الشامخة الخالدي
توبة الساحر : لقد مر بنا فيما سبق حكم السحر وأنه حرام وقد ذكرت الأدلة على تحريمه من الكتاب والسنة ، بقي أن أذكر حكم توبة الساحر إذا تاب ، فتنقسم التوبة إلى قسمين : 1- توبة الظاهر : وهي التي يظهرها للناس ، ويعلن فيها توبته ، فهذه التوبة عند جمهور العلماء لا تقبل ولا بد من قتله ، قال القرطبي رحمه الله : ذهب مالك إلى أن المسلم إذا سحر بنفسه بكلام يكون كفراً يقتل ، ولا يستتاب ، ولا تقبل توبته ، لأنه أمر يستتر به كالزنديق ، والزاني ، ولأن الله تعالى سمى السحر كفراً بقوله تعالى : " وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر " وهذا القول هو قول : أحمد بن حنبل ، وأبي ثور ، وإسحاق ، وأبي حنيفة . قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى : السحر من أعظم ما يكون في الجناية على بني آدم ، فهو يفسد عليه دينه ودنياه ، ويقلقه فيصبح كالبهائم ، بل أسوأ من ذلك ، فالآدمي إذا صُرف عن طبيعته وفطرته لحقه من الضيق والقلق ما لا يعلمه إلا رب العباد ، ولهذا كان السحر يلي الشرك بالله عز وجل ، كما في حديث أبي هريرة المتفق على صحته . والحاصل : أنه يجب أن نقتل السحرة ، سواءً قلنا بكفرهم أم لم نقل ، لأنهم يُمرضون ، ويقتلون ، ويفرقون بين المرء وزوجه ، وكذلك بالعكس ، فقد يعطفون فيؤلفون بين الأعداء ، ويتوصلون إلى أغراضهم ، ولأنهم يسعون في الأرض فساداً ، فكان واجباً على ولي الأمر قتلهم بدون استتابة مادام أنه لدفع ضررهم وفظاعة أمرهم ، فإن الحد لا يستتاب صاحبه ، متى قبض عليه وجب أن ينفذ فيه الحد . والقول بقتلهم موافق للقواعد الشرعية ، لأن فسادهم من أعظم الفساد ، فقتلهم واجب على الإمام ، ولا يجوز للإمام أن يتخلف عن قتلهم ، لأن مثل هؤلاء إذا تركوا وشأنهم انتشر فسادهم في أرضهم وفي أرض غيرهم ، وإذا قتلوا سَلِمَ الناس من شرهم ، وارتدع الناس عن تعاطي السحر . [ القول المفيد 1 / 509 ] . وقال الشيخ صالح الفوزان : حكم الساحر وجوب قتله ، لأنه يفسد في الأرض ، كما قال تعالى : " ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين " فالساحر مفسد في الأرض يجب قتله ، وأيضاً هو كافر ، والكافر يجب قتله ، إن كان كافراً كفراً أصلياً وجب قتله بكفره وإفساده ، وإن كان مسلماً ثم استعمل السحر وجب قتله لردته ، وكفر الساحر مطلقاً هو مذهب الأئمة الثلاثة : أحمد ، ومالك ، وأبي حنيفة ، يرون كفر الساحر ، وقد سبقهم جمع من الصحابة ، ويقول الإمام الشافعي : نقول للساحر : صف لنا سحرك ، فإن وصفه بما يقتضي الكفر فهو كافر ، وإلا فلا . ولكن هذا المذهب مرجوح ، لأنه لا يمكن السحر إلا بالتعاون مع الشياطين ، والخضوع لهم ، وحينئذ يكون كافراً . وقد صح عن عمر بن الخطاب ، وحفصة أم المؤمنين ، وجندب بن كعب الأزدي الغامدي ، رضي الله عنهم وجوب قتل الساحر ولم يظهر لهم مخالف من الصحابة ، فدل ذلك على وجوب قتله لأنه مرتد ، والمرتد يجب قتله ، لقوله تعالى : " من بدل دينه فاقتلوه " ، والساحر لا يُستتاب ، بل يُقتل وإن تاب في الظاهر ، لأن التوبة لا تزيل السحر من قلبه بعدما تعلمه ، لأنه قد يُظهر التوبة وهو غير صادق ، بل من أجل أن يتقي الفساد . لكن إن كان صادقاً في توبته ، فهذا فيما بينه وبين الله ، أما الحد فلا يسقط عنه ، هذا حكمه في الدنيا . [ إعانة المستفيد 1 / 482- 488 ] . وقال أعضاء اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية : إذا أتى الساحر في سحره بمكفر قتل لردته حداً ، وإن ثبت أنه قتل بسحره نفساً معصومة قتل قصاصاً ، وإن لم يأت في سحره بمكفر ، ولم يقتل نفساً ففي قتله خلاف ، والصحيح أنه يقتل حداً لردته ، لقوله تعالى : " واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا " فهذا الآية دلت على أن الساحر كافر مطلقاً . فلا توبة له عند الناس ، لأنه ماكر مخادع مؤذ ، لا يؤمن شره وفساده ، فلذلك يجب قتله ولا توبة له في الدنيا ، لما ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، أنه كتب قبل موته بشهرين : [ اقتلوا كل ساحر وساحرة ] ( رواه أبو داود وهو صحيح ) ، ولما ورد عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم : [ أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها ] ( الموطأ 2/871 بإسناد صحيح ) . ولما ثبت في صحيح البخاري عن بجالة قال : " كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن اقتلوا كل ساحر وساحرة فقتلنا ثلاث سواحر " ، ولما ثبت عن جندب مرفوعاً قال : " حد الساحر ضربه بالسيف " ، وعلى هذا فحكم الساحر أنه يقتل على الصحيح من أقوال العلماء . 2- توبة الباطن : وهي التوبة بين الساحر وبين ربه تبارك وتعالى ، فالله جل وعلا يقبل التوبة ، ولا يحول بين الساحر وبين التوبة أحد ، فإن تاب وصحة توبته ، قبلت منه بإذن الله تعالى ، لعموم آيات وأحاديث قبول التوبة . أما جزاؤه في الدنيا فلا بد من قتله لما سبق ذكره من أقوال العلماء ، ولأنه لا يؤمن جانبه .
توبة الساحر : لقد مر بنا فيما سبق حكم السحر وأنه حرام وقد ذكرت الأدلة على تحريمه من الكتاب...
كيف تعرف المسحور

