بنات بليز ساعدوني ابغى موضوع *****
مقال نقدي
يكون عن قصيده اونص نثري بليييييييييييز ساعدوني
بيلسا @bylsa
كبيرة محررات
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
هذه الأبيات من قصيدة لابن زيدون.. وهي من أجمل القصائد التي قيلت في الغزل..
وأبن زيدون شاعر اندلسي..كان يعشق أميرة أندلسية أسمها ولادة..
فرق بينهم الوشاة.. فأنشد لها هذه القصيدة..
أضحي التنائي بديلاً من تدانينا
وناب عن طيب لقيانا تجافينـا
ألاَّ و قد حان صُبح لبين صَبَّحنا
حينٌ فقام بنـا للحيـنِ ناعينـا
من مُبلغ المُلبِسينـا بانتزاحهـمُ
حزناً مع الدهر لا يبقى ويُبلينا
أن الزمان الذي مازال يُضحِكنا
أُنساً بقربِهمُ قـد عـاد يُبكِينـا
معاني الأبيات:تكاد تكون الابيات وحدة شعرية لا يخرج فيها الشاعر عن دائرة قلبه المحطم.. وهو هنا يقوم بوصف الحال الحاضر ووصف للماضي.. فيقذف بنا في جو آلامه بوثبة عاطفية تصور لنا حاله وماآل إليه.. لقد أصبح قربه بعداً.. وأصبح الهجر والموت سوءاً في نظره ويود أن يعلم ذاك الذي ألبسه حزناً دائماً ببعده عن حبيبته.. يود أن يعلمه أن ضحكه قد حال إلى بكاء.
العاطفة والأسلوب:إن الميزة التي تبدو في أسلوب ابن زيدون هي (الفن) ..فهو شاعر فني قبل ان يكون حكيماً.. أو غواصاً على المعاني أو وصافاً.. وهذه الخصائص الفنية تتجلى واضحة في الابيات فألفاظها حلوة عذبة تتلقفها الاذن في لين وتحدث في النفس بتأليفها وتنسيقها تناغماً وجرساً يعكس عاطفة الشاعر ويعبر عنها خير تعبير.. ونرى أن أكثر الكلمات تتساند وتستدعي بعضها بعضاً..ولئن كان الشاعر يلجأ إلى الطباق في العاطفة فإنه يلجأإليه في اللفظ أيضاً..لذلك نرى هذه المزاوجة في المعاني والألفاظ مما يعطيها جمال.. ومما يزيد في رجفة الألم هي القافية الممدودة وهذه(النونات الطويلة) والتي تضيف الى جرس القطعة أنيناً موسيقياً حزيناً.
ونجد أن الابيات تشمل على فنون البيان والبديع ولكنها ما كانت لتأتي متكلفة.. بل أحيانا تثبت المعنى وتعطيه نوعا من التجسيم.. كقوله:
أن الزمان الذي مازال يُضحِكنا
أُنساً بقربِهمُ قـد عـاد يُبكِينـا
وبرغم روعة هذه الابيات إلا انه قد عيب عليه ضعف الجرس وثقله على السمع في قوله:
من مُبلغ المُلبِسينا بانتزاحهـمُ
حزناً مع الدهر لا يبقى ويُبلينا
فاستعماله (الملبسين حزن) ثقيل على الاذن في أبيات تحمل معاني غزلية..
كما عيب عليه ان معانيه بسيطة ساذجة ..أكثرها مطروق .. فلا تجدد في التصاوير..
ولكن بعده عن التكلف والصنعة واستخدامه موسيقى جميلة..جعلت الابيات تقع موقع حسن
منقوول
وأبن زيدون شاعر اندلسي..كان يعشق أميرة أندلسية أسمها ولادة..
فرق بينهم الوشاة.. فأنشد لها هذه القصيدة..
