معلومات عن طه حسين

الطالبات والمعلمات

كل وحده تعرف عن الكاتب طه حسين تحط المعلومات هنا فورا والحين ابغاه ضروري راح ادعيلكم على الفطور:21:
6
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

$~*<عـــــزوز>*~$
طه حسين


(مقدمة بقلم: جابر عصفور)


طه حسين (1889-1973) واحد من أهم -إن لم يكن أهم- المفكرين العرب في القرن العشرين. وترجع أهميته إلى الأدوار الجذرية المتعددة التي قام بها في مجالات متعددة, أسهمت في الانتقال بالإنسان العربي من مستوى الضرورة إلى مستوى الحرية, ومن الظلم إلى العدل, ومن التخلف إلى التقدم, ومن ثقافة الإظلام إلى ثقافة الاستنارة, فهو أجسر دعاة العقلانية في الفكر, والاستقلال في الرأى, والابتكار في الإبداع, والتحرر في البحث الأدبي, والتمرد على التقاليد الجامدة.

وهو أول من كتب عن (مستقبل الثقافة) بالحماسة التي كتب بها عن (المعذبين في الأرض), وبالشجاعة التي تحرر بها من ثوابت النقل البالية, فاستبدل الاجتهاد بالتقليد, والابتداع بالاتباع, وأقام الدنيا ولم يقعدها حين أصدر كتابه (في الشعر الجاهلي) الذي كان بمثابة الاستهلال الجذري للعقل العربي المحدث والحديث في آن.

ولد طه حسين في الرابع عشر من نوفمبر سنة 1889 في عزبة (الكيلو) التي تقع على مسافة كيلومتر من (مغاغة) بمحافظة المنيا بالصعيد الأوسط. وكان والده حسين عليّ موظفًا صغيرًا, رقيق الحال, في شركة السكر, يعول ثلاثة عشر ولدًا, سابعهم طه حسين.

ضاع بصره في السادسة من عمره نتيجة الفقر والجهل, وحفظ القرآن الكريم قبل أن يغادر قريته إلى الأزهر طلبًا للعلم. وتتلمذ على الإمام محمد عبده الذي علمه التمرد على طرائق الاتباعيين من مشايخ الأزهر, فانتهى به الأمر إلى الطرد من الأزهر, واللجوء إلى الجامعة المصرية الوليدة التي حصل منها على درجة الدكتوراه الأولى في الآداب سنة 1914 عن أديبه الأثير: أبي العلاء المعري. ولم تمر أطروحته من غير ضجة واتهام من المجموعات التقليدية حتى بعد أن سافر إلى فرنسا للحصول على درجة الدكتوراه الفرنسية.

وعاد من فرنسا سنة 1919 بعد أن فرغ من رسالته عن ابن خلدون, وعمل أستاذًا للتاريخ اليوناني والروماني إلى سنة 1925, حيث تم تعيينه أستاذًا في قسم اللغة العربية مع تحول الجامعة الأهلية إلى جامعة حكومية. وما لبث أن أصدر كتابه (في الشعر الجاهلى) الذي أحدث عواصف من ردود الفعل المعارضة, وأسهم في الانتقال بمناهج البحث الأدبي والتاريخي نقلة كبيرة فيما يتصل بتأكيد حرية العقل الجامعي في الاجتهاد.

وظل طه حسين يثير عواصف التجديد حوله, في مؤلفاته المتتابعة ومقالاته المتلاحقة وإبداعاته المتدافعة, طوال مسيرته التنويرية التي لم تفقد توهج جذوتها العقلانية قط, سواء حين أصبح عميدًا لكلية الآداب سنة 1930, وحين رفض الموافقة على منح الدكتوراه الفخرية لكبار السياسيين سنة 1932, وحين واجه هجوم أنصار الحكم الاستبدادي في البرلمان, الأمر الذي أدى إلى طرده من الجامعة التي لم يعد إليها إلا بعد سقوط حكومة صدقي باشا. ولم يكف عن حلمه بمستقبل الثقافة أو انحيازه إلى المعذبين في الأرض في الأربعينات التي انتهت بتعيينه وزيرًا للمعارف في الوزارة الوفدية سنة 1950, فوجد الفرصة سانحة لتطبيق شعاره الأثير (التعليم كالماء والهواء حق لكل مواطن).

