د.مشبب القحطاني

د.مشبب القحطاني @dmshbb_alkhtany

إمام وخطيب مفكرة المجلس عضو في جماعة التوعية الإسلامية

مـا أجـمــل الحــب ؟؟ خطبة الجمعة 21/8/ 1424 ( ردا على دعاة الحقد والفتنة )

الملتقى العام

أما بعد أيها المسلمون :

أخرج مسلم رحمه الله في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ  أنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا ، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا ، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ ) ..
في هذا الحديث يبين المصطفى صلى الله عليه وسلم ، أن دخول الجنة لا يمكن ولا يتحقق إلا بالإيمان ، وأن الإيمان لا يتحقق إلا بنشر الحب بين سائر طبقات المجتمع .

وعليه فإن نشر الحب بين الناس مطلب شرعي ، يجب أن يمارسه كل مسلم على وجه الأرض ، وأن يتقرب بذلك إلى الله تعالى ..
لذا فإن خطبتنا لهذا اليوم ستكون بعنوان ( ما أجمل الحب ) .

والهدف من طرح هذا الموضوع في هذه الفترة الحرجة من تاريخ الأمة مايلي :

أن نمارس هذه الشعيرة الغائبة بكل معانيها .

أن لا نغتر بأساليب وخطط من يحاول غرس الحقد والبغض والغل في نفوس الناس ، وأن نقف في وجهه بكل ما أوتينا من قوة.

إخواني في الله .. بكل فخر واعتزاز يجب أن نقول ..ما أجمل الحب ..وما أسعد المحبين وأعظمهم و أكرمهم ..
وفي نفس الوقت نقول ما أسوأ الحقد والغل والكره .. وما أتعس الحاقدين وما أحقرهم وأذلهم .
نقول هذا لأن ديننا العظيم .دُين محبة ..دينُ سلام ..دينُ ألفة ومودة ..دين رحمة ورأفة وشفقة على الخلق ..
يكفينا فخرا بأن الله تعالى هو أعظم المحبين .. صرح بالحب في أكثر من آية ..فهو سبحانه يحب العظماء من خلقه ، يحب أصحاب النفوس العظيمة ، وأصحاب الأيادي البيضاء الكريمة ،..

فهو سبحانه يحب التوابين ويحب المتطهرين..يحب الصابرين ..يحب المقسطين .. يحب المحسنين .. ويحب المتوكلين ..يحب المجاهدين
وهو سبحانه جميل يحب الجمال .. رفيق يحب الرفق .. يحب الشجاعة .. يحب الستر .يحب العفو .. يحب الأخلاق الفاضلة والأعمال النبيلة ..
فهو سبحانه وتعالى يحب ، ويتصف بصفة محبة .. والتي تليق بجلاله وكماله وعظمته ..
أيها الاخوة مالنا لا نقول ما أجمل الحب ورسولنا صلى الله عليه وسلم هو حامل لواء الحب ، والداعي إلى نشره في العالم .. كما في قوله صلى الله عليه وسلم ( لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا ، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا ، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ )

بل إنه صلى الله عليه وسلم لا يخجل من التصريح بالحب ، فلقد قال لأحد الصحابة الكرام (يَا مُعَاذُ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ )

ربى أصحابه على الحب ودعى إلى ذلك فقال صلى الله عليه وسلم ( إِذَا أَحَبَّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُعْلِمْهُ إِيَّاهُ )
وكان فيه مجلسه رجل من أصحابه الكرام فَمَرَّ عليهم رَجُلٌ آخر فقال الذي في مجلسه يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّ هَذَا .. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمْتَهُ؟؟ قَالَ لَا قَالَ أَعْلِمْهُ ..قَالَ فَلَحِقَهُ فَقَالَ إِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللَّهِ فَقَالَ أَحَبَّكَ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي لَهُ ) ..

ما أروعها من تربية ..؟؟ وما أروعه من دين ..؟ وما أروعه من مربي ..؟ لقد بلغ به الأمر صلى الله عليه وسلم أن جعل هذه الحب كلمة مألوفة لأسماعهم حتى مع الجمادات .. ففي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم مر على جبل أحد فقال لمن حوله ..هذا جبل يحبنا ونحبه ..

لقد تربى مجتمع الصحابة الكرام على أسمى معاني الحب وأرفعها .. فكانوا خير القرون على الإطلاق ..
ولقد أشاد الله بتلك المحبة في كتابه الكريم ، وأصبحت كوسام شرف يردده المسلمون منذ مئات السنين إلى ان يرث الله الأرض ومن عليها ..فقال جل من قائل (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ .. وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا ..وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ..وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) ..

