*هبة
*هبة
السيدة أم سلمة رضي الله عنها

نسبها رضي الله عنها
هي ام المؤمنين ام سلمة و اسمها : هند بنت ابي امية سهيل بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشية المخزومية أمها : عاتكة بنت عامر بن ربيعة بن مالك بن خزيمة بن علقمة بن فراس و ابوها هو احد وجهاء قريش و قد عرف بلقب زاد الركب لانه كان اذا خرج في سفر كفى من معه الزاد و ذلك من شدة كرمه و هي ابنة عم سيف الله المسلول خالد بن الوليد و زوجها قبل رسول الله صلى الله عليه و سلم هو عبد الله بن عبد أسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم الشهير بأبي سلمة الصحابي ذو الهجرتين ابن عمة النبي برة بنت عبد المطلب بن هاشم و اخوه صلى الله عليه و سلم من الرضاعة ارضعتهما ثوبية مولاة ابي لهب

حياتها قبل زواجها برسول الله صلى الله عليه و سلم
كان لابي سلمة و أم سلمة تاريخ عظيم في الاسلام فقد كانا من السابقين الاولين و هاجرا مع العشرة الاولين الى الحبشة حيث ولد هناك ابنهما سلمة ثم قدما مكة بعد تمزيق صحيفة المقاطعة و قد اشتد اضطهاد قريش للمسلمين فلما اذن رسول لله صلى الله عليه و سلم لاصحابه بالهجرة الى المدينة المنورة أجمع أبو سلمة امره على الهجرة بأهله تصف السيدة أم سلمة هذا فتقول : فلما راه رجال بني المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم قاموا اليه فقالوا : هذه نفسك غلبتنا عليها أرأيت صاحبتنا هذه ؟ علام نتركك تسير بها في البلاد ؟ و نزعوا خطام البعير من يده و أخذوني و غضبت عند ذلك بنو عبد الاسد و أهووا الى سلمة و قالوا : والله لا نترك ابننا عندها اذ نزعتموها من صاحبنا فتجاذبوا ابني سلمة حتى خلعوا يده و انطلق به بنو عبد الاسد رهط ابي سلمة و حبسني بنو المغيرة عندهم و انطلق زوجي أبو سلمة حتى لحق بالمدينة ففرق بيني و بين زوجي و بين ابني قالت : فكنت أخرج غداة فأجلس بالبطح فما أزال أبكي حتى سنة او قربها حتى مر بي رجل من بني عمي من بني المغيرة فرأى ما بي فرحمني فقال لبني المغيرة : الا تخرجون من هذه المسكينة ؟ فرقتم بينها و بين زوجها و بين ابنها فقالوا لي : الحقي بزوجك ان شئت ورد علي بنو عبد الاسد عند ذلك ابني فرحلت بعيري ووضعت ابني في حجري ثم خرجت اريد زوجي بالمدينة و ما معي احد من خلق الله فقلت:أتبلغ بمن لقيت حتى اقدم على زوجي حتى اذا انا بالتنعيم لقيت عثمان بن طلحة ابن ابي طلحة اخا بني عبد الدار فقال : اين يا بنت ابي امية ؟ قلت اريد زوجي بالمدينة فقال : هل معك أحد؟ فقلت : لا والله الا الله و ابني هذا فقال : و الله ما لك من مترك فأخذ بخطام البعير فانطلق معي يقودني فوالله ما صحبت رجلا من العرب اراه كان أكرم منه اذا بلغ المنزل اناخ بي ثم نحى الى شجرة فاضطجع تحتها فاذا دنا الرواح قام الى بعيره فقدمه فرحله ثم استأخر عني و قال : اركبي فاذا ركبت و استويت على بعيري اتى فأخذ بخطامه فقادني حتى ننزل فلم يزل يصنع ذلك حتى قدم بي لى المدينة فلما نظر الى قرية بني عمرو بن عوف بقباء قال : زوجك في هذه القرية -و كان أبو سلمة نازلا بها- فدخلتها على بركة الله تعالى ثم انصرف راجعا الى مكة و كانت تقول : ما أعلم أهل بيت أصابهم في الاسلام ما أصاب ال أبي سلمة و ما رأيت صاحبا قط كان أكرم من عثمان بن طلحة و يقول ابن الاثير –رحمه الله- : و قيا انها أول ظعينة هاجرت الى المدينة و اصيب أبو سلمة رضي الله عنه في أحد بسهم عولج منه ثم انتفض عليه جرحه فمات منه و رسول الله صلى الله عليه و سلم يعوده فأغمض رسول الله صلى الله عليه و سلم عينه و كانت هذه احدى كراماته رضي الله عنه و كانت ام سلمة رضي الله عنها قد قالت لزوجها : بلغني انه ليس امرأة يموت زوجها و هو من أهل الجنة ثم لم تزوج الا جمع الله بينهما في الجنة فتعال اعاهدك الا تزوج بعدي و لا أتزوج بعدك قال : اتطيعينني ؟ قالت : نعم قال : اذا مت تزوجي اللهم ارزق ام سلمة بعدي رجلا خيرا مني لا يحزنها و لا يؤذيها فاستجاب الله تعالى لدعاء ابي سلمة رضي الله عنه و تزوج أم سلمة سيد ولد أدم و خير الخلق اجمعين صلى الله عليه و سلم و قد كبر عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم تسع تكبيرات فقيل له : يا رسول الله أسهوت أم نسيت ؟ فقال : لم أسه و لم أنس و لو كبرت على أبو سلمة الفا كان اهلا لذاك

