"اللهم اهدنى فيمن هديت" أى فى جملة من هديت وفيه توسل بفعل الله أن يهديك فيمن هدى كأنك تقول كما هديت غيري فاهدنى والهداية هداية إرشاد بالعلم وهداية التوفيق وذلك بالعلم فأنت تسأل الله أن يوفقك إلي العلم والعمل .
"وعافنى فيمن عافيت" أى كما عافيت غيري فعافني والمعافاة المراد بها المعافاة في الدين والدنيا فتشمل الأمرين أن يعاقبك الله من أسقام الد ين
وهي أمراض القلوب التي مدارها على الشهوات والشبهات ويعافيك من أمراض الابدان .
"وتولني فيمن توليت" كن لى وليا وناصرا ومعينا لى في أموري .
"وبارك لي فيما أعطيت" أنزل البركة لي فيما أعطيتني من المال والأولاد وغيرها من النعم " وما بكم من نعمة فمن الله " النحل
53
"وقني شر ما قضيت" ما قضاه الله قد يكون خيرا وقد يكون شرا والشر كالمرض والضعف والنقص في الأموال وما أشبه ذلك فالمسلم يسأل الله العافية من كل شر وبلاء .
"إنك تقضى ولا يقضى عليك" فهو يقضى بما أراد ولا يقضى عليه أحد.
"إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت"فمن واليته هو العزيز فلا يذل ومن عاديته فهو الذليل فلا يعز أبدا .
"تباركت ربنا وتعاليت" كثر خيرك وتعاليت في ذاتك وصفاتك – جل جلاله سبحانه - .
الاعتداء في دعاء القنوت خاصة في رمضان :
فمن تلك الأمور المحدثة :أولا : التغني بالدعاءفي القنوت والتطريب والتلحين وهو أمر مُحدَث،لأنّ الأمر بالتغني والترتيل إنما ورد في تلاوة القرآن لما روىالبخاري في صحيحة عن أبي هريرة ( ليس مِنا من لم يتغن بالقرآن ) فلم يقل : يتغنبالدعاء ، وإنما بالقرآن . ولك أخي الكريم أن تتأمل وأنت تسمعبعضهم وهو يدعو وكأنه يقرأ القرآن بالتجويد والقلقلة والإخفاء والإظهار ، ويراعيالمد المتصل والمنفصل . حتى إنك ترى بعض المصلين عند سماعه للقنوت لا يفرق بينالقرآن وبين الدعاء .
وقد جاء في فتوى اللجنة الدائمة: وعلى الداعي ألاّ يشبِّه الدعاء بالقرآنفيلتزمَ قواعد التجويد والتغني بالقرآن فإن ذلك لا يعرف من هدي النبي ولا من هدي أصحابه رضي الله عنهم.
ثانيا : التكلف في السجع :
قالابن منظور في لسان العرب والسجع : الكلام المقفى ، وسَجَّعَ تَسْجِيعاًتَكَلَّم بكلام له فَواصِلُ كفواصِلِ الشِّعْر من غير وزن.
فقد كره السلفالتكلف في السجع ونهوا عنه ، قال ابن عباس رضي الله عنهما لمولاه عكرمة (انظر السجعمن الدعاء فاجتنبه فإني عهدت رسول الله وأصحابه لا يفعلون إلا ذلك الإجتناب ...) رواه البخاري.
ثالثاً : التكلف في ذكر التفاصيل :
فقد جاءت السنة في التحذير منهوالحثّ على الإقتصار على الجوامع و الكوامل من الدعاء وترك الأدعية المطولة ، بلفهم السلف الصالح أن المبالغة في ذكر التفاصيل في الدعاء هو نوع من الإعتداء كماجاء في سنن أبي داوود أنّ سعد بن أبي وقاص سمع ابنا له يدعو ويقول : اللهم إنيأسألك الجنة ونعيمها وبهجتها وكذا وكذا، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها وكذاوكذا ، فقال : يا بني إني سمعت رسول الله يقول : سيكون قوميعتدون في الدعاء . فإياك أن تكون منهم إن أعطيت الجنة أعطيتها وما فيها وإن أعذتمن النار أعذت منها وما فيها من الشر .)صحيح سنن أبي داوود.
وعن عائشةرضي الله عنها قالت (كان النبي يستحب الجوامع من الدعاء ويَدَع ما سوى ذلك ) صحيح سنن أبي داوود.
وقال لعائشة رضي الله عنها (عليكبجمل الدعاء وجوامعه قولي : اللهم إني أسألك من الخير كلّه عاجله وآجله ما علمت منهوما لم أعلم ، وأعوذ بك من الشر كلّه عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم ، وأسألكالجنة وما قرب إليها من قول أو عمل ، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أوعمل) رواه ابن ماجه والبيهقي، وصححه الألباني .ولننظر سؤالها للرسول : أرأيت إن وافقتليلة القدر ماذا أقول ؟ قال : قولي : اللهم إنكَ عفوٌ تُحب العفو فاعفُ عني . رواهالترمذي.
وإنك لَتَعجَب عندما تسمع بعض الأئمة في قنوتهم وهميتكلفون الوصف في الدعاء حيث يقول مثلا
(اللهم ارحمنا إذا ثقل منا اللسان ، وارتختمنا اليدان ، وبردت منا القدمان ، ودنا منا الأهل والأصحاب ، وشخصت منا الأبصار ،وغسلنا المغسلون ، وكفننا المكفنون ، وصلى علينا المصلون، وحملونا على الأعناق ،وارحمنا إذا وضعونا في القبور ، وأهالوا علينا التراب ، وسمعنا منهم وقع الأقدام ،وصرنا في بطون اللحود ، ومراتع الدود ، وجاءنا الملكان ... الخ ) حتى جعلها موعظةيرقق بها القلوب ويزداد عجبك عندما تسمع بُكاء الناس ونشيجهم وهم يُؤَمِّنُون علىهذا الدعاء، بل ويتسابقون على التبكير إلى هذا المسجد والصلاة خلف هذا الإمام .
وقدتسمع من بعض الأئمة وهو يدعو على الأعداء فيقول
(اللهم لاتدع لهم طائرة إلا أسقطتها، ولا سفينة إلا أغرقتها ، ولا دبابة إلا نسفتها ، ولا فرقاطة إلا فجرتها ، ولامدرعة إلا دمرتها ، ولا .. ولا.. الخ) وكأنه يُملِي على الله كيف يفعل بالأعداء ،فضلا عن أنه قد أقحم قنوت النوازل مع قنوت الوتر مع أن لكلٍ وقته وأحكامه وأدعيتهالتي وردت في السنَّة ، فتنبه !! بينما كان يكفيه أن يقول اللهم عليك بهم أو اللهمانتقم منهم ونحو ذلك .
يقول أنس رضي الله عنه وهو يصفدعاء الرسول : كان أكثر دعاء النبي {اللهمأتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار} متفق عليه
قول بعضهم (يا منأمره بين الكاف والنون)قال ابن عثيمين رحمه الله في شرح الأربعينالنووية ص76 :
وبهذه المناسبة أَوَد أن أُنبه على كلمة دارجة عند العوام حيث يقولون:يامن أمره بين الكاف والنون) وهذا غلط عظيم ، والصواب : ( يا من أمره بعد الكافوالنون) لأنمابين الكاف والنون ليس أمراً ، فالأمر لا يتم إلا إذا جاءت الكافوالنون ؛ لأن الكاف المضمومة ليست أمراً والنون كذلك ، لكن باجتماعهما تكونأمراً.اهـ.
ومن صور الإعتداء فيالدعاء (الدعاء على عموم الكفار بالهلاك والاستئصال). ويدل لهذا :
* أولا : أنالرسول لم يثبت أنه دعا على عموم الكفار وإنما دعا على قبائلأو أشخاص بأعيانهم ، بل لما جاءه ملك الجبال وعرض عليه أن يطبق عليهم الأخشبين ؟فقال : لا، لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئاً.
بل إنهلما دعا على بعضهم بأسمائهم نزل قوله تعالى (لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْيَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ )وقد روى مسلم في الصحيح عن أبي هريرة قالقيل: يا رسول الله ادع على المشركين قال ( إني لم أبعث لعاناً وإنما بعثترحمة(.
* ثانياً: أن هذا يخالف مقتضى حكمة الله من بقاء الكفار إلى يومالقيامة، بل إن الساعة لا تقوم إلا على شرار الخلق، وأيضا ربما سيترتب على هذاتعطيل باب الولاء والبراء ، وباب الجهاد.
* ثالثاً: أنه ليس للمسلم أن يدعوبالإستئصال على من أذن الله له بأن يبرهم ويقسط إليهم كما قال تعالى ( لَايَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْيُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّاللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).
بل كيف يستقيم أن يدعو المسلم على زوجتهالكتابية بالهلاك مع أن الله تعالى قد أذن له في نكاحها ، وامتن عليهما بقوله تعالى (وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ) الروم 21 فهل المودة والرحمة تقتضي أنيدعو عليها بالهلاك ؟أم كيف يستقيم أن يدعو الولد المسلم على والديه بالهلاك إنكانوا كافرين ، والله جلّ وعلا يقول عنهما (وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَامَعْرُوفاً )لقمان 15.فإن الدعاء على عموم الكفار يشملهما ، فهل هذه هي المصاحبةبالمعروف ؟
* وقال ابن تيمية: 8/336 : ودعاء نوح على أهل الأرض بالهلاك كانبعد أن أعلمه الله أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن .
وبعد الوتر (أعوذ برضاك من سخطك)
هذا من باب التوسل برضا الله أن يعيذك من سخطه فهي استجارة من الشئ بضده وجعلت الرضا وسيلة للتخلص به من السخط ."وبمعافتك من عقوبتك "والمعافاة أن يعافيك الله من كل بلية في الدين أو في الدنيا ومن المعافاة العقوبة ،والعقوبة لا تكون إلا بذنب فأنت تستعيذ بعفو الله من ذنوبك المسببة للعقوبة .
"وبك منك" إذ لا أحد يعيذك من الله إلا الله كما قال (وظنوا ألا ملجأ من الله إلا إليه) . "لا نحصى ثناء وعليك" لا ندرك ولا نبلغ الثناء عليك والثناء هو تكرار الوصف بالكمال ولا يمكن للعبد أن يبلغ الثناء على الله ،ولو بقى أبد الأبدين وغاية الإنسان أن يعترف بالتقصير فأنت يارب كما أثنيت على نفسك أما نحن البشر فلا نستطيع أن نحصي الثناء عليك .
حكم مسح الوجه باليدين بعدالدعاء:
استدل من قال بسنيته( أن النبي كان إذا رفع يديه لا يردهما حتى يمسح بهما وجهه)
لكن هذا الحديث ضعيف ولهذا رد ابن تيمية هذا القول وقال:لايمسح الداعى وجهه بيديه لأن المسح باليدين عباده تحتاج إلى دليل صحيح .
لكن الحافظ ابن حجر (فى بلوغ المرام) قال:إن مجموع الأحاديث الشاهدة لهذا يقضى بأنه حديث حسن
ومقتضى ذلك أنهمن المسائل التى لا ينكر فيها على فاعلها لأن الحديث مختلف فيه فمن حسن شواهده كان العمل بذلك سنة عنده ومن لا يحسنه لا يرى أنه سنة .
هل يتطوع بعد طلوع الفجر سوى ركعتى الفجر؟
أكثر السلف على كراهته لحديث أبى داود وصححه الألبانى عن ابن عمر ، خرج علينا رسول الله ونحن نصلى هذه الصلاة (تطوع) فقال:-"ليبلغ شاهدكم غائبكم لا تصلوا بعد الفجر إلا سجدتين"
وفى الصحيحين عن حفصة قالت : ( كان رسول الله إذا طلع الفجر لا يصلى إلا ركعتى الفجر.)
