baraa85

baraa85 @baraa85

عضوة جديدة

مكالمة هاتفية غيرت حياتي

ملتقى الإيمان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مكالمة هاتفية غيرت حياتي
رنين الهاتف يعلو شيئا فشيئا ..والشيخ محمد يغط في سبات عميق
لم يقطعه إلا ذلك الرنين المزعج فتح محمد عينيه ونظر في الساعة فإذا هي تشير إلى الثانية والربع بعد منتصف الليل!!
نهض من فراشه ورفع سماعة الهاتف وبادر قائلا :
نعم!! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فسمع على الطرف الآخر..صوتا أنثويا ناعما يقول:
لو سمحت هل من الممكن أن نسهر الليلة سويا عبر سماعة الهاتف؟!
فرد عليها باستغراب قائلا : ماذا تقولين ؟!من أنت؟!
فردت عليه بصوت متكسر ناعم : أنا اسمي أشواق وأرغب في التعرف عليك وأن نصبح أصدقاء .. فهل لديك مانع؟!!
أدرك الشيخ محمد أنها فتاة تائهة حائرة..لم يأتها النوم في الليل بسبب أزمة نفسية أو عاطفية..فأرادت أن تهرب منها بالعبث بأرقام الهاتف!!
فقال لها : ولماذا لم تنامي حتى الآن يا أختي؟!!
فأطلقت ضحكة مدوية وقالت : أنام الليل ؟!! وهل سمعت بعاشق ينام الليل ؟!! إن الليل هو نهار العاشقين
فرد عليها ببرود : أرجوك إذا أردت أن نستمر في الحديث فابتعدي عن الضحكات المجلجلة والأصوات المتكسرة فلست ممن يتعلق قلبه بهذه التفاهات
تلعثمت الفتاة قليلا .. ثم قالت : أنا آسفة لم أكن أقصد
فقال لها محمد ساخرا : ومن سعيد الحظ الذي وقعت في عشقه وغرامه؟
قالت : أنت بالطبع
فقال مستغربا: أنا؟!! وكيف تعلقت بي وأنت لا تعرفيني ولم تريني بعد؟!!
فقالت: لقد سمعت عنك الكثير من بعض زميلاتي في الكلية وقرأت لك بعض المؤلفات فأعجبني أسلوبها العاطفي الرقيق والأذن تعشق قبل العين أحيانا
قال لها محمد : إذن أخبريني بصراحة كيف تقضين الليل؟
قالت أنا يوميا أكلم ثلاث أو أربع شباب .. أنتقل من رقم لرقم .. أعاكس هذا.. وأضحك مع هذا ..وأمني هذا.. وأعد هذا .. وأسمع قصائد الغزل من هذا .. وهكذا إلى أن يقرب الفجر وأردت الليلة أن أتصل بك لأرى هل أنت مثلهم أم تختلف عنهم؟!!
فقال الشيخ: ومع من كنت تتكلمين قبلي؟!!
قالت : بصراحة مع وليد شاب وسيم وعشيق جديد رمى لي الرقم اليوم في السوق فاتصلت به وكلمته قرابة نصف ساعة
فقال لها محمد على الفور: ثم ماذا ؟!! هل وجدت عنده ما تبحثين عنه ؟!!
قالت بنبرة حزينة : بكل أسف لا ولا عند غيره لم أجد عندهم ما يشبع جوعي النفسي
إنهم خونة أحاسيسهم ملفقة تخرج من طرف اللسان هدف كل منهم ان يقضي شهوته ويرميني بعد ذلك كما يرمى الحذاء البالي حياتي معهم حياة خداع ووهم وتزييف
قال محمد : إذا لم تجدي ضالتك عند هؤلاء فهل يعقل أن تجديها عندي وأنا ليس لدي عبارات غزل ولا رسائل معطرة؟!!