أضحي التنائي بديلاً من تدانينا
وناب عن طيب لقيانا تجافينـا
ألاَّ و قد حان صُبح لبين صَبَّحنا
حينٌ فقام بنـا للحيـنِ ناعينـا
من مُبلغ المُلبِسينـا بانتزاحهـمُ
حزناً مع الدهر لا يبقى ويُبلينا
أن الزمان الذي مازال يُضحِكنا
أُنساً بقربِهمُ قـد عـاد يُبكِينـا
معاني الأبيات:تكاد تكون الابيات وحدة شعرية لا يخرج فيها الشاعر عن دائرة قلبه المحطم.. وهو هنا يقوم بوصف الحال الحاضر ووصف للماضي.. فيقذف بنا في جو آلامه بوثبة عاطفية تصور لنا حاله وماآل إليه.. لقد أصبح قربه بعداً.. وأصبح الهجر والموت سوءاً في نظره ويود أن يعلم ذاك الذي ألبسه حزناً دائماً ببعده عن حبيبته.. يود أن يعلمه أن ضحكه قد حال إلى بكاء.
العاطفة والأسلوب:إن الميزة التي تبدو في أسلوب ابن زيدون هي (الفن) ..فهو شاعر فني قبل ان يكون حكيماً.. أو غواصاً على المعاني أو وصافاً.. وهذه الخصائص الفنية تتجلى واضحة في الابيات فألفاظها حلوة عذبة تتلقفها الاذن في لين وتحدث في النفس بتأليفها وتنسيقها تناغماً وجرساً يعكس عاطفة الشاعر ويعبر عنها خير تعبير.. ونرى أن أكثر الكلمات تتساند وتستدعي بعضها بعضاً..ولئن كان الشاعر يلجأ إلى الطباق في العاطفة فإنه يلجأإليه في اللفظ أيضاً..لذلك نرى هذه المزاوجة في المعاني والألفاظ مما يعطيها جمال.. ومما يزيد في رجفة الألم هي القافية الممدودة وهذه(النونات الطويلة) والتي تضيف الى جرس القطعة أنيناً موسيقياً حزيناً.
ونجد أن الابيات تشمل على فنون البيان والبديع ولكنها ما كانت لتأتي متكلفة.. بل أحيانا تثبت المعنى وتعطيه نوعا من التجسيم.. كقوله:
أن الزمان الذي مازال يُضحِكنا
أُنساً بقربِهمُ قـد عـاد يُبكِينـا
وبرغم روعة هذه الابيات إلا انه قد عيب عليه ضعف الجرس وثقله على السمع في قوله:
من مُبلغ المُلبِسينا بانتزاحهـمُ
حزناً مع الدهر لا يبقى ويُبلينا
فاستعماله (الملبسين حزن) ثقيل على الاذن في أبيات تحمل معاني غزلية..
كما عيب عليه ان معانيه بسيطة ساذجة ..أكثرها مطروق .. فلا تجدد في التصاوير..
ولكن بعده عن التكلف والصنعة واستخدامه موسيقى جميلة..جعلت الابيات تقع موقع حسن
منقوول
قصيدة ورأي ( مقال نقدي )
إنها الصحوة ... إنها الصحوة
للشاعر: محمود مفلح ()
وأقول للجيل الجديد
أقول للجيل المحصّن بالعقيدة والمتوّج بالصباح
... وأقول يا جيل الكفاح
إنّا بلونا الليل والأشباه والموت المؤجل والجراح
وأقول يا جيل المصاحف
يا خمير الأرض... يا طلق الولادة
ها أنت كالينبوع تدفق في صحارينا ...
وتمنحنا الوثيقة و الشهادة ...
****
أنت الذي سيبدل الأوزان والأحزان يزرع في العيون نخيلها
فلكم تباطأ في الرحيل عن القرى عام الرمادة
****وأقول حي على الفلاح
أقول حي على السلاح
فإن فيك النبض يورق بين ترتيل الظهيرة والمساء
وأقول يا جيل الفداء
أكلت مواسمنا الجنادب
. واستبد بنا الحواة
وغادرتنا آخر السحب الحميمة في السماء
**** أنت الذي يقتات جمر المرحلة
ها إن أحبار اليهود تجمعوا.. ها إنهم حشدوا لنا
... فاقرأ على تلك الرؤوس "الزلزلة" ...
****
اقرأ علينا باسم ربك ما تيسّر يا بلال
الشمس في كبد السماء
ونحن في وقد الظهيرة
كم نتوق إلى الظلال
اقرأ علينا "المؤمنون" وشدّ قوسك
إن قوسك لا تطيش بها النبال
كم ذا سألت فلم يجيبوا
كم سألت فلم يجيبوا
أنت وحدك من يجيب عن السؤال ...