أيها المسلمون : أن الحب بمعناه الإسلامي الشامل شيء عظيم ، له قواعد ثابتة غير متقلبة ، مبينة على الشرع المطهر..
بالحب تبنى المجتمعات وتنمو وتزدهر ..ابتداء من الأسرة الصغيرة وانتهاء بالدولة الكبيرة..
بالحب يعيش الناس حياة خالية من الحقد والغش والتعقيد والخوف ..

والدعوة إلى الحب ونشره في العالم ، دعوة شرعية إلزامية وليست تطوعية أو اختيارية.. فمن شاء احب ومن لم يشأ لم يحب ..

والأمر اعظم مما يتخيله البسطاء ..

يجب على كل مسلم ان يرفع لواء الحب ..أينما حل وأين ما ارتحل ..ويحاول نشره بين فئات المجتمع ، خصوصا هذه الأيام التي اجتمعت فيها قوى الشر لنشر الحقد بين المجتمعات .. وبدأت أيدي الكفرة والمجرمين تطول الدعاة والعلماء والمجاهدين في أي مكان ..دون ان يتحرك أحد .. كما بدا دعاة الفتنة في تفريق كلمة الأمة وزرع الحقد بينهم .

فإذا كان المجتمع مبنيا على الحب ، وحب الخير لجميع أفراده .. فانه سيقف في وجه جميع القوى الداخلية والخارجية ..

أما إذا كان مشحونا بالحقد والغل ، وحب المصالح الشخصية الدنيوية ، وحب المناصب ، وحب الشهوات ، فهذا المجتمع سيكون فريسة سهلة لأولئك الأوغاد .. وستتحول الأحوال من سيء إلى أسوأ.

ولذلك حذرنا المصطفى صلى الله عليه وسلم من أسباب الحقد والغل بقوله َ ( لَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا ، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا ، وَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ) البخاري

وفي حديث آخر عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ ، وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا ) البخاري

أخواني الله : إن الدعوة إلى الحب لا تعني خلط الأوراق ، وترك النفس تحب من تشاء وتبغض من تشاء ..إن هنا أولويات لهذه العبادة العظيمة ,,
من ذلك أن تكون محبتنا لله تعالى .. فنحب الله جل جلاله من كل قلوبنا ، ونحب رسوله صلى الله عليه وسلم .. وهذا لا يمكن تحقيقه بالكلام أو بالقصائد والأشعار ونحو ذلك ، بل لابد ان يحول إلى تطبيق للأوامر وابتعاد عن المنهيات .. قال تعالى مؤكدا هذا الأمر ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ .. فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) ..

ويقول صلى الله عليه وسلم في بيان ضوابط محبته ( لا يُؤْمِنُ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) أخرجه البخاري..قال بن حجر ( وَلَيْسَ ذَلِكَ مَحْصُورًا فِي الْوُجُود وَالْفَقْد , بَلْ يَأْتِي مِثْله فِي نَصْرَة سُنَّته وَالذَّبّ عَنْ شَرِيعَته وَقَمْع مُخَالِفِيهَا . وَيَدْخُل فِيهِ بَاب الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر )

أيها الأخوة في الله ويأتي في الدرجة الثانية بعد محبة الله ورسوله حب المؤمنين ..حب من يحبهم الله فنحب التوابين والمتطهرين ، ونحب المصلين ونحب المسلمين والمجاهدين والدعاء والعلماء وولاة الأمر الصالحين ..

وهذا الحب يعتبر من أقوى علامات الإيمان ..كما قال صلى الله عليه وسلم ا( أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله )

وهذا الحب لا نكتفي فيه بالحب الظاهري أو الميل القلبي ، بل يترتب عليه أفعال وأقوال واعتقادات..تظهر على الجوارح ....لا بد أن نحب لإخواننا المسلمين ما نحبه لأنفسنا وأولادنا ..وعن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ( لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ) مسلم وغيره

وهذا الحب في الله نتيجة مباركة وموفقة في الدنيا والآخرة ..ففي الدنيا يعيش المجتمع في أمن وأمان وتعاون ومحبة .. الإنسان سيعيش على هذه الأرض مرتاح البال ، مطمئن القلب ، ينام قرير العين ، لا ينشغل بتصرفات الناس التافهة مهما كانت تلك التصرفات ولذلك تجد من يتصف بهذه الصفة ..قليل المشاكل مع الناس ، قليل الأمراض الجسيمة ... وربما لا توجد لديه أمراض نفسية .. كما انك تجد أموره الدنيوية ميسرة ، ولو تعقدت فانه يشعر بطمأنينة داخليه .. لا يمكن أمن تقاس أو تقدر بثمن

وفي الآخرة يعيش المتحابون في جلال الله تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله .. جاء في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم ( إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلالِي ؟؟ الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي )
يضاف إلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يرويه أبو هريرة عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انه قَالَ ( سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ وذكر منهم ( وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ ) ..


