تحقيق: دارين ابراهيم
إذا كان الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية بالنسبة لرجال السياسة فإن الاختلاف بين الزوجين حول أسلوب ومكان قضاء الإجازة السنوية قد يفسد بينهما ألف قضية خاصة إذا كانت الإجازة مرتبطة بالسفر. ماذا لو رغب كل من الزوجين السفر الى مكان مختلف عن الآخر؟ هل تتمزق الأسرة، ويذهب الزوج حيث يريد، والزوجة الى البلد الذي ترغب.. والأبناء، مع من يذهبون؟ وماذا لو لم يرغب أحدهما في السفر، فهل يسافر أحدهما دون الآخر؟ وكيف تتأثر العلاقة الزوجية بينهما بمثل هذه الخلافات التي تتحول الاجازة الصيفية بسببها من متعة واستجمام الى شجار وخصام؟
انفصال: “أبوحسين” الذي قرر الانفصال عن زوجته لمشاكلهما التي لا تنتهي بسبب الاجازة الصيفية، قال: زوجتي ترفض السفر معي، ومنذ ثلاث سنوات تشاجرنا وكان أهلها محور خلافاتنا فغضبت لأنها تظن اني أكرههم وأقسمت ان لا تسافر معي الى بلدنا إلا إذا وفرت لها مسكناً مستقلاً، لأنها لا تريد الإقامة عند أهلي لأنهم يحولون اجازتها الى جحيم، كما انها لا تريد الجلوس عند أهلها لأني -على حد قولها- أكرههم وظننت انها قالت هذا الكلام في لحظة غضب ولكن مرت الأيام، وحان موعد الاجازة، إلا انني فوجئت بها ترفض السفر معي، ولأن والدي كبير في السن ومريض قررت ان أسافر وبقيت هي والأولاد حيث جاء أخوها ليبقى معها.
ولكن مشكلة أبوحسين لم تجد طريقها الى الحل بمجرد تركه زوجته والسفر وحيداً الى بلاده فقد تعرض فور وصوله الى ضغوط كبيرة من أسرته التي اتهمته بضعف الشخصية وسيطرة زوجته عليه خاصة انها لا تعمل ولا حجة لديها لعدم السفر مع زوجها، وبالمقابل أصرت أسرة الزوجة على اتهامه بالبخل، وانه حرمهم من ابنتهم وأحفادهم توفيراً لثمن التذكرة ورفضوا التصديق ان ابنتهم هي التي لا ترغب في السفر.
وبعد طول معاناة، قرر أبوحسين ان يطبق المثل القائل “عليّ وعلى أعدائي” وانفصل عن زوجته وقرر ألا يعيدها إلا إذا سفارت معه هذا الصيف!
وحول قصتها مع قرار السفر ترد أم حسين: لست نادمة، وان كنت أفكر بالرضوخ لرغبته لأجل الأولاد، وأظن اني اخترت القرار السليم لأن زوجي كان دائماً ناقماً على أهلي ومهما فعلوا لإرضائه يظل ينظر إليهم بعين الكراهية، لا أدري لماذا، وقد رفضت السفر رغم شوقي لأهلي ليس عناداً بل لأستريح من المشكلات التي يفتعلها زوجي وأهله كل صيف.
زيارة الأقارب: ومعاناة أم سيف تختلف، فزوجها يصر على اصطحابها والأولاد كل صيف الى احدى الدول الأجنبية، حيث يتركهم وحدهم في الفندق، ويعود كل صباح، ورائحة الخمر تفوح منه!
وتقول: فكرت في الانفصال عنه، ولكني خائفة على الأولاد، وكل عام أطالبه بالسفر وحده، فالملل يقتلني أنا والأطفال، وهنا يمكن ان نشغل وقتنا بزيارات الأقارب وبالحديث على الهاتف، ولكنه يصر على أخذنا معه.
وخلال هذا الصيف أصرّت أم سيف على السفر الى احدى الدول العربية في الوقت الذي يصرّ فيه زوجها على السفر الى مكانه المفضل في احدى الدول الأوروبية.
