منح محبة قلبه لزوجته فتبرعت له بكليتها لتنقذه

الملتقى العام




لم تفلح معارضة الأهل ولا نصائح الصديقات والمعارف، ولا حتى معارضة الزوج نفسه بثني مواطنة إماراتية عن تقديم كليتها لزوجها المريض الذي عانى من الفشل الكلوي، عرفاناً ووفاء منها لمحبته وعطفه ومعاملته الحسنة لها طوال سنوات زواجهما .

وتعود قصة معاناة محمد العمادي من شرطة دبي ذي ال 39 عاماً، وزوجته منال وعمرها 37 عاماً، إلى عشرة أعوام، عندما أصيبت كليتاه بقصور ومشاكل طبية عديدة، لم تفلح معها رحلة أربع سنوات من العلاج وغسيل الكلى، فانتهى به المطاف يومها بزراعة كلية في الفلبين من أحد المتبرعين عام ،2005 إلا أن المرض عاوده نتيجة فيروس ناجم عن دواء خاطئ، لتعود معاناة “محمد” وأسرته مع الفشل الكلوي من جديد .

يروي محمد ل”الخليج” قائلاً: مررنا بأيام سوداء للغاية، سرعان ما بدأت صحتي بالتدهور نتيجة الفيروس، وزاد عدد مرات الغسيل الكلوي، ولم يعد جسمي قادراً على طرح البول نتيجة لذلك، كانت معاناة لا يعلمها إلا الله وزوجتي أم عبدالرحمن التي قاست كثيرا على الصعيد النفسي والجسدي، حيث كانت تقلني إلى المستشفى أثناء الغسيل الكلوي وبعد رجوعها إلى المنزل تدير أعمال البيت وتعمل على تدريس أبنائنا الأربعة وهم بمختلف مراحل العمرية الدراسية، إضافة إلى اهتمامها بطفلنا الأصغر الذي كان يحتاج رعاية خاصة بحكم عمره الذي لم يكن يتعدى تسعة أشهر، وكان الحل الطبي الوحيد زراعة كلية من جديد، لكن المشكلة الأساسية التي واجهتني كانت بالتضييق العالمي على عمليات زراعة الكلى وحصر التبرع بالأقرباء من الدرجة الأولى، بناء على توصيات منظمة الصحة العالمية للحد من الاتجار بالأعضاء البشرية .

وتتابع زوجته: كان قلبي يتمزق طوال تلك الفترة ألماً لمرارة ما يعانيه زوجي الذي بادلني طوال أكثر من 14 سنة من الزواج الوفاء والمحبة والإخلاص والمعاملة الحسنة والكريمة، كما كان يسيطر علي شعور الخشية على أطفالي الخمسة إذا حل بأبيهم أي مكروه، وعند تدهور حالته الصحية وعدم تجاوبه مع العلاج بالشكل الأمثل لم أتردد للحظة واحدة باتخاذ قراري بمنحه كليتي، فقد سبق لي أن خسرت أبي وأمي ولا أريد أن أخسر زوجي الذي أحب .

كان من الطبيعي أنه أول من أخبرته عن قراري، ولم أستغرب رفضه، لأنني أعلم مسبقاً حرصه وخوفه علي، ولكنني واجهته بإصراري القاطع، وهو نفس الإصرار الذي واجهت به أهلي وصديقاتي ومعارفي ممن عارضوا قراري، ونصحوني مراراً بالعدول عنه أو التريث لأدرس بشكل عقلاني عواقبه ومدى خطورته ومخاطرته على صحتي وعائلتي، المكالمات الهاتفية لم تنقطع عن منزلي خلال تلك الفترة، البعض كان يخوفني ويحذرني من الصدمة التي قد تنتابني عندما يتنكر زوجي لصنيعي معه عندما يشفى، وأنه قد يتزوج أخرى عندما يراني بكلية واحدة، وكنت بطبيعة الأحوال أصم أذنيّ عن هذه النصائح، لأنني أدرك أنه وحده الله تعالى يعلم أني لا أنتظر من زوجي رد الجميل، بل أفعل ما أفعله رداً لجميله معي ومحبته لي .

