ملامح شخصية سعد بن أبي وقاص.. فارس القادسية

ملتقى الإيمان

امتاز بشفافية روحه، وصدق يقينه، وعمق اخلاصه.. كما كان كثير البكاء من خشية الله عز وجل، وإذا استمع لرسول الله 'ص' يعظهم ويخطبهم فاضت عيناه من الدمع حتي تكاد دموعه تملأ حجره. لذلك أوتي نعمة التوفيق والقبول، وهو واحد من أهل الجنة، وفارس في كل مشهد شهده مع رسول الله 'ص'. انه سعد بن أبي وقاص. جده أهيب بن مناف، عم السيدة آمنة بنت وهب أم رسول الله، بسط يمينه الي رسول الله مبايعا وهو في السابعة عشرة من العمر. طار النبأ إلي أمه يوم أسلم وأتبع رسول الله، فساد الظلام وجهها، وبذلت الجهد كل الجهد لصده عن سبيل الله، ولكن لا جدوي، ثم لجأت إلي وسيلة تهزم بها روح سعد، وترد عزمه إلي الوثنية دين آبائه وأجداده، فأعلنت صومها والاضراب عن الطعام والشراب في تصميم مستميت حتي أشرفت علي الهلاك. ومع ذلك لم يهتز وجدان ابنها، ولم يفكر في الردة مهما بلغ الأمر في حياة أمه، وعندما أشرفت علي الموت اصطحبه بعض الأهالي اليها ليلقي نظرة وداع، مؤملين أن يرق قلبه حين يراها في سكرة الموت.
وهناك رأي سعد مشهدا يذيب الصخر، لكن إيمانه بالله ورسوله لم يتزعزع بل اشتد قوة، واقترب من وجه أمه وصاح قائلا: والله يا أمي لو كان لك مائة نفس، خرجت نفسا نفسا ما تركت ديني لحظة لهذا الحال، فكلي إن شئت أو لا تأكلي. اضطربت الأم وزاد حالها سوءا، وباء جهدها بالفشل. أعز الله عز وجل سعد بن أبي وقاص لموقفه السديد فنزل الوحي يؤيده قائلا: 'وان جاهداك علي أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما'. انشرح صدر رسول الله 'ص' وأخذ يداعبه بين أصحابه قائلا: هذا خالي.. فليرمي إمرؤ خاله.. ليس هذا فحسب بل رأي منه ما سره. وقر عينه فدعا له هذه الدعوة المأثورة: اللهم سدد رميته وأجب دعوته.. ولهذا عرف سعد بين اخوانه وأصحابه بأن دعوته كالسيف القاطع، لذا لم يكن يدعو علي أحد إلا مفوضا لله أمره. وروي عامر بن سعد قائلا: رأي سعد بن أبي وقاص رجلا يسب عليا وطلحة والزبير فنهاه فلم ينته، فقال له: إذن أدعو عليك أجاب الرجل: أراك تهددني كأنك نبي!! فنظر اليه سعد ثم تركه وتوضأ وصلي ركعتين، ورفع يده إلي السماء قائلا: اللهم إن كنت تعلم ان هذا الرجل قد سب أقواما سبقت لهم منك الحسني، وانه قد سخط سبه إياهم فاجعله آية وعبرة. ولم يمض وقت قصير حتي خرجت ناقة نادٌه من احدي الدور، لا يردها شيء حتي اقتحمت زحاما شديدا كأنها تبحث عن شيء، ثم أخذت الرجل بين قوائمها ومازالت تتخبطه حتي مات. ذات يوم كان رسول الله 'ص'جالسا مع أصحابه، ورنا ببصره إلي الأفق في إصغاء من يتلقي همسا وسرا، ثم نظر في وجوه أصحابه قائلا: يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة، التفت الأصحاب صوب كل اتجاه يستشرفون هذا السعيد الموفق المحظوظ، وما هي إلا لحظات حتي طلع عليهم سعد بن أبي وقاص! وقد لاذ به فيما بعد عبدالله بن عمرو بن العاص سائلا إياه في إلحاح شديد أن يدله علي ما يتقرب به إلي الله عز وجل من عباده، وعما جعله أهلا لهذه المثوبة وهذه البشري. نظر إليه سعد قائلا: لا شيء أكثر مما نعمل جميعا، غير اني لا أحمل لأحد من المسلمين ضغنا، أو سوءا، وقبل النوم أتوجه إلي الله عز وجل قائلا: اللهم اغفر لمن ظلمني. وذات يوم اختاره عمر بن الخطاب لأصعب مهمة تواجه الاسلام والمسلمين وهي معركة القادسية لانه أول من رمي لهم بسهم في سبيل الله، ليس هذا فحسب بل الوحيد الذي افتداه رسول الله بأبويه حيث قال له يوم أحد: 'ارمي سعد فداك أبي وأمي'. لذلك سلمه عمر بن الخطاب لواء القادسية في يمينه ليرم به الفرس المتجمعين في أكثر من مائة ألف من المقاتلين المدججين بأخطر عتاد وسلاح. وخرج عليهم سعد بن أبي وقاص في ثلاثين ألف مقاتل ليس في أيديهم غير الرماح لكن قلوبهم تمتليء إرادة وعنفوانا وشوقا إلي الموت والشهادة. وعلي أبواب فارس تلقي رسالة من عمر بن الخطاب تشير كلماته فيها إلي النور والهدي حيث قال: 'يا سعد لا يغرنك من الله إن قيل خال رسول الله وصاحبه، فإن الله ليس بينه وبين أحد نسب إلا بطاعته، والناس شريفهم ووضيعهم في ذات الله سواء، والله ربهم وهم عباده يتفاضلون بالعافية، ويدركون ما عند الله بالطاعة فأنظر الأمر فإذا رأيت رسول الله منذ بعث إلي أن فارقنا عليه فألزم الأمر'، ووعي سعد رسالة عمر ثم نزل إلي القادسية وصلي بالجيش صلاة الظهر. ثم صاح قائلا: الله أكبر الله أكبر الله أكبر.. ودوي الكون ونظر إلي الجنود قائلا: تقدموا يا أصحاب محمد.. دوي صوته بقوة العزم والأمل مما جعل من كل جندي فرد جيشا، وتهاوي جنود الفرس كالذباب المترنح، وتهاوت معهم الوثنية وعبادة النار، وطارت فلولهم المهزومة بعد مصرع قائدهم، وخيرة جنودهم.