ليس من السهل الحكم على شخص ما بأنه مسحور لأن أعراض السحر قريبة جدا من أعراض العين ، وتتشابه مع أعراض المس بسبب وجود شيطان السحر في الغالب ، ولكن سوف أذكر أعراضاً هي في الغالب أقرب للسحر من غيرها من الأمراض الأخرى ، ومنها :



1) أعراض المس ( لوجود شيطان السحر) في غالبية أنواع السحر.

2) تغير مفاجئ في طباع المسحور من الحب إلى الكراهية ومن الصحة إلى المرض ومن العبادة إلى المعصية ومن الفرح والسرور إلى الحزن والضيق ومن الحلم إلى الغضب وإلى غير ذلك من أوامر السحر وتفلت الشياطين .

3) المسحور يكون في الغالب سريع الغضب والانفعال .

4) تزداد الحالة أو يتنقل المرض عند القراءة أو بعدها .

5) يشعر المسحور وكأنه مدفوعٌ بقول أو فعل بغير إرادته ، وغالباً ما يندم على ما فعل.

6) آلام في الأرحام .

7) آلام في أسفل الظهر .

8) يُرى في عيني المسحور بريقا زائداً وملحوظا وغالبا ما تجده لا يستطيع تركيز النظر في عين الراقي وقت الرقية ولكنة يميل بالنظر إلى أعلى وإلى أسفل .

9) رائحة كريهة تخرج من فم أو من جلدة الرأس أو من الأرحام أو من جسد المسحور عموماً ، وهذه الرائحة يشمها المريض وغيره ومهما اجتهد في غسل جسده بالشامبو والصابون فإن الرائحة تعود في نفس اليوم خصوصاً عندما يعرق جسده ، وهذا يحصل في بعض حالات السحر المأكول والمشروب وليس كل الحالات .



وهناك بعض الأعراض التي تحصل للمسحور وقت القراءة :



¨ البكاء عند آيات السحر .

¨ الاستسلام للنوم .

¨ يشعر المسحور بمثل الكرة الصغيرة ساكنة أو متحركة في المريء.

¨ غالبا لا يظهر الجني بسرعة كما هو عليه الحال في المس.

¨ قد تظهر تشنجات ولاسيما في الأطراف وعلى العينين.

¨ غثيان أو ألم في البطن.

¨ لا يستجيب للقراءة والعلاج بسرعة ( أيضا بعض حالات العين لا تستجيب للعلاج بسرعة ).

¨ وقت الرقية ينظر إلى الراقي بسخرية وربما ضحك المصاب دون إرادة منه .

- إذا كان السحر المأكول أو المشروب جديداً فإنه غالباً ما يشتكي المسحور من آلام في البطن .

- الشعور بألم دائم في المعدة مع غثيان وتقيؤ مستمر في بداية الحالة ( ليس في كل الحالات ).

- غثيان ( يزداد وقت الرقية ) ما لم يكن السحر قديماً أو منتشرا في أنحاء الجسم.

- كثرة الغازات في البطن .

- يشعر بقعقعة في البطن وقت الرقية.

- يشعر بمثل الكرة في المريء والبلعوم خصوصا وقت القراءة.

- يشعر بحرارة في جوفه بل في بدنه عامة خصوصاً وقت الرقية.

- خروج رائحة كريهة من المعدة ( عن طريق الفم ) تزداد وقت الرقية .

- يشعر بألم وتقطيع في بطنه وقت الرقية .

- عدم الرغبة في الأكل ( ليس في كل الحالات ).

- الإمساك المزمن ( في بعض الحالات ) .

- الألم الشديدة فترة الدورة ( عند النساء ) .

- ضعف الرؤية ( البصر ) ، وربما ترى في عينيه بريقاً غامض يتدفق كأنه إشعاع مغناطيسي .

- قد يرى أمام عينيه شعراً أو حبالاً معقدة أو ملفوفة ولو كان مغمض العينين ، هذا غالبا ما يكون في السحر المأكول والمشروب .