زواجها من رسول الله صلى الله عليه و سلم
و في الصحيح عن أم سلمة رضي الله عنها انها قالت : ان ابا سلمة رضي الله عنه حدثها انه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ما من عبد يصاب بمصيبة فيفزع الى ما امره الله به من قول (انا لله و انا اليه راجعون اللهم اجرني في مصيبتي و عوضني خيرا منها) الا اجره الله في مصيبته و كان قمينا ان يعوضه خيرا منها فلما هلك أبو سلمة ذكرت الذي حدثني به عن رسول الله صلى الله عليه و سلم فكنت أقول : انا لله و انا اليه راجعون اللهم اجرني في مصيبتي و عوضني خيرا منها ثم قلت : اني اعاض خيرا من من ابي سلمة ؟ (أي كيف يعوضني الله بخير من ابي سلمة و ذلك لحبها الشديد له رضي الله عنه) و انا أرجو ان يكون الله قد اجرني في مصيبتي و اسند ابن سعد عنها رضي الله عنها انها قالت : من هذا الذي هو خير من ابي سلمة و قال بن عبد بر ان ابا سلمة قال عند وفاته : اللهم اخلفني في أهلي بخير فأخلفه رسول الله صلى الله عليه و سلم على زوجته أم سلمة فصارت اما للمؤمنين و على بنيه سلمة و عمر و زينب و درة و تقدم لام سلمة ابو بكرالصديق خاطبا فرفضت في رفق ثم عمر بن الخطاب فرفضت ايضا وبالفعل بعد ان انقضت عدتها ارسل اليها رسول الله صلى الله عليه و سلم ليخطبها فقالت انها غيرى مسنة ...ذات عيال فقال صلى الله عليه و سلم : اما انك مسنة فانا أكبر منك و اما الغيرة فيذهبها الله عنك و اما العيال فالى الله و رسوله فتزوجت رسول الله صلى الله عليه و سلم

أم سلمة و اولادها رضي الله عنهم في بيت النبوة
و في الصحيحين حديث ام سلمة رضي الله عنها قالت : قلت يا رسول الله هل لي من أجر في بني ابي سلمة ان انفق عليهم و لست بتاركتهم هكذا و هكذا انما هم بني قال : نعم لك أجر ما انفقت عليهم و عن عائشة رضي الله عنها قالت : دخل علي يوما رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت : اين كنت منذ اليوم ؟ فقال : يا حميراء –لانها رضي الله عنها كانت حمراء الشعر- كنت عند ام سلمة فقالت : اما تشبع من أم سلمة؟ فتبسم صلى الله عليه و سلم و كان صلى الله عليه و سلم يوما عندها و ابنتها زينب هناك فجاءته السيدة فاطمة ابنته صلى الله عليه و سلم مع ولديها الحسن و الحسين رضي الله عنهم فضمهما اليه ثم تلى : رحمة الله و بركاته عليكم أهل البيت انه حميد مجيد فبكت أم سلمة فنظر اليها رسول الله صلى الله عليه و سلم و سألها في حنو مايبكيك ؟ قالت : يا رسول الله خصصتهم و تركتني و ابنتي فقال : انك و ابنتك من أهل البيت و شبت زينب في رعاية النبي صلى الله عليه و سلم فكانت من افقه نساء أهل زمانها و يروى انها دخلت على النبي صلى الله عليه و سلم و هو يغتسل فنضح في وجهها فلم يزل ماء الشباب في وجهها حتى كبرت و عجزت و بلغ من حبه لربيبه سلمه ان زوجه من أمامة بنت حمزة بن عبد المطلب ابنة عمه الشهيد رضي الله عنه يقول أهل العلم بالنسب ان سلمة هو الذي عقد للنبي صلى الله عليه و سلم على أمه أم سلمة فلما زوجه أمامة بنت حمزة بن عبد المطلب أقبل صلى الله عليه و سلم فقال : اترون كافأته ؟ و كذلك شب اخوه عمر و اخته درة في كفالة النبي صلى الله عليه و سلم و رعايته فكانا مع سلمة و زينب من ربائبه و أهل بيته رضي الله عنهم أجمعين

موقف تاريخي
وقد كان في صلح الحديبية لأم المؤمنين أم سلمة موقف لا ينسى ينم عن رجاحة العقل و الحكمة فيذكر انه لما فرغ رسول الله صلى الله عليه و سلم من أمر كتابة الصلح قال لاصحابه : قوموا فانحروا ثم احلقوا فما قام منهم رجل واحد حتى قال ذلك ثلاث مرات و لم يقم أحد فكأنهم كانوا مذهولين محزونين لما حدث أو انهم توقفوا لاحتمال ان يمون الامر للندب او رجاء نزول وحي من السماء يبطل الصلح فلما رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم ذلك دخل على أم سلمة محزونا فكأنها فهمت ما دار في انفس الناس فقالت لرسول الله صلى الله عليه و سلم : أخرج ثم لا تكلم احدا منهم كلمة حتى تنحر بدنتك و تدعو حالقك ليحلق لك ففعل رسول الله صلى الله عليه و سلم و لما رأوا ذلك قاموا مسرعين فنحروا و اخذوا بعضهم يحلق لبعض حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما

وحي و بشارة
و كان الوحي ينزل على رسول الله صلى الله عليه و سلم في بيت عائشة رضي الله عنها فتباهي بذلك ضرائرها حتى جاءت أم سلمة فأوحي اليه و هو عندها قوله تعالى في سورة التوبة: و اخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا و اخر سيئا عسى الله ان يتوب عليهم ان الله غفور رحيم و في سبب نزول الاية يروون ان النبي صلى الله عليه و سلم لما غزا بني قريظة في السنة الخامسة للهجرة و حاصرهم حتى جهدهم الحصار قدف الله في قلوبهم الرعب فبعثوا الى رسول الله صلى الله عليه و سلم ليرسل اليهم صاحبه ابا لبابة بن عبد المنذر الانصاري ليستشيروه في امرهم فارسله اليهم فلما رأوه قاموا اليه الرجال و جهش اليه النساء و الصبيان يبكون في وجهه فرق لهم و سألوه :يا ابا لبابة اترى ان ننزل على حكم محمد؟ فأجاب نعم انه الذبح و اشار بيده الى حلقه فمازالت قدماه من مكانهما حتى عرف انه خان الله و رسوله و انطلق على وجهه فربط نفسه الى عمود من عمد المسجد و قال : لا ابرح مكاني هذا حتى يتوب الله علي مما صنعت و عاهد الله الا اطأ بني قريظة ابدا و لا اوى في بلد خنت الله و رسوله فيه ابدا قال ابن هشام : أقام ابو لبابة مرتبطا بالجذع ست ليال تأتيه امرأته في كل وقت صلاة فتحله للصلاة ثم يعود فرطبت بالجذع قال ابن اسحاق : فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه و سلم خبره و كان قد استبطأه قال : اما انه لو جائني لاستغفرت له فاما اذ فعل ما فعل فما انا بالذي اطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه ثم روى ابن اسحاق بسنده ان توبة ابي لبابة نزلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم من السحر و هو في بيت أم سلمة فقالت و قد سمعته يضحك : قلت مما تضحك يا رسول الله أضحك الله سنك قال : تيب على ابي لبابة قلت : افلا ابشره يا رسول الله قال : بلى لن شئت فقامت على باب حجرتها و ذلك قبل ان يضرب الحجاب على امهات المؤمنين فقالت : يا ابا لبابة ابشر فقد تاب الله عليك فسار الناس ليطلقوه فابى و قال : لا و الله حتى يكون رسول الله صلى الله عليه و سلم هو الذي يطلقني بيده فلما مر رسول الله صلى الله عليه و سلم خارجا الى صلاة الصبح اطلقه