وظل طه حسين على جذريته بعد أن انصرف إلى الإنتاج الفكري, وظل يكتب في عهد الثورة المصرية, إلى أن توفي عبد الناصر, وقامت حرب أكتوبر التي توفي بعد قيامها في الشهر نفسه سنة 1973.

وتحفته (الأيام) أثر إبداعي من آثار العواصف التي أثارها كتابه (في الشعر الجاهلي), فقد بدأ في كتابتها بعد حوالي عام من بداية العاصفة, كما لو كان يستعين على الحاضر بالماضي الذي يدفع إلى المستقبل. ويبدو أن حدة الهجوم عليه دفعته إلى استبطان حياة الصبا القاسية, ووضعها موضع المساءلة, ليستمد من معجزته الخاصة التي قاوم بها العمى والجهل في الماضي القدرة على مواجهة عواصف الحاضر.

ولذلك كانت (الأيام) طرازًا فريدًا من السيرة التي تستجلي بها الأنا حياتها في الماضي لتستقطر منها ما تقاوم به تحديات الحاضر, حالمة بالمستقبل الواعد الذي يخلو من عقبات الماضي وتحديات الحاضر على السواء. والعلاقة بين الماضي المستعاد في هذه السيرة الذاتية والحاضر الذي يحدد اتجاه فعل الاستعادة أشبه بالعلاقة بين الأصل والمرآة, الأصل الذي هو حاضر متوتر يبحث عن توازنه بتذكر ماضيه, فيستدعيه إلى وعي الكتابة كي يتطلع فيه كما تتطلع الذات إلى نفسها في مرآة, باحثة عن لحظة من لحظات اكتمال المعرفية الذاتية التي تستعيد بها توازنها في الحاضر الذي أضرّ بها.

ونتيجة ذلك الغوص عميقًا في ماضي الذات بما يجعل الخاص سبيلا إلى العام, والذاتي طريقًا إلى الإنساني, والمحلي وجهًا آخر من العالمي, فالإبداع الأصيل في (الأيام) ينطوي على معنى الأمثولة الذاتية التي تتحول إلى مثال حي لقدرة الإنسان على صنع المعجزة التي تحرره من قيود الضرورة والتخلف والجهل والظلم, بحثًا عن أفق واعد من الحرية والتقدم والعلم والعدل. وهي القيم التي تجسّدها (الأيام) إبداعًا خالصًا في لغة تتميز بثرائها الأسلوبي النادر الذي جعل منها علامة فريدة من علامات الأدب العربي الحديث.

جابر عصفور
$~*<عـــــزوز>*~$
10

طه حسين

(1889-1973 )



ولد طه حسين عام 1889 ، وعاش طفولته الباكرة في احدى قرى الريف المصري . ثم انتقل الى الازهر للدراسة ، ولم يوفق فيه، فتحول الى الجامعة المصرية ، وحصل منها على الشهادة الجامعية ، ثم دفعه طموحه لاتمام دراساته العليا في باريس ، وبالرغم من اعتراضات مجلس البعثات الكثيرة ، الا انه اعاد تقديم طلبه ثلاث مرات ، ونجح في نهاية المطاف في الحصول على شهادة الدكتوره في باريس. بعد عودته لمصر ، انتج اعمالاً كثيرة قيمة منها على هامش السيرة ، والايام ، ومستقبل الثقافة في مصر ، وغيرها. وهو يعتبر بحق "عميد الادب العربي" نظراً لتاثيره الواضح على الثقافة المصرية والعربية.

وقد نشر الجزء الاول من الايام في مقالات متتالية في اعداد الهلال عام 1926 ، وهو يُعد من نتاج ذات المرحلة التي كتب خلالها : في الشعر الجاهلي. وتميزت هذه الفترة من حياة الاديب الكبير - رحمه الله - بسخطه الواضح على تقاليد مجتمعه وعاداته الشائعة في كتاباته . ومن المؤكد ان لهذه المرارة دوافعها : فطه حسين فقد البصر صغيراً بسبب جهل اسرته باسس الرعاية الصحية. وهي خسارة فاحشة لا يمكن تعويضها . وقد رفض المجتمع المصري المحافظ الكثير من ارائه في موضوعات مختلفة حين رجوعه من فرنسا كذلك.