**** يا أيها الجيل الجديد... ويا سليل الطهر... يا برد اليقين
كن باسم ربك قلعة للخائفين.. ومنهلا للظامئين
وكن رصاصا... كن قصاصا...
كن جذورا... كن طيورا
كن كما شاءت لك "الأعراف" في الزمن العجين()
****
يا أيها الجيل الجديد وقفتُ مندهشا على عتبات خطوتك الجديدة
... وقرأت نبضك وانطلقت بلا عِنان
من سورة "الإسراء” جئتَ... ومن نقاء الفجر
والسبع المثاني.
ورأيتَ من خلف الدخان وجوههم
...وبلوتَ عربدة الدخان
و حملتَ جرحك والهجير
حملتَ جرحك والعبير
فما الذي حملته أغربة الزمان!؟ ()
الفكرة العامة في القصيدة هي نشوء جيل جديد في ظل الصحوة يتمتع بالنقاء والتوثب ومعرفة الطريق، وقد عزز الشاعر فكرته الأساسية وجعلها محورا لعدد من المعاني الجزئية التي تتضافر لتأكيد الفكرة العامة، و المعاني الجزئية هي:
سوء الواقع وحاجته إلى التغيير.
وجوب الجهاد المقدس لتغيير الواقع.
كيد اليهود وحشدهم الجموع في فلسطين.
ضرورة الاستفادة من القيم القرآنية في المواجهة.
فدائية الجيل الجديد و شجاعته في العمل على التغيير.
التساؤل عن ممارسات أعداء الحياة ومدى إعاقتهم للتغيير المندفع.
وقد ظلت العاطفة هي روح النص والطاقة الدافعة للحياة في جوانبه، وهي البوصلة التي تقود الشاعر في فضاء النص دون تعثر أو اندفاع.
والعاطفة المفعم بها النص هنا هي التفاؤل بملامح الواقع الجديد القائم على زنود فتية آمنوا بربهم، وانخلعوا من الخوف والفساد، وعرفوا رسالتهم في الحياة.
وتمتزج هذه العاطفة بشعور الحزن على الواقع العربي والإسلامي المهين، الذي يستسلم لمعطيات الاحتلال والاستعمار، وينغمس في الملذات والشهوات مستمرئا الجهل والفقر والخديعة.
وتبرز من خلال ذلك عاطفة الحب لهذا الوطن الكبير، والغيرة على واقعه السيئ، والرغبة العارمة في المقاومة وعدم الاستسلام. وقد حاول الشاعر أن يكشف أمام الجيل الجديد زيف هذا الواقع:
. و أقول يا جيل الفداء
.. أكلت مواسمنا الجنادب
. واستبد بنا الحواة
وغادرتنا آخر السحب الحميمة في السماء
ويعمل الشاعر على استثارة كوامن الإيمان، وبواعث الإحساس الديني من خلال توظيف المصطلحات الدينية والسور القرآنية وقدرتها على خلق الإرادة الصلبة:
وأقول حي على الفلاح
.. أقول حي على السلاح
فإن فيك النبض يورق بين ترتيل الظهيرة والمساء
.... اقرأ علينا باسم ربك يا بلال ...
... اقرأ علينا "المؤمنون" وشد قوسك ...
... كن كما شاءت لك "الأعراف" في الزمن العجين
وقرأت نبضك وانطلقت بلا عنان من سورة "الإسراء" جئت... و من نقاء الفجر
والسبع المثاني .
و من الواضح أن الشاعر صادق في عاطفته التي مزج فيها بين التفاؤل والحب والحزن والثورة، واستمد ذلك من تفاعل بينه وبين الواقع على مدار حياته، ومتابعته لمجريات الأحداث وتطوراتها.
ولا شك أن الأسلوب هو طريقة الشاعر في التعبير، و الشاعر قدّم أفكاره وعواطفه من خلال الخصائص الأسلوبية التالية:
- الإيحاء المؤثر من خلال اختيار الألفاظ المناسبة
الصور المعبرة عن المعاني
الإيقاع الموسيقي من خلال وحدة التفعيلة وتعدد القوافي.