- المسحور بهذا النوع من السحر ينزعج عندما يلمسه أحد خصوصا في المواضع التي يكثر فيه السحر في جسده .

- ومن علامات السحر المأكول والمشروب الشعور بالضيق عند التنفس ، ويسمع له أحيانا فحيح عند الشهيق والزفير وهو أشبه ما يكون بالشخص المصاب بالربو .

- ومن علامات السحر المأكول والمشروب سواد الوجـه خصوصاً وقت الرقية فإذا ما استفرغ السحر أشرق لونه واستنار وجهه.

- يشتكي المسحور بالمأكول والمشروب بآلام في أسفل الظـهر في منطقة العجز والعصعص ولعل ذلك بسبب وجود السحر في المستقيم ( القولون ).

- في حالة السحر المأكول أو المشروب ، عند انتفاخ اليد أو الرجل أو ظهور البقع الزرقاء ووجود الألم فيها ، فيه إشارة على هيجان السحر في ذلك العضو.

- وقت الرقية يرى المريض فجأة في مخيلته بريقاً مفاجئاً أشبه ما يكون بمجموعة نجوم متلألئة ، وهذا يعني أن سحرا في مخيلته قد أحرقه الله وهو الغالب على الظن، أو شيطاناً تحرك بصورة سريعة في عصب عينيه .

- كثرة التمخط من الأنف والبصاق من الفم وقت الرقية فيه دليل على وجود السحر في مقدمة الرأس ( الدماغ ) والجيوب الأنفية .

- تجد أحياناً بعض من به سحر مأكول أو مشروب يكثر من فرك فروة رأسه أو يمسح مسحا خفيفا على جوانب رأسه ، وفيه ذلك دليل على وصول عقد السحر إلى الرأس.

- يذكر أكثر من شخص ممن يعانون من سحر في بطونهم أنهم يشعرون بمثل الكرة تنفجر في بطونهم وقت القراءة وبعدها يخرج السحر .

- من علامات السحر المأكول الخمول والثقل في البدن خصوصاً على الأكتاف والخفة بعد الاستفراغ .

- الموضع الذي يشعر به المسحور بألم غالبا ما يكون مكان عقد السحر في الجسد.