لهذه الاسباب وغيرها ، يعتبر الايام سيرة ذاتية تعبر عن سخط كاتبها بواقعه الاجتماعي ، خاصة بعد ان عرف الحياة في مجتمع غربي متطور . الاجزاء التي اخترناها هنا تصف مرحلة مهمة في حياة طه حسين الفكرية : اذ ترسم صورة حزينة لمساعيه للدراسة في الازهر، موضحةً اعتراضاته على نظام التعليم الشائع فيه آنذاك، واسباب عدم نجاحه في الحصول على الشهادة التي نجح من هو اقل منه شأناً وعلماً في امتلاكها.
$~*<عـــــزوز>*~$
بعد اكثر من قرن كامل على ميلاده، و27 عاما على وفاته، ما زال عميد الادب العربي الدكتور طه حسين احد الاركان الاساسية في تكوين العقل العربي المعاصر، وصياغة الحياة الفكرية في العالم العربي، وملمحاً أساسياً من ملامح الادب العربي الحديث... بل ان الاجيال الجديدة من ابناء الامة العربية لا تزال تكتشف جوانب جديدة من القيمة الفكرية والانسانية لاحد رواد حركة التنوير في الفكر العربي... وما زالت اعمال طه حسين ومعاركه الادبية والفكرية من أجل التقدم والتخلي عن الخرافات والخزعبلات التي حاصرت وقيدت العقل العربي لعدة قرون، من اهم الروافد التي يتسلح بها المفكرون العرب في مواجهة الحملات الارتدادية التي تطل برأسها في عصرنا.

وما زالت السيرة الذاتية لطه حسين وما تجسده من كفاح انساني وفكري مدرسة هامة ما اشد حاجة الاجيال الجديدة للتعلم منها والتأمل فيها.

من عزبة صغيرة (اصغر من القرية) في صعيد مصر بدأت رحلة طه حسين، فقد ولد عميد الادب العربي في تلك البقعة الصغيرة التي تقع على بعد كيلو متر واحد من مغاغة بمحافظة المنيا في وسط صعيد مصر... كان ذلك في الرابع عشر من نوفمبر عام 1889م، وكان والده حسين علي موظفاً في شركة السكر وانجب ثلاثة عشر ولداً كان سابعهم في الترتيب "طه" الذي اصابه رمد فعالجه الحلاق علاجاً ذهب بعينيه (كما يقول هو عن نفسه في كتاب "الايام").

وفي عام 1898 وبينما لم يكن قد اكمل السنوات العشر كان طه حسين قد اتم حفظ القرآن الكريم... وبعد ذلك بأربع سنوات بدأت رحلته الكبرى عندما غادر القاهرة متوجها الى الازهر طلباً للعلم. في عام 1908 بدأت ملامح شخصية طه حسين المتمردة في الظهور حيث بدأ يتبرم بمحاضرات معظم شيوخ الازهر فاقتصر على حضور بعضها فقط مثل درس الشيخ بخيت ودروس الادب... وفي العام ذاته انشئت الجامعة المصرية، فالتحق بها طه حسين وسمع دروس احمد زكي (باشا) في الحضارة الاسلامية واحمد كمال (باشا) في الحضارة المصرية القديمة ودروس الجغرافيا والتاريخ واللغات السامية والفلك والادب والفلسفة على اساتذة مصريين واجانب.

في تلك الفترة اعد طه حسين رسالته للدكتوراه نوقشت في 15 أيار 1914م. هذه الرسالة (وكانت عن ذكرى ابي العلاء) اول كتاب قدم الى الجامعة واول رسالة دكتوراه منحتها الجامعة المصرية، واول موضوع امتحن بين ايدي الجمهور.

ومثلما كانت حياته كلها جرأة وشجاعة واثارة للجدل فقد احدث نشر هذه الرسالة في كتاب ضجة هائلة ومواقف متعارضة وصلت الى حد طلب احد نواب البرلمان حرمان طه حسين من حقوق الجامعيين "لأنه الف كتابا فيه الحاد وكفر"!، ولكن سعد زغلول رئيس الجمعية التشريعية آنذاك اقنع النائب بالعدول عن مطالبه.



