مع الدكتور محمد ناصر بن إدريس : ( 1 )
===== تكرر زيارات الكاتب لإندونيسيا ( 1 ) =====
وتكررت زياراتي لإندونيسيا ، ولعل زيارتي الأخيرة في هذه السنة : 1421هـ هي الزيارة العاشرة .
وكنت أحرص في كل زيارة أن أجتمع بالدكتور محمد ناصر رحمه الله ، وقد اجتمعت به في أربع مرات في أربع رحلات :
المرة الأولى سنة 1400هـ.
المرة الثانية سنة 1410هـ.
المرة الثالثة سنة 1412هـ.
المرة الرابعة سنة 1413هـ.
رجل يستحق الحب والإكرام.
وفي كل زيارة من هذه الزيارات تمكنت من مقابلة الدكتور محمد ناصر، حرصا مني على المثوبة من جهة، لأني أحبه في الله وأزوره لذلك، وحرصا مني على أخذ ما أمكنني منه من المعلومات عن الإسلام والمسلمين في إندونيسيا، والرجل جدير بكلا الأمرين، فهو رجل مناضل في سبيل الحق وإقامة الحكومة الإندونيسية على أساس الإسلام، وابتلي بسبب ذلك، فترك الجاه والمنصب وأجبر على الإقامة في جاكرتا، وأصيب بأمراض حاول أن السفر للعلاج منها في الخارج فلم يؤذن له مع كبر سنه، ولكنه لا زال يوجه الشباب ويخدم الإسلام والمسلمين، وينذرهم بالخطر التنصيري والعلماني والإلحادي والفساد الخلقي، ويبين ذلك بالإحصاءات والأرقام، فهو يستحق الحب والإكرام والتقدير من المسلمين في إندونيسيا وخارجها، وسأكتب هنا ما تجمع عندي في الزيارات الأربع بحسب تواريخها والله المستعان.
الزيارة الأولى للدكتور محمد ناصر كانت وقت المحنة.
لم أكتب عن الدكتور محمد ناصر كثيرا في هذه الزيارة، لأن الأوضاع السياسية في إندونيسيا كانت صعبة جدا، إذ كان رجال الأمن يتابعوننا أينما ذهبنا،حتى أن بعضهم جاء إلى الفندق الذي نزلنا به، وأخذ يحقق مع الشيخ عبد القوي مدرس القرآن الكريم بالمعهد الثانوي في الجامعة الإسلامية بالمدينة: من أين أتيتم وماذا تريدون؟ وبمن تتصلون هنا؟ وهل تريدون إلقاء محاضرات وما موضوعاتها؟ وأي المدن تريدون زيارتها؟ وكنت عندئذٍ خارج الفندق.
استمرار النشاط الدعوي المستطاع على رغم المضايقات.
ولا شك أن الدكتور محمد ناصر كان مراقبا لذلك آثرت عدم الكتابة، وكان ممنوعا من التحرك داخل إندونيسيا وخارجها ، ولكني سمعت منه ما يدل على استمرار النشاط الدعوي برغم الحالة الأمنية، وقد أبدى الدكتور قلقه من النشاط النصراني في كل المجالات، ومحاولات النصارى الاستيلاء على المراكز الحساسة في الأمن والتعليم والاقتصاد والطب والجيش وغيرها، يساعدهم في ذلك عملاء علمانيون من أبناء المسلمين الذين ابتعثوا للدراسة في الخارج-في أوروبا وأمريكا-فحملوا مؤهلات وأسندت إليهم وظائف حساسة في الدولة، وهم يحاربون الإسلام علنا، أكثر من محاربة النصارى، وإن كان النصارى هم الموجهين والمحركين، ومن ذلك محاولة إلغاء المساجد في الجامعات، وحرمان أبناء المدارس الحكومية من الإجازة في رمضان، وقد كانوا يستفيدون من هذه الإجازة بالتعلم في المدارس الإسلامية والمساجد، حيث يتعلمون أمور دينهم التي لا يجدونها في المدارس الحكومية.هذا ما سجلته عن الدكتور محمد ناصر في الزيارة الأولى.
=======================
(1)هذه الحلقات مأحوذة من سلسلة ( في المشارق والمغارب ، وهي المعلومات التي دونها الكاتب في رحلاته خلال 22 عاما
( 2 )
الأحد 10/6/1410هـ ـ7/1/ 1990م.
====الزيارة الثانية للدكتور محمد ناصر.====
وفي هذه الزيارة كتبت عنه معلومات تتعلق به، وأخرى تتعلق بالإسلام والمسلمين في إندونيسيا.
هو: محمد ناصر بن إدريس.
ولد في:17 يوليو، سنة 1908م في سومطرة.
الدراسة: ابتدائية ومتوسطة وثانوية، وليسانس في كلية التربية في باندونج، ونال دكتوراه فخرية في الجامعة الإسلامية في جوك جاكرتا.
الوظائف: التدريس في التربية في عهد الاستعمار الهولندي، في باندونج.
وعندما جاء الاستعمار الياباني قضى على كل المدارس الموجودة، لإقامة مدارس على منهج المدارس اليابانية.
ثم توظف في إدارة التربية في باندونج مديرا.
كفاح محمد ناصر قبل الاستقلال وبعده.