لا يسلم بهذه الأعراض ولكنها تحصل مع بعض من بهم سحر مأكول أو مشروب.
الشامخة الخالدي
توبة الساحر : لقد مر بنا فيما سبق حكم السحر وأنه حرام وقد ذكرت الأدلة على تحريمه من الكتاب والسنة ، بقي أن أذكر حكم توبة الساحر إذا تاب ، فتنقسم التوبة إلى قسمين : 1- توبة الظاهر : وهي التي يظهرها للناس ، ويعلن فيها توبته ، فهذه التوبة عند جمهور العلماء لا تقبل ولا بد من قتله ، قال القرطبي رحمه الله : ذهب مالك إلى أن المسلم إذا سحر بنفسه بكلام يكون كفراً يقتل ، ولا يستتاب ، ولا تقبل توبته ، لأنه أمر يستتر به كالزنديق ، والزاني ، ولأن الله تعالى سمى السحر كفراً بقوله تعالى : " وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر " وهذا القول هو قول : أحمد بن حنبل ، وأبي ثور ، وإسحاق ، وأبي حنيفة . قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى : السحر من أعظم ما يكون في الجناية على بني آدم ، فهو يفسد عليه دينه ودنياه ، ويقلقه فيصبح كالبهائم ، بل أسوأ من ذلك ، فالآدمي إذا صُرف عن طبيعته وفطرته لحقه من الضيق والقلق ما لا يعلمه إلا رب العباد ، ولهذا كان السحر يلي الشرك بالله عز وجل ، كما في حديث أبي هريرة المتفق على صحته . والحاصل : أنه يجب أن نقتل السحرة ، سواءً قلنا بكفرهم أم لم نقل ، لأنهم يُمرضون ، ويقتلون ، ويفرقون بين المرء وزوجه ، وكذلك بالعكس ، فقد يعطفون فيؤلفون بين الأعداء ، ويتوصلون إلى أغراضهم ، ولأنهم يسعون في الأرض فساداً ، فكان واجباً على ولي الأمر قتلهم بدون استتابة مادام أنه لدفع ضررهم وفظاعة أمرهم ، فإن الحد لا يستتاب صاحبه ، متى قبض عليه وجب أن ينفذ فيه الحد . والقول بقتلهم موافق للقواعد الشرعية ، لأن فسادهم من أعظم الفساد ، فقتلهم واجب على الإمام ، ولا يجوز للإمام أن يتخلف عن قتلهم ، لأن مثل هؤلاء إذا تركوا وشأنهم انتشر فسادهم في أرضهم وفي أرض غيرهم ، وإذا قتلوا سَلِمَ الناس من شرهم ، وارتدع الناس عن تعاطي السحر . [ القول المفيد 1 / 509 ] . وقال الشيخ صالح الفوزان : حكم الساحر وجوب قتله ، لأنه يفسد في الأرض ، كما قال تعالى : " ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين " فالساحر مفسد في الأرض يجب قتله ، وأيضاً هو كافر ، والكافر يجب قتله ، إن كان كافراً كفراً أصلياً وجب قتله بكفره وإفساده ، وإن كان مسلماً ثم استعمل السحر وجب قتله لردته ، وكفر الساحر مطلقاً هو مذهب الأئمة الثلاثة : أحمد ، ومالك ، وأبي حنيفة ، يرون كفر الساحر ، وقد سبقهم جمع من الصحابة ، ويقول الإمام الشافعي : نقول للساحر : صف لنا سحرك ، فإن وصفه بما يقتضي الكفر فهو كافر ، وإلا فلا . ولكن هذا المذهب مرجوح ، لأنه لا يمكن السحر إلا بالتعاون مع الشياطين ، والخضوع لهم ، وحينئذ يكون كافراً . وقد صح عن عمر بن الخطاب ، وحفصة أم المؤمنين ، وجندب بن كعب الأزدي الغامدي ، رضي الله عنهم وجوب قتل الساحر ولم يظهر لهم مخالف من الصحابة ، فدل ذلك على وجوب قتله لأنه مرتد ، والمرتد يجب قتله ، لقوله تعالى : " من بدل دينه فاقتلوه " ، والساحر لا يُستتاب ، بل يُقتل وإن تاب في الظاهر ، لأن التوبة لا تزيل السحر من قلبه بعدما تعلمه ، لأنه قد يُظهر التوبة وهو غير صادق ، بل من أجل أن يتقي الفساد . لكن إن كان صادقاً في توبته ، فهذا فيما بينه وبين الله ، أما الحد فلا يسقط عنه ، هذا حكمه في الدنيا . [ إعانة المستفيد 1 / 482- 488 ] . وقال أعضاء اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية : إذا أتى الساحر في سحره بمكفر قتل لردته حداً ، وإن ثبت أنه قتل بسحره نفساً معصومة قتل قصاصاً ، وإن لم يأت في سحره بمكفر ، ولم يقتل نفساً ففي قتله خلاف ، والصحيح أنه يقتل حداً لردته ، لقوله تعالى : " واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا " فهذا الآية دلت على أن الساحر كافر مطلقاً . فلا توبة له عند الناس ، لأنه ماكر مخادع مؤذ ، لا يؤمن شره وفساده ، فلذلك يجب قتله ولا توبة له في الدنيا ، لما ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، أنه كتب قبل موته بشهرين : [ اقتلوا كل ساحر وساحرة ] ( رواه أبو داود وهو صحيح ) ، ولما ورد عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم : [ أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها ] ( الموطأ 2/871 بإسناد صحيح ) . ولما ثبت في صحيح البخاري عن بجالة قال : " كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن اقتلوا كل ساحر وساحرة فقتلنا ثلاث سواحر " ، ولما ثبت عن جندب مرفوعاً قال : " حد الساحر ضربه بالسيف " ، وعلى هذا فحكم الساحر أنه يقتل على الصحيح من أقوال العلماء . 2- توبة الباطن : وهي التوبة بين الساحر وبين ربه تبارك وتعالى ، فالله جل وعلا يقبل التوبة ، ولا يحول بين الساحر وبين التوبة أحد ، فإن تاب وصحة توبته ، قبلت منه بإذن الله تعالى ، لعموم آيات وأحاديث قبول التوبة . أما جزاؤه في الدنيا فلا بد من قتله لما سبق ذكره من أقوال العلماء ، ولأنه لا يؤمن جانبه .
توبة الساحر : لقد مر بنا فيما سبق حكم السحر وأنه حرام وقد ذكرت الأدلة على تحريمه من الكتاب...
حل ( أو فك ) السحر :



إذا تبين لنا أن الساحر كافر ، ومدع علم الغيب ، ويتعامل مع الجن ، ولا يتأتى له ذلك حتى يكفر بالله تعالى ، فعلاج السحر ينقسم إلى قسمين :



1- حله بسحر مثله :



ومعنى حل السحر بالسحر : أي فك السحر وعلاجه عن طريق السحرة ، وهذا أمر محرم ، لمناقضته للكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة ، فيحرم فك السحر بسحر مثله .

لأن حل السحر بسحر مثله ، فيه إعانة للساحر على الباطل ، وتماد في غيه ، وفيه تعاون على الإثم والعدوان ، وفيه رضاً بعمل الساحر الذي هو من الكفر والعياذ بالله ، وفيه تقرب للشيطان بأنواع القرب ليبطل عمل السحر ، وهذا من الكفر بالله تعالى ، فلا يتوكل الإنسان إلا على الله تعالى ، لأنه هو النافع الضار ، وهو الذي بيده دفع الضرر عن المريض ، ولهذا قال الحسن رحمه الله : " لا يحل السحر إلا ساحر " ، يعني أن من فك السحر بسحر مثله كالطلاسم والكلام الغير مفهوم فهو ساحر مشرك بالله تعالى ، ما لم يكن ذلك من الكتاب والسنة ، فإن كان منهما فهو جائز ، وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن النشرة ، فقال : " هي من عمل الشيطان "



2- حله بالرقية الشرعية :



من الكتاب والسنة بشروطها الثلاثة المعروفة ، وهذا معلوم بالضرورة فقد رقى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم بالمعوذتين ، وكذلك رقى النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه ،فالرقية بالكتاب والسنة أمر مشروع لبركة الكتابين .


