
أوطاننا كلها تسري في بنيانها تداعيات الكورونا..
لاتشكو من أعراضه المعروفة ..
ولكن تعاني من العجز و الركود والجمود
والتوقف في حركة الحياة الطبيعية والإنتاج ..
الشوارع التي كانت تشكو الاختناقات المرورية ..
فترت جداً فيها حركة السيارات ..
لاترى في نمطها المعتاد إلا حركة عمال النظافة الدؤوب
ينتثرون في لباسهم الأصفر كزهور شاحبة في أخر الموسم ,,
بعض عابري السبيل تراهم يسرعون الخطى نحو مقاصدهم ..
وعند الظهيرة عندما يعود بعض من خرج للضرورة القصوى .. ..
تغلق خلفهم الأبواب ..
وعلى الأرصفة الممتدة في عرض الطريق وعند أكتاف المنازل
تتكدس السيارات المعطلة مستسلمة لإغفاءة طويلة ..
حتى المسجد الذي قرب البيت لمحت بابه الرئيسي
مغلقاً لأول مرة بعد صلاة المغرب ..!
فقلت واعجبا ..!
ويبقى صوت الأذان يتردد كل وقت
بشهادة أن لاإله إلا الله .
::
منظر الشوارع الجانبية بسكونها وخلوها في المساء
يشبه أزقة مدن الأجداد ..
حيث كانت تغلق الأبواب مصاريعهامع أول خيوط الظلام
فلا يسمع في الأزقة إلا همس الفوانيس المرتعشة .
.....
قديماً تقاسم أجدادنا الخبز في السنوات العجاف ..
ثم بنينا معاً ايام الرخاء..
سارت سفننا تمخر عباب الأزمات وتتخطى العاصفات
فيوماً لنا البحر ، ويوماً علينا ...
عاملنا الحياة بجد وحب ، فعاملتنا بالمثل ..
::
والآن .. ! ماذا عن الآن ؟!!
عجب عجاب .. ! وأمرٌ لم يخطر على بال !
بالأمس القريب أسرفنا ..
غردت شوارعنا بالحياة من كل ورد ولون ..
وزف عرس اللهو والمتع عيد الحب وتبودلت الأنخاب
كنا في غفلة ... ( كركب يُسارُ به ونحن نيام )..
لم ندر ماتخبئه الأيام
شرعنا نعد العدة لعيد آخر له في القلب موضع حب وافتتان
تورد مع تفتح أكمام الطفولة ..ذلك عيد الوطن
رسمنا الأحلام ، وخططنا في نقا رمله خططاً
ضيعتها الرياح ..
بقيت الأعلام يتيمة لم تزفها الأيدي ..
والأنوار سهرت رفيقها الوحدة حتى الصباح ..
والأسواق نادمتها الوحشة وخلت من عروشها ..
لا أصوات تتردد فيها ولا مراسيم فرح ..
وأعلن انطفاء حيوية الليل ، وانكسار النهار .
:::
هكذا بين عشية وضحاها تغير كل شيء ..
وأصيبت البلاد بما يشبه الشلل ..
ورافقتها تداعيات .. واتخذت تدبيرات .. وطرأت مستجدات
أغلقت دور العلم حتى إشعار آخر .
ورفع القلم عن المخالفات في :
الإقامات ..
وعن الفحص الفني وتجديد رخص السيارات
وعُطلت مواعيد المستشفيات ..
وتبعتها الدوائر والمنشآت ..
وبالأمس أُعلن أن جميع المولات والكوافيرات
أغلقت حتى إشعارٍ آخر
بقيت حدها المراكز الطبية والمستشفيات ..
ومراكز التموين والجمعيات ..
ومحطات الوقود والكهرباء وكل المراكز الحيويةالتي لاغنى عنها
بقيت عيون ساهرة لأجل العباد والبلاد
وفي كلٍّ ...!
لا للتجمعات ❌❌ ..
ربما هذه حالة لم يشهد لها تاريخنا المعاصر مثيلاً
وكأن الكورونا ( هادم اللذات ومفرق الجماعات )
:::
وقفة انتباه ~
في البر تأتيك صورة أخرى .. الآن
مع التبطل المفروض وتوفر الفراغ للجميع ..