الرحلة الثانية

اذا كانت الرحلة الاولى ذات الاثر العميق في حياة طه حسين وفكره هي انتقاله من قريته في الصعيد الى القاهرة... فإن الرحلة الاخرى الاكثر تأثيراً كانت الى فرنسا في عام 1914 حيث التحق بجامعة مونبلييه لكي يبعد عن باريس احد ميادين الحرب العالمية الاولى... وهناك درس اللغة الفرنسية وعلم النفس والادب والتاريخ. ولاسباب مالية اعادت الجامعة المصرية مبعوثيها في العام التالي 1915 لكن في نهاية العام عاد طه حسين الى بعثته ولكن الى باريس هذه المرة حيث التحق بكلية الاداب بجامعة باريس وتلقى دروسه في التاريخ ثم في الاجتماع حيث اعد رسالة اخرى على يد عالم الاجتماع الشهير "اميل دوركايم" وكانت
عن موضوع "الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون" حيث اكملها مع "بوجليه" بعد وفاة دوركايم وناقشها وحصل بها على درجة الدكتوراه في عام 1919م ثم حصل في العام ذاته على دبلوم الدراسات العليا في اللغة اللاتينية، وكان قد اقترن في 9 اغسطس 1917 بالسيدة سوزان التي سيكون لها اثر ضخم في حياته بعد ذلك.

في عام 1919 عاد طه حسين الى مصر فعين استاذاً للتاريخ اليوناني والروماني واستمر كذلك حتى عام 1925 حيث تحولت الجامعة المصرية في ذلك العام الى جامعة حكومية وعين طه حسين استاذاً لتاريخ الادب العربي بكلية الآداب.



أولى المعارك

رغم تمرده على الكثير من اراء اساتذته الا ان معركة طه حسين الاولى والكبرى من اجل التنوير واحترام العقل تفجرت في عام 1926 عندما اصدر كتابه "في الشعر الجاهلي" الذي احدث ضجة هائلة بدأت سياسية قبل ان تكون ادبية. كما رفعت دعوى قضائية ضد طه حسين فأمرت النيابة بسحب الكتاب من منافذ البيع واوقفت توزيعه... ونشبت معارك حامية الوطيس على صفحات الصحف بين مؤيدين ومعارضين لهذا الكتاب.

وفي عام 1928 وقبل ان تهدأ ضجة كتاب الشعر الجاهلي بشكل نهائي تفجرت الضجة الثانية بتعيينه عميداً لكلية الآداب الامر الذي اثار ازمة سياسية اخرى انتهت بالاتفاق مع طه حسين على الاستقالة فاشترط ان يعين اولاً. وبالفعل عين ليوم واحد ثم قدم الاستقالة في المساء وأعيد "ميشو" الفرنسي عميداً لكلية الآداب، ولكن مع انتهاء عمادة ميشو عام 1930 اختارت الكلية طه حسين عميداً لها ووافق على ذلك وزير المعارف الذي لم يستمر في منصبه سوى يومين بعد هذه الموافقة وطلب منه الاستقالة.



الازمة الكبرى

وفي عام 1932 حدثت الازمة الكبرى في مجرى حياة طه حسين... ففي شباط 1932 كانت الحكومة ترغب في منح الدكتوراه الفخرية من كلية الآداب لبعض السياسيين... فرفض طه حسين حفاظاً على مكانة الدرجة العلمية، مما اضطر الحكومة الى اللجوء لكلية الحقوق...

ورداً على ذلك قرر وزير المعارف نقل طه حسين الى ديوان الوزارة فرفض العمل وتابع الحملة في الصحف والجامعة كما رفض تسوية الازمة الا بعد اعادته الى عمله وتدخل رئيس الوزراء فأحاله الى التقاعد في 29 آذار 1932 فلزم بيته ومارس الكتابة في بعض الصحف الى ان اشترى امتياز جريدة "الوادي" وتولى الاشراف على تحريرها، ثم عاد الى الجامعة في نهاية عام 1934 وبعدها بعامين عاد عميداً لكلية الاداب واستمر حتى عام 1939 عندما انتدب مراقباً للثقافة في وزارة المعارف حتى عام .1942

ولأن حياته الوظيفية كانت دائماً جزءاً من الحياة السياسية في مصر صعوداً وهبوطاً فقد كان تسلم حزب الوفد للحكم في 4 شباط 1942 ايذاناً بتغير آخر في حياته الوظيفية حيث انتدبه نجيب الهلالي وزير المعارف آنذاك مستشاراً فنياً له ثم مديراً لجامعة الاسكندرية حتى احيل على التقاعد في 16 تشرين الاول 1944 واستمر كذلك حتى 13 حزيران 1950 عندما عين لاول مرة وزيراً للمعارف في الحكومة الوفدية التي استمرت حتى 26 حزيران 1952 وهو يوم احراق القاهرة حيث تم حل الحكومة.