قالت : على العكس أشعر أنا وكثير مثلي من الفتيات أن ما نبحث عنه عند الصالحين أمثالك نبحث عن الكلمة الصادقة التي تخرج من القلب لتصل إلى أعماق قلوبنا نبحث عمن يهتم بنا يراعي مشاعرنا دون أن يقصد هدفا خسيسا نبحث عمن يكون لنا أخا رحيما وأبا حنونا وزوجا صالحا
إننا باختصار نبحث عن السعادة الحقيقية في الدنيا عن الصدق والوفاء والبذل والعطاء
قال لها محمد والدموع تحتبس في عينيه حزنا على مثل هذه الفتاة التائهة الحائرة : يبدو أنك تعانين من أزمة نفسية وفراغ روحي وتشتكين هما وضيقا داخليا مريرا وحيرة وتيها وتخبطا وتواجهين مأساة عائلية وتفككا أسريا
فقالت له : أنت أول شخص يفهم نفسيتي ويدرك ما أعانيه من داخلي
فقال لها : حدثيني عنك وعن أسرتك قليلا لتتضح الصورة عندي أكثر
فقالت الفتاة : أنا أبلغ من العمر عشرون عاما وأسكن مع عائلتي المكونة من أبي وأمي وثلاث أخوة وثلاث أخوات وإخوتي وأخواتي جميعا تزوجوا إلا أنا وأخي الذي يكبرني بعامين وأنا أدرس في الجامعة
فقال لها : وماذا عن أمك وأبيك ؟
قالت : أبي رجل مقتدر ماليا أكثر وقته مشغول في أعماله التجارية قلما يجلس معنا ، البيت عنده للأكل والشرب والنوم وفقط
ومنذ بلغت لا أذكر أني جلست مع أبي وحدنا أو أنه زارني في غرفتي مع أنني في هذه السن الخطيرة في أشد الحاجة إلى حنانه وعطفه آه كم أتمنى أن أجلس في حضنه أرتمي على صدره ثم أبكي وأبكي وأبكي لتستريح نفسي ويهدأ قلبي
وهنا أجهشت الفتاة في البكاء ولم يملك محمد نفسه فشاركها بدموعه الحزينة
بعد أن هدأت الفتاة واصلت حديثها قائلة: لقد حاولت أن أقترب منه كثيرا ولكنه كان يبتعد عني بل إنني ذات مرة جلست بجواره واقتربت منه ليضمني إلى صدره وقلت له: أبي محتاجة إليك فلا تتركني أضيع
فعاتبني قائلا : لقد وفرت لك كل ما تتمناه أي فتاة في الدنيا فأنت لديك أحسن أكل وشرب ولباس وأرقى وسائل الترفيه الحديثة فما الذي ينقصك ؟!!
سكت قليلا تخيلت عندها أني أصرخ بأعلى صوتي أبي لا أريد منك طعاما ولا شرابا أريد صدرا حنونا وقلبا رحيما فلا تضيعني يا أبي
قال محمد : ماذا عن أمك لا بد أنها حنونة رحيمة فالأنثى بطبعها مرهفة الحس
قالت الفتاة : أمي أهون قليلا من أبي ولكن تظن الحياة زيارات وأكل وشرب لا يعجبها الكثير من تصرفاتي وقاموس شتائمها أصبح محفوظا عندي لا أذكر منذ سنين أنها ضمتني إلى صدرها أو فتحت لي قلبها لقد جعلت بيني وبينها حاجرا لا يمكن اختراقه
قال محمد : ولماذا تنتظرين أن تبادر هي لتحطيم الجدار ؟ لماذا لا تكونين أنت المبادرة؟
قالت : حاولت اقتربت منها ذات مرة وارتميت في حضنها وأخذت أبكي وأبكي وهي تنظر إلي باستغراب وقلت لها أماه أنا محطمة من داخلي قفي معي ولا تتركيني وحدي أنا محتاجة إليك أكثر من أي وقت مضى
قالت : ما هذا الكلام الذي تقولينه إما أنك مريضة أو تتظاهرين بالمرض لأعفيك من أعمال المنزل وهذا مستحيل ثم قامت ورفعت السماعة تحادث إحدى جاراتنا فعدت إلى غرفتي أبكي دما بعد أن كنت أبكي دموعا
ثم انخرطت الفتاة في بكاء مرير
قال محمد : وكيف العلاقة بين أمك وأبيك ؟
قالت : أحس وكأن كل منهما لا يبالي بالآخر وكأن بيتنا مجرد فندق نجتمع فيه للأكل والنوم
أراد محمد أن يكتشف شيئا من خبايا نفسية الفتاة فسألها : إن من طلب شيئا بحث عنه وسعى لتحصيله وما دمت تطلبين السعادة والأمان الذي يسد جوعك النفسي فهل بحثت عن هذه السعادة ؟
قالت الفتاة بنبرة جادة : بحثت عنها فلم أجدها
ظننت السعادة حين تشير فلانة لملابسي وحين ألفت إعجاب فلانة فلبست من أفخر الملابس من أرقى بيوت الأزياء لكني سرعان ما اكتشفت أنها سعادة وهمية ويعود الهم والضيق إلى نفسي
ظننت السعادة في الرحلات والسفر فكنت أذهب مع عائلتي نطوف العالم في العطل لكن بعد العودة يزداد الهم والضيق والوحشة التي أشعر بها تجتاح كياني
ظننت السعادة في الغناء والموسيقى فكنت أشتري علب الأغاني العربية والغربية ظنا أن السعادة في الغناء والتمايل مع النغمات لكن بعد الانتهاء يزداد همي وتنقبض نفسي أكثر وأكثر ... فعمدت لجميع الأشرطة فأحرقتها بالنار عسى أن تنطفأ النار في داخلي
ظننت السعادة في الأفلام والمسلسلات فازداد نزيف الروح
سمعت من صديقتي أن السعادة ان ارتبط بشاب وسيم يبثني كلمات الهيام والعشق وفعلا سلكت طريق الهاتف لكن ذلك أشعرني بنار المعصية تهز كياني وبالخوف من المستقبل المجهول كأنني هربت من جحيم إلى جحيم أبشع منه
سكتت قليلا ... ثم قالت : لا بد أن تفهموا نفسية الفتيات اللواتي ترونهن في السوق يعرضن أنفسهن للذئاب الجائعة العاوية إنهن مقتولات لا قاتلات إنهن ضحايا تفكك أسري وجفاف إيماني وإهمال عاطفي
لا يمكن أن تدفع الغريزة وحدها بفتاة مسلمة لأن تبتذل وتهين نفسها وتبيع كرامتها
فبادرها محمد قائلا : هنا يبرز سؤال مهم هل هذه المعاناة تسوغ لفتاة مسلمة أن تعصي ربها وتتخلى عن طهرها ؟ هل هذا سيغيرالواقع المؤلم ؟
قالت : لا بل سيزيد الأمر سوءا وأنا لا أقصد أن أدافع عنهن وإنما إذا رأيتموهن فارحموهن وادعوا لهن بالهداية فإنهن حائرات تائهات .
أنا بدأت أشك أن هناك سعادة حقيقية ‎في هذه الحياة
فقال لها الشيخ محمد : أختاه لقد أخطأت طريق السعادة ، ولقد سلكت غير سبيلها فاسمعي مني لتعرفي طريق السعادة الحقة
إن السعادة الحقيقية أن تلجئي إلى الله تعالى وتتضرعي له وتنكسري بين يديه وتقومي لمناجاته في ظلام الليل ليطرد عنك الهموم والغموم ويداوي جراحك ويفيض على قلبك السكينة والانشراح
أختاه إذا أردت طريق السعادة فاقرعي أبواب السماء بالليل والنهار بدلا من قرع أرقام الهاتف على أولئك الشباب التافهين الغافلين الضائعين
صدقيني يا أختاه أن الناس كلهم لن يفهموك ولن يقدروا ظروفك ولن يفهموا أحاسيسك وحين تلجئين إليهم فمنهم من سيشمت بك وسيسخر من أفكارك ومنهم من سيحاول استغلالك لأغراضه الشخصية الخسيسة ومنهم من سيرغب في مساعدتك ولكنه لا يملك لك نفعا ولا ضرا
أختاه ...لن تجدي دواء لمرضك النفسي ولعطشك وجوعك الداخلي إلا البكاء بين يدي الله ولن تشعري بالسكينة والطمأنينة والراحة إلا وأنت واقفة بين يديه تناجيه وتسكبي عبراتك الساخنة وتطلقي زفراتك المحترقة على أيام الغفلة الماضية
قالت الفتاة والعبرة تخنقها : لقد فكرت في ذلك كثيرا ولكن الخجل من الله والحياء من ذنوبي وتقصيري يمنعني من ذلك إذ كيف ألجأ إلى الله وأطلب منه التيسير والمعونة وأنا مقصرة في طاعته مبارزة له بالذنوب والمعاصي.