أيها الأخوة في الله :
أن عبادة الحب يجب أن تتعدى إلى سائر المخلوقات من حولنا ..حتى الكفار يجب ان يحب لهم الخير .. ونحرص على بذله لهم ونرحمهم .. حتى وان قاتلناهم وحاربناهم .. حتى وإن آذونا وضيقوا علينا .. فنحن يجب أن نحب الخير للغير بغض النظر عن دينه ولونه وبلده .. ولكننا في نفس الوقت نبغض أفعالهم وأخلاقهم التي يعصون الله فيها.. فنحن لا نكن الكره والبغض للأشخاص ، ولكننا نكره أفعالهم وتصرفاتهم واعتقاداتهم التي يخالفون فيها أمر الله .. بدليل أنهم لو تابوا إلى الله لأصبحوا من أعز إخواننا.. قال تعالى كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ ( ) اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(9) لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ(10)فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَءَاتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ(11)وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ(12)

أيها الاخوة في الله

أن نشر الحب بين الناس مطالب به الجميع خصوصا الآباء والأمهات في البيوت ، والمعلمين لينشروه في مدارسهم ، والدعاة إلى الله ه في مجتمعاتهم .. والرؤساء في دوائرهم ومؤسساتهم ، فالدعوة إلى الله حب .. كما يقول أحد الدعاة.. ويقول أحد المربين للمعلمين ( احبوا طلابكم ثم علموهم ) ..

فنحن نحتاج إلى بذل الحب .في بيوتنا ..مع زوجاتنا وأولادنا ..مع آبائنا وأمهاتنا وأخواتنا..

مع إخواننا في المسجد ..والشارع ..والسوق

مع زملائنا في العمل وخارجه ... نبذل الحب أينما كنا ..

يجب ان يختلط حب إخواننا وحب الخير لهم في دمائنا ..يصبح سلوكا لنا .. حتى لا نتكلفه ..نريد ان نكون مثل ذلك الرجل الذي قال عنه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ق( بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ ) البخاري ..

نريد ان نكون مثل ذلك الرجل الذي قال فيه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَنَّ رَجُلًا مَاتَ فَقِيلَ لَهُ مَا عَمِلْتَ فَإِمَّا ذَكَرَ أَوْ ذُكِّرَ قَالَ إِنِّي كُنْتُ أَتَجَوَّزُ فِي السِّكَّةِ وَالنَّقْدِ وَأُنْظِرُ الْمُعْسِرَ فَغَفَرَ اللَّهُ ) ابن ماجة

أخوة الإيمان أقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه انه هوالغفور الرحيم ..

الخطبة الثانية :
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه ، واشهد ألا اله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشانه
والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله الداعي إلى رضوانه ..ورضي الله عن صحابته وتابعيهم إلى يوم الدين ..

أما بعد أيها المسلمون /

إن مما يؤسف له أن كلمة الحب قد فقدت معناها الحقيقي ، وأصبحت شعار للمنحرفين و الفسقة وأرباب الشهوات ، يطلقونه على العلاقة بين الرجل والمرأة بطريقة محرمة .. حتى نظموا فيها الأشعار وألفوا فيها الكتب والأفلام المسرحيات ، فجعلوا القلب شعارا لتلك العلاقة ، واللون الأحمر رمزا له .. وحصلت المغامرات الغير شريفة في هذا المجال ، حتى أطلق على بعضهم شهيد الحب .. بل وصل بهم الأمر إلى ان
جعلوا هناك اله للحب ..
لذلك فعلينا أن نغير هذا المفهوم الساقط التافه الى المفهوم لااسلامي العظيم .

ومما يؤسف له أيضا أن بعض المسلمين ان لم نقل أكثرهم .. اصبح الحب عندهم من اجل الدنيا وما يتعلق بها .. فان احبوا ـ احبوا من أجل الدنيا ..وان غضبوا غضبوا من أجل الدنيا ..

