عرف عن النبي (صلى الله عليه وسلم) وصحابته بالزهد والقناعة حتى حار الناس بين ما عرف عن قوة أجسامهم وحدة أذهانهم وثاقب بصيرتهم وطول أعمارهم وبين غذائهم البسيط. الدراسات الطبية الحديثة و القديمة تربط ربطا وثيقاً بين قوة الجسم وحدة الذهن والذكاء وطول العمر من جهة وبين الغذاء المتوازن من جهة ثانية، فكيف وفق هؤلاء بين الزهد وخصائص الغذاء المتوازن؟ إن الله عز وجل أودع خصائص القوة والمناعة في أبسط الأغذية ولم يشترط أفخرها كي تكسب الإنسان قوة العقل والجسم، لذلك تجد الإسراف ومخالفة القواعد الصحية وتدمير مