السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا معلمة درست طالبات في مراحل مختلفة وقد تخرجن وابتعدن وليس بوسعي الوصول لهن
وكنت قد أخطأت أثناء تدريسي في ثلاث مسائل أحب توضيحها في هذا الإيميل ونشرها ونقلها قدر المستطاع
ومن تعين على نشرها فجزاها الله خير الجزاء وأعانها على كل خير
وأتمنى من جميع الأخوة والأخوات الاهتمام بذلك
المسألة الأولى :
في تفسير قوله تعالى
{لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}
أنا أخطأت في تفسير هذه الآية في عوائد الضمائر في ( تعزروه وتوقوره )
ولذا فأنا أرجع الطالبات لهذا التفسير
قوله تعالى : " لتؤمنوا بالله ورسوله " قرأ ابن كثير و ابن محيصن و أبو عمر ( ليؤمنوا ) بالياء ، وكذلك ( يعزروه ويوقروه ويسبحوه ) كله بالياء على الخبر ، واختاره أبو عبيد لذكر المؤمنين قبله ، وبعده ، فأما قبله فقوله ( ليدخل ) وأما بعده فقوله : " إن الذين يبايعونك " الباقون بالتاء على الخطاب ، واختاره أبو حاتم : " وتعزروه " أي تعظموه وتفخموه ، قاله الحسن و الكلبي ، والتعزير : التعظيم والتوقير ، وقال قتادة : تنصروه وتمنعوا منه ، ومنه التعزير في الحد ، لأنه مانع ، قال القطامي :
ألا بكرت مني بغير سفاهة تعاتب والمودود ينفعه العزر
وقال ابن عباس و عكرمة : تقاتلون معه بالسيف ، وقال بعض أهل اللغة : تطيعوه " وتوقروه " أي تسودوه ، قاله السدي : وقيل تعظموه ، والتوقير : التعظيم والترزين أيضاً ، والهاء فيهما للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهنا وقف تام ، ثم تبتدئ ( وتسبحوه ) أي تسبحوا الله " بكرة وأصيلا " ، أي عشياً ، وقيل : الضمائر كلها لله تعالى ، فعلى هذا يكون تأويل ( تعزروه وتوقروه ) أي تثبتوا له صحة الربوبية وتنفوا عنه أن يكون له ولد أو شريك واختار هذا القول القشيري ، والأول قول الضحاك ، وعليه يكون بعض الكلام راجعاً إلى الله سبحانه وتعالى وهو ( وتسبحوه ) من غير خلاف ، وبعضه راجعاً إلى رسوله صلى الله عليه وسلم وهو ( وتعزروه وتوقروه ) أي تدعوه بالرسالة والنبوة لا بالاسم والكنية ، وفي ( تسبحوه ) وجهان : أحدهما تسبيحه بالتنزيه له سبحانه من كل قبيح ، والثاني هو فعل الصلاة التي فيها التسبيح ( بكرة وأصيلا ) أي غدوة وعشياً ، وقد مضى القول في وقال الشاعر :
لعمري لأنت البيت أكرم أهله وأجلس في أفيائه بالأصائل
المسألة الثانية :
تأصيل تأريخ النشيد المعروف ( طلع البدر علينا )
وقد قرأت بعد ذلك أن الرواية الواردة في هذا الأمر ضعيفة
وأرجع طالباتي للصواب في هذه الدراسة والله أعلم
طارق حميدة ـ فلسطين
طلع البدر علينا
من المشهور جدا أن أهل المدينة المنورة قد استقبلوا الرسول عليه السلام بهذه
الأنشودة عندما وصلهم مهاجراً من مكة:
طلع البدر علينا من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ما دعا لله داع
وقد قال الدكتور أكرم ضياء العمري في كتابه السيرة النبوية الصحيحة :" أما تلك الروايات التي تفيد استقباله عليه السلام بنشيد طلع البدر علينا فلم ترد بها روايات صحيحة " .