وكانت تلك آخر المهام الحكومية التي تولاها طه حسين حيث انصرف بعد ذلك وحتى وفاته عام 1973 الى الانتاج الفكري والنشاط في العديد من المجامع العلمية التي كان عضواً بها داخل مصر وخارجها.
$~*<عـــــزوز>*~$
طه حسين ومبدأ المقايسة

د. مسعود عمشوش



يُعدّ الدكتور عبد الله إبراهيم واحداً من النقاد العرب القلائل الذين، من خلال المزج بين الفلسفة والأدب واللغة والعلوم الإنسانية الأخرى، يسعون إلى الارتقاء بالنقد من كونه ممارسة أدبية غايتها تحليل النصوص واستنطاقها وتأويلها إلى جعله ممارسة فكرية تسعى إلى تفكيك الظواهر الثقافية بشكل عام وإبراز مكوناتها ومنطلقاتها وأهدافها وتناقضاتها وأثرها في مسار الفكر والثقافة. وكان هذا الناقد والمفكر العربي، بعد أن نشر في مطلع التسعينات أطروحته للدكتوراه في كتاب" السردية العربية: بحث في البنية السردية للموروث الحكائي العربي" قد عكف على بلورة مشروع طموح لا يكتفي فيه بالنظر في النصوص بل يعمد إلى وضعها في سياقاتها المعرفية وأفق تلقيها، وذلك ضمن كتاب موسوعي يتكون من ثلاثة أجزاء: (المطابقة والاختلاف). في الجزء الأول منه (المركزية الغربية: إشكالية التكوين التمركز حول الذات) يقوم المؤلف بنقد ظاهرة التمركز الغربي وكشف مصادره وظروفه التاريخية ومراميه. وفي الجزء الثالث (المركزية الإسلامية: مركزية الإسلام في القرون الوسطى وصورة الآخر) يدرس بعض مظاهر المركزية الإسلامية في القرون الوسطى.

أما في الجزء الثاني، الذي سنقوم بتقديمه في السطور الآتية، والذي نشره تحت عنوان: (الثقافة العربية والمرجعيات المستعارة) يتناول عبد الله إبراهيم ظاهرة امتثال الثقافة العربية الحديثة لنماذج غربية أو "ماضوية". فهو بعد أن يؤكد في المقدمة على "أنّ الثقافة العربية الحديثة أصبحت ثقافة "مطابقة" وليست ثقافة "اختلاف"، يميز بين نوعين من المطابقة يمكننا أن نلمسهما بيسر في واقع الثقافة العربية اليوم: مطابقة الآخر الغربي وهو اغتراب في المكان، ومطابقة الماضي التراثي وهو اغتراب في الزمان.

وقد أشار الدكتور عبد الله إبراهيم في مقابلة نشرتها مجلة (الرافد) الإماراتية في عددها الخمسين (2001) إلى اهتمامه المبكر بالعلاقة بين الثقافتين الغربية والعربية، ويرى أنها علاقة ملتبسة وفاعلة، و"ذلك أنها حددت أنظمة التفكير ومرجعياته وأنساقه في ثقافتنا الحديثة، وعولجت بمنظورات مختلفة وأحياناً متناقضة. وقد تبيّن أن اتجاهاً واحداً يحكم تلك المنظومات بشكل عام ومؤداه التطابق مع معطيات الثقافة الغربية. وهو في حقيقته لا يختلف عن الاتجاه الآخر الذي يقول بالتطابق مع الماضي ومرجعياته".

وإذا كان عبد الله إبراهيم لا يهتم في الجزء الأول من كتابه (المطابقة والاختلاف) إلا بالكيفية التي تشكلت بها أسس ثقافة المطابقة، فهو في الجزء الثاني يقدم بعض تجليات تلك الثقافة في ميادين المناهج والمفاهيم والرؤى والأحكام النقدية. وأولى تلك التجليات تتعلق بتفكيك مبدأ المقايسة عند طه حسين.