بيان أمور يفعلها العامة هي من الشرك :


هناك بعض الأمور التي يعتقدها كثير من الناس جهلاً منهم بأنه تنفع أو تضر ، وهي من الشرك ، والشرك فيها يختلف ، فمنها ما هو شرك أكبر مخرج من الإسلام ، ومنها ما هو شرك أصغر ، ويجب على المسلم أن يعرف تلك الأمور كي يأخذ الحذر والحيطة من أن يقع فيها ، وهذه الاستخدامات لا يستخدمها إلا أهل الشعوذة والدجل ، لجلب أنظار الناس إليهم ، ومن تلك الوسائل :



التولة :
ما يؤلف به بين المرء وزوجته .



الطيرة :
وهي التشاؤم من شيء معين معلوم ، كمن يتشاءم من يوم معين ، أو شهر معين ، أو فصل من السنة ، وقد يكون التشاؤم بالطير ، أو بالزمان ، أو بالمكان ، أو بالأشخاص . والواجب على المسلم أن يعلم أن كل ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطئه لم يكن ليصيبه ، بل كل ذلك بقدر الله تعالى ، ومن تشاءم من شيء فرده تشاؤمه عن مقصده وغايته ، فقد أشرك ، قال صلى الله عليه وسلم : " من ردته الطيرة عن حاجته ، فقد أشرك ، قالوا : فما كفارة ذلك ؟ قال : " أن تقولوا : اللهم لا خير إلا خيرك ، ولا طير إلا طيرك ، ولا إله غيرك " ،

وأرشد النبي صلى الله عليه وسلم دواءً للطيرة ، فعن عقبة ابن عامر قال ذُكرت الطيرة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أحسنها الفأل ـ الكلمة الطيبة ـ ولا ترد مسلماً ، فإذا رأى أحدكم ما يكره ، فليقل : اللهم لا يأتي بالحسنات إلا أنت ، ولا يدفع السيئات إلا أنت ، ولا حول ولا قوة إلا بك " .



العيافة :
زجر الطير للتشاؤم أو التفاؤل ، والزجر أنواع : فقد يكون للصيد فهذا جائز ، وقد يكون للتشاؤم فهذا محرم ، يعني إذا رأى طيراً وكان قد نوى سفراً ، فإن يرمي الطير ليطير ، فإذا طار تبعه ببصره ، فإن ذهب يميناً تفاءل ومضى في سفره ، وإذا ذهب شمالاً تراجع عما أراده .
الطرق : وهو خط يخطونه في الأرض ، ويدعون كذباً أنه يحصل على كذا وكذا أو ما شابه ذلك ، وأكثر ما يفعل هذا الأمر النساء ، وهو نوع من السحر .



الودعة :
شيء أبيض يجلب من البحر ، يعلق في حلوق الصبيان وغيرهم ، ويعتقدون أنها تدفع العين .



الحلقة :
كثيراً ما تستخدم من أجل العلاج من العين .



الخيط :
ويعلقونه على المحموم ـ يعني المصاب بلدغة عقرب أو حية ـ ويعقدون فيه عقداً بحسب اصطلاحاتهم ، وأكثرهم يقرأ عليه سورة الشرح ، ويعقد عند كل حرف كاف عقدة ، فيجتمع في الخيط تسع عقد بعدد الكافات ، ثم يربطون به يد المحموم أو عنقه .



الناب :
وهو أخذ ناب الضبع وتعليقه بحجة أنه ينفع في العلاج من العين .



العين :
استخدام عين الذئب بتعليقها في رقبة المريض ، ويزعمون أن الجن تفر منها ، ويقولون : إذا وقع بصر الذئب على جني فإنه لا يستطيع أن يفر منه حتى يأخذه . ولذلك فهم يعلقونها في رقبة المريض ، أو من مات حتى لا تقربه الجن . وهذا توكل على غير الله تعالى ، وهذا شرك مخرج من دائرة الإسلام .



النشرة :
قال في النهاية النشرة بالضم ضرب من الرقية والعلاج يعالج به من كان يظن أن به مسا من الجن سميت نشرة لأنه ينشر بها عنه ما خامره من الداء أي يكشف ويزال ، وقال الحسن النشرة من السحر . وسميت نشرة لانتشار الداء وانكشاف البلاء به هو من عمل الشيطان أي من النوع الذي كان أهل الجاهلية يعالجون به ويعتقدون فيه وأما ما كان من الآيات القرآنية والأسماء والصفات الربانية والدعوات المأثورة النبوية فلا بأس به .



التميمة :
هي خرزات كانت العرب تعلقها على أولادهم يتقون بها العين في زعمهم فأبطلها الإسلام ، وفي الحديث التمائم والرقي من الشرك وفي حديث آخر من علق تميمة فلا أتم الله له ، كأنهم كانوا يعتقدون أنها تمام الدواء والشفاء وإنما جعلها شركا لأنهم أرادوا بها دفع المقادير المكتوبة عليهم وطلبوا دفع الأذى من غير الله الذي هو دافعه .

قال السندي : المراد تمائم الجاهلية مثل الخرزات وعظامها وأما ما يكون بالقرآن والأسماء الإلهية فهو خارج عن هذا الحكم بل هو جائز .