فأما من حيث الإيحاء فقد اختار الشاعر لمعانيه ألفاظا ملائمة معبرة، تقرّب المعنى، وتستثير المتلقي ليتفاعل مع الفكرة والعاطفة والموقف، ويُلاحظ ذلك في قول الشاعر:
وأقول يا جيل المصاحف ها أنت كالينبوع تدفق في صحارينا
فلكم تباطأ في الرحيل عن القرى عام الرمادة فاقرأ على تلك الرؤوس الزلزلة
حيث تتضافر كلمة الجيل مع "المصاحف" لتجذب المتلقي إلى سر القوة في زمن الضعف، فهي وصف للقوة وحث على الالتزام، وتوحي بالعلاقة القديمة بين العرب والمصحف وما حققوه من عزة به.
وينجح الشاعر في إعطاء "الينبوع" قوة في المعنى، وكثرة في القيمة عندما يربطه بالمكان المتمثل في الصحراء، وذلك في صورة موحية بالارتباط بين التضحية والفداء والسعي بالخير والنجاح، وتحقيق المراد، فالينبوع يستثير من وجهة نظري حكاية إسماعيل وهاجر والمحنة التي تقود إلى السعي فالنجاح.
ويختصر الشاعر في "عام الرمادة" أكثر من معنى للضنك والمعاناة والجفاف والقحل، وارتباط هذا المعنى بالعدل والخير في معادلة الانتصار عليه، فغياب عمر يطيل عام الرمادة ومجيء الجيل الجديد بمواصفات عمر بشرى قوية بزوال الواقع المجدب.
ويُلاحظ نجاح الشاعر في المواءمة بين توظيف الدلالة القرآنية من خلال "الزلزلة" مع السياق القائل بالتجمع اليهودي في فلسطين؛ وما ينتج عن هذا من وصف للواقع؛ ووصف للحل، فاختيار اسم سورة أخرى ووضعه هنا ما كان ليحقق ما أراد أن يوحي به الشاعر الذي مزج في "الزلزلة" بين المقاومة و القدسية.
ويلاحظ أن لغة الشاعر امتازت بالسهولة والوضوح، إذ لا تحتوى على ألفاظ صعبة ولا تراكيب ضعيفة، بالإضافة إلى توظيفه لتراكيب مستمدة من القرآن بالإضافة إلى مسميات السور التي جاءت في مواضعها موحية بمكنوناتها في السياق.
أما عن الخيال والتصوير؛ فقد نجح الشاعر في تصوير مشاعره وأفكاره وصياغتها في تعبير جميل حي ومؤثر، من ذلك:
يا خمير الأرض... يا طلق الولادة
يزرع في العيون نخيلها
أكلت مواسمنا الجنادب
- وغادرتنا آخر السحب الحميمة في السماء
وقفت مندهشا على عتبات خطوتك الجديدة
حيث استطاع الشاعر وسط خطابه المحموم أن يمنح تعبيره هذه الصور الحية المعبرة عن معاني النمو المطرد؛ والاندفاع إلى الحياة؛ من خلال: (الخميرة، والزراعة، والولادة، وعتبات الخطوة الجديدة)، في مقابل الصورة الحية والفعّالة لفكرة الهدم والفناء: (الجفاف، والجنادب، والرمادة...) .
أما الإيقاع فقد استفاد الشاعر من تكثيفه بوحدة تفعيلة الكامل (متفاعلن)، والتغييرات الداخلة عليها، بالإضافة إلى تناسب وجودها في السطر الشعري مع الدفقة الشعورية، أما القافية فقد أجاد الشاعر في تنويعها: (الصباح، والجراح ، والفلاح، والسلاح)، و(الولادة، والشهادة، والرمادة)، و(بلال، والظلال، والنبال، والسؤال)، و(اليقين، وللظامئين، والعجين) و(الدخان، والزمان)، وقد خلق هذا التنوع في القافية تشكيلا جماليا انسجم مع المعاني والعواطف.
ولم يكتفِ الشاعر بالموسيقى الخارجية المتمثلة في الوزن والقافية، وإنما اعتمد على الموسيقى الداخلية الناشئة من حسن اختيار الكلمات، والتوازن بين العبارات، ودقة التعبير عن العواطف، بالإضافة إلى الموسيقى الداخلية الظاهرة من خلال المحسنات البديعية ذات الأثر الموسيقى مثل: الجناس الناقص في (الأوزان، والأحزان) و(الفلاح، والسلاح) و(بلال، وظلال)، و(رصاصا، وقصاصا) و(العبير، والهجير)، وحسن التقسيم في مثل قول الشاعر:
. وكن رصاصا... كن قصاصا... كن جذورا... كن طيورا...)