علماً بأن الرواية ضعيفة جداً لكونها من رواية عبيد الله بن عائشة ، رواها بسند معضل _ وهو ما سقط من إسناده راويان فأكثر على التوالي_ حيث إن بينه وبين الرسول، عليه السلام "مفاوز" ، وهو المتوفى سنة 228 للهجرة.
وقد أورده ابن تيمية رحمه الله في "أحاديث القصاص"، وورد "في تذكرة الموضوعات". وفي اسمي الكتابين من الدلالة على درجة الرواية ما يكفي .
لكن ابن القيّم ،رحمه الله ، في زاد المعاد ،نظر إلى الرواية من ناحية المتن ، وأكد بأن هذه الأنشودة قد قيلت عقب عودة الرسول عليه السلام من غزوة تبوك في السنة التاسعة للهجرة ,وليس كما هو شائع .ويدلل على قوله بأن ثنية الوداع ليست من طريق القادم من مكة جنوبا، بل من طريق القادم من الشام وتبوك شمالا، ويبدو أن ابن القيم قد اعتمد ما في البخاري من استقبال بعض أهل المدينة للرسول وهو عائد من تبوك عند ثنية الوداع ، فجمع بين الروايتين ،وخطّأ من قال بأن
النشيد قيل في الهجرة، علما بأن رواية البخاري لاتتضمن النشيد ، ورواية عبيد الله ابن عائشة واهية جدا،كما أسلفنا.
وهناك بيتان آخران من الأنشودة، يتكرران على الألسنة، ولم أجد الأخير منهما فيما بين يديّ من كتب السيرة، وهما :
أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع
جئت شرفت المدينة مرحبا يا خير داع
وهذا النص، على فرض أنه كان متصلا بالمقطع الأول، فمن المستبعد، أيضا، أن يكون قيل في استقبال الرسول عليه السلام وقت الهجرة ،ذلك أنه حتى ذلك الوقت لم يكن قد تحول اسم يثرب الى المدينة00 بل إنه حتى وقت كتابة "الوثيقة/الدستور"، لم يكن قد تغير الاسم . ويمكن لمتابع الوثيقة أن يقرأ فيها عبارة (وإن بينهم النصر على من دهم يثرب) ،وذلك بعد مدة من استقرار الرسول الكريم فيها.
الغريب بعد كل الذي قرره العلماء بخصوص الرواية، أن فريقاً من العلماء الأجلاء والمحققين المعتبرين، لا يرغبون في اطّراح هذه القصة ، فتراهم ،من جهة، يقررون وجود أكثر من ثنية للوداع إحداهما شامية والأخرى مكية، رداً على نقد ابن القيم ،ومتجاهلين الضعف الشديد للرواية.
ولعل من أسباب ذلك أن مثل هذه القصة مما تعلمناه صغاراً ، وشكل عقولنا وأذهاننا ، ويعز علينا أن نحذفه أو نلغيه .
ولا ننسى أن هذه الرواية تعكس المشاعر المحبة الحالمة للكثيرين ممن يتمنون لقاء الرسول عليه السلام ، ويستبعدون أن يقدم الرسول المدينة ، وهو النور الساطع والبدر الطالع والسراج المنير ، ثم لا يخرج الجميع في استقباله ، يغنون وينشدون ويقيمون الأفراح والليالي الملاح ابتهاجاً بهذه المناسبة العظيمة !!.
المسألة الثالثة
في مسألة وصف الصخرة التي عرج برسول الله عليه الصلاة والسلام من عليها
والصواب
مسجد قبة الصخرة بالقدس الشريف

تعد قبة الصخرة أقدم معلم من معالم الحضارة الإسلامية في مدينة القدس الشريف وهي تشكل بقعة مهمة في الحرم الشريف، تم بناؤها في العصر الأموي علي يد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان عام 72 هـ 691 م ، ومثل شكلها الهندسي رمزًا عالميًا لمدينة القدس الشريف .