فقلما تجد الحب الصافي ، النابع من القلب المبني على طلب الأجر من الله تعالى .. لقد غاب مفهوم الحب في الله عم أذهان عدد من المسلمين .. مع انهم يقرءون الأحاديث التي تبين فضل الحب في الله وانه من أسباب دخول الجنة ..

إن العالم اليوم بمختلف طبقاته وملله ونحله ، يعيش حياة ملؤها الحقد والبغض والكراهية ، كل يكره الآخر ، ويبغض الآخر ، ويكيد له المكائد ، وهذه الحالة لا نستغربها في بلاد الكفار ، ولكن المستغرب والمستنكر ان تحصل هذه الحالة في بلاد المسلمين ، وأحيانا بين الطبقات المتدينة منهم .. بل ربما حصلت بين الدعاة والمجاهدين .. هذا هو الغريب والمنكر .
لذا علينا أن هتم بهذا الجانب ونوليه عناية خاصة ..

أخواني في الله وختاما فان علينا أن نضبط مشاعرنا على وفق ما أراد الله ، ولا تختلط علينا الأمور فنبغض من أحب الله ونحب من ابغض الله ..

علينا أن نحب المؤمنين نحب التائبين نحب المحسنين نحب المجاهدين نحي إخواننا المسلمين ..ولا يجوز لنا ان نبغضهم لمجرد خلافات شخصية ، ومواقف معينة .. بل نحبه لإسلامهم ودينهم .. ونحتسب ما يصيبنا منهم عند الله تعالى .. ونعاملهم بالتي حسن .. وسنجد ان العاقبة حميدة بإذن الله ..وقد وعد بذلك المولى تبارك وتعالى فقال ( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ )

وفي المقابل نبغض من أبعده الله ولم يحبه ..فالله تعالى لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ولا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ولَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ولَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ ولَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ ولَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ولَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ .. و يجوز لنا أن نحب من أبغضه لأي سبب من الأسباب..

كما نحذر من الصحف المحلية والخارجية التي تحاول إثارة الفتنة والبغض بين أفراد المجتمع ، وكذلك ننتبه من الإذاعات ومواقع الإنترنت والمحطات الفضائية والتي تثير البغض والكراهية بدون وجه شرعي بين المسلمين خصوصا تلك التي يدعي بعضها الإصلاح ، وهي في الحقيقة قوات إفساد وتحريش بين المسلمين ، والتي هي في الحقيقة تقوم بدر الشيطان الذي يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ..
..

عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله فقد أمركم بذلك ..فقال ( ان الله وملائكته يصلون على النبي .. يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما )
1
2K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

مـميز
مـميز
فضيلة الشيخ مشبب القحطاني - وفقه الله - :

بارك الله فيك وشكر الله لك ما كتبت َ وما قلت َ وجعله في موازين حسناتك ... آمين .

لقد وضعت َ - يا شيخ ُ - يدك على أول العلاج ..

إذ إن الخوارج - مثلا ً - يبدؤون أول خطوات الخروج على الحكام بتزهيد الناس في علمائهم وحكامهم ..

وبعد أن ينشأ عندهم جيل يكره الحكام ولا يعبأ بكلام العلماء ؛

فإنهم يستطيعون ترجمة هذا الكرم وهذه البغضاء إلى واقع ٍ عملي يتمثل في التكفير والقدح والسعي لإزالتهم وعدم الالتفات لكلام العلماء بحجة أنهم مداهنون وأصحاب رواتب وفتاوى مأجورة ..


وكما قيل - وهو صحيح - أن الخروج مراحله :

التنفير .
التكفير .
التفجير .

فجزاك الله ُ خيرا ً وبارك فيك ..

والواجب على المسلمين عامة هو محبة ولاة أمورهم المسلمين ومحبة علمائهم الصادقين ومحبة الخير لأنفسهم وأهل مجتمعهم وللمسلمين عامة ..

كما أن الواجب على أهل هذا البلد هو محبة ولاة أمورهم الذين هم خير ولاة في هذا الزمان - على أن فيهم النقص الكثير - ومحبة علمائهم الذين هم خيار أهل العلم على هذه الأرض في هذا العصر ..

ونريد في الخطبة القادمة التصريح بالفقيه وغيره من دعاة الباطلJ

حيث إنهم يصرحون بنقدنا فيجب أن نصرح بنقدهم ..

بارك الله ُ فيك يا شيخ ونفع بك ..