وتُلاحظ هنا القوافي الداخلية بين: (رصاصا، وقصاصا)، و(جذورا، وطيورا)، ومن حسن التقسيم قوله:
وحملت جرحك والهجير
حملت جرحك والعبير.
وبعد؛ فإن الشاعر قد تمثل بصدق فني واقع الأمة المكفهر، وفجرها المشرق في الزمن الجديد، واستطاع أن يمزج ذلك بفنية عالية، راوحت بين توظيف التراث وبين توليد معان جديدة، وصور مستمدة من البيئة، والخيال المحلق في فضاءات قريبة، منحت النص قدرة على التماهي بشكل كبير مع الواقع، ومنحت المتلقي قدرة أوسع على التفاعل والمشاركة.
منقوول
إنها الصحوة ... إنها الصحوة
للشاعر: محمود مفلح ()
وأقول للجيل الجديد
أقول للجيل المحصّن بالعقيدة والمتوّج بالصباح
... وأقول يا جيل الكفاح
إنّا بلونا الليل والأشباه والموت المؤجل والجراح
وأقول يا جيل المصاحف
يا خمير الأرض... يا طلق الولادة
ها أنت كالينبوع تدفق في صحارينا ...
وتمنحنا الوثيقة و الشهادة ...
****
أنت الذي سيبدل الأوزان والأحزان يزرع في العيون نخيلها
فلكم تباطأ في الرحيل عن القرى عام الرمادة
****وأقول حي على الفلاح
أقول حي على السلاح
فإن فيك النبض يورق بين ترتيل الظهيرة والمساء
وأقول يا جيل الفداء
أكلت مواسمنا الجنادب
. واستبد بنا الحواة
وغادرتنا آخر السحب الحميمة في السماء
**** أنت الذي يقتات جمر المرحلة
ها إن أحبار اليهود تجمعوا.. ها إنهم حشدوا لنا
... فاقرأ على تلك الرؤوس "الزلزلة" ...
****
اقرأ علينا باسم ربك ما تيسّر يا بلال
الشمس في كبد السماء
ونحن في وقد الظهيرة
كم نتوق إلى الظلال
اقرأ علينا "المؤمنون" وشدّ قوسك
إن قوسك لا تطيش بها النبال
كم ذا سألت فلم يجيبوا
كم سألت فلم يجيبوا
أنت وحدك من يجيب عن السؤال ...
**** يا أيها الجيل الجديد... ويا سليل الطهر... يا برد اليقين
كن باسم ربك قلعة للخائفين.. ومنهلا للظامئين
وكن رصاصا... كن قصاصا...
كن جذورا... كن طيورا
كن كما شاءت لك "الأعراف" في الزمن العجين()
****
يا أيها الجيل الجديد وقفتُ مندهشا على عتبات خطوتك الجديدة
... وقرأت نبضك وانطلقت بلا عِنان
من سورة "الإسراء” جئتَ... ومن نقاء الفجر
والسبع المثاني.
ورأيتَ من خلف الدخان وجوههم
...وبلوتَ عربدة الدخان
و حملتَ جرحك والهجير
حملتَ جرحك والعبير
فما الذي حملته أغربة الزمان!؟ ()
الفكرة العامة في القصيدة هي نشوء جيل جديد في ظل الصحوة يتمتع بالنقاء والتوثب ومعرفة الطريق، وقد عزز الشاعر فكرته الأساسية وجعلها محورا لعدد من المعاني الجزئية التي تتضافر لتأكيد الفكرة العامة، و المعاني الجزئية هي:
سوء الواقع وحاجته إلى التغيير.
وجوب الجهاد المقدس لتغيير الواقع.
كيد اليهود وحشدهم الجموع في فلسطين.
ضرورة الاستفادة من القيم القرآنية في المواجهة.
فدائية الجيل الجديد و شجاعته في العمل على التغيير.
التساؤل عن ممارسات أعداء الحياة ومدى إعاقتهم للتغيير المندفع.