حفاظها رضي الله عنها على الدين
كانت أم سلمة رضي الله عنها حريصة كل الحرص على احكام الدين فيروى انه لما مات أبو سلمة رضي الله عنه قالت رضي الله عنها: غريب و في ارض غربة لأبكينه بكاء يتحدث عنه تقول : فكنت قد تهيأت للبكاء عليه اذ اقبلت امرأة من الصعيد تريد ان تسعدني فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه و سلم و قال : أتريدين ان تدخلي الشيطان بيتا أخرجه الله منه ؟ مرتين فكففت عن البكاء فلم أبك رواه مسلم و كانت احيانا تتشدد على نفسها في بعض الاحكام الفقهية فيرفق بها رسول الله صلى الله عليه و سلم مثل قولها : يا رسول الله اني امرأة اشد ضفر رأسي فأنفضه لغسل الجنابة ؟ قال : لا انما يكفيك ان تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفضين عليك الماء فتطهرين رواه مسلم و يروى انه اتى مساكين بيت أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها فسألوا و الحوا في السؤال و أمرهم بعض من كان في البيت بالخروج منه فنهت أم المؤمنين رضي الله عنها عن ردهم صفر اليدين و أمرت بأعطائهم و لو كان شيئا يسيرا فقالت : ما بهذا يا جارية ردي كل واحد –أو واحدة- و لو بتمرة تضعيها في يده و يروي سعيد بن حسين رضي الله عنه انه دخل عليها و هو غلام و كان في يده خاتم من ذهب فقالت : يا جارية ناوليه فناولتها اياه فقالت : اذهبي به الى اهله و اصنعي له خاتم من ورق (أي فضة) فقلت : لا حاجة لأهلي فيه قالت : فتصدقي به و اصنعي خاتما من ورق

أم سلمة رضي الله عنها راوية الحديث
رويت السيدة أم سلمة رضي الله عنها ثلاث مئة و ثمانية و سبعين حديثا و اتفق البخاري و مسلم لها على ثلاثة عشر و انفرد البخارى بثلاثة و مسلم بثلاثة عشر كما كانت السيدة أم سلمة مرجها في كثير من الاحكام الفقهية

وفاتها رضي الله عنها
توفيت رضي الله عنها في خلافة يزيد بن معاوية سنة احدى و ستين على أكثر الاقوال بعدما جاءها خبر مقتل الحسين عليه السلام فحزنت عليه أشد الحزن ثم ما لبثت ان ماتت بعده بيسير و صلى عليها أبو هريرة رضي الله عنه و دفنت بالبقيع رضي الله عنها و جمعها بحبيبها رسول الله صلى الله عليه و سلم في الجنة و سلام عليها و على ال البيت اجمعين
*هبة
*هبة
زوجات الرسول
السيدة زينب بنت جحش رضي الله عنها



نسبها رضي الله عنها
هي أم المؤمنين زينب بنت جحش بن رئاب بن عمير بن صبرة بن مرة ابن كبير بن تمنم بن دودان بن أسد بن خزيمة و أمها : أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه و سلم و الزينب هو شجر حسن المظهر طيب الرائحة و كانت تكنى أم الحكم

اسلامها و هجرتها رضي الله عنها
أسلمت زينب مع أهلها و تحملوا الاذى في سبيل الله حتى اذن رسول الله صلى الله عليه و سلم لهم بالهجرة فهاجروا الى المدينة و تركوا بيتهم في مكة خاليا فأخذه أبو سفيان فذكر عبد الله بن جحش ذلك لرسول الله صلى الله عليه و سلم فقال له : الا ترضى يا عبد الله ان يعطيك الله بها دارا في الجنة خيرا منها

زواجها رضي الله عنها من زيد رضي الله عنه
كان زيد بن حارثة من أعظم و أحب الصحابة الى رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى تبناه و ادعاه و اصبح اسمه زيد بن محمد -و ذلك قبل ان تنزل الايات (ادعوهم لابائهم)- فراه رسول الله صلى الله عليه و سلم كفء لابنة عمته فخطبها رسول الله صلى الله عليه و سلم لزيد و كانت قد نزلت الايات و ما كان لمؤمن او مؤمنة اذا قضى الله و رسوله امرا ان تكون لهم الخيرة من امرهم و من يعص الله و رسوله فقد ضل ضلالا مبينا و قبلت السيدة زينب رضي الله عنها على مضض لانها كانت تراه دونها في الشرف فهو مولى و لكن الحياة بينهما لم تكن مستقرة لذلك فشكا زيد رضي الله عنه الى رسول الله صلى الله عليه و سلم و طلب ان يأذن له في فراقها و رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول له : اتق الله و امسك عليك زوجك

زواجها من رسول الله صلى الله عليه و سلم
و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم قد علم انه لابد من مفارقتها و ان الله تعالى سيزوجه صلى الله عليه و سلم اياها ليبطل التبني و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يجد في نفسه من ذلك و يستحي ان يقال عليه صلى الله عليه و سلم تزوج زوجة ابنه او قد خاف صلى الله عليه و سلم من المنافقين و اليهود ان يقولوا للمسلمين تزوج زوجة ابنه بعد نهيه عن نكاح حلائل الابناء فيفتنوا المسلمين فعتبه الله تعالى في ذلك و نزهه عن الالتفات اليهم فيما احله الله له لان الحكمه وراء هذا الزواج –و هي ابطال التبني-كانت أهم و اعمق من هذا التفكير فأنزل الله تعالى : و اذ تقول للذي أنعم الله عليه و أنعمت عليه أمسك عليك زوجك و اتق الله و تخفي في نفسك ما الله مبديه و تخشى الناس و الله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في ازواج ادعيائهم اذا قضوا منهن وطرا و كان أمر الله مفعولا فأوضحت الاية جليا حكمة هذا الزواج

