى فيه مرض التعالي على الآخرين ، وتعدّى فيه القوي ّ على الضعيف ..




في هذا الزمان العصيب .. عـُدت ُ بمخيـّلتي ألفا ً وأربعمائة عاما ً للوراء ، وتخيـّلت ُ مجتمعا ً رائعا ً ساد فيه العدل ، وغاب عنه الظلم ، وشاع فيه احترام الآخرين ..




تراءت في مخيـّلتي صورة ٌ لذلك المجتمع الراقي الذي بناه ُ رسول البشرية ووضع دعائمه الراسخة ، وأرسى فيه قواعد العدل والتواضع والاحترام وحفظ حقوق الآخرين ..
ذلك المجتمع المتحضر الذي بناه محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد أن كان مجتمعا ً متخلفا ً تحكمه الجاهلية ، وتسوده سياسة الظلم والرق والعبودية ..




عمد إلى هذا المجتمع الجاهلي ّ ، فأحاله مجتمعا ً مثاليا ً في كل شيء ، ضاربا ً أروع الأمثلة في فن احترام الآخرين ..

هناك تمثـّلت حضارة الإسلام .. يوم كان القوي ّ يـُعين الضعيف ، والغني ّ يحترم الفقير ، والسيـّد َ يـُنصف الخادم ..




بفضل تربية النبي الحكيمة ، بَعث رسول الله في الإنسانية حياة جديدة ..






بيـّنمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأمته كيف تكون معاملة مـَن ليست لهم مكانة ، ومـَن ليس عندهم قوة ومنعة ..



وحث ّ أصحابه على الرحمة بالخدم الضعفاء ، وأمرهم بالرفق بهم ، وأوصى بهم خيرا ً ..




جعل الإسلام للخادم مكانة بين المسلمين ، وأكد مبدأ المساواة بين الخادم وسيـّده ، وأمر أن تكون معاملة السيد لخادمه منطلقة من مبدأ الأخوة الإسلامية ..
يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ :





{ إخوانكم خولكم ، جعلهم الله تحت أيديكم ، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل ، وليـُلبسه مما يلبس ، ولا تكلـّفوهم ما يغلبهم ، فإن كلـّفتموهم فأعينوهم عليه } ..

بيـّن هذا الحديث الشريف أصول معاملة الخدم ، فالخادم أخ ٌ لسيده ، ولا يحق ّ للسيد أن يغتر ّ بقدرته على الخادم الذي جعله الله تحت يده ..




أي ّ عدل ٍ هذا ؟؟ وأي ّ رحمة ٍ وأي ّ تواضع ؟؟




إخوتي الكرام ..




إليكم هذا المثال النادر الذي لا نظير له ، بل يكاد العقل لا يتصوره ، لكنه حقيقة تدل ّ على عظمة الإسلام ..

يقول أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ :





{ خدمت ُ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عشر سنين ، فما قال لي أف ٍ قط ، وما قال لشيء صنعتـُه لم َ صنعتـَه ، ولا لشيء تركتـُه لم تركتـَه } ..





هذه شهادة صدق ، نابعة عن تجربة دامت عشر سنين ..



، وما قال له سيده لم َ فعلت ولمَ لم ْ تفعل !!




فما أعجب ذلك وما أعظمه !!




أين نحن من خلـُق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؟؟

وماذا عن خدم اليوم ؟؟ كيف نعاملهم ؟؟ وما هي نظرتنا لهم ؟؟






يكفي أن نسمع واحدة من قصص ظلم الخادمات كي نعرف الإجابة .. ففي كل بيت تتكرر القصة ذاتها ..


تأتي الخادمة من بلادها وحيدة ضعيفة ، تدخل بيوتنا فتذوق كل ألوان الذل ّ والعبودية ، وتتلقى يوميا ً آلاف الشتائم ..




وبالرغم من أنها تـُمضي نهارها كله في العمل ، إلا أنها لا تـَسلـَم من الصراخ والنقد والتوبيخ .. والضرب والتعذيب ..




يحمـّلها أسيادها أكثر مما تطيق ، فلا تعرف طعما ً للنوم ولا للراحة ، وكأنما خلقت لتعمل فقط ..


يسيء لها الجميع ، ويخاطبونها بلغة الاستعلاء والفوقية ، وكأنها ليست بشرا ً من لحم ٍ ودم ..




ما من شعور أقسى على الإنسان من أن يـُهان أو تهدر كرامته ..




فماذا بقي لها من كرامة ما دمنا نعاملها بهذه الطريقة ؟؟ ألم يخلقها الله حرة كريمة ؟؟ فلماذا نستعبدها بهذه الطريقة ؟؟




بأي ّ حق نـُهينها ونظلمها ؟؟ وبأي ّ حق نسلبها حقوقها ؟؟



هل عاد زمن الرق ّ والعبودية ؟؟

أحبتي الكرام ..




انظروا إلى رقي ّ الإسلام كيف حفظ حقوق الخدم .. وانظروا إلى أنفسنا كيف ضيـّعنا هذه الحقوق ..





نهى الإسلام عن شتم الخادم واحتقاره ..




فما بالنا نلقي على الخدم بوابل ٍ من الشتائم ؟؟ وما بالنا نحتقرهم ونهين كرامتهم ؟؟

أحبتي الكرام ..




انظروا إلى رقي ّ الإسلام كيف حفظ حقوق الخدم .. وانظروا إلى أنفسنا كيف ضيـّعنا هذه الحقوق ..





نهى الإسلام عن شتم الخادم واحتقاره ..




فما بالنا نلقي على الخدم بوابل ٍ من الشتائم ؟؟ وما بالنا نحتقرهم ونهين كرامتهم ؟؟


نهى الإسلام عن ضرب الخادم مهما كانت الأسباب ..




يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ : { من لطم مملوكه أو ضربه ، فكفـّارته أن يـُعتقه } ..




فما بالنا نضرب الخدم ليل نهار ؟؟ بسبب وبدون سبب ؟؟



أمر الإسلام بالرفق بالخدم ..




وفي الحديث : { ما خفـّفت َ على خادمك من عمله كان لك أجرا ً في موازينك } ..




فما بالنا نحمـّل الخدم ما لا يـُطيقون من أعمال ؟؟ وما بالنا نجبرهم على عمل ٍ يفوق قدرتهم ؟؟


أمر الإسلام بإعطاء الخادم أجره كاملا ً ..




وفي الحديث : { أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف ّ عرقه } ..




فما بالنا نحرم الخدم من حقوقهم ولا نعطيهم المال الذي يستحقون ؟؟

اتق ِ الله فيمن اضطرّته الظروف ، ودفعته الحاجة ، وسخره الله لخدمتك ، واحرص على أن ترعى فيهم وصية نبيك ..




واعلم أن خادمك قد يكون عند الله أفضل وأكرم منك ، فاتق ِ الله فيه ..




واعلم أن الله الذي جعل الخادم تحت يد سيده قادر ٌ على أن يجعل السيد خادما ً تحت يد غيره ..



منقول
5
636

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

أمون الحنووون
مقال جميل ، نقلك موفق ،بوركت
!!$$ام لينا $$!!
!!$$ام لينا $$!!
الله يعطيك العافيه ويعطينا خيرهم ويكفانا شرهم شر لابد منه
بساط الريح
بساط الريح
جزاك الله خير
اام داليااا
اام داليااا
رفع للفائده
صحن فتوش
صحن فتوش
سبحان الله وبحمده