::::::((((( مقـــابر خمــس نــــــــجوم...تشـــتهي أن تــــــموت ))))::::::::::::::

ملتقى الإيمان






مقابر خمس نجوم.. تشتهي أن تموت




تجول فيها: منير أديب
محاولة الوصول إلى مقابر الأغنياء أو من يطلق عليها البعض مقابر الخمس نجوم لم تكن سهلة حيث اختار أصحابها مدينة 6 أكتوبر إحدى المناطق الراقية، فما سألنا أحد المارة عن المقابر إلا وقابلنا بابتسامة تعلو وجهه وأخذ يقهقه وبعضهم تمادى في الاستهزاء فبينما ردد البعض وناقص تقول موته خمس نجوم يا بيه!!، ردد البعض الأخر قولة طيب دور يا بيه على حاجة مفيدة!.
في حقيقة الأمر لم تثنينا هذه العبارات عن هدفنا الذي خرجنا من أجله، فرغم بعد هذه المقابر ووصف البعض الخاطئ للطريق إذ نفاجأ بعد 15 كيلوا أننا أمام مقابر عموم المسلمين وفقرائهم وليس مقابر الخمس نجوم، ورغم العبارات التي كان يتمتم بها سائق المركبة التي امتطيناها إلى هذه المقابر بقوله: " نفسي أتفتحت جدا للموت لما شفت هذه المقابر"! واندهاشه الشديد لشكل هذه المقابر وأسعارها.
الحقيقة أن أسعار هذه المقابر لم تكن مفاجئة للسائق فقط وإنما كانت صادمة للسائق ولشخصي، قال:" يا بيه أصحاب المقابر أخذوا حقهم في الدنيا وإحنا إن شاء الله هنكون أصحاب قصور في الآخرة إن شاء الله".
عندما تدخل مقابر الخمس نجوم تكتشف أصحابها بسهولة شديدة فأسماء هذه العائلات تعلو المقابر بخط واضح وبعضهم فضل عدم كتابة اسمه خوفا من إشارة الآخرين على المكان أنه قبر "فلان" وهو مازال على قيد الحياة، وربما لم يكتبه خوفاً من الحسد من يدري!



يبهرك كل شيء في هذه المقابر أسوارها وسقوفها تصميمها من الداخل والرخام الذي يعلوها من كل مكان وكذلك الإضاءة فيخيل لك أنك تدخل تابوت أو هرم لفرعون صغير.
صدمتنا كانت كبيرة في شكل هذه المقابر ولكنها كانت أكبر عندما فوجئنا بأسعار هذه المقابر والتي وصلت لمليون جنية وتراوحت أسعار باقي المقابر بين 50 ألف والـ 120 ألف جنية وأحجام هذه المقابر فهناك من يشتري مقبرة مساحتها 40 متر وأخرى مساحتها 80 متر .
لكثرة ما دار في رؤوسنا حول هذه المقابر وفي محاولة لتصديق هذا الواقع أو على الأقل نقله بمصداقية للقارئ انتقلنا بالسيارة إلى محمد طه، المسئول عن هذه المقابر والذي يمتلك سيارة هو الأخر، تحرك بها معنا بين مقابر الأثرياء.
لاحظنا أثناء تجوالنا انتشار عدد من اللوحات التي يعلن أصحابها من خلالها أنهم وسطاء لبيع المقابر وبنائها بنظام الخمس نجوم وأسماء هؤلاء المقاولين وأرقام هواتفهم، فبادرنا العم طه بالقول: إحنا في المقابر ولا في مول تجاري؟ ضحك في البداية ولكنه بدأ يستدرك الواقع الذي يعيش فيه ويعتبر نفسه جزء منه وقال: يا بيه هذا المقابر لا يشتريها إلا علية القوم والوزراء والسفراء ورجال الأعمال الذين لا يعدون شيء للآخرة سوى بعض الأبنية الرخامية فيجملون فيها كما ترى؟.
سكت ولم أسترسل في الحوار كثيراً، فشكل هذه المقابر كان يلفت نظري ويثير لدي شجون عشتها مع أسر كثيرة تعيش في منطقة السيدة عائشة بين المقابر وبجوارها ولا يجدون سكنا أو مأوى كما لا يجدون لقمة العيش التي تسد الرمق، ولكن سرعان ما طلبت من العم طه أن يلخص لنا القصة دون أن أسعى لتوجيه أسئلة له وأترك الصور توضح هذه المفارقة في حياة المصريين بشكل أدق.
لخص العم طه القصة كما أردت أن أعرفها منه بقوله: يا بيه حياة الناس بعد الموت أصبحت تجارة وتجارة رابحة، وأصبح البعض يتاجر للبعض الأخر بحياته بعد الموت؟
حاولت استيقاف "التربي" ومحاولة معرفة مغزى ما يقوله فباغتني قائلاً:" في إيه يا بيه بالله عليك هو أنت متخيل انك واقف في مدافن فعلا ولا ده مول تجاري"، قال هذه الكلمات ثم صمت وهم بالانصراف فطلبت منه عناوين بعض أصحاب هذه المقابر فأوصلني إليهم وهو ينعت حظه أنني لم أكن زبون جديد وأن وقته ضاع هباء في بعض الحوارات وأنه كان بإمكانه أن يصرف هذا الوقت في بيع مقبرة أو ***** أخرى جديدة.



