مقتطفات من صيد الخاطر ( متجدد بإذن الله )

الملتقى العام

مراحب هذا الموضوع عجبني حيل خصوصا اني من متى اتمنى اث=قرى هذا الكتاب المهم استئذنت البنت عشان ابي انقله هنا عشان تستفيدون منه حبيباتي والله يجزاها خير وااافقت مباشر

اركك الموضوع بين يديكم

مقتطفات من صيد الخاطر ( متجدد بإذن الله )

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله حمداً يبلغ رضاه , وصلى الله على أشرف من اجتباه , وعلى من صاحبه ووالاه , وسلم تسليماً لا يدرك منتهاه .

حيا الله أخواتي الحبيبات
بين يدي كتاب قيم للغاية فيه من الفوائد الكثير الكثير استمتع حاليا بقراءته فأحببت أن تشاركنني لذة القراءة
( صيد الخاطر ) لابن الجوزي رحمه الله
كتاب عجيب للغايه لا يُمل من قراءته وسبحان الله كم بيننا وبين ابن الجوزي من الأزمان ومازال كتابه حاضراُ بيننا
سأضع بمشيئة الله تعالى مقتطفات من الكتاب وسيكون الموضوع متجددا بإذن الله

،،،

اللهم اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
اللهم اجعل ما اسطره هنا من مقتطفات من هذا الكتاب من العلم الذي يُنتفع به يصلني أجره يوم أن ألقاك يا الله وأُوسد في لحدي وحدي
اللهم امحو به وزري وارفع به درجتي وتجاوز به عني يا حسن التجاوز
8
705

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

ملاك بعيونهم
ملاك بعيونهم
( ابن الجوزي )

هو جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي القرشي التيمي البكري المعروف بابن الجوزي

الحافظ , المفسر , الفقيه , الواعظ , الأديب , شيخ وقته , وإمام عصره .

ولد ببغداد سنة 508 هـ أو 510 هـ

برع في فن الوعظ وهو ابن عشرين سنه فأسال الدموع من العيون ورقق أقسى القلوب وأمال أعتى العقول

توفي البن الجوزي في بغداد ليلة الجمعه بين العشاءين في الثاني عشر من شهر رمضان سنة 597 هـ وغُسل وقت السحر وحملت جنازته على رؤوس الناس وكان الجمع كثيرا جدا

كان يوما مشهودا . حتى قيل : أن الناس أفطروا من شدة الزحام ووقدة الحر وما وصل إلى حفرته إلا وقت صلاة الجمعه .
ملاك بعيونهم
ملاك بعيونهم
فصل



من عاين بعين بصيرته تناهي الأمور في بداياتها , نال خيرها , ونجا من شرها ومن لم ير العواقب غلب عليه الحس , فعاد عليه بالألم ما طلب منه السلامة وبالنّصَب ما رجا منه الراحة .


وبيان هذا في المستقبل , يتبين بذكر الماضي , وهو أنك لا تخلو , أن تكون عصيت الله في عمرك أو أطعته . فأين لذة معصيتك ؟ وأين تعب طاعتك ؟ هيهات رحل كلٌ بما فيه ! فليت الذنوب إذ تخلت خلت !


وأزيدك في هذا بياناً مثل ساعة الموت , وانظر إلى مرارة الحسرات على التفريط , ولا أقول كيف تغلب حلاوة اللذات , لأن حلاوة اللذات استحالت حنظلاً , فبقيت مرارة الأسى بلا مقاوم , أتراك ما علمت أن الأمر بعواقبه ؟ فراقب العواقب تسلم , ولا تمل مع هوى الحس فتندم .
ملاك بعيونهم
ملاك بعيونهم
فصل

أعظم المعاقبة ألا يحس المعاقب بالعقوبة , وأشد من ذلك أن يقع السرور بما هو عقوبة , كالفرح بالمال الحرام , والتمكن من الذنوب . ومن هذه حاله لا يفوز بطاعة .

وإني تدبرت أحوال أكثر العلماء والمتزهدين فرأيتهم في عقوبات لا يحسون بها , ومعظمها من قِبل طلبهم للرياسة . فالعالم منهم , يغضب إن رُدّ عليه خطؤه , والواعظ متصنع بوعظه و المتزهد منافق أو مراء . فأول عقوباتهم , إعراضهم عن الحق شغلاً بالخلق . ومن خفيّ عقوباتهم , سلب حلاوة المناجاة , ولذة التعبد .

إلا رجال مؤمنون , ونساء مؤمنات , يحفظ الله بهم الأرض , بواطنهم كظواهرهم , بل أجلى , وسرائرهم كعلانيتهم , بل أحلى , وهممهم عند الثريا , بل أعلى . إن عرِفُوا تنكروا , وإن رئيت لهم كرامة , أنكروا , فالناس في غفلاتهم وهم في قطع فلاتهم , تحبهم بقاع الأرض , وتفرح بهم أملاك السماء , نسأل الله عز وجل التوفيق لإتباعهم , وأن يجعلنا من أتباعهم .

فصل

ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه , وقدر وقته , فلا يضيع منه لحظة في غير قربة . ويقدم الأفضل فالأفضل من القول والعمل . ولتكن نيته في الخير قائمة , من غير فتور , ربما لا يعجز عن البدن من العمل , كما جاء في الحديث : ( نية المؤمن خيرٌ من عمله ) وقد كان جماعة من السلف يبادرون اللحظات . فنقل عن عامر ابن عبد قيس أن رجلاً قال له : ( كلمني , فقال له : ( أمسك الشمس ) . وقال ابن ثابت البناني : ذهبت ألقن أبي , فقال : ( يا بني دعني , فإني في وردي السادس ) .

