مقبرة وسمية(قصة واقعيه)حدثت الاسبوع الماضي

الأسرة والمجتمع

...


هذه القصه كتبها صديق زوجي عن ابنته واعجبتني كثيرا وألمتني كثيرا
وابكتني .................................:06:


رفعت نظري من الكتاب وصوبت النظر إلى ابنتي الحبيبة وهي تقوم بكل جد واجتهاد ونشاط وفرح في تنسيق عملها الفني ..
تتنقل كفراشة مزدهية بألوان فرحها بين إخوتها تستعين بهم فيما يصل بعملها إلى المستوى المأمول ، وهي تعد نفسها بابتسامة كلها حبور وفرح وهي تتخيل معلمتها غدا تتأمل عملها فاغرةً فاها معجبةً بجهدها الطفولي لتُحلق بعد ذلك وقد تعلقت بجناحي مدحها وعباراتها المشجعة إلى عالم الرضا والفخر ..
أتمت حبيبتي عملها وأخذت تتأمله للمرة الأخيرة علها تستدرك ما فاتها أو ترمم ما لم تنتبه له ..
حملته بكل رفق بين راحتيها الناعمتين لتضعه في رف عالٍ بعيداً عن عبث أخوتها الصغار ..
استسلمت للنوم الذي داعب جفنيها وباتت وبسمةً حلوةً قد ارتسمت على شفتها متهيئةً لحلم جميل تقدمةً لصباحها الموعود ..
استيقظت صغيرتي وفركت عينيها وبعين نصف مفتوحة سألت بلهفةٍ عن عملها وأسرعت لتلقي نظرة عليه مطمئنة أنه كما تركته البارحة ..
أكملت استعدادها للذهاب للمدرسة ، واختارت بالتشاور مع والدتها كيساً مناسباً لتودع فيه جهدها الذي ربتت عليه بكل لطف وحنان ..
حملته واستقلت السيارة وكنت طوال الطريق لا انفكُ أثني على عملها وجهدها مبدياً إعجابي الشديد بفكرتها وطريقة تنفيذها ، ومسراً لها بأنني أتوقع أن عملها هو أفضل ما سيقدم لمعلمتها من أعمال فنية هذا اليوم ، ازداد حبور صغيرتي واتسعت ابتسامتها لتكشف عن دهشة وترقب واضحين ..
انتظرت وهي تعدُ اللحظات لقدوم حصة التربية الفنية تلقي نظرة تفحصٍ وإعجابٍ كل حين على عملها ، وحبست نَفَسها لما انطلقت صافرةُ المدرسة مؤذنةً بانتهاء حصةٍ طويلةٍ ودخول حصة عرسها ( الفني ) ..
دخلت معلمتها وهمت بالقيام إليها متوثبةً لتكشف عن تحفتها الغالية وعيناها قد تركزت على عيني معلمتها علها تقرأ من خلالهما الدهشة والإعجاب لكنها اصطدمت بالمعلمة تنهرها بكل قوة وتطلب منها الجلوس بمكانها ..
رجعت وهي تلقي اللومَ على نفسها باستعجالها ..
جلست بكل أدب وقد تكتفت بيديها إمعاناً في إرضاء المعلمة حتى لا تخذش ما تترقب ..
نادت المعلمة بالطالبات أن يعرضن ما طلبته منهن ولحسن الحظ كان اسم صغيرتي في بداية الكشف ، وثبت حينما سمعت اسمها ومشت بكل تؤدة وقد حملت بين ذراعيها الصغيرتين تحفتها الأثيرة ..
استعجلتها المعلمة وكادت تعثر بثوبها صاحت بها : ( عمى ، انتبهي ) !!
فتحت كيسها بكل رفق وأخرجت عملها وقد استنفرت كلَّ حواسها تنتقل ببصرها بين ( العمل ) و ( المعلمة ) ..
تهيأت بكل زهوٍ وفخرٍ لاستقبالِ كل عباراتِ الثناءِ والإعجاب والدهشةِ ..
زمَّت المعلمةُ شفتيها وأمالت رأسها متأملةً جوانب عملها ثم انهالت على صغيرتي بالتأنيب : ليش كذا ، وليش كذا ، : وشكلك ما اهتميتي لشغلك . ثم ألقت قنبلتها المدوية : يالله خذي شغلك وحطيه بالزبالة خلاص شفته !! يالله اللي بعدها ! ..
وقعت ردةُ فعلِ المعلمةِ على قلب صغيرتي وقعَ الصاعقةِ وتسمرت مكانها وقد جفَّ حلقها وشعرت بحرارة عينيها ودمعتها الحرى تنساب من مقلتيها ، : يالله تحركي لا تعطليننا . نادتها معلمتها ، فما كان منها إلا أن مشت وكأنها في مراسم جنائزيه وقد حملت ( نعش ) عملها لتدفنه في مقبرة ( المعلمة ) ..
ألقت عليه نظرةً أخيرةً واستعرضت في لحظاتٍ شريط جهدها وكل مفردات فرحها وعملها وجهدها المغدور ، وقد تحول كل ما وعدت نفسها به من كرنفالاتِ أفراحٍ إلى كآبةٍ سوداء وهباءٍ تطاير عبر ريح متعجرفة نزقة ..
ارتسم الحزن على محيا طفلتي مما ألقى بظلاله على ما تبقي من يومها الدراسي ..
عند دخولها من عتبة باب منزلها لم تستطع أن تقاوم أطلقت العنان لعينيها مسبلةً دموعها الحارة وهي تتنهد وتنشج وتروي لي أحداث تحطيمها وتفاصيل الغدر بتحفيزها وتشجيعها ..
هدأتها ووعدتها بأن أعالج الأمر ، فكانت .. ( مقبرة وسمية ! )
1
417

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

ملاك بلا اجنحه
يعطيك العافيه