
لا أجِدُ النَومَ بينَ جِفنيّ ، فأُقلّبُ جسدِي المُتعبِ قُواهُ يُمنّاً وَ يُسرّاً ، وكفيّ تحتضِنُ اللحَاف الدافئ بِحُب ،
أنا أجدُ سعادتِي فِي النومِ طويلاً ، والشوكُلا الذائبة ، وزخّاتِ المطرِ فِي فصلِ الشتاء .
أُفكرُ ساهرةً متى يحينُ موعَد نومِي ؟
لقدّتأخرَ الوقتُ كثيراً ، وَ كأنّنِي الوحيدةٌ الساهرةَ مِن بينِ النائمينَ فِي العالم !..
فتأخُذُنِي سفينةُ الخيالِ بعيداً ، تذكّرتُ الأقلامَ والمساطِرَ والمقاعِد الدراسيّةِ المَملوئةِ بِنا ..
تُحدّقُ عينايَ بصمتٍ رهيبٍ نحو سقفِ حُجرتِي ، لكنّنِي لا أُبصِرُ واقِعي المُمِل ْ..
أبله زمْزمْ تطرِقٌ بابَ الصفّ ، وكعادتِها تشُعٌّ نورُ إبتسامتِها العريضة ، كُنتُ أخجَلُ مِنها كثيراً لمكانتِها العاليةِ التي رُسِمت في قلبِي..
نرُدّ تحيّتِهآ وبابتسامةٍتعقُبها بِهدوءٍ و لُطف .
تدقُ أجراسَ مدرستِنا رياضيّاتٍ ثمّ اللغّة الإنجِليزيّة فالفيزياءُ يُداهمُنا ثمّ حِصّةُ الدّين ، كمّ كُنتُ أُحِبُ حِصةَ القُراءانَ الكريمْ ،
و كأنّني أجلسُ فِي مقاعدِ المسافرينَ نحوَ السماءِ الجميلِ ،كيّ تلتصِقُ يدايَ بالمايكرفُون الخاصِ بالمُعلمة ، و أُرتّلُ وأُبحِرُ مُغرّدةً بجمالِ ما نزلَمِن السماءِ السابعة،
فتٌوقظُ إحساسِي المُبحِر تصفيق الأيادِي .
تِلك مُقتطفاتٌ مِنّي ، مِن حديقةِ الماضِي المحفوظِ فِي خِزانةِ قلبي ، بأريجهِ العذبِ البعيدْ.
أبحرتُ كثيراً كثيراً ، حتى شقّ بينَ أسماعِي صوّتٌ الحقّ ، كَدويّ الرّعدِ ، لقدّ أذنّ الفجرُ مِن مسجِدنا المُجاوِر ،
و أجِدُني أشكّرُ ذاكِرتِي لأنها أبقّتْ عينايَ ساهِرتانِ، حتى أغسلُ بماءِ شفّافّ كنقاوةِ قلبِي ، وحتى تجّفّ أخِرَ قطرةِ تقطرُ مِن أصابِعِي النحيلةْ.
تجِفّ معهآ آخِرٌ ذاكِرةٍ فِي جسدِي .