ووجه البر الطلق المشرع على الفضاء
ممتداً لأبعد من مرمى البصر ..
والنسيمات العليلة في هذا الوقت من العام ..
وامتداد أعمدة الكهرباء العالية بأضويتها الساطعة التي حولت ليل البر إلى نهار
تخيم عشرات وعشرات العائلات ..
وتتقارب المخيمات وتتلاشى المسافات ..وتتحقق التجمعات
وتنتقل الصالونات بعد أول قرار اليوم بإغلاقها
بأفرادها ومعداتها إلى هناك ..
من يستطيع أن يغلق البر ؟!
وأترك لكم تصور الباقي .
نقتطف من بين سطورها متفرقات:
فمن مقال الكاتب الأمريكي جيمس هولمز نقرأ :
إن الأوبئة من أسوأ النوازل التي يمكن أن تحل
بمجتمع من المجتمعات،
ذلك أن تأثيرها يتجاوز الخسائر في الأرواح البشرية،
كما أن المرض قد يُحدث تحولا في مصائر البشر إلى الأسوأ.
ويستطرد الكاتب :
إن الصين تشهد حاليا إرهاصات آخر الزمان
متمثلة في "محنة" فيروس كورونا المستجد،
التي طفت على السطح أول مرة في مدينة ووهان (وسط البلاد) أواخر ديسمبر/كانون الأول الماضي.
واضطرت سلطات الصحة العامة إلى فرض حجر صحي
أحال ووهان بسكانها -البالغ عددهم 11 مليون نسمة-
إلى "مدينة أشباح".
فهل تستقي الصين العظة والعبرة من داء الطاعون
الذي فتك بأثينا القوية في العصور القديمة ؟
فعندما استشرى الطاعون فيها في ذلك الوقت
انهارت القيم والضوابط الأخلاقية؛
فكان أن أطلق الأثينيون العنان لأحط نزواتهم وغرائزهم،
وانغمسوا في ملذات الحياة بكل صخبها وخلاعتها.
فإذا كان ذلك حال أثينا القديمة،
فهل تحذو الصين حذوها بعد انتشار فيروس كورونا؟
وهل تستفيد وغيرها من الدرس أم لا ؟
...........
ومن جريدة عرب نيوز نقتطف :
على مدار الثلاثين سنة الماضية،
زادت حالات تفشي الفيروسات القاتلة
وأصبح انتشارها سريعاً، وأحدثها فيروس كورونا،
الذي ظهر في الصين، وانتقل إلى عشرات الدول الأخرى.
لكن ما هي أسباب انتشار مثل هذه الأوبئة؟
الحقيقة البسيطة اننا نعيش على هذا الكوكب بكثافة سكانية
أكبر من أي وقت مضى،
إذ يبلغ عدد سكان العالم حالياً 7.7 مليار نسمة،
وهذا الرقم في تصاعد مستمر.
ونحن نعيش أقرب فأقرب إلى بعضنا البعض.
وكلما زاد عدد الأشخاص في مساحات صغيرة، كلما ارتفع خطر التعرض لمسببات الأمراض التي تسبب المرض.
إن فيروس كورونا الذي بدأ انتشاره من مدينة ووهان الصينية، ينتقل من شخص لآخر عند السعال أو العطس.
ويعيش الفيروس لفترة محدودة خارج الجسم،
لذلك، لكي ينمو وينتشر أكثر، سيحتاج إلى أشخاص آخرين
للعيش في أجسامهم.
ولكن ماذا يميز فيروز كورونا عن عما سبقه من الفيروسات ؟
مايميزه انه ينتقل من واحد لآخر قبل ظهور أعراض المرض
فهو أشد خطورة مما سبقه ..
وبوجود وسائل النقل كالطائرات والقطارات والسيارات،
يمكن للفيروس أن ينتقل إلى جميع بلدان العالم في أقل من يوم واحد.
ففي غضون بضعة أسابيع فقط من تفشي فيروس كورونا،
اُشتبه بانتشاره في أكثر من 16 دولة.