ودخلوا على بعض السلف عند موته , وهو يصلي , فقيل له , فقال : ( الآن تطوى صحيفيتي ) .

فإذا علم الإنسان – وإن بالغ في الجد – بأن الموت يقطعه عن العمل , عمل في حياته ما يدوم له أجره بعد موته , فإن كان له شيء من الدنيا وقف وقفاً , وغرس غرساً , وأجرى نهراً , ويسعى في تحصيل ذرية تذكر الله بعده , فيكون الأجر له , أو أن يصنف كتاباً من العلم , فإن مُصنّف العالم ولده المخلد , وأن يكون عاملاً بالخير , عالماً فيه , فينقل من فعله ما يقتدي الغير به . فذلك الذي لم يمت .

فما قوم بأمواتٍ وهم في الناس أحيـاءُ .
ملاك بعيونهم
ملاك بعيونهم
فصل


تأملت أمر الدنيا والآخرة , فوجدت حوادث الدنيا حسية طبعية , وحوادث الآخرة إيمانية يقينية , والحسيات أقوى جذباً لمن لم يقو علمه ويقينه .
والحوادث إنما تبقى بكثرة أسبابها , فمخالطة الناس , ورؤية المستحسنات والتعرض بالملذوذات , يقوي حوادث الحس , والعزلة , والفكر , والنظر في العلم , يقوي حوادث الآخرة .

ويبين هذا بأن الإنسان إذا خرج في الأسواق , ويبصر زينة الدنيا , ثم دخل إلى المقابر , ففكر ورقّ قلبه , فإنه يحس بين الحالتين فرقاً بيناً . وسبب ذلك , التعرض بأسباب الحوادث .

فعليك بالعزلة والذكر والنظر في العلم , فإن العزلة حمية , والفكر والعلم أدوية , والدواء مع التخليط لا ينفع . وقد تمكنت منك أخلاط المخالطة للخلق , والتخليط في الأفعال فليس لك دواء إلا ما وصفت لك . فأما إذا خالطت الخلق وتعرضت للشهوات , ثم رمت صلاح القلب رمت الممتنع .




فصل

نظرت في الإدلة على الحق سبحانه وتعالى فوجدتها أكثر من الرمل , ورأيت من أعجبها أن الإنسان قد يُخفي ما لايرضاه الله عز وجل , فيظهره الله سبحانه عليه ولو بعد حين , وينطق الألسنة به وإن لم يشاهده الناس .

وربما أوقع صاحبه في آفة يفضحه بها بين الخلق , فيكون جواباً لكل ما أخفى من الذنوب , وذلك ليعلم الناس أن هنالك من يُجازي على الزلل , ولا ينفع من قدره وقدرته حجاب ولا استتار , ولا يصاغ لديه عمل .

وكذلك يخفي الإنسان الطاعة فتظهر عليه , ويتحدث الناس بها وبأكثر منها , حتى إنهم لا يعرفون له ذنباً ولا يذكرونه إلا بالمحاسن , ليعلم أن هنالك رباً لا يُضيع عمل عامل .

وإن قلوب الناس لتعرف حال الشخص وتحبه , أو تأباه وتذمه , أو تمدحه وفق ما يتحقق بينه وبين الله تعالى , فإنه يكفيه كل همّ , ويدفع عنه كل شر . وما أصلح عبد ما بينه وبين الخلق دون أن ينظر الحق , وإلا انعكس مقصوده وعاد حامده ذامّاً
ملاك بعيونهم
ملاك بعيونهم
فصل

من نزلت به بلية , فأراد تمحيقها , فليتصورها أكثر مما هي عليه تَهُن . وليتخايل ثوابها , وليتوهم نزول أعظم منها , يرى الربح في الاقتصار عليها وليتلمح سرعة زوالها , فإنه لولا كرب الشدة ما رجيت ساعات الراحة . وليعلم أن مدة مقامها عنده كمدة مقام الضيف , فليتفقد حوائجه في كل لحظة , فيا سرعة انقضاء مقامه , ويا لذة مدائحه وبشره في المحافل , ووصف المضيف بالكرم .

فكذلك المؤمن في الشدة ينبغي أن يراعي الساعات , ويتفقد فيها أحوال النفس , ويتلمح الجوارح , مخافة أن يبدو من اللسان كلمة , أو من القلب تسخط . فكأن قد لاح فجر الأجر , فانجاب ليل البلاء , ومدح الساري بقطع الدجى , فما طلعت شمس الجزاء , إلا وقد وصل إلى منزل السلامة .


فصل

لما تلمحت تدبير الصانع في سوق رزقي , بتسخير السحاب , وإنزال المطر برفق , والبذر دفين تحت الأرض , كالموتى , قد عفن ينتظر نفخة من صور الحياة , فإذا اصابته اهتز خضراً .

وإذا انقطع عنه الماء مدّ يد الطلب يستعطي , وأمال رأسه خاضعاً , ولبس حلل التغير , فهو محتاج إلى ما أنا محتاج إليه من حرارة الشمس , وبرودة الماء ولطف النسيم , وتربية الأرض , فسبحان من أراني – فيما يربّيني به – كيف تربيتي في الأصل .

فيا أيتها النفس التي قد اطّلعتِ على بعض حكمه , قبيح بكِ والله الإقبال على غيره . ثم العجب كيف تٌقبلين على فقير مثلك , يناديني لسان حاله بي مثل ما بك : يا حِمام ! فارجعي إلى الأصل الأول , واطلبي من المسبب . ويا طوبى لك إن عرفتِهِ فإن عرفانه ملك الدنيا والأخرة .