و لما انقضت عدتها رضي الله عنها قال رسول الله لزيد : اذكرها اي فانطلق زيد الى زينب حتى اتاها و هي تخمر عجينها قال : فلما رأيتها عظمت في صدري حتى ما استطيع ان انظر اليها ان رسول الله صلى الله عليه و سلم ذكرها فوليتها ظهري و نكصت على عقبي فقلت : يا زينب ارسل رسول الله صلى الله عليه و سلم يذكرك قال : ما انا بصانعة شيئا حتى بصانعة شيئا حتى أوامر ربي فقامت الى مسجدها و نزل القران و جاء رسول الله صلى الله عليه و سلم فدخل عليها بغير اذن و عن ثابت عن انس رضي الله عنه قال : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم أولم علىامرأة من نسائه ما أولم على زينب فانه ذبح شاة
و كانت حقا كما قالت رضي الله عنها : انا اكرمكن وليا و اكرمكن سفيرا زوجكن اهلكن و زوجني الله من فوق سبع سماوات فكانت رضي الله عنها وليها الله تعالى و سفيرها جبريل عليه السلام
الحجاب
قال أنس رضي الله عنه : بني على النبي صلى الله عليه و سلم بزينب بنت جحش بخبز و لحم فأرسلت الى الطعام داعيا فيجيء قوم فيأكلون و يخرجون ثم يجيء قوم فيأكلون و يخرجون فدعوت حتى ما أجد احد ادعو فقلت : يا نبي الله ما اجد احد ادعوه قال : فارفعوا طعامكم و بقي ثلاثة رهط يتحدثون في البيت فخرج النبي صلى الله عليه و سلم فانطلق الى حجرة عائشة فقال : السلام عليكم أهل البيت و رحمة الله فقالت:و عليك السلام و رحمة الله كيف وجدت اهلك بارك الله لك ؟ فتقرى حجر نسائه كلهن يقول لهن كما قال لعائشة و يقلن له كما قالت عائشة

ثم رجع النبي صلى الله عليه و سلم فاذا ثلاثة رهط في البيت يتحدثون و كان النبي صلى الله عليه و سلم شديد الحياء فخرج منطلقا نحو حجرة عائشة فما ادري اخبرته ام اخبر ان القوم خرجوا فرجع حتى اذا وضع رجاه في اسكفة الباب داخلة و اخرى خارجة أرخى الستر بيني و بينه و انزلت اية الحجاب متفق عليه و اللفظ للبخاري
و اية الحجاب هي قوله تعالى : يا ايها الذين امنوا لا تدخلوا بيوت النبي الا ان يؤذن لكم الى طعام غير ناظرين اناه و لكن اذا دعيتم افدخلوا فاذا طعمتم فانتشروا و لا مستئنسين لحديث ان ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم و الله لا يستحي من الحق و اذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم و قلوبهن و ما كان لكم ان تؤذوا رسول الله و لا ان تنكحوا ازواجه من بعده ابدا ان ذلكم كان عند الله عظيما فكان من كرامات السيدة زينب رضي الله عنها ان اية الحجاب نزلت بسببها و في صبيحة يوم عرسها
زينب رضي الله عنها في بيت النبوة
قالت عنها السيدة عائشة رضي الله عنها : و لم ار قط خيرا في الدين من زينب و أتقى لله و أصدق حديثا و أوصل للرحم و أعظم صدقة و أشد ابتذالا لنفسها في العمل الذي يتصدق به الى الله عز و جل

و قالت السيدة عائشة ايضا : لو تكن واحدة من نساء النبي تناصيني غير زينب و تناصيني أي تنازعني و تباريني
و في حديث عائشة رضي الله عنها قالت : ان النبي صلى الله عليه و سلم كان يمكث عند زينب بنت جحش رضي الله عنها و يشرب عندها عسلا فتواصيت انا و حفصة ايتنا دخل عليها رسول الله صلى الله عليه و سلم فلتقل : اني اجد منك ريح مغافير أكلت مغافير؟ فدخل على احداهما فقالت له ذلك فقال : لا بل شربت عسلا عند زينب بنت جحش و لن أعود له فنزلت : يا ايها النبي لم تحرم ما أحل الله لك و المغافير : هو طعام حلو المذاق كريه الرائحة
و كانت السيدة زينب رضي الله عنها تقول: انا أكرمكن وليا و أكرمكن سفيرا : زوجكن أهلكن و زوجني الله من فوق سبع سماوات
زينب رضي الله عنها و حديث الافك
رغم هذا التنافس على قلب رسول الله صلى الله عليه و سلم الا ان السيدة عائشة تذكر موقف السيدة زينب النبيل في قضية الافك هذه المحنة العصيبة التي تعرضت لها السيدة عائشة فتروي السيدة عائشة و تقول : و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم سأل زينب بنت جحش عن أمري
فقال لزينب: ماذا علمت او رأيت ؟
قالت : يا رسول الله أحمي سمعي و بصري و الله ما علمت الا خيرا
قالت عائشة : و هي التي كانت تساميني من ازواج النبي صلى الله عليه و سلم فعصمها الله بالورع

عبادتها رضي الله عنها
كانت زينب رضي الله عنها عابدة خاشعة قوامة صوامة فانتة كثيرة التصدق لوجه الله تعالى فعن عبد الله بن شداد الليثي ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لعمر بن الخطاب : ان زينب بنت جحش أواهة
فقال رجل:يا رسول الله ما الأواه؟
قال صلى الله عليه و سلم: الخاشع المتضرع ثم تلا صلى الله عليه و سلم ان ابراهيم لحليم أواه منيب

و تقول عنها السيدة عائشة رضي الله عنها : لقد ذهبت حميدة متعبدة مفزع اليتامى و الأرامل
و تقول عنها ايضا : يرحم الله زينب بنت جحش لقد نالت في هذه الدنيا الشرف الذي لا يبلغه شرف ان الله عز و جل زوجها نبيه صلى الله عليه و سلم في الدنيا و نطق بها القران
و كانت أم سلمة تقول عنها : كانت زبنب لرسول الله صلى الله عليه و سلم معجبة و كان يستكثر منها و كانت صالحة قوامة صوامة صناعا و تتصدق بذلك كله على المساكين
و قال عنها الذهبي رضي الله عنه : كانت من سادة النساء دينا وورعا و جودا و معروفا
و في حديث عائشة رضي الله عنها ان بعض ازواج النبي صلى الله عليه و سلم قلن للنبي صلى الله عليه و سلم : أينا أسرع بك لحوقا ؟
قال : أطولكن يدا فاخذوا قصبة يذرعونها فكانت سودة أطولهن يدا فعلمنا بعد انها كانت زينب طول يدها الصدقة و كانت اسرعنا لحوقا به و كانت تحب الصدقة