وقد ظلت العاطفة هي روح النص والطاقة الدافعة للحياة في جوانبه، وهي البوصلة التي تقود الشاعر في فضاء النص دون تعثر أو اندفاع.
والعاطفة المفعم بها النص هنا هي التفاؤل بملامح الواقع الجديد القائم على زنود فتية آمنوا بربهم، وانخلعوا من الخوف والفساد، وعرفوا رسالتهم في الحياة.
وتمتزج هذه العاطفة بشعور الحزن على الواقع العربي والإسلامي المهين، الذي يستسلم لمعطيات الاحتلال والاستعمار، وينغمس في الملذات والشهوات مستمرئا الجهل والفقر والخديعة.
وتبرز من خلال ذلك عاطفة الحب لهذا الوطن الكبير، والغيرة على واقعه السيئ، والرغبة العارمة في المقاومة وعدم الاستسلام. وقد حاول الشاعر أن يكشف أمام الجيل الجديد زيف هذا الواقع:
. و أقول يا جيل الفداء
.. أكلت مواسمنا الجنادب
. واستبد بنا الحواة
وغادرتنا آخر السحب الحميمة في السماء
ويعمل الشاعر على استثارة كوامن الإيمان، وبواعث الإحساس الديني من خلال توظيف المصطلحات الدينية والسور القرآنية وقدرتها على خلق الإرادة الصلبة:
وأقول حي على الفلاح
.. أقول حي على السلاح
فإن فيك النبض يورق بين ترتيل الظهيرة والمساء
.... اقرأ علينا باسم ربك يا بلال ...
... اقرأ علينا "المؤمنون" وشد قوسك ...
... كن كما شاءت لك "الأعراف" في الزمن العجين
وقرأت نبضك وانطلقت بلا عنان من سورة "الإسراء" جئت... و من نقاء الفجر
والسبع المثاني .
و من الواضح أن الشاعر صادق في عاطفته التي مزج فيها بين التفاؤل والحب والحزن والثورة، واستمد ذلك من تفاعل بينه وبين الواقع على مدار حياته، ومتابعته لمجريات الأحداث وتطوراتها.
ولا شك أن الأسلوب هو طريقة الشاعر في التعبير، و الشاعر قدّم أفكاره وعواطفه من خلال الخصائص الأسلوبية التالية:
- الإيحاء المؤثر من خلال اختيار الألفاظ المناسبة
الصور المعبرة عن المعاني
الإيقاع الموسيقي من خلال وحدة التفعيلة وتعدد القوافي.
فأما من حيث الإيحاء فقد اختار الشاعر لمعانيه ألفاظا ملائمة معبرة، تقرّب المعنى، وتستثير المتلقي ليتفاعل مع الفكرة والعاطفة والموقف، ويُلاحظ ذلك في قول الشاعر:
وأقول يا جيل المصاحف ها أنت كالينبوع تدفق في صحارينا
فلكم تباطأ في الرحيل عن القرى عام الرمادة فاقرأ على تلك الرؤوس الزلزلة
حيث تتضافر كلمة الجيل مع "المصاحف" لتجذب المتلقي إلى سر القوة في زمن الضعف، فهي وصف للقوة وحث على الالتزام، وتوحي بالعلاقة القديمة بين العرب والمصحف وما حققوه من عزة به.
وينجح الشاعر في إعطاء "الينبوع" قوة في المعنى، وكثرة في القيمة عندما يربطه بالمكان المتمثل في الصحراء، وذلك في صورة موحية بالارتباط بين التضحية والفداء والسعي بالخير والنجاح، وتحقيق المراد، فالينبوع يستثير من وجهة نظري حكاية إسماعيل وهاجر والمحنة التي تقود إلى السعي فالنجاح.
ويختصر الشاعر في "عام الرمادة" أكثر من معنى للضنك والمعاناة والجفاف والقحل، وارتباط هذا المعنى بالعدل والخير في معادلة الانتصار عليه، فغياب عمر يطيل عام الرمادة ومجيء الجيل الجديد بمواصفات عمر بشرى قوية بزوال الواقع المجدب.