فخطاب طه حسين النقدي، لاسيما في دراسته للشعر الجاهلي، لا يعتمد في ممارسته على رؤية أو منهج ينبع من السياق الحضاري والثقافي الذي أفرز الدراسة بقدر ما يستند إلى ما أنتجه سياق آخر ينطلق في نظرته إلى الأدب من مرجعيات خاصة به وتدعم غاياته التي لا تتقاطع بالضرورة لا مع الموضوعية ولا مع المعطيات الحقيقية التي تقدمها النصوص التي يتم تناولها. ويبيّن عبد الله إبراهيم كيف أن مبدأ "المقايسة" في خطاب طه حسين يكشف عن "آلية تشتغل ضمن نظام شبه ثابت؛ فما إن تُطرح قضية ما في الأدب والفكر، إلا ويصار البحث عن نظير لها في الفكر الغربي، سواء كان حديثاً أو قديماً. وتجرى مضاهاة ومقارنة بين الموضوعين، ويصار إلى تثبيت القضية أو نفيها في ضوء ثبات أو نفي القضية الأخرى. فكل شيء يقرر صوابه بمقدار مناظرته لما هو يوناني أو روماني أو أوروبي سواء كان ذلك في قضية البحث الأدبي والفكري والتاريخي أو في قضية التعليم والتربية أو في القضايا الاجتماعية والسياسية".

ويحاول عبد الله إبراهيم أنْ يثبت أنّ قراءة طه حسين للتراث العربي لم تقف عند حدود البحث عن المطابقة أو المقايسة أي المماثلة بين الموضوعات الشرقية والغربية وإنما تتجاوز ذلك إلى "الامتثالية، وثمة فرق لا يخفى بين المماثلة والامتثال. في الحالة الأولى يمكن أن يعنى البحث في أمر المقارنة بين الظواهر الفكرية والتاريخية، ويدرسها ويحللها، ويقدم تفسيراته بشأنها، وهو أمر شائع يندرج في حقل الدراسات المقارنة بشتى أنواعها، أما الحالة الثانية فتنطلق من مبدأ المقايسة الذي تمتثل فيه ظاهرة ما لها شرطها وخصوصيتها، لأخرى مختلفة من ناحية الخصوصية والشرط. ليس هذا فحسب، إنما إسقاط تفسير وتعليل يتصلان بتلك الظاهرة على الظاهرة المدروسة، الأمر الذي يفرض نوعاً من امتثال الظواهر وأسبابها لظواهر أخرى لها أسبابها المختلفة. ومن الواضح أن طه حسين يقدم أكثر من برهان على هذه القضية، جاعلاً "النموذج الغربي" هو المعيار الثابت في القياس. وينبغي تبعاً لذلك "للنموذج الشرقي" أن يمتثل له، لكي تثبت شرعيته، وتقر نتائجه".

وبالإضافة إلى ذلك يرصد عبد الله إبراهيم وجود سلسلة كبيرة من التناقضات في الأحكام التي أصدرها طه حسين أثناء قراءته للتراثين العربي والغربي، ويعزو تلك التناقضات لخضوع جانب من كبير من البحث الفكري والنقدي لعميد الأدب العربي لمبدأ "المقايسة". ويمثل الباحث على ذلك من خلال عرض طريقة طه حسين في تناول عدد من الشعراء الجاهليين. فمن المعلوم أن طه حسين لم يتردد في كتابه (قادة الفكر) الذي أصدره قبل سنة واحدة من نشر كتابه (في الأدب الجاهلي) في إعلاء مكانة امرئ القيس وذلك حين "يقايس" بين مرحلة البداوة اليونانية ومرحلة البداوة العربية قائلاً: "الشعر هو أول مظهر من مظاهر الحياة الاجتماعية القومية لكل الأمم المتحضرة التي عرفها التاريخ. وإذن فالشعراء هم قادة الفكر في هذه الأمم؛ تأثروا بحياتها البدوية، فنشأوا ملائمين لها؛ وتميزت شخصياتهم فأثروا فيمن حولهم، ثم في الأجيال التي خلفتهم. وهل كانت توجد الحضارة اليونانية التي أنشأت سقراط وأرسطاطاليس والتي أنشأت إسكولوس وسوفكليس والتي أنشأت فدياس وبيركليس لو لم توجد البداوة اليونانية التي سيطر عليها شعر هوميروس وخلفائه؟ وهل كانت توجد الحضارة الإسلامية، التي ظهر فيها من ظهر من الخلفاء والعلماء وأفذاذ الرجال، لو لم توجد البداوة العربية التي سيطر عليها امرؤ القيس والنابغة والأعشى وزهير وغيرهم من هؤلاء الشعراء الذين نبخسهم أقدارهم ولا نعرف لهم حقهم؟"