و في رواية عن السيدة عائشة ايضا : قال رسول الله :اسرعكن لحاقا بي أطولكن يدا فكنا اذا اجتمعنا في بيت احدانا بعد وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم نمد ايدينا في الجدار نتطاول فلم نزل نفعل ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش و لم تكن بأطولنا فعرفنا حينئذ ان النبي انما اراد طول اليد بالصدقة و كانت زينب امرأة صناع اليدين تدبغ و تخرز و تتصدق في سبيل الله
و في الصحيح ان عمر بن الخطاب أمير المؤمنين ارسل اليها عطاءها اثني عشر الفا فجعلت تقول : اللهم لا يدركني هذا المال في قابل فانه فتنة -أي تدعو الا يبلغها عطاء من امير المؤمنين بعد عامها هذا و استجاب لها رب العالمين فما ادركها عطاء ثانية و اسرعت باللحاق برسول الله صلى الله عليه و سلم- ثم قسمت المال كله في اهل رحمها و اهل الحاجة فبلغ عمر ذلك فوقف ببابها و أرسل اليها بالسلام و قال : بلغني ما فرقت فأرسل ألف درهم تستبقينها و أرسل الألف فتصدقت بها جميعا و لم تبق منها درهما
و حين حضرتها الوفاة قالت : اني قد أعددت كفني و ان عمر أمير المؤمنين سيبعث الي بكفن فتصدقوا بأحدهما و ان استطعتم ان تتصدقوا بحوقي -ازاري- فافعلوا
و قد ذكر ابن سعد في طبقاته و قال : ماتركت زيب بنت جحش رضي الله عنها درهما و لا دينارا كان تتصدق بكل ما قدرت عليه و كانت مأوى للمساكين
وفاتها رضي الله عنها
توفيت رضي الله عنها سنة عشرين من الهجرة في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه و شيعها اهل المدينة الى البقيع و صلى عليها عمر بن الخطاب رضي الله عنه

و عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال : رأيت عمر بن الخطاب سنة عشرين في يوم صائف و رأيت ثوبا مد على قبرها و عمر جالس على شفير القبر معه ابو أحمد ذاهب البصر و عمر بن الخطاب قائم على رجليه و الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم قيام على أرجلهم
السيدة زينب رضي الله عنها راوية الحديث
يقول الذهبي رضي الله عنه : و لزينب أحد عشر حديثا اتفقا لها على حديثين و حديثها في الكتب الستة
جزى الله و عن المسلمين جميعا كل الخير..اللهم انا نشهدك انها كانت نعم الام و القدوة للمؤمنين جميعا..رحمها الله و الحقها بحبيبها و زوجها رسول الله صلى الله عليه و سلم و الحقتا جميعا بها و بامهات المؤمنين جميعا
*هبة
*هبة
زوجات الرسول

السيدة جويرية بنت الحارث رضي الله عنها


نسبها رضي الله عنها
هي أم المؤمنين جويرية بنت الحارث بن ابي ضرار بن حبيب بن عائذ بن مالك بن جذيمة –و هو المصطلق- بن سعد بن عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو مزيقيا و عمرو هو أبو خزاعة كلعا الخزاعية المصطلقية

زواجها من رسول الله صلى الله عليه و سلم
بلغ رسول الله صلى الله عليه و سلم ان بني المصطلق –و هم حي من خزاعة- يجمعون الجموع لقتال المسلمين بقيادة زعيمهم الحارث بن ابي ضراربن حبيب المصطلق الخزاعي فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم و معه من زوجاته السيدة عائشة رضي الله عنها حتى لقيهم على ماء لهم يقال له المريسيع فكان قتال انتهى بهزيمة بني المصطلق و سيقت نسائهم سبايا و فيهن برة بنت الحارث بن ابي ضرار بن حبيب سيد القوم و قائدهم أو جويرية كما سماها رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم عاد رسول الله صلى الله عليه و سلم الى المدينة فبينما هو جالس يوما في حجرة السيدة عائشة رضي الله عنها سمعت امرأة تستأذن في لقائه صلى الله عليه و سلم و قامت السيدة عائشة رضي الله عنها الى الباب و دخلت السيدة جويرية فقالت : يا رسول الله انا بنت الحارث بن ابي ضرار سيد قومه و قد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك فوقعت في السهم لثابت بن قيس فكاتبته على نفسي فجئتك أستعينك على أمري فرق قلب رسول الله صلى الله عليه و سلم للعربية الخزاعية بنت سيد بني المصطلق في موقفها ببابه ضراعة اليه و ليس لها من تلوذ به في محنتها سواه
و تكلم رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : فهل لك في خير من هذا ؟
فسألت : و ما هو يا رسول الله
فقال : أقضي عنك كتابتك و أتزوجك
فقالت و قد تهلل وجهها : نعم يا رسول الله
فقال صلى الله عليه و سلم : قد فعلت

و يقال ان اباها أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم و قال له : ان ابنتي لا يسبى مثلها فأنا أكرم من ذلك
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : أرأيت ان خيرناها
فأتاها أبوها فقال : ان هذا الرجل قد خيرك فلا تفضحينا
فقالت : اخترت الله و رسوله
فتزوجها رسول الله صلى الله عليه و سلم فصارت اما للمؤمنين و لما علم الناس ذلك قالوا : أصهار رسول الله صلى الله عليه و سلم فأطلقوا الاسارى من بني المصطلق و قيل انه قد اعتق بفضل زواجها من رسول الله صلى الله عليه و سلم أهل مائة بيت من بيوت بني المصطلق فكانت امرأة عظيمة البركة على اهلها و لم تعرف امرأة لها بركتها على أهلها مثل أم المؤمنين جويرية عليها السلام

