( الحمد )
وصف المحمود بالكمال محبة وتعظيمًا وإجلالاً ، فإذا وصفت ربك بالكمال فهذا هو الحمد ، لكن لا بد أن يكون مصحوبًا بالمحبة والتعظيم والإجلال ؛ لأنه إن لم يكن مصحوبًا بذلك سمي مدحًا لا حمدًا ، ومن ثمَّ نجد بعض الشعراء يمدحون بعض الأمراء مدحًا عظيمًا بالغًا ، لكن لو فتشت عن قلبه لوجدت أنه خالٍ من محبة هذا الأمير ، ولكنه يمدحه إما لرجاء منفعة أو لدفع مضرة .
أما حمدنا لله - عز وجل - فإنه حمد محبة وتعظيم وإجلال ، إذ أن محبة الله - تعالى - فوق كل محبة ، ومحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوق محبة كل مخلوق ، ولهذا يجب علينا أن يكون الله ورسوله أحب إلينا مما سواهما ، ويجب علينا أن تكون محبة رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فوق محبة أنفسنا وأهلنا ووالدينا وأولادنا ؛ لأنه - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - هو أعظم الناس حقًا علينا : به هدانا الله . به أرشدنا . به دلنا على كل خير . به بين لنا كل شر . به نقتدي على منهاج ربنا - عز وجل - الموصل إلى دار كرامته ورضوانه .
فلهذا من لم يكن قلبه مملوءًا من محبة الله ورسوله . من لم يكن مقدمًا لمحبة الله ورسوله على من سواهما فليعلم أن في قلبه مرضًا ، وليحرص على أن يصحح هذا المرض .
قال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - : ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين ) .
إذاً ، ( الحمد ) : هو وصف المحمود بالكمال مع المحبة والتعظيم والإجلال ، هذا هو الحمد ، إذا كررت هذا الوصف سمي ثناءًا ، وعليه فالثناء تكرار وصف المحمود بالكمال ، ويدل على هذا الفرق ما ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ، أن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قال : ( قال الله - تعالى - : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، فإذا قال : الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . قال الله : حمدني عبدي ، وإذا قال : الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ . قال : أثنى علي عبدي ، وإذا قال : مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ . قال : مجدني عبدي ) .
تصور يا أخي ! يناجيك الله - عز وجل - وأنت في صلاتك ، يسمعك من فوق سبع سماوات ، ويرد عليك .
إذا قلت : الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، قال الله : حمدني عبدي . إذا قلت : الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، قال : أثنى عليَّ عبدي . إذا قلت : مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ . قال : مجدني عبدي ) . والتمجيد : التعظيم .
فهل - نحن - نشعر ونحن نصلي بهذا ؟!!
الشكوى لله - عز وجل - ، أكثرنا وأكثر أوقاتنا أننا لا نشعر بهذا ، نقرأ الفاتحة على أنها ركن لا تصح الصلاة إلا بها ، لكننا لا نشعر بهذه المعاني العظيمة أننا نناجي الله - سبحانه تعالى - .
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ : يقول الله - عز وجل - من فوق سماواته : حمدني عبدي !! من يشعر بهذا يجد لذة عظيمة للصلاة ، ويجد أن قلبه استنار بها ، وأنه خرج منها بقلب غير القلب الذي دخل فيها به .
( الحمد لله نحمده ) جملة : ( نحمده ) جملة فعلية ، ( والحمد لله ) جملة اسمية ، فجاءت الجملة الفعلية بعد الجملة الاسمية لتأكيد تكرار الحمد ، كأننا مستمرون بحمد الله - عز وجل - .
( ونستعينه ) : يعني : نطلب منه العون ، على أي شيء ؟
على كل شيء ، وأول وأولى ما يدخل في ذلك ما نحن فيه ، تقول : إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ . على كل شيء ، ومنها : أن نستعينك على أداء الصلاة على الوجه الذي يرضيك عنا ، وعندما تتكلم بهذه الخطبة فإنك تستعين الله - تعالى - على هذه الخطبة التي ستقولها وتسأله العون .
وفي الحديث : ( ليسأل أحدكم ربه حتى شراك نعله ) . استعن بالله في كل شيء ، إذا أردت أن تُقضى حاجتك فاستعن بالله في كل شيء ، لا تحقرن شيئًا ، حتى عند الوضوء . عند الخروج إلى المسجد . عند أي عمل اجعل قرينك الاستعانة بالله - عز وجل - .
الكاتب :مراسل الرواد ..
قاله العلامة الفقيه محمد بن صالح العثيمين
- غفر الله لنا وله ولموتى المسلمين -
" سلسلة اللقاء الشهري " ( 22 )

السيحانية @alsyhany
محررة برونزية
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

بنت مجروحه
•
جزآك الله خيرآَ .




الصفحة الأخيرة