بلا شك وجدنا معاناة شديدة في التحدث لأصحاب هذه المقابر فبعضهم يعيش معاناة وإحساس بأن منيته قد أقتربت وكله بعلم الله، وآخر يرفض الحديث لأنه يعتبر أن من أتى لينقل الصورة من مقابر الخمس نجوم يريد تشويه صورة أصحاب هذه المقابر من الأحياء والأموات.
طمأنّا من نجحنا في إقناعهم بأننا لسنا أصحاب مصلحة في تشويه أحد حياً كان أو ميتاً وأننا فقط ننقل الصورة كما هي دون رتوش، فبدأ يتحدث البعض منهم معنا رافضين الكشف عن هويتهم.
بعضهم قال لنا،: "إيه المشكلة لما نشتري مقبرة نحترم فيها أنفسنا بعد الوفاة، وهل صحيح أننا يجب أن ندفن في مقابر الفقراء ويسكن بجوار موتانا أحياء يعبث بعضهم بجثث هذه الأموات في بعض الأوقات حتى يصفنا البعض بالإخلاص والورع، ومال الصحافة والحديث عن الأموات ومقابرهم!!؟.
طلبنا منه أن يصف لنا شعوره بأنه يمتلك مقبرة ثمنها 75 ألف جنية، قال، إنني أشتري بهذه المقبرة نفسي وأولادي وأحفادي فمن نعمة الله علينا أنه كرمنا وجزء من التكريم أن نشعر بالنعمة وشعورنا بالنعمة من خلال الحياة الدنيا والآخرة.
أنصتنا إلى الحوار بآذان صاغية حتى انتهى من كلامه وأنصرف مطالباً بعدم تحريف تصريحه فاتجهنا إلى صاحب مقبرة جديدة يقوم بأعمال البناء فيها، فرفض الحديث معنا مكتفياً بقوله، من حقي في الدنيا أن أنعم بما فيها ومن حقي في القبر أن يكون مستقري مكان بهذا الشكل.
وعن سؤاله عن تكلفة المقبرة قال أنت تسألني عن ثمن المقبرة، مشيراً إلى مقبرة بجواره ثمنها مليون جنية وسكت ليردد كل من حولي بما فيهم السائق:" يا بيه خلينا نمشي أصل أنا اكتأبت خلاص من الدنيا ونفسي أموت


منقول ...
2
1K

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

حكايه صبر
حكايه صبر
جزآك الله كَل خيرَ وجعلهآ الله في ميزآن حسنآتَك
وجعلك الله من عباده الذين لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
ليالي الشجن
ليالي الشجن
جزاااااااااك الله الجنة وبارك فيك