فقال لها محمد : سبحان الله يا أختاه إن الناس إذا أغضبهم شخص وخالفوا أمره غضبوا عليه ولم يسامحوه وأعرضوا عنه ولم يقفوا معه في الشدائد والنكبات ولكن الله لا يغلق أبوابه في وجه أحد من عباده ولو كان أكبر العصاة وأعتاهم بل من تاب تلقاه الله بالمغفرة والعفو بل حتى إن لم يتب إليه أمهله الله ولم يعاجله بالعقوبة بل يناديه ويرغبه بالتوبة والإنابة‎ ‎‏ أما علمت أن الله تعالى يقول في الحديث القدسي : "إني والجن والإنس في نبأ عظيم أتحبب إليهم بنعمتي وأنا الغني عنهم ويتبغضون إلي بالمعاصي وهم الفقراء إلي من أقبل منهم إلي تلقيته من بعيد ومن أعرض عني منهم ناديته من قريب أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي إن تابوا إلي فأنا حبيبهم فإني أحب التوابين والمتطهرين وإن تباعدوا عني فأنا طبيبهم ابتليهم بالمصائب لأطهرهم من الذنوب والمعايب رحمتي سبقت غضبي وحلمي سبق مؤاخذتي وعفوي سبق عقوبتي وأنا أرحم بعبادي من الوالدة بولدها"
وما كاد محمد ينتهي من ذلك الحديث القدسي حتى انفجرت الفتاة بالبكاء، وهي تردد : ما أحلم الله بنا ...ما أرحم الله بنا
بعد أن هدأت الفتاة واصل الشيخ حديثه قائلا :
أختاه إنني مثلك أبحث عن السعادة الحقيقية في هذه الدنيا ، ولقد وجدتها أخيرا ، وجدتها في طاعة الله ، في الحياة مع الله وفي ظل مرضاته ، وجدتها في التوبة والأوبة ، وجدتها في الاستغفار من الحوبة ، وجدتها في دموع الأسحار ، وجدتها في مصاحبة الصالحين والأبرار ، وجدتها في بكاء التائبين ، وجدتها في أنين المذنبين ، وجدتها في استغفار العاصين ، وجدتها في تسبيح المستغفرين ، وجدتها في الخشوع والركوع، وجدتها في الانكسار لله والخضوع ، وجدتها في البكاء من خشية الله والدموع ، وجدتها في الصيام والقيام وتلاوة القرآن وامتثال شرع الملك العلام وفي هجر المسلسلات والأفلام
أختاه لقد بحثت عن الحب الحقيقي الصادق فوجدت الناس إذا أحبوا أخذوا ، وإذا منحوا طلبوا ، وإذا أعطوا سلبوا ، ولكن الله تعالى إذا أحب عبده أعطاه بغير حساب وإذا أطيع جازى وأثاب
أيتها الغالية : إن الناس لا يمكن أن يمنحونا ما نبحث عنه من صدق وأمان ، وما نطلبه من رقة وحنان وما نتعطش إليه من دفء وسلوان لأن كلا منهم مشغول بنفسه مهتم بذاته ثم إن أكثرهم محروم من هذه المشاعر السامية والعواطف النبيلة ولا يعرف معناها فضلا عن أن يتذوقها ومن كانت هذه حاله فهو عاجز عن منحها للآخرين لأن فاقد الشيء لا يعطيه
أختاه: لن تجدي أحدا يمنحك ما تبحثين عنه إلا ربك ومولاك والسعادة الحقيقية أن تعيشي في كنفه ...لأن في النفس البشرية عامة ظمأ وعطشا داخليا لا يرويه عطف الوالدين ولاحنان الأخوة ولا يشبعه غرام الأزواج وحبهم ولا مودة الصديقات لأن كل إنسان مشغول بظمأ نفسه ، فهو بالتالي أعجز عن أن يحقق الري الكامل و الري الكامل لا يتحقق إلا باللجوء إلى الله تعالى وطاعته والسير في طريق هدايته فهلا جربت هذا الطريق ولو لمرة واحدة وحينها ستشعرين بالفرق العظيم وسترين النتيجة بنفسك
قالت الفتاة ودموع التوبة تنهمر من عينيها : نعم .. هذا والله هو الطريق كم تنمنيت لو سمعت هذا الكلام منذ سنين ليوقظني من غفلتي ويلهمني طريق الرشد والصواب
فبادرها محمد قائلا : لنبدأ من هذه اللحظة ها هو الفجر يظهر وها هي أصوات المؤذنين تتعالى تهتف بالقلوب الحائرة والنفوس التائهه أن تعود إلى ربها ومولاها
أختاه...ليكن هذا الفجر ميلادك الجديد وابدئي حياتك بركعتين بين يدي الله تسكبين فيهما العبرات والآهات على الذنوب السالفات
أرجو أن تهاتفيني بعد أسبوعين لنرى هل وجدت طعم السعادة؟
ثم أغلق محمد السماعة وأنهى المكالمة
بعد أسبوعين وفي الموعد المحدد اتصلت الفتاة بمحمد ونبرات صوتها تطفح بالبشر وحروف كلماتها تكاد تقفز فرحا وحبورا ، ثم بادرت قائلة : وأخيرا وجدت طعم السعادة الحقيقية وأخيرا وصلت شاطئ الأمان الذي أبحرت بحثا عنه أخيرا شربت كأس الطمأنينة وغسلت روحي بماء الدموع العذب الزلال وداويت قلبي الجريح ببلسم التوبة الصادقة فكان الشفاء على الفور أيقنت أنه لا سعادة إلا في طاعة الله وما سواه سراب خادع
وإني أطلب منك يا شيخ أن تنشر قصتي فكثير من الفتيات تائهات حائرات مثلي لعل الله ان يهديهن بها طريق الرشاد
قال الشيخ محمد : عسى أن تري ذلك قريبا
1
650

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

baraa85
baraa85
أخواتي الغاليات ..
هذه المشاركة الأولى لي في هذا المنتدى الجميل أرجو أن تنال إعجابكن
أختكن
براءة