( 7 )
تحديات إمام العمل الإسلامي.
واجه المجلس في مستهل إنشائه حطاما وركاما من مخلفات عهد سوكارنو البائد، وتحديات خطيرة من خصوم الإسلام وأعدائه، وخاصة أولئك الذي عاونوا سوكارنو وأيدوه وتعانوا معه، حيث أصبحوا بعد الإطاحة بطاغوتهم وانهيار حكمه ونظامه، وافتضاح خطل تعاليمه وانكشاف مباذله ومخازيه، يتخوفون من الإسلام الذي أصبح البديل المنطقي الوحيد، الذي سيحل محل البائدين ويرث الأرض ومن عليها.. ولكن العهد الجديد كان حربا على الإسلام، مثل القديم، وإن اختلفت الأساليب الماكرة.
فالشعب الذي غرر به سوكارنو وحواريوه وضللوه وسخروه لمآربه ومآربهم سنوات عديدة، أفاق ذات صباح يوم ضاح ليشهد بعينيه مأساة الثلاثين من سبتمبر سنة: 1965م وما اقترفت من وحشية وبهيمية وضراوة متناهية، أبرزت حقائق الشيوعية والتقدمية التي كان يروج لها سوكارنو وأعوانه.
تضليل المسلمين بفتاوى علماء السوء.
لقد كان سوكارنو يقول: بأن الشيوعية والإسلام صنوان لا يتعارضان، فلم تتورع طائفة من الذين يحلو لهم أن يقال عنهم بأنهم شيوخ الإسلام وأئمة الدين، أن يقولوا معه ويؤيدوا هرطقته.
وعندما بشر ببدعه "الناسا كوم" (والكلمة منحوتة من ثلاث كلمات بالإندونيسية تعني القومية والدين والشيوعية) التي تقول بوجوب تعاون واندماج هذه الثلاث أيديولوجيات ليتحقق الرفاه والسعادة للشعب الإندونيسي، سبح المغفلون بحمد هذا "الناساكوم" تسبيحا، وأرادوا أن يشخصوا إمكان تحقيق هذا المبدأ، فاعتلى المنصة-في اجتماع شعبي عام-ثلاثة شخصيات من زعماء الأحزاب التي أريد لها أن تمثل كلا من القومية والإسلام والشيوعية، وتعانقوا عناق اللوعة والاشتياق، وكانت مهزلة سخيفة أن يبدو "حمل" الإسلام يعانقه "ضبع" القومية و"ذئب" الشيوعية، ولكن الحمل كان معتزا فخورا...
ولما أعلن سوكارنو المجابهة ضد ماليزيا البلد الجار والشعب الشقيق، بتلفيق متخلف التهم ضدها، جاراها أولئك المغفلون، بل أصدروا فتوى بتحريم الاستماع إلى إذاعة ماليزيا!.
وانساقت طوائف الشعب الساذجة، وراء الخدعة بفضل أمثال هؤلاء الزعماء الذين كانوا إما مأجورين أو مغفلين، فقد كانت جماهير الشعب تضع ثقتها فيهم بحكم عمائمهم وتزييهم بزي العلماء!
وانهالت ألقاب الشرف العلمية على سوكارنو من كل حدب وصوب، حتى أصبح يفتخر بتعديد شهادات الدكتوراه الفخرية التي أهديت إليه، وكاد أن يكون أحق بلقب: (الدكاترة سوكارنو!)
وتسابق زعماء هؤلاء المسلمين إلى إهدائه ألقاب الدكتوراه الفخرية، في الدعوة الإسلامية وفي التوحيد، بل لقبوه بأنه (ولي الأمر ضروري بالشوكة).
ثم أطيح أخيرا بطاغوت "الناساكوم" وتمت عملية رفع الستار عنه وعن مخازيه وأعمال تهريجه، في خضم المظاهرات الطلابية التي أطاحت به وبحكومته (في سنة: 1966م) بعد إحباط الانقلاب السبتمبري في (أكتوبر سنة:1965م) وانجلت الحقيقة لكل ذي عينين، واتضح أن الشيوعية هي الشيوعية، وأن الشيوعيين شيوعيون، سواء أكانوا أعضاء رسميين في الحزب الشيوعي أم لم يكونوا أعضاء، وأن دعوة الشيوعيين للوحدة والاتحاد و(الجبهة القومية) ليست إلا وسيلة من وسائل تحقيق غايتهم القصوى، وهي السيطرة والتمكن، وبعد ذلك القضاء التام على من سواهم، بالاختطاف والاغتيال، كما حدث لقادة الجيش في صبيحة يوم أول أكتوبر سنة: 1965م، كما اتضح أن الشيوعية إن هي إلا زندقة والحاد وكفر صراح.
وشدهت الجماهير الساذجة لهذه الحقائق المرة التي انكشفت بعد إحباط الانقلاب السبتمبري الفاشل، وأصيبت بالذهول، وتخبطت تخبط القطيع التي تحاول أن تتلمس سبل الإفلات والنجاة من سطوة الذئاب الضارية، وهالها أن تشعر في النهاية بأنها كانت مخدرة من قبل زعمائها-أو من حسبتهم زعماءها-الروحيين، وراحت تتلمس وتبحث عن العقيدة الصحيحة التي تكفل لها الخلاص وتستطيع أن تكفر بها عن ماضيها وتطهرها من أدرانه.
هذا الموضوع مغلق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️