ويقول أبوعدنان: زوجتي تعشق المظاهر وكل عام نواجه مشكلة في مكان قضاء الاجازة، فهي ترغب في تقليد صديقاتها، وفي العام الماضي أردت السفر الى احدى الدول الآسيوية لإتمام صفقة تجارية مربحة أثناء الاجازة إلا انها رفضت بشدة، وأصرّت على السفر الى لندن، فهي ليست أقل من قريباتها وصديقاتها اللواتي يسخرن منها -على حد قولها- إذا لم تسافر الى لندن. وبعد اصرارها رفضت بالطبع ان يسافر كل منا الى بلد لخوفي عليها هي والأولاد في الوقت الذي رفضت هي قضاء اجازتها في الدولة لم أتمكن من السفر لإنجاز أعمالي، وكانت النتيجة ان ضاعت الصفقة مني.
أهلي وأهله: وتقول سمر: ان زوجي من بلد غير بلدي، وأنا موظفة، وليس لدي إلا شهر واحد اجازة طوال السنة، وأحب خلاله ان أزور بلدي وأرى أهلي، لكننا في كل صيف نتشاجر على مكان وأسلوب قضاء الاجازة فكل منا يرغب في الذهاب الى بلده واتفقنا على ذلك، ولكن زوجي يثير المشكلات دائماً لرفضه ان أسافر لأسرتي ويصر على ان يصحبني الى بلده كي تراني اسرته وترى الأولاد وكي يعتاد الأولاد على عادات بلد والدهم وصار هذا الأمر بمثابة المشكلة التي تتجدد كل سنة، وتشعرني بالغضب من أنانية زوجي وعدم تقديره لمشاعري ولرغباتي، وما يحدث انني أرضخ تارة لرغبته، وتارة أخرى أصر على ما أريد. وفي العام الماضي سافرت معه، وتشاجرت مع أسرته لسوء معاملتهم لي، وبعد أسبوع واحد من إقامتي لديهم، علمت ان أمي تجري عملية في قلبها، فتركت زوجي وأبنائي حيث هم ولم أعر تهديدات زوجي أي اهتمام ولا اتهامات أهله لي بالعناد وبالكذب، وسافرت لاطمئن على أمي، وظننت اني لن أعود، بل ستصلني ورقة طلاقي، ولكن زوجي أصرّ على عودتي وقدر خوفي على أمي، ولكني أشعر دائماً ان قرار طلاقنا آتٍ لا محالة.. والمسألة مسألة وقت.
عملها.. أم الاجازة؟!: أما أبوحمد فيقول: انتظرت اجازتي بفارغ الصبر، لأن والدتي مريضة وأردت الاطمئنان عليها، بينما لم تكن زوجتي راغبة في السفر، لأن أهلي أثاروا الكثير من المشكلات في الاجازة السابقة وتحججت أولاً بالحمل، وبعد ان أجهضت، وقبل موعد سفرنا بشهر ونصف عثرت على فرصة عمل طالما انتظرتها، وأصرت على الالتحاق بعملها وعدم السفر معي، حاولت ان اقنعها بالعدول عن رأيها خاصة اني لست بحاجة لراتبها، ولكنها ذكرتني اننا اتفقنا على السماح لها بالعمل مادام العمل جيداً ولا يتعارض مع واجباتها نحوي.. وهددتني بأسوأ معاملة ان حرمتها من تحقيق حلمها لأجل اجازة تعيسة، فكان لها ما أرادت، وسافرت وحدي وحضرت أختها وبقيت عندها مدة غيابي وشعرت هناك بالوحدة وبالغربة.
وترد أم حمد: كل صيف يصر زوجي على أخذ قرض كبير من البنك يلتهم نصف راتبه كي يسافر ثم يقضي بقية السنة، يشكو قلة نقوده ويعجز عن تلبية طلباتنا، ويصر على السفر وحجته انه لا يحتمل حرارة الصيف.
والغريب ان أم حمد لا تزال مصرة على رأيها ولا تريد السفر لذا أخفت جواز سفر زوجها، وهو لا يزال يبحث عنه!