منقول
:17: :17:
4
1K

هذا الموضوع مغلق.

طيف الأحبة
طيف الأحبة
ليت جنود اليوم يشبهونه ولو الى حد قصير اقول البعض

كان تحررت الأراضي المقدسة والله اعلم

جزاكي الله كل خير
سيرة عطرة لأحد صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم
امــواج
امــواج
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك اخيتي واثابك الله نقل رائع وموفق
جزاك الله احسن الجزاء
( اللهم إنا نسألك الفوز عند القضاء ومنازل الشهداء وعيش السعداء والنصر على الأعداء ومرافقةالأنبياء )
اختك ومحبتك في الله:امـواج
ام اليزيد
ام اليزيد
صدق خال بن الوليد رضي الله عنه عندما قال لأحد ملوك الروم في رسالة يدعوه فيها الى الأسلام او الجزيه او القتال

مما جاء فيها (( او لأرسلن لك رجال يحبون الموت كما تحبون الحياة ))

احبوا الموت لأنهم علموا ما لهم عند الله
ولولا حب الجهاد ورفعة الدين واعلاء كلمة الحق
لما تمنوا لحضة في الدنيا
Muslima
Muslima
"اللهم إنا نسألك الفوز عند القضاء ومنازل الشهداء وعيش السعداء والنصر على الأعداء ومرافقةالأنبياء"
جزاكن الله خيرا اخواتي الحبيبات