ويستثنى من هذا قضاء الصلاة الفائتةأو الوتر كما أسلفنا، وهو مذهب مالك والشافعى وأحمد وأبى ثور لآثار عديدة وردت عن صحابة كابن عباس وابن مسعود وغيرهم وهذا على سبيل القضاء لأن آخر وقت الوتر عند طلوع الفجر
هل يجوز التنفل بعد الوتر وهل يكرر الوتر؟ يحدث كثيرا أن يصلى أحدنا الوتر ثم يتهيأ له أن يصلى بعده نفلا فما حكم ذلك ؟ فللعلماء فيه قولان:-
الأول:أنه يجوز وله أن يصلى ماشاء لكن لا يعيد الوتر ، وهو مذهب أكثر العلماء من الحنفية والمالكية والحنابلة والمشهور عند الشافعية وبه قال النخعى والأوزاعى وعلقمة وهو مروى عن أبى بكر وسعد وعمار وابن عباس وعائشة .
قال أبو بكر "أما أنا فإنى أنام على فراشى فإن استيقظت صليت شفعا حتى الصبح" رواه الأثرم.
وأفتى الإمام أحمد كما فى (المغنى لابن قدامة) إن صلى مع الإمام وأحب متابعته فى الوتر وأحب أن يوتر آخر الليل فإنه إذا سلم الإمام لم يسلم معه وقام فصلى ركعة اخرى يشفع بها صلاته مع الإمام ، واستدلوا بحديث مسلم عن عائشة أن النبى كان يسلم تسليما يسمعنا ثم يصلى ركعتين بعدما يسلم وهو قاعد.
الثانــــى:لا يجوز التنفل بعد الوترإلا أن ينقض وتره ويصلى ثم يوتر .
ومعنى نقض الوتر أن يبدأ نفله بركعة يشفع بها وتره ثم يصلى شفعا ما شاء ثم يوتر وهذا هو القول الآخر عند الشافعية وهو مروى عن عثمان وعلى وأسامة وابن عمر وابن مسعود وابن عباس واستدلوا بحديث الصحيحين:"اجعلوا اخر صلاتكم بالليل وترا" .
وأما حديث لا وتران فى ليلة) فمعناه لو أن مصليا صلى الوتر ثلاث ركعات ثم قام من الليل فصلى وختم بوتر ثلاث ركعات لصار الوتر شفعا يعنى ست ركعات . فهنا لا يكون قد صلى وترا.
تنبيه:إذا صلى الوتر ثلاثا فلا يصليه بتشهدين وتسليم كصلاة المغرب لحديث:"لا توتروا بثلاث أوتروا بخمس أو بسبع ولا تشبهوا بصلاة المغرب" صحيح أخرجه الحاكم قال الحافظ إسناده كلهم ثقات.
وله أن يصليه ركعتين ويسلم ثم ركعة ويسلم . أو يصلى ثلاثا بتشهد واحد لحديث عائشة أن رسول الله كان يوتر بثلاث لا يقعد إلا فى آخرهن" رواه مالك
قضاء الوتر بالنهار:-
روى مسلم عن عائشة"كان النبى إذا نام من الليل أو مرض صلى بالنهار ثنتى عشر ركعة".
وقد علم أن النبى كان يصلى من الليل إحدى عشرة ركعة فعلم أن قضاء الوتر بالنهار يكون شفعا ، فمن كانت عادته أن يوتر بواحدة قضى من النهار ركعتين، ومن كانت عادته أن يوتر بثلاثة قضاها أربعة .
ويستحب المبادرة بقضائه قبل الظهر، ليكتب له أجر صلاته بالليل لما رواه مسلم عن عمر "من نام عن حزبه أو عن شىء منه فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر ، فكأنما قرأه بالليل" .
لمسات أمل @lmsat_aml
عضوة فعالة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
الحاكمة 333
•
جزاك الله خير
الصفحة الأخيرة