و قيل ان ابوها الحارث جاء الى المدينة و معه ابل يفدي بها ابنته فرغب في بعيرين من الابل فغيبهما في شعب من شعاب وادي العقيق فلما قدم قال يا محمد اخذتم ابنتي و هذا فداؤها فقال اين البعيران اللذان غيبتهما في وادي العقيق في شعب كذا فقال أشهد ان لا اله الا الله و انك رسول الله فوالله ما اطلع على ذلك الا الله تعالى و أسلم و أسلم له ابنان و ناس من قومه و ارسل الى البعيرين فجيء بهما فدفع الابل الى النبي صلى الله عليه و سلم و دفعت له ابنته فخطبها رسول النبي صلى الله عليه و سلم من ابيها فزوجه اياها و اصدقها اربعمائة درهم و هي بنت عشرين سنة و ذلك في سنة خمس من الهجرة
و كانت رضي الله عنها متزوجة قبل رسول الله من مسافع بن صفوان المصطلقي ابن عم لها و كان قد قتل يوم المريسيع
و قد سماها رسول الله صلى الله عليه و سلم جويرية بدلا من برة كراهة ان يقال :خرج من عند برة

عبادتها رضي الله عنها
كانت رضي الله عنها كثيرة الصلاة و التسبيح و قج روى الامام مسلم –رحمه الله- في صحيحه ان عن ابن عباس عن جويرية ان النبي صلى الله عليه و سلم خرج عندها بكرة حين صلى الصبح و هي في مسجدها ثم رجع بعد ان أضحى و هي جالسة فقال : مازلت على الحال التي فارقتك عليها ؟ قالت : نعم قال النبي صلى الله عليه و سلم : لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن : سبحان الله و بحمده عدد خلقه و رضا نفسه و زنة عرشه و مداد كلماته رواه مسلم

روايتها رضي الله عنها للحديث
و قد روت رضي الله عنها احاديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم مخرجة في الكتب الستة
و يقول الأمام الذهبي –رحمه الله- جاء لها سبعة أحاديث منها عند البخاري حديث و عند مسلم حديثان و من الرواه عنها عبد الله بن عباس رضي الله عنه

وفاتها رضي الله عنها
و قد ظلت رضي الله عنها على عبادتها و تقواها الى ان توفيت سنة خمسين و قيل سنة ستة و خمسين –و هو الاغلب- في خلافة معاوية رضي الله عنه و كان عمرها سبعين سنة و صلى عليها مروان بن الحكم أمير المدينة حينئذ و قيل توفيت سنة خمسين و هي بنت خمس و ستين سنة رضي الله عنها و الحقها برسول الله صلى الله عليه و سلم و جزاها عنا وعن قومها كل الخير
*هبة
*هبة
زوجات الرسول السيدة صفية بنت حيي رضي الله عنها

نسبها رضي الله عنها
هي أم المؤمنين صفية بنت حيي بن أخطب بن سعية بن ثعلبة بن عبيد بن كعب بن الخزرج بن ابي الحبيب بن النضير بن النحام بن ناخوم من سبط لاوي بن يعقوب عليه السلام ثم من ذرية هارون بن عمران عليه السلام أخي موسى كليم الله عليه السلام أمها : برة بنت شموال أخت رفاعة بن شموال القرظي

و على الرغم من انها لم تكن قد تجاوزت السابعة عشرة الا انها كانت رضي الله عنها قد تزوجت سلام بن مشكم القرظي ثم خلف عليها كنانة بن الربيع بن ابي الحقيق النضري و هما شاعران و قد قتل كنانة يوم خيبر
زواجها من رسول الله صلى الله عليه و سلم
لما من الله تعالى على المسلمين بفتح خيبر جاء دحية الكلبي رضي الله عنه الى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله اعطني جارية
فقال : اذهب فخذ جارية فأخذ صفية رضي الله عنها
فقال رجل : يا رسول الله أعطيت دحية صفية و هي سيدة بني قريظة و النضير لا تصلح الا لك
فقال : ادعه بها فجاء بها
فقال : خذ جارية غيرها فأعتقها رسول الله صلى الله عليه و سلم و تزوجها

و عن أم أنس بن مالك قال جابر بن عبد الله : جئ يوم خيبر بصفية للنبي صلى الله عليه و سلم فقال لبلال خذ بيد صفية فأخذ بيدها و مر بها بين المقتولين في ساحة القتال التي امتلأت بالقتلى فوجد صلى الله عليه و سلم ان السيدة صفية رضي الله عنها قد بدا عليها الحزن الصامت و الجزع المكبوت و هي تحاول ان تتماسك فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أنزعت يا بلال منك الرحمة حين تمر بامرأتين على قتلى رجالهما ؟ ثم أمر بصفية فحيزت خلفه فكان ذلك اعلاما بأنه صلى الله عليه و سلم قد اصطفاها لنفسه و قد خيرها رسول الله صلى الله عليه و سلم بين ان يعتقها فترجع الى من بقى من اهلها و بين ان تسلم و يتزوجها فاختارت الله و رسوله
و في حديث عن أنس رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه و سلم لما أخذ السيدة صفية بنت حيي قال لها : هل لك في ؟
قالت : يا رسول الله قد كنت أتمنى ذلك في الشرك فكيف اذا أمكنني الله منه في الاسلام ؟
فأعتقها رسول الله صلى الله عليه و سلم و تزوجها و دفعها الى أم سليم تهيئها و تعتد عندها و اقام رسول الله صلى الله عليه و سلم لها وليمة فقال : من كان عنده شئ فليجئ به فكانت وليمة رسول الله صلى الله عليه و سلم

رؤيا و بشارة
كانت السيدة صفية قد رأت رؤيا في منامها ان قمرا وقع في حجرها فذكرت ذلك لابيها فضرب وجهها ضربة أثرت فيه و قال : انك لتمدين عنقك الى ان تكوني عند ملك العرب و مازال الاثر في وجهها حتى أتى بها الى رسول الله صلى الله عليه و سلم فسألها عنه فأخبرته الخبر

عداء مسبق
تقول السيدة صفية بنت حيي بن أخطب : كنت أحب ولد ابي اليه و الى عمي بن ياسر لم القهما قط مع وع ولدهما الا أخذاني دونه فلما قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة و نزل قباء غدا عليه ابي و عمي مغلسين فلم يرجعا حتى كانا مع غروب الشمس فأتيا كالين ساقين يمشيان الهوينا فهششت اليهما كما كنت اصنع فوالله ما التفت الي واحد منهما مع ما بهما من الغم و سمعت عمي ابا ياسر و هو يقول لابي : أهو هو؟
قال : نعم و الله
قال عمي : أعرفه و تثبته ؟
قال : نعم
قال : فما في نفسك منه ؟
قال : عداوته والله ما بقيت