وقبل الاستقلال طلب منه الدكتور محمد حتى نائب رئيس الجمهورية أن ينتقل إلى جاكرتا للكفاح من أجل الاستقلال سنة 1945 م. وبعد الاستقلال كوفئ المجاهد كما كوفئ سنمار :
جزى بنوه أبا الغيلان عن كبر وحسن فعل كما جزى سنمار
ومن هذا الوقت دخل معترك النشاط السياسي.
وكان أحد أعضاء مجلس النواب.
وفي عام :1946م بعد الاستقلال عين وزيرا للإعلام، وأنشأ حزب ماشومي، وهو اختصار لـ(مجلس شورى مسلمي إندونيسيا)
وكانت فكرة إنشاء هذا المجلس قد بدأت في أول الحرب العالمية الثانية، لمواجهة الاستعمار من أجل الاستقلال لتوحيد المسلمين من الجمعية المحمدية ونهضة العلماء وغيرها، وكان المجلس يسمى: مجلس إسلام أعلى إندونيسيا (MIAI) أي المجلس الإسلامي الأعلى لإندونيسيا.
وفي عهد الاستعمار كان يوجد تجمعان: أحدهما وطني والآخر إسلامي، فأراد محمد ناصر أن يكون الحزبان متحدين على أساس الحكم الإسلامي، وكان يدور نقاش بينهما حول ذلك، وكانت كنية محمد ناصر في هذا الحوار: (أبو مخلص).
وبعد الاستقلال أراد سوكارنو أن يكون حزبه هو الحزب الوحيد (وهو الحزب الوطني) والمسلمون كانوا يريدون قيام الحكومة على أساس الإسلام فقط.
وفي سنة 1956م أنشئ المجلس الاستشاري الأعلى (من الطرفين) للتباحث في الأمر وطال النقاش ولم يحصل اتفاق، ولم ينجح أحد من الطرفين، وكان سوكارنو يريد قيام الدولة على أساس البانتشاسيلا. وهي المبادئ الخمسة التي يترتب عليها الولاء والبراء عند العلمانيين وعليها قامت دولتهم بعد ذلك وأجبرت كل المؤسسات الإسلامية على قبولها ، وتدريسها في عهد سوهارتو وقد ذكرت معناها في مكانها من المعلومات عن إندونيسيا في سلسلة ( في المشارق والمغارب )
كان وزيرا للإعلام ثم رئيسا لحزب ماشومي.
بقي محمد ناصر وزيرا للإعلام أربع سنوات، وفي هذه الفترة كان يوجد مجلس تنسيق بين الحكومة الإندونيسية والحكومة الهولندية يسمى: أوشي إندونيسيا-هولندا.
اقترحت هولندا أن تقوم في إندونيسيا عدة دول كونفدرالية وتعتبر هي بذلك، وكان قد أعلن قبل ذلك أن حكومة إندونيسيا موحدة، ولهذا رفض محمد ناصر عرض هولندا وتنازل عن الوزارة ووافق على اقتراح محمد حتى (نائب سوكارنو) ونشط محمد ناصر في تكوين حزب ماشومي وحصل على:90% من الحزب مؤيدين له.
ولم يكن سوكارنو يريد ما اقترحته هولندا ولكنه استسلم للواقع.
وقدم محمد ناصر مشروع إندونيسيا الموحدة للبرلمان ويعرف هذا المشروع بـ(موسي إنتجرال محمد ناصر) MOSI INTEGRAL MUMMAD NASIR.
ثم رئيسا للوزراء.
وطلب من محمد ناصر أن يكون وزارة، فأصبح رئيسا للوزارة سنة:1950م، وهو الرئيس الثاني لمجلس الوزراء بعد الاستقلال، وعندما كون الوزارة لم يدخل فيها الجبهة الوطنية فأصبحت حزبا معارضا، وكان سوكارنو-وهو رئيس الجمهورية-يؤيد الجبهة الوطنية، فكان يساعدها ويدعمها.
وفي حفلة المولد النبوي في القصر الجمهوري كان سوكارنو يريد إعلان إلغاء مجلس التنسيق وحث الجبهة الوطنية على تأييده، وكان محمد ناصر يرى إعلان ذلك عن طريق البرلمان في شهر مايو في مفاوضات بين وزير خارجية إندونيسيا ووزير خارجية هولندا، ولكن سوكارنو أصر على موقفه، ولهذا أعلن محمد ناصر استقالته بعد الاحتفال وكان ذلك في شهر مارس سنة:1951م وبقي رئيسا لحزب ماشومي.
وكان يدور نقاش في البرلمان، وفي المجلس التأسيسي للدولة.
زياراته بعض الدول الإسلامية ورجال الدعوة فيها.
وبدأ محمد ناصر في الاتصال بالعالم الإسلامي فزار باكستان ومصر وسوريا وإيران والعراق وزار الهند أيضا عام:1952م.
وكانت عنده رغبة أن يلتقي بالأستاذ البنا، ولكنه لم يتمكن من ذلك لأنه توفي قبل أن يقوم بالزيارة للخارج ولم يره، ولكنه زار المودودي وحسن الهضيبي وبعد نقاش طويل دار بينه وبين كل منهما رأى أن فكرته متفقة مع فكرة الإخوان في مصر والجماعة الإسلامية في باكستان.
هذا الموضوع مغلق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️