وقال القاضي أبو بكر العربي في شرح الترمذي تعليق القرآن ليس من طريق السنة وإنما السنة فيه الذكر دون التعليق . .

وفي كل تلك الأمور تعلق بغير الله تعالى ، وهذا من الشرك سواءً الشرك الأكبر ، أم الشرك الأصغر ، وهنا لا بد من أن يفهم المسلم أقسام التعلق بغير الله :



1- الأول : ما ينافي أصل التوحيد :



وهو أن يتعلق بشيء لا يمكن أن يكون له تأثير ، ويعتمد عليه اعتماداً معرضاً عن الله . مثل تعلق أهل القبور بمن فيها من الأموات ، عند حلول المصائب والمحن ، وعند وجود المشاكل ، ولهذا يلجاؤون لغير الله لتفريج كربهم ، وتنفيسها ، وهذا شرك أكبر ، من فعله واعتقده فقد خرج من دائرة الإسلام ، وفارق جماعة المسلمين والعياذ بالله .



2- الثاني : ما ينافي كمال التوحيد :



وهو أن يعتمد على سبب شرعي صحيح مع الغفلة عن المسبب وهو الله عز وجل ، وعدم صرف قلبه إليه ، فهذا نوع من الشرك ، ولكنه ليس شركاً أكبر ، بل أقل منها ، لأن ما تعلق به سبب صحيح ، لكنه غفل عن المسبب .



3- ما لا ينافي التوحيد إطلاقاً :



وذلك بأن يتعلق بالسبب تعلقاً مجرداً ، لكونه سبباً فقط ، مع اعتماده أصلاً على المسبب وهو الله عز وجل ، ويعتقد أن الله تعالى هو النافع الضار ، ولكنه اتخذ الأسباب التي لا تنافي التوحيد ، لا أصلاً ولا كمالاً ، فهذا النوع جائز .

عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر ومن سحر فقد أشرك ومن تعلق شيئا وكل إليه " ،

وعن بن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من اقتبس علماً من النجوم اقتبس شعبة من سحر ، زاد ما زاد " ، قال أبو سليمان الخطابي : المنهي عنه من الرقى ما كان بغير لسان العرب فلا يدرى ما هو ولعله قد يدخله سحر أو كفر ، فأما إذا كان مفهوم المعنى وكان فيه ذكر الله تعالى فإنه مستحب متبرك به والله أعلم ،

وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه دخل على امرأته وفي عنقها شيء معقود فجذبه فقطعه ثم قال : لقد أصبح آل عبد الله أغنياء عن أن يشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا ، ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن الرقى والتمائم والتولة شرك " قالوا يا أبا عبد الرحمن : هذه الرقى والتمائم قد عرفناهما ، فما التولة ؟ قال : شيء تصنعه النساء يتحببن إلى أزواجهن به " التولة بكسر الشاة فوق وبفتح الواو شيء شبيه بالسحر أو من أنواعه تفعله المرأة إلى زوجها . .
المــاســـه
المــاســـه
جزاك الله خيرا
الشامخة الخالدي
توبة الساحر : لقد مر بنا فيما سبق حكم السحر وأنه حرام وقد ذكرت الأدلة على تحريمه من الكتاب والسنة ، بقي أن أذكر حكم توبة الساحر إذا تاب ، فتنقسم التوبة إلى قسمين : 1- توبة الظاهر : وهي التي يظهرها للناس ، ويعلن فيها توبته ، فهذه التوبة عند جمهور العلماء لا تقبل ولا بد من قتله ، قال القرطبي رحمه الله : ذهب مالك إلى أن المسلم إذا سحر بنفسه بكلام يكون كفراً يقتل ، ولا يستتاب ، ولا تقبل توبته ، لأنه أمر يستتر به كالزنديق ، والزاني ، ولأن الله تعالى سمى السحر كفراً بقوله تعالى : " وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر " وهذا القول هو قول : أحمد بن حنبل ، وأبي ثور ، وإسحاق ، وأبي حنيفة . قال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى : السحر من أعظم ما يكون في الجناية على بني آدم ، فهو يفسد عليه دينه ودنياه ، ويقلقه فيصبح كالبهائم ، بل أسوأ من ذلك ، فالآدمي إذا صُرف عن طبيعته وفطرته لحقه من الضيق والقلق ما لا يعلمه إلا رب العباد ، ولهذا كان السحر يلي الشرك بالله عز وجل ، كما في حديث أبي هريرة المتفق على صحته . والحاصل : أنه يجب أن نقتل السحرة ، سواءً قلنا بكفرهم أم لم نقل ، لأنهم يُمرضون ، ويقتلون ، ويفرقون بين المرء وزوجه ، وكذلك بالعكس ، فقد يعطفون فيؤلفون بين الأعداء ، ويتوصلون إلى أغراضهم ، ولأنهم يسعون في الأرض فساداً ، فكان واجباً على ولي الأمر قتلهم بدون استتابة مادام أنه لدفع ضررهم وفظاعة أمرهم ، فإن الحد لا يستتاب صاحبه ، متى قبض عليه وجب أن ينفذ فيه الحد . والقول بقتلهم موافق للقواعد الشرعية ، لأن فسادهم من أعظم الفساد ، فقتلهم واجب على الإمام ، ولا يجوز للإمام أن يتخلف عن قتلهم ، لأن مثل هؤلاء إذا تركوا وشأنهم انتشر فسادهم في أرضهم وفي أرض غيرهم ، وإذا قتلوا سَلِمَ الناس من شرهم ، وارتدع الناس عن تعاطي السحر . [ القول المفيد 1 / 509 ] . وقال الشيخ صالح الفوزان : حكم الساحر وجوب قتله ، لأنه يفسد في الأرض ، كما قال تعالى : " ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين " فالساحر مفسد في الأرض يجب قتله ، وأيضاً هو كافر ، والكافر يجب قتله ، إن كان كافراً كفراً أصلياً وجب قتله بكفره وإفساده ، وإن كان مسلماً ثم استعمل السحر وجب قتله لردته ، وكفر الساحر مطلقاً هو مذهب الأئمة الثلاثة : أحمد ، ومالك ، وأبي حنيفة ، يرون كفر الساحر ، وقد سبقهم جمع من الصحابة ، ويقول الإمام الشافعي : نقول للساحر : صف لنا سحرك ، فإن وصفه بما يقتضي الكفر فهو كافر ، وإلا فلا . ولكن هذا المذهب مرجوح ، لأنه لا يمكن السحر إلا بالتعاون مع الشياطين ، والخضوع لهم ، وحينئذ يكون كافراً . وقد صح عن عمر بن الخطاب ، وحفصة أم المؤمنين ، وجندب بن كعب الأزدي الغامدي ، رضي الله عنهم وجوب قتل الساحر ولم يظهر لهم مخالف من الصحابة ، فدل ذلك على وجوب قتله لأنه مرتد ، والمرتد يجب قتله ، لقوله تعالى : " من بدل دينه فاقتلوه " ، والساحر لا يُستتاب ، بل يُقتل وإن تاب في الظاهر ، لأن التوبة لا تزيل السحر من قلبه بعدما تعلمه ، لأنه قد يُظهر التوبة وهو غير صادق ، بل من أجل أن يتقي الفساد . لكن إن كان صادقاً في توبته ، فهذا فيما بينه وبين الله ، أما الحد فلا يسقط عنه ، هذا حكمه في الدنيا . [ إعانة المستفيد 1 / 482- 488 ] . وقال أعضاء اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية : إذا أتى الساحر في سحره بمكفر قتل لردته حداً ، وإن ثبت أنه قتل بسحره نفساً معصومة قتل قصاصاً ، وإن لم يأت في سحره بمكفر ، ولم يقتل نفساً ففي قتله خلاف ، والصحيح أنه يقتل حداً لردته ، لقوله تعالى : " واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا " فهذا الآية دلت على أن الساحر كافر مطلقاً . فلا توبة له عند الناس ، لأنه ماكر مخادع مؤذ ، لا يؤمن شره وفساده ، فلذلك يجب قتله ولا توبة له في الدنيا ، لما ثبت عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، أنه كتب قبل موته بشهرين : [ اقتلوا كل ساحر وساحرة ] ( رواه أبو داود وهو صحيح ) ، ولما ورد عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم : [ أنها أمرت بقتل جارية لها سحرتها ] ( الموطأ 2/871 بإسناد صحيح ) . ولما ثبت في صحيح البخاري عن بجالة قال : " كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن اقتلوا كل ساحر وساحرة فقتلنا ثلاث سواحر " ، ولما ثبت عن جندب مرفوعاً قال : " حد الساحر ضربه بالسيف " ، وعلى هذا فحكم الساحر أنه يقتل على الصحيح من أقوال العلماء . 2- توبة الباطن : وهي التوبة بين الساحر وبين ربه تبارك وتعالى ، فالله جل وعلا يقبل التوبة ، ولا يحول بين الساحر وبين التوبة أحد ، فإن تاب وصحة توبته ، قبلت منه بإذن الله تعالى ، لعموم آيات وأحاديث قبول التوبة . أما جزاؤه في الدنيا فلا بد من قتله لما سبق ذكره من أقوال العلماء ، ولأنه لا يؤمن جانبه .
توبة الساحر : لقد مر بنا فيما سبق حكم السحر وأنه حرام وقد ذكرت الأدلة على تحريمه من الكتاب...
استمراء البـلاء
يبتلى بعض المرضى بالمس بسبب أو لآخر فتجد المريض يجهد نفسه فوق طاقتها في بداية الحالة بكثرة الذهاب للرقاة من أجل أن يضيق على الشيطان المتسلط على جسده ، ثم سرعان ما يمل ويستسلم للأمر الواقع ، وفي نفس الوقت تجده ضعيف الإيمان قليل الذكر لله سبحانه وتعالى ، وتجد الشيطان متسلط عليه نفسيا وبدنيا ، وما ذلك إلا بسبب استمراءه للبلاء وتعظيم الشياطين في نفسه ، وذلك أنه ما يصيبه من هم ولا غم ولا نصب ولا حزن إلا قال هذا بسبب الشيطان ، يسهر الليل يقول الشيطان حال بيني وبين النوم، يمتنع عن الطعام يقول بسبب الشيطان ، لا يذهب للعمل ولا للمدرسة ولا يجتمع بالناس ولا يصلى مع المسلمين في المساجد ويزعم أن ذلك كله بسبب الشيطان ، هذا هو حال بعض المرضى حقيقة، وإن استسلامهم لهذا الواقع المر أعظم من الشيطان نفسه ، ومثل هؤلاء المرضى لا ينتفعون من الرقية كثيراً لأنه وقع في قرارة أنفسهم أن الشيطان أعظم من أن يقهر وأقوى من أن تؤثر فيه الرقية، وإنه من المعلوم أن الشيطان يعظم سلطانه إذا ما عُظم من شأنه ويضعف كيده إذا ما حُقر شأنه روى أبي داود عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ رَجُلٍ قَالَ كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَعَثَرَتْ دَابَّةٌ فَقُلْتُ تَعِسَ الشَّيْطَانُ فَقَالَ لا تَقلْ تَعِسَ الشَّيْطَانُ فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ تَعَاظَمَ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الْبَيْتِ وَيَقُولُ بِقُوَّتِي وَلَكِنْ قُلْ بِسْمِ اللَّهِ فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ تَصَاغَرَ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الذُّبَابِ . وفي رواية عند أحمد في المسند عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ عَمَّنْ كَانَ رَدِيفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ كُنْتُ رَدِيفَهُ عَلَى حِمَارٍ فَعَثَرَ الْحِمَارُ فَقُلْتُ تَعِسَ الشَّيْطَانُ فَقَالَ لِيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لا تَقلْ تَعِسَ الشَّيْطَانُ فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ تَعِسَ الشَّيْطَانُ تَعَاظَمَ الشَّيْطَانُ فِي نَفْسِهِ وَقَالَ صَرَعْتُهُ بِقُوَّتِي فَإِذَا قُلْتَ بِسْمِ اللَّهِ تَصَاغَرَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ حَتَّى يَكُونَ أَصْغَرَ مِنْ ذُبَابٍ .