وإذا كان طه حسين قد جعل، في (قادة الفكر) من امرئ القيس "هوميروس العرب"، فهو في كتاب (في الشعر الجاهلي)، الذي صدر - كم ذكرنا- بعد سنة واحدة من كتاب (قادة الفكر)، ينكر وجود عدد من الشعراء الجاهليين وعلى رأسهم امرؤ القيس الذي وضعه في (قادة الفكر) على رأس قائمة الشعراء الذين "نبخسهم أقدارهم ولا نعرف لهم حقهم"، لأنه لا يرى أن شعرهم يمثل المرحلة الجاهلية، ويقرر بالتالي: "إن الكثرة المطلقة مما نسميه شعراً جاهلياً ليس من الجاهلية في شيء، وإنما هي منتحلة مختلفة بعد ظهور الإسلام، فهي إسلامية تمثل حياة المسلمين وميولهم وأهواءهم أكثر مما تمثل حياة الجاهليين ولا أكاد أشك في أن ما بقي من الشعر الجاهلي الصحيح قليل جداً لا يمثل شيئاً ولا يدل على شيء، ولا ينبغي الاعتماد عليه في استخراج الصورة الأدبية الصحيحة لهذا العصر الجاهلي... إن ما تقرأه على أنه شعر امرئ القيس أو طرفة أو ابن كلثوم أو عنترة ليس من هؤلاء في شيء، و إنما هو انتحال الرواة أو اختلاق الأعراب أو صنعة النحاة أو تكلف القصاص أو اختراع المفسرين المحدّثين والمتكلمين".

ويرى عبد الله إبراهيم أن شك طه حسين في الشعر الجاهلي متصل أشد الاتصال بمبدأ "المقايسة"، وكذلك بشك المستشرقين في ذلك الشعر،"أكثر مما هو متصل بشك ديكارت الفلسفي. فقد كان أمر صحة الشعر الجاهلي موضوع خلاف بين المستشرقين منذ مطلع النصف الثاني من القرن التاسع عشر؛ إذ كتب في نولدكه في عام 1861وألفرت في عام 1872، وتوالت البحوث والدراسات الكثيرة في هذا الموضوع. وتوجت تلك البحوث، بدراسة مارجليوت (أصول الشعر العربي) التي ظهرت في عام 1925. وكانت استنتاجات مارجليوت تشكل اللب الأساسي الذي ورد في متن كتاب طه حسين، بعد أن دمج مع مرويات ابن سلام الجمحي".

وبالإضافة إلى طه حسين، الذي بصفته الريادية يُعد - في نظر عبد الله إبراهيم - من أوائل العرب الذين قرءوا النصوص العربية بمنظور الآخر وذلك من خلال إخضاعها لمعيار المستشرقين الغربيين، يتناول مؤلف (الثقافة العربية والمرجعيات المستعارة) المشاريع النقدية لعدد من الأكاديميين العرب المعاصرين مثل كمال أبو ديب ومحمد مفتاح وسعيد يقطين الذين يحضر في كتاباتهم الآخر الغربي بأشكال مختلفة، لكنها تبيّن بجلاء خضوعها المستمر لمبدأ المطابقة.

وانطلاقاً من نقد ثقافة "المطابقة"، يدعو عبد الله إبراهيم إلى ثقافة "الاختلاف". وهو، حين يدعو إلى الاختلاف الذي يرى فيه ضرورة ملحة تفرضها حالة التوتر والانهيار اللذين تعيشهما الثقافة العربية، فهو يؤكد في الوقت نفسه أن الدعوة إلى الاختلاف لا تعني خلق قطيعة مع الآخر الغربي أو الآخر القديم، بل إلى إيجاد"مسافة طبيعية وضرورية تحوّل الانتماء الأعمى المزدوج للغرب أو للماضي إلى نوع من الحوار والتفاعل والتمثل والاختلاف، وليس إلى التماهي والاندماج والتطابق".
$~*<عـــــزوز>*~$
طه حسين
(1889 ـ 1973م)

ناقد، روائي.