صفية رضي الله عنها في بيت النبوة
كانت ازواج الرسول صلى الله عليه و سلم قد تفاخرن على السيدة صفية بأنهن قرشيات عربيات و هي الاجنبية الدخيلة و بلغها كلام عن السيدة حفصة و السيدة عائشة رضي الله عنهما فحزنت و تألمت وحدثت رسول الله صلى الله عليه و سلم و هي تبكي فقال لها: الا قلت : و كيف تكونان خيرا مني و زوجي محمد و أبي هارون و عمي موسى ؟

و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يشعر بغربتها رضي الله عنها فكان يدافع عنها كلما اتيحت له الفرصة و قيل انه صلى الله عليه و سلم كان في سفر و معه صفية و زينب بنت جحش رضي الله عنهما فاعتل بعير صفية رضي الله عنها فبكت فجاءها رسول الله صلى الله عليه و سلم و أخذ يمسح دموعها بيده الشريفة و كان في ابل السيدة زينب رضي الله عنها فضل فقال لها رسول الله صلى الله عليه و سلم : ان بعير صفية أعتل فلو أعطيتها بعيرا ؟ فأبت السيدة زينب فغضب رسول الله صلى الله عليه و سلم و هجر السيدة زينب رضي الله عنها شهرين أو ثلاثة ثم سامحها فها هو سيد الخلق أجمعين يهجر المهاجرة زوجته التي زوجها اياه رب العالمين و ابنة عمته غضبا للسيدة صفية رضي الله عنها
و كانت رضي الله عنها تحب رسول الله صلى الله عليه و سلم حبا عظيما و روي ان رسول الله صلى الله عليه و سلم في مرض موته قالت له السيدة صفية : و الله يا نبي الله لوددت ان الذي بك بي فغمزها ازواجه فأبصرهن فقال صلى الله عليه و سلم : مضمضن قلن : من تغامزكن بها والله انها لصادقة
حلمها رضي الله عنها
كانت رضي الله عنها وقورة حليمة و روي ان جارية قالت لأمير المؤمنين عمر رضي الله عنه : ان صفية تحب السبت و تصل اليهود فبعث عمر يسألها فقالت : أما السبت فلم أحبه منذ أبدلني الله به الجمعة و اما اليهود فان لي فيهم رحما فأنا أصلها ثم قالت للجارية : ما حملك على ما صنعت ؟
قالت : الشيطان
قالت : فاذهبي فأنت حرة

موقف لا ينسى
لما ابتلى الله تعالى عبده ذا النورين عثمان رضي الله عنه بالحصار كانت السيدة صفية رضي الله عنها من الذين دافعوا عنه فروي عن كنانة -مولى صفية رضي الله عنها- قال : قدمت صفية رضي الله عنها في حجابها على بغلة لترد عن عثمان فلقينا الاشتر فرب وجه البغلة و هو لا يعرف راكبتها فقالت لي صفية رضي الله عنها : ردني لا تفضحني ثم وضعت أم المؤمنين عليها السلام خشبا من منزلها الى منزل عثمان رضي الله عنه تستخدمه معبرا تنقل عليه الماء و الطعام

أمرها رضي الله عنها بالمعروف و نهيها عن المنكر
روى الامام أحمد بسنده عن صهيرة بنت جعفر قالت : حججنا ثم انصرفنا الى المدينة فدخلنا على صفية بنت حيي رضي الله عنها فواقفنا عندها نسوة من أهل الكوفة فقلن لها : ان شئتن سألتن و سمعنا و ان شئتن سألنا و سمعتن
فقلنا : سلن
فسألن عن اشياء من أمر المرأة و زوجها و من أمر المحيض ثم سألن عن نبيذ الجر فقالت : أكثرتم يا أهل العراق من نبيذ الجر و ما على احداكن ان تطبخ تمرها ثم تدلكه ثم تصفيه فتجعله في سقائها توكئ عليه فاذا طاب شربت و سقت زوجها و في رواية اخرى فقالت رضي الله عنها: حرم رسول الله صلى الله عليه و سلم نبيذ الجر

صفية رضي الله عنها راوية حديث
من الذين رووا عن السيدة صفية ابن اخيها و مولاها كنانة و مولاها يزيد بن متعب و الامام زين العابدين علي بن الحسين و مسلم بن صفوان و حديثها عن رسول الله صلى الله عليه و سلم مخرج في الكتب الستة

وفاتها رضي الله عنها
توفيت رضي الله عنها سنة خمسين من الهجرة في زمن معاوية رضي الله عنه و دفنت رضي الله عنها بالبقيع مع أمهات المؤمنين الحقها بحبيبها صلى الله عليه و سلم رحمها الله تعالى و الحقنا برسول الله صلى الله عليه و سلم و بها و بأمهات المؤمنين جميعا ان شاء الله
*هبة
*هبة
زوجات الرسول
السيدة أم حبيبة بنت ابي سفيان رضي الله عنها

نسبها رضي الله عنها
هي أم المؤمنين رملة ابنة أبو سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف و هو جد الرسول صلى الله عليه و سلم و ليس في أمهات المؤمنين من هي أقرب الى رسول الله صلى الله عليه و سلم نسبا منها

و امها هي صفية بنت ابي العاص بن أمية بن عبد شمس و هي من بنات عم الرسول صلى الله عليه و سلم و أخوها هو أمير المؤمنين معاوية بن ابي سفيان رضي الله عنه
كانت رضي الله عنها زوجة لابن عمة رسول الله صلى الله عليه و سلم عبيد الله بن جحش الاسدي اخي أم المؤمنين السيدة زينب بنت جحش زوجة رسول الله صلى الله عليه و سلم و كان زوجها عبيد الله رضي الله عنه قد أسلم فأسلمت معه و أبوها أبو سفيان على الكفر و خشيت رضي الله عنها اذى ابيها فهاجرت مع زوجها الى الحبشة –بلد النجاشي رضي الله عنه- و كانت مثقلة بحملها و في الحبشة وضعت بنتها حبيبة التي كنيت بها بعد ذلك
غربة و وحدة
كانت رضي الله عنها تحاول ان تجد في زوجها عوضا عما فارقته من الاهل و العشيرة و لكنها قامت ذات ليلة من نومها مذعورة و قد روعها حلم مرعب فقد رأت زوجها عبيد الله في أسوأ صورة و لما أصبحت اخبرها انه قد ارتد عن دينه و دخل النصرانية دين الاحباش فعاشت رضي الله عنها في غم و حزن وحيدة في بلد غريبة حتى اعتزلت الناس شاعرة بالخزي لفعلة زوجها