فإذا ما أوجد الإنسان في نفسه أن للشيطان قوة وسلطاناً عليه فإن الشيطان يعظم كيده فينفذ إلى قلبه من باب الخوف والوسوسة والضيق والنفور بل والحضور الكلي وقد يسلبه الإرادة فيلعب به كما يلعب الصبيان بالكرة ، فإذا ما اجتمع المس والتقبل النفسي لتفلت الشيطان فإن البلاء يشتد ويعظم الخطب ويشقى المريض لأنه سوف يكون في دوامة لن يخرج منها أبد ، فينبغي عليه أن يقف مع نفسه وقفة تأمل ولعله يسأل نفسه هذا السؤال ، إذا كان الشيطان قويا لماذا لم يمنعني من الذهاب للرقية !؟ ، والذي ينبغي أن يعلم أنه ليس للشيطان سلطان على أصحاب الإيمان الصادق المتوكلون على الله حق التوكل ولو كان الشيطان مقترنا بهم بسحر أو عين إلا بما يأذن الله به ، فالله سبحانه وتعالى يقول:} إِنّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَىَ بِرَبّكَ وَكِيلاً { ، وإنه لأحقر من أن يُعظم ، وقد أخبرنا الله عنه بقوله سبحانه وتعالى : } الّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطّاغُوتِ فَقَاتِلُوَاْ أَوْلِيَاءَ الشّيْطَانِ إِنّ كَيْدَ الشّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفا{، وبقوله تعالى :} إِنّمَا ذَلِكُمُ الشّيْطَانُ يُخَوّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُمْ مّؤْمِنِينَ{.



فينبغي على المسلم أن يتقي الله ولا يخاف إلا الله ولا ينسب كل ما يصيبه إلى الشيطان وإن كان للشيطان نصيب في ذلك ، بل ينبغي عليه أن يُحَقر الشيطان في نفسه وليجاهده بمخالفته ثم بالمحافظة على أذكار الصباح والمساء والرقية والدعاء وتقوى الله سبحانه وتعالى في السر والعلن ، وليصبر وليحتسب الأجر عند الله ، فالله سبحانه وتعالى يقول: } إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتّقُواْ لاَ يَضُرّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ{ . وعليه أن يشغل نفسه ما استطاع بما ينفعه في أمور دينه ودنياه وذلك بمخالطة الصالحين وكثرة الجلوس في حلق الذكر والتفقه في الدين ، حتى يأذن الله بالفرج من عنده.



يقول ابن القيم : وإياك أن تمكن الشيطان من بيت أفكارك وإراداتك فإنه يفسدها عليك فساداً يصعب تداركه ويلقي إليك أنواع الوساوس والأفكار المضرة، ويحول بينك وبين الفكر فيما ينفعك ، وأنت الذي أعنته على نفسك بتمكينه من قلبك وخواطرك فملكها عليك
الفجر20
الفجر20
جزاك الله كل خير
وحسبي الله ونعم الوكيل .... ذكرتيني بوحدة مسكينة كبيرة يعني جدة المهم تصوري فرقوا بينها وبين زوجها صار يكرها فجأة ولايجلس معها ولايدخل البيت الي هي فيه
حسبي الله ونعم الوكيل حرام عليهم