ويُلاحظ نجاح الشاعر في المواءمة بين توظيف الدلالة القرآنية من خلال "الزلزلة" مع السياق القائل بالتجمع اليهودي في فلسطين؛ وما ينتج عن هذا من وصف للواقع؛ ووصف للحل، فاختيار اسم سورة أخرى ووضعه هنا ما كان ليحقق ما أراد أن يوحي به الشاعر الذي مزج في "الزلزلة" بين المقاومة و القدسية.
ويلاحظ أن لغة الشاعر امتازت بالسهولة والوضوح، إذ لا تحتوى على ألفاظ صعبة ولا تراكيب ضعيفة، بالإضافة إلى توظيفه لتراكيب مستمدة من القرآن بالإضافة إلى مسميات السور التي جاءت في مواضعها موحية بمكنوناتها في السياق.
أما عن الخيال والتصوير؛ فقد نجح الشاعر في تصوير مشاعره وأفكاره وصياغتها في تعبير جميل حي ومؤثر، من ذلك:
يا خمير الأرض... يا طلق الولادة
يزرع في العيون نخيلها
أكلت مواسمنا الجنادب
- وغادرتنا آخر السحب الحميمة في السماء
وقفت مندهشا على عتبات خطوتك الجديدة
حيث استطاع الشاعر وسط خطابه المحموم أن يمنح تعبيره هذه الصور الحية المعبرة عن معاني النمو المطرد؛ والاندفاع إلى الحياة؛ من خلال: (الخميرة، والزراعة، والولادة، وعتبات الخطوة الجديدة)، في مقابل الصورة الحية والفعّالة لفكرة الهدم والفناء: (الجفاف، والجنادب، والرمادة...) .
أما الإيقاع فقد استفاد الشاعر من تكثيفه بوحدة تفعيلة الكامل (متفاعلن)، والتغييرات الداخلة عليها، بالإضافة إلى تناسب وجودها في السطر الشعري مع الدفقة الشعورية، أما القافية فقد أجاد الشاعر في تنويعها: (الصباح، والجراح ، والفلاح، والسلاح)، و(الولادة، والشهادة، والرمادة)، و(بلال، والظلال، والنبال، والسؤال)، و(اليقين، وللظامئين، والعجين) و(الدخان، والزمان)، وقد خلق هذا التنوع في القافية تشكيلا جماليا انسجم مع المعاني والعواطف.
ولم يكتفِ الشاعر بالموسيقى الخارجية المتمثلة في الوزن والقافية، وإنما اعتمد على الموسيقى الداخلية الناشئة من حسن اختيار الكلمات، والتوازن بين العبارات، ودقة التعبير عن العواطف، بالإضافة إلى الموسيقى الداخلية الظاهرة من خلال المحسنات البديعية ذات الأثر الموسيقى مثل: الجناس الناقص في (الأوزان، والأحزان) و(الفلاح، والسلاح) و(بلال، وظلال)، و(رصاصا، وقصاصا) و(العبير، والهجير)، وحسن التقسيم في مثل قول الشاعر:
. وكن رصاصا... كن قصاصا... كن جذورا... كن طيورا...)
وتُلاحظ هنا القوافي الداخلية بين: (رصاصا، وقصاصا)، و(جذورا، وطيورا)، ومن حسن التقسيم قوله:
وحملت جرحك والهجير
حملت جرحك والعبير.
وبعد؛ فإن الشاعر قد تمثل بصدق فني واقع الأمة المكفهر، وفجرها المشرق في الزمن الجديد، واستطاع أن يمزج ذلك بفنية عالية، راوحت بين توظيف التراث وبين توليد معان جديدة، وصور مستمدة من البيئة، والخيال المحلق في فضاءات قريبة، منحت النص قدرة على التماهي بشكل كبير مع الواقع، ومنحت المتلقي قدرة أوسع على التفاعل والمشاركة.
منقوول
الصفحة الأخيرة
يقول أبو الطيب:
يـُدفـّنُ بعضنا بعضاً ويمشي
أواخرنا على هام ِ الأولي
ويقول أبو العلاء المعري:
خففِ الوطء ما أظـُنُّ أديم الأرض إلا من هذه الأجسادِ
ويقول عمر الخيام (ترجمة أحمد رامي):
خفف الوطء إن هذا الثرى
من أعينٍ ساحرةِ الاحورارِ
إذن: فكل من الشعراء الثلاثة خاض تجربة الموت، والدفن، ورأى القبور، وتصور حال
من حلّوها.