زواجها برسول الله صلى الله عليه و سلم
و مرت فترة من الزمن و هي في عزلتها وحيدة الى ان جاءتها في أحد الايام جارية من جواري النجاشي رضي الله عنه تدعى ابرهة فبشرتها بخطبة رسول الله صلى الله عليه و سلم لها فأعطتها أم حبيبة سوارين من فضة و خدمتين -خلخالين- و خواتم من فضة لبشارتها اياها بذلك و كان وكيلها في الزواج خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس و قد اصدقها رسول الله صلى الله عليه و سلم اربعمائة دينار و قيل اربعة الاف فكانت اكثر نساء رسول الله صلى الله عليه و سلم مهرا و كانت الوحيدة من بين نسائه صلى الله عليه و سلم التي تزوجها و هي غائبة و قد أولم لها النجاشي وليمة زواج عظيمة قائلا : اجلسوا فأن سنة الانبياء اذا تزوجوا ان يؤكل طعام على التزويج و أولم عليها عثمان بن عفان رضي الله عنه لحما و ثريدا

و كان النجاشي قد أمر نساءه ان يهدينها فأخذن يتبارين في اهدائها العطر و غيره كرامة لرسول الله صلى الله عليه و سلم و اصبحت فجاءتها جارية النجاشي تحمل هدايا نساء الملك من عود و عنبر و طيب فقدمت اليها أم المؤمنين خمسين دينارا من صداقها قائلة : كنت أعطيك السوارين بالأمس و ليس بيدي شئ من المال و قد جاءني الله عز و جل بهذا فأبت الجارية ان تمس الدنانير و ردت السوارين و قالت ان الملك قد أجزل لها العطاء و أمرها الا تأخذ من أم المؤمنين شيئا
و عندما بلغ أبوها خبر الزواج المبارك و كان لا يزال على الكفر قال : ذلك الفحل لا يقدع انفه أي انه كفء كريم لا يرفض نسبه
فلما انتصر المسلمون في غزوة خيبر عادوا الى المدينة ليجدوا مهاجري الحبشة و قد جاءوا في صحبة عمرو بن أمية الضمري الذي بعثه النبي صلى الله عليه و سلم الى النجاشي ليعود بمن بقى في بلاده من المهاجرين الاولين
فلما لمح رسول الله صلى الله عليه و سلم اصحابه قد عادوا وثب صلى الله عليه و سلم من فوق راحلته و التزم ابن عمه جعفر بن ابي طالب معانقا و قبل عينيه و هو يقول في غبطة : ما أدري بأيهما انا أسر : بفتح خيبر أم بقدوم جعفر و كان من بين العائدات أم حبيبة رضي الله عنها و قد مضى على زواجه بها بضع سنين مذ كانت مهجرها بالحبشة فاحتفلت المدينة بدخول بنت ابي سفيان بيت النبي صلى الله عليه و سلم و أولم عثمان بن عفان رضي الله عنه وليمة حافلة و كانت السيدة أم حبيبة تدنو من عامها الاربعين
أم حبيبة رضي الله عنها في بيت النبوة
و عاشت أم المؤمنين أم حبيبة رضي الله عنها في بيت النبوة كريمة مطمئنة و ان كانت تشعر في اعماقها حزنا قاسيا لان اباها لا يزال على الوثنية الضالة و كانت رضي الله عنها حريصة على كل ما يخص رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى أمام أقرب الناس اليها فيروى انه عندما نقضت قريش صلح الحديبية علمت ان رسول الله صلى الله عليه و سلم لن يسكت على ظلم فارسلوا ابي سفيان يفاوض رسول الله صلى الله عليه و سلم في تجديد الهدنة خوفا من ان يغزو رسول الله صلى الله عليه و سلم مكة فدخل ابو سفيان على لبنته أم حبيبة عندما اتى المدينة ليفاوض رسول الله صلى الله عليه و سلم فأراد ان يجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه و سلم فطوته عنه
فقال : يا بنية أرغبت بهذا الفراش عني أم بي عنه ؟
فقالت رضي الله عنها: بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه و سلم و انت امرؤ مشرك فلم أحب ان تجلس عليه
فقال : يا بنية لقد اصابك بعدي شر

استجابة الله تعالى دعائها رضي الله عنها
أتت أم حبيبة رضي الله عنها عثمان بن عفان عندما حوصر فجاء رجل فأطلع في خدرها فجعل ينعتها للناس فقالت رضي الله عنها : ما له قطع الله يده و ابدى عورته ؟ فدخل على هذا الرجل الفاسق داخل فضربه بالسيف فألقى بيمينه فقطع فانطلق هاربا اخذا ازاره بفيه بادية عورته فاستجاب بذلك الله تعالى لدعوتها رضي الله عنها

حرصها على سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم
في حديث رواه البخاري تروي زينب بنت ابي سلمة و تقول : دخلت على أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه و سلم حين توفي ابوها أبو سفيان رضي الله عنه فدعت ام حبيبة بطيب فيه سفره خلوف او غيره فدهنت منه جاريه ثم مست بعارضيها ثم قالت : و الله ما لي في الطيب من حاجة غير اني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :لا يحل لامرأة تؤمن بالله و اليوم الاخر ان تحد على ميت فوق ثلاث ليال الا على زوج أربة أشهر و عشرا فمست رضي الله عنها الطيب –و لا حاجة لها فيه- حتى لا تكون راغبة عن سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم

عبادتها رضي الله عنها
كانت رضي الله عنها عابدة لله تعالى كثيرة الصلاة فعنها رضي الله عنه قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : من صلى اثني عشرة ركعة في يوم و ليلة بني له بيت في الجنة
قالت أم حبيبة : فما ترتكتهن منذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه و سلم

رواية الحديث
روت أم حبيبة رضي الله عنها خمسة و ستين حديثا

وفاتها رضي الله عنها
عن عائشة رضي الله عنها قالت : دعتني أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه و سلم عند موتها فقالت : قد كان بيننا ما يكون بين الضرائر فغفر الله ذلك كله و تجاوزه و حللتك من ذلك كله
فقالت السيدة عائشة رضي الله عنها :سررتني سرك الله و ارسلت الى أم سلمة فقالت لها مثل ذلك
و توفيت رحمها الله سنة اربعة و اربعين في خلافة أخيها معاوية بن ابي سفيان و دفنت بالبقيع فجزاها الله تعالى عنا جميعا كل الخير و اكرمنا بلقياها في الجنة ان شاء الله