العضوية الراقية

منقول للفائدة

نزهة المتفائلين

أنَّ النبيﷺقال:علامَ يقتل أحدُكم أخاه؟!، هذا كلّه يدلّ على أنَّ العين حقٌّ، كما صرَّح النبيُّﷺفي آخر هذا الحديث، قال:إذا رأى أحدُكم من أخيه يعني: في الإسلام ما يُعجبه يعني: من بدنه، أو ماله، أو غير ذلك.
وكذلك أيضًا رأى من نفسه؛ فإنَّ الإنسان قد يُصيب نفسَه بالعين؛ ولهذا فإنَّ النبيﷺقال هنا في هذا الحديث:إذا رأى أحدُكم من أخيه ما يُعجبه، وفي الرِّواية الأولى:إذا رأى أحدُكم من أخيه، أو من نفسه، أو من ماله ما يُعجبه.
فالإنسان قد يُصيب نفسه، وقد يُصيب ولدَه، وقد يُصيب أحبَّ الناس إليه، فهذا أمرٌ ليس باختياره على الأقرب -والله تعالى أعلم-، خلافًا لمن قال بأنَّ ذلك له اختيارٌ فيه، لكن لما كان تركُ الدُّعاء بالبركة سببًا في إصابة العين كان ذلك مُوجَّهًا إليه، يعني: من العتاب.
إذا رأى أحدُكم من أخيه ما يُعجبه فليدعُ له بالبركة، في الرواية الأخرى أنَّه أمره أن يُبَرِّك عليه:ألا برَّكْتَ عليه؟، يعني: هلا قلتَ: "بارك اللهُ عليك" من أجل ألا تُؤثر فيه العين؟ألا برَّكْتَ؟، فهذا للتَّحضيض، يعني: هلَّا دعوتَ له بالبركة؟ وهذا هو الصَّحيح؛ أن يقول مَن استشرفت نفسُه لشيءٍ، أعجبه شيءٌ من أخيه: من نفسه، أو ماله، أو غير ذلك؛ أن يدعو له بالبركة، يقول: أسأل الله أن يُبارك لك، بارك الله لك، بارك الله عليك. أو نحو ذلك.
إذا رأى سيارةً أعجبته قال: بارك الله له فيها، إذا رأى مالًا نامِيًا، أو نحو ذلك، قال: بارك الله له فيه، رأى دوابًّا، رأى هيئةً حسنةً قال: أسأل الله أن يُبارك لك في ذلك، هذا هو الصَّحيح.
وبعض الناس يقولون: قل: ما شاء الله، ليس كذلك، إنما يدعو له بالبركة، لا أن يقول: ما شاء الله.
3
274

هذا الموضوع مغلق.

زائرة
وأمَّا قصّة صاحب الجنة:قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا، ووَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فهذا على الأرجح أنَّه ليس لدفع العين، فهو دخل جنَّته مُتعاظمًا، مُتعزِّزًا، يقول:مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا۝وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا، فأصابه العُجب، فهو يقول: اخرج من حولك وطولك وقوّتك، فهذا إنما هو بإنعام الله وإفضاله، فلولا قلتَ: "ما شاء الله، لا قوةَ إلا بالله"، لا تنسب ذلك إلى نفسك وتقول:مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا، لا أنَّ ذلك من أجل العين، والرجل ما أصاب بستانه، في سورة الكهف ما أصاب بستانَه بالعين، وما كان صاحبُه يتخوف على البستان من العين، بدليل أنه دعا على بستانه:فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا۝أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا، فحصل ما حصل من إحاطةٍ بثمره:وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا، لا أنَّه أصابها بعينٍ.
إذن الذي تستشرف نفسُه لشيءٍ ينبغي أن يدعو له بالبركة، لا أن يقول: ما شاء الله، أو أن يُقال له: قل: ما شاء الله، فهذا ليس يُجدي عنه شيئًا، والله تعالى أعلم.
وكثيرٌ من الناس يُكثر من هذا: قل: ما شاء الله، ويُلحّ عليه، فلا يبرد حرّ نفسه حتى يقول هذه الكلمة، والواقع أنها غير مُغنية عنه إلا أن يشاء الله، لكنَّه يقول: أسأل الله أن يُبارك لك في هذا. يقول: ادعُ لي بالبركة. بهذه العبارة: "هلَّا برَّكْتَ؟"، يعني: هلَّا برَّكْتَ عليه؟
قال:العين حقٌّ يعني: الإصابة بالعين حقٌّ، يعني: شيئًا ثابتًا وموجودًا لا يُنكر.
"فغسل له عامرٌ وجهه، ويديه، ومرفقيه، وركبتيه، وأطرافَ رجليه، وداخلةَ إزاره"، يغسل هذه الأطراف البارزة، ويغسل أيضًا مغابنه –مراقّه-؛ ولذلك يغسل مع هذه الأطراف أيضًا باطن الركبتين، ويغسل هذه المواضع، وداخلة الإزار، والمغابن: المراقّ.