قلة فقط وقفوا إلى جانبنا، وكان لتشجيعهم وتفهمهم أثر كبير بقدرتنا في تنفيذ القرار وتخطي تلك المرحلة .

بابتسامة ممتنة يقاطعها زوجها: أنا أيضاً كنت واقعاً تحت ضغط نفسي كبير، ففي حال تعرض صحة أم عبد الرحمن لأي مضاعفات بسبب العملية الجراحية سأكون المتسبب أمام نفسي والآخرين، ولن أسامح نفسي بأي شكل من الأشكال وقتها، كما كنت أفكر بأولادنا الذين لم أرغب أن يفقدوا حنان أمهم التي يجب أن تكون بجانبهم في حال فقدوا أباهم، وأمام إصرارها وإيماننا بقضاء الله وقدره، توكلت على الله وقبلت الفكرة، فيما كان أمل في داخلي ودعاء في قلبي لله تعالى بأن لا تكون أنسجتها مطابقة لأنسجتي، وأن يتعذر إجراء العملية، في الوقت الذي كانت فيه هي الأخرى تتضرع لله بأن تتطابق الأنسجة ويتم التبرع .

وبعد خمسة أشهر من التحاليل والتحضير الطبي المضني والمرهق في ألمانيا والذي عانى خلاله محمد من غسيل الكلى يومياً لمدة عشر ساعات على مدى ثلاثة أشهر متواصلة، تمت عملية التبرع بالكلية للزوجين الشابين بنجاح تام .

وتذكر منال اللحظة الأولى التي سمحوا لها فيها برؤية زوجها في اليوم التالي للعملية بالكثير من التأثر بالسعادة: أخذني أخي الذي كان معنا في ألمانيا إلى غرفة زوجي على الكرسي المتحرك، وعادت السعادة إلى قلبي عندما رأيته بصحة جيدة، وزادت سعادتنا عندما انضممنا إلى غرفة واحدة في المستشفى بعد ستة أيام من إجراء العملية، هذه السعادة التي اكتملت عندما عدنا إلى الإمارات بصحة جيدة ورؤية أبنائنا بعد انقطاع ثمانية أشهر عنهم .

وتكمل منال: الحمد لله الذي أكرمنا بنجاح عملية التبرع، لم أندم على ذلك القرار، ولن أندم أبداً على إنقاذ والد أطفالي، واليوم بات ينتابني شعور من السعادة عندما أتذكر أنني استودعته جزءاً من جسدي يعيش في جسمه .

فيما يتابع محمد: حياتنا اليوم أجمل من دون معاناة مع المرض، ولكنها أروع أيضاً لأن علاقتنا اكتسبت لوناً بهياً مليئاً بإيثار وتضحية أم عبد الرحمن، التي وهبتني حياة جديدة بعدما وهبتني السعادة طوال فترة زواجنا .:21:


13
950

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

ام الغالي الحنون
جزاها الله خير
الحياة أجمل
الحياة أجمل
استغفر الله
استغفر الله استغفر الله
استغفر الله استغفر الله استغفر الله
استغفر الله استغفر الله استغفر الله استغفر الله
استغفر الله استغفر الله استغفر الله استغفر الله استغفر الله
استغفر الله استغفر الله استغفر الله استغفر الله استغفر الله استغفر الله
استغفر الله
استغفر الله
استغفر الله
استغفر الله
استغفر الله
magnonah9
magnonah9
جزاك الله خير
-أنامل ناعمه-
-أنامل ناعمه-
جزاها الله خير
والله يديم عليهم العافيه
ام عمر الحلو
ام عمر الحلو
جزاها الله خير