فأبو الطيب شاعر حاد النظرات قاسي القلب عاش حياته وغبار المعارك كساؤه وصليل السيوف حداؤه، والحياة عنده للقوي، ولا حظ فيها للضعيف، ومنظر الموت والدفن مألوف لديه. فإذا تفحصنا تجربته الشعرية نجدها تجربة شاعر فارس يخوض المعارك فإما قاتل أو مقتول، فإذا انجلى غبار المعركة وكان من الناجين لم يأبه لما وراء ذلك، وهذا واضح في بيته الذي أوردناه آنفا.
انظر إليه كيف وظف الكلمات لتجسد تجربته الشعرية، يقول: "يدفـّن" ولم يقل "يَدْفِن"؛ فهذه الشدة على الفاء تكشف لنا عن قلب قاس وعين جامدة، ويقول "بعضنا بعضا"؛ نعم هكذا أبناء لآباء، وآباء لأبناء، وأعداء لأعداء، من بعض لبعض، ويقول: "تمشي"؛ أي تستمر مسيرة الحياة ولا تتوقف، وما طبيعة هذا المشي إنه مشى سريع شديد الوطء مشي على الهام (الرؤوس) فآخرنا يدوس على أولنا قد شغلته الحياة عن النظر إلى من سبقوه وأصبحوا ترابا.
وتستطيع أن تقول إن المتنبي كان واقعيا ولكنه كان قاسي القلب لا مكان للعاطفة الإنسانية في قلبه، ولا يعني هذا أن المتنبي لم يكن يألم كما يألم الناس، ولكن تجارب الحرب جعلت منه أنموذجا للشاعر الفارس الفيلسوف.
وإذا انتقلنا إلى أبي العلاء المعري ذي المحبسين الذي ضاق بالحياة والأحياء وتشكك فيها وفيهم، اعتزل الناس بعدما رأى ما رأى منهم، اتهم العلماء والفقهاء بله التجار والسفهاء.
انظر إليه كيف يقول: "خفف الوطء" وهذا انعكاس لحاله، فهو الضرير الأعمى الذي يتحسس طريقه يخشى أن يصطدم بجدار أو يهوى في حفرة، "خفف الوطء" لا تمش مختالا
تدوس هام الورى. "ما أظن أديم الأرض"ظنه يكاد يكون يقينا ولكنه لم يبلغ ذلك "إلا من هذه الأجساد" هذا القصر وهذا الحصر يوحي لنا بأن شاعرنا كان يجيل ذلك في فكره فتارة يهتدي، وتارة يضل، تارة يعتصم بالدين، "منها خلقناكم وفيها نعيدكم" (طه. 55) فهذه الأجساد من التراب وإلى التراب، وستبلى وتتحول ترابا، فلا يليق بنا الاختيال، ولا يليق بنا التكبر، وعلينا أن نسير متواضعين فلم التكبر وقد عرفت النشأة، وعرفت المنتهى؟!
وننتقل إلى شاعر الفرس عمر الخيام، الشاعر العالم رأينا له نظرة تشبه نظرة أبي العلاء إلا أنه يزيد عليها لمسة من جمال كان ثم بان، فهل هذا التصوير الرائع للشاعر أم للمترجم أم لكليهما؟ إنه لكليهما.. للشاعر الذي ابتكر المعنى، وللمترجم الذي وظف الألفاظ هذا التوظيف الدقيق. فإذا انتقلنا من مصراع البيت الأول إلى مصراع الثاني، نجد شاعرنا والترجم قد بلغا أوج التجربة الشعورية. "إن هذا الثرى من أعين ساحرة الاحورر". الثرى الذي ندوسه بأقدامنا ليس من الأجساد فقط، فإن بعض الأجساد تستحق أن تداس بالنعال والأقدام معا. أما الأعين الساحرة فلا - فرفقا بالقوارير - ورفقا بالجمال.
هذه نظرات تجلت لي وأنا أتأمل الأبيات الثلاثة ما اتفق من معانيها وما اختلف، ويتبين لنا أن التجربة الشعرية جزء من نفس الشاعر، وهي الباب الذي نلجه لنطلع على مشاعر الشاعر وأحاسيسه، ومدى ارتباطه بالطبيعة وبالناس.
(منقول)