وفي عهد الخليفة المأمون بن الرشيد تم ترميم قبة الصخرة وجددت عماراتها ،ولكن العمال استبدلوا اسم الخليفة الأموي عبد الملك باسم الخليفة العباسي المأمون , وفاتهم أن يغيروا السنة التي أرخت للبناء فبقيت علي حالها 72 هـ تدل على تاريخ بنائها الأول . والكتابة نصها : ( بنى هذه القبة عبد الله ( الإمام المأمون ) أمير المؤمنين في سنة اثنتين وسبعين تقبل الله منه ورضي عنه ).
ويتكون المبنى من فناء مركزي تغطيه قبة كبيرة وتدور حوله ممرات خارجية مزدوجة. وهذه القبة أنشئت على الصخرة المقدسة طولها سبعة عشر مترًا وسبعون سنتيمتر، وعرضها ثلاثة عشر مترًا ونصف المتر، بارتفاع مترين، من الحجر الصلد غير المشذب، جرداء قاتمة اللون، ولهذه الصخرة قدسية ترتبط بحادث المعراج، حيث انطلق النبي (صلى الله عليه وسلم) عند معراجه على براقه إلى السماء من هذه الصخرة . ولذا سمي الجدار المجاور لها بحائط البراق، وهو الذي سماه اليهود في تاريخ قريب باسم حائط المبكى دون وجود أساسي تاريخي لهذه التسمية .
كما تعتبر قبة الصخرة المشرفة إحدى أهم المعالم المعمارية الإسلامية في العالم، لعدة عوامل منها: قدسيتها ومكانتها الدينية عند المسلمين، وأنها تمثل أقدم نموذج في العمارة الإسلامية، وهي لوحة فنية وجمالية رائعة تطوي بين زخارفها بصمات الحضارة الإسلامية عبر عصورها المتتابعة، ولذلك فقد جلبت انتباه واهتمام الباحثين والزائرين وجميع الناس من كل بقاع الدنيا لما امتازت به من تناسق وانسجام بين عناصرها المعمارية والزخرفية حتى اعتبرت آية في فن الهندسة المعمارية.
تتوسط قبة الصخرة المشرفة تقريباً ساحة الحرم الشريف حيث تقوم على فناء (صحن) يرتفع عن مستوى ساحة الحرم حوالي 4م ويصل إليها الزائر من خلال البوائك (القناطر) التي تحيط بها من جهاتها الأربع.
بنى هذه القبة المباركة الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان (65-86هـ/684-705ميلادية) حيث بدأ العمل في بنائها سنة66 هجرية /685ميلادية، وتم الفراغ منه سنة72هجرية /691ميلادية. وقد أشرف على بنائها المهندسان العربيان رجاء بن حيوة وهو من بيسان بفلسطين، ويزيد بن سلام مولى عبد الملك بن مروان وهو من القدس، وقد أنفق عليها خراج مصر لمدة سبع سنوات.
ووُضع تصميم مخطط قبة الصخرة المشرفة على أسس هندسية دقيقة ومتناسقة تدل على مدى إبداع العقلية الهندسية الإسلامية حيث اعتمد المهندس المسلم في تصميم هيكلها وبنائها على ثلاث عناصر هندسية ترجمت بعناصر معمارية لتشكل فيما بعد هذا المعلم والصرح الإسلامي العظيم. وأما العناصر المعمارية الثلاثة التي جاءت محصلة تقاطع مربعين متساويين فهي: القبة التي تغطي الصخرة والتي تحيط بها تثمينتين داخلية وخارجية تحيطان بالقبة نتج عنهما رواق داخلي على شكل ثماني الأضلاع.

هذا والله أعلم
وأسأل الله أن يعين ويوفق كل من أعان على نشر هذا الإيميل \
والله يعصمنا وإياكم من الزلل
والله الموفق إلى سواء السبيل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مـــــــــــــــــــــــــــــــــــــنـــــــــــــــــــــــــقــــــــــــــــــــــــــول