مشكلات الرفاهية: يرى عيس الحمراني -موظف- ان الزوجين اللذين يتركان كل الأمور المصيرية المهمة في حياتهما ويتشاجران على المكان الأنسب لقضاء الاجازة، هما زوجان غير ناضجين يهتمان بالتفاهات والمظاهر.
وحول هذا الأمر يقول: أعرف أزواجاً يتشاجرون كل صيف لمجرد اختلافهم على المكان الأفضل لقضاء الاجازة.. وبعضهم يصر على رأيه ويدفعه عناده للسفر حيث يشاء، فنجد الزوجة وقد ذهبت شرقاً والزوج غرباً، وكأنهما غرباء.
أما عصام أحمد -موظف- فيلقي باللوم على الزوج قائلاً: ان بعض الأزواج لا يعرفون القناعة ولا تعجبهم زوجاتهم لذلك يصرون على قضاء اجازة الصيف في احدى الدول الأوروبية ورغم انه يصطحب زوجته معه إلا انه يتركها وحيدة تموت مللاً، وتحترق بنار الغيرة، وتفضل لو انها لم تسافر أصلاً.
وترى سيرين ملص ان الزوج الذي يصر على السفر ولو على حساب زوجته وراحتها هو زوج أناني، وتضيف: من حق كل طرف ان يقضي اجازته حيث يشاء، وان كان السفر لغرض السياحة ينبغي ان يحاول الزوجان قدر الامكان تقريب وجهات النظر بينهما واختيار الوجهة التي ترضي كليهما، أما ان كان السفر بغرض زيارة الأهل، فمن حق الزوجة ان ترى أهلها وكذلك الزوج لذا من الأفضل إما ان يتم تقسيم الاجازة بين الزوجين أو ان يسافر كل طرف الى أهله.
نصائح: “التوفيق بين الزوجين في مثل هذه الحالات أمر صعب، ولكن على الزوجين ان أرادا النجاح في حياتهما الزوجية، ان يسعيا للقيام بأشياء مشتركة ويتفقا قدر الامكان على أغلب الأمور”، بهذه الكلمات بدأ الدكتور عبدالله حامد الاستاذ بجامعة الامارات حديثه، مؤكداً انه ينبغي ان يحرص الزوجان على وجود أرضية مشتركة بينهما، وان يتنازل كل منهما قليلاً حتى تتقارب وجهات نظرهما.
ويرى الدكتور عبدالله ان الخلاف حول السفر أحد صور التفكك الأسري، وانعدام التوافق والتفاهم والانسجام داخل الأسرة.
ويضيف: في هذه الحالة يدفع الأبناء الثمن إذ ينعكس عليهم مشكلات الزوجين، كما يضيع غرض الاجازة الفعلي وهو الترويح عن النفس واستعادة القدرة على ممارسة العمل.
وتشير الدكتورة ثريا دوفال استاذة علم الاجتماع الى ان هذا النوع من المشكلات ينجم عن الرفاهية الزائدة، وانه من المفروض ان يكون لدى الزوجين أشياء أهم بكثير للخوض فيها ومناقشتها، وترى انها مجرد ردود أفعال، ففي الأساس يكون التفاهم معدوماً بين الزوجين، وللأسف يتصرف الأزواج أحياناً بأنانية ولا يتأقلمون مع أجواء الأسرة، ويصرون على ممارسة حياتهم دون الالتزام بالقيود التي تفرضها ضرورات الحياة نجد الزوج يريد ان يحرم زوجته من أهلها بحجة خوفه عليها من السفر وحدها، والزوجة تريد تقليد صديقاتها والسفر للدول الأوروبية للتباهي.
وترى د. ثريا انه ينبغي على الزوجين مراعاة مشاعر الشريك، ويجب ان يحاول كل منهما التنازل لإرضاء رغبات الآخر، ويجب عليهما تعزيز الثقة بينهما، لأن هذه الثقة هي أساس بناء قرارات سليمة.
منقوووول..
أم شماء @am_shmaaa
رحيق الصحة
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
خليك أول من تشارك برأيها 💁🏻♀️