وذكر الحافظُ ابن القيم-رحمه الله- هذه الكيفية، وأنَّه لا ينتفع بها مَن أنكرها، ولا مَن سخر منها، ولا مَن شكَّ فيها، أو فعلها مُجرِّبًا، غير مُعتقدٍ.
يقول ابنُ القيم في الردِّ على أولئك الذين يُنكرون هذه الأشياء: "إذا كان في الطَّبيعة خواصٌّ لا تعرف الأطباءُ عِللها، بل هي عندهم خارجة عن القياس"، يعني: يقولون: كلّ شيءٍ سليم، ولا يعرفون وجه العِلّة، يقول: "وإنما تفعل بالخاصية"، يعني: هم يرون معنويات المريض تُساهم مساهمةً كبيرةً في سرعة الشِّفاء، يقولون: هذه خواصّ، يعني: غير مُدركة ماديًّا.
يقول: "فما الذي يُنكره جهلتُهم من الخواصّ الشَّرعية؟! هذا مع أنَّ المعالجة بالاغتسال مناسبة، لا تُنكرها العقول الصَّحيحة، الماء مع العين يُوجد بينهما مُناسبة"]، يقول: "كغيرها من المناسبات"، يعني: التي تتفق مع العِلّة، بل قد تكون غريبةً.
يقول: "هذا الترياق -سمّ الحيّة- يُؤخذ من لحمها"، يعني: أنَّ لحمها ينفع في علاج هذا، أو تكوين الدَّواء وتركيب الدَّواء للديغ، ويقول: "وهذا علاج النفس الغضبيّة إذا غضب الإنسانُ؛ بوضع اليد على بدن الغضبان، يُمسَح فيسكن، وهذا يكون حتى في الدَّواب: يُمسَح فيسكن، فكان أثرُ تلك العين كشعلة نارٍ وقعت على جسدٍ، ففي الاغتسال إطفاءٌ لتلك الشُّعلة، ثم لما كانت هذه الكيفية الخبيثة تظهر في المواضع الرَّقيقة من الجسد؛ لشدّة النُّفوذ فيها، ولا شيء أرقّ من هذه –يعني: المواضع- فكان في غسلها إبطالٌ لعملها"، يعني: أنَّ الغسل عند نفس العائن له أثرٌ في العلاج، مثل: الحيّة إذا قُتلت خفَّ ذلك على اللديغ، والعقرب إذا قُتِلَت خفَّ ذلك على مَن أصابته.
فيقول: "كذلك إذا غسل العائنُ هذه المراق خفَّ أثرُ العين، فإذا أُخذ وصُبَّ على هذا الإنسان الذي أُصيب بالعين كان ذلك شفاءً بإذن الله -تبارك وتعالى-".
زائرة
يقول:"فكان في غسلها إبطالٌ لعملها، ولا سيّما أنَّ للأرواح الشَّيطانية في تلك المواضع –يعني: المراق- اختصاصًا"، وأيضًا في وصول أثر الغسل إلى القلب من أرقّ المواضع وأسرعها نفاذًا؛ فتُطفأ تلك النار التي أثارتها العينُ بهذا الماء.
وأخذ منه أيضًا أهلُ العلم معانٍ: من جبر العائن على الوضوء، وهذه الطَّريقة، وأنَّ مَن اتُّهم بأمرٍ أحضره الحاكمُ وكشف عنه، وأنَّ العين قد تقتل، وأنَّ الدعاء بالبركة يُذهب أثرَ العين، وأنَّ تأثير العين إنما هو من حسدٍ كامنٍ في القلب.
يقولون: مع أنَّ هذا ليس بهذا الإطلاق، يعني: هي نفسٌ تستشرف، لكن لا يعني أنه يتمنى زوال النِّعمة عنه، الحسد قد يكون بإصابة الغير بالعين، وقد لا يكون، قد يكون بتمني زوال النِّعمة، وقد لا يكون.
فالإنسان قد يُصيب نفسَه، فالعين نوعٌ من الحسد، نوعٌ خاصٌّ من الحسد.
زائرة
بعضُهم يسأل عن هذا فيقول: إذا رأيتُ شيئًا من أصحابي، من قرابتي، من أهلي، من كذا، أصبتُه، لا أكاد أُخطئه، فما العمل؟
نقول له: ادعُ له بالبركة، لكنَّه قد يغفل عن هذا؛ فيجري فيه قدرُ الله -تبارك وتعالى-.