ولد في عزبة الكيلو (مغاغة)، محافظة المنيا.
بدأ دراسته في كتّاب القرية، ثم دخل الأزهر، انتقل إلى الجامعة المصرية، ونال منها الدكتوراه الأولى، ثم نال دكتوراه دولة من جامعة السوربون، باريس.

عيّن عميداً لكلّية الآداب، جامعة القاهرة، رئيس مؤقّت لجامعة فاروق الأول، وهو أول مدير لجامعة رية. قرّر مجانية التعليم الثانوي. أنشأ جامعة عين شمس. وكان عضواً بالمجمع اللغوي ورئيسه منذ 1963م حتى وفاته.

وهو مدير دار الكاتب المصري. كان عضواً في المجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم الاجتماعية ومقرّر للجنة الترجمة به منذ انشائه. وقد منح جائزة الدولة عن كتابه، على هامش السيرة، وجائزة الآداب، وكان أول من منح جائزة الدولة التقديرية في الآداب، كما منح أيضاً وسام «ليجيون دونير Légion d'honneur» من فرنسا. منح من هيئة الأمم المتحدة جائزة حقوق الإنسان وتلقاها قبل وفاته بيوم واحد.

انصرف إلى الاستماع إلى القصص والأحاديث وانضم إلى رفاق أبيه في ندوة العصر في فناء البيت يستمع إلى آيات القرآن وقصص الغزوات والفتوح وأخبار عنتر والظاهر بيبرس وأخبار الأنبياء والنسّاك الصالحين ويحفظ القرآن في كتّاب القرية أتقن التجويد ثم سافر إلى القاهرة.

لم يقتصر اهتمامه على تعليم الأزهر وحسب فقد اتجه للأدب. حفظ مقالات الحريري وطائفة من خطب الإمام ومقامات بديع الزمان الهمزاني والتقى هو والشيخ المرصفي في بغضهما لشيوخ الأزهر وحبّهما الراسخ لحرية خالصة. وأخذ عن المرصفي حبه للنقد وحريته.
كوّن هو وأحمد حسن الزيات ومحمود الزناتي جماعة ذاع نقدها للأزهر وفضّلوا الكتب القديمة على الكتب الأزهرية ويقرأون دواوين الشعر.

عاش طه حسين حر الرأي غالباً في التجديد ذو إحساس بمصريته الخالصة مدركاً لانتمائه للأمة العربية. ومقدّراً لانتماء البشر جميعاً للأسرة العالمية. وعاش يحاضر ويكتب النقد والوصف والتراجم والأدب والمقالة والقصة وهو صاحب مدرسة ومنهج في النقد خاصة. وفي أدبه نوافذ على الآداب العالمية وخاصة اليوناني والفرنسي وهو بهما بعيد التأثر.

قام بجمع المخطوطات المصرية من مختلف نواحي العالم وفي إدارة خاصة في الجامعة ونشر عدد من هذه المخطوطات نشراً علمياً كما مهّد لقيام المنظّمة العربية للتربية والعلوم والثقافة. وعند قيام هذه المنظّمة أنهى عمله بالجامعة العربية.

قد نال الدكتوراه الفخرية في كثير من البلاد الأجنبية منها فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وأوسمة من لبنان وتونس والمغرب. ومن مصر منح قلادة النيل التي لا تمنح إلاّ لرؤساء الدول. نال أول جائزة تقديرية في الأدب.

كان طه حسين عضواً في عدّة مجامع عالميّة وهيئات اختير لها لما عرف به في دوائر الثقافة العالمية من امتياز.

من مؤلفاته:

ذكرى أبي العلاء، فلسفة ابن خلدون الاجتماعية، في الشعر الجاهلي، في الصيف، على هامش السيرة، من بعيد، صوت أبي العلاء، حديث الأربعاء، الأيام، دعاء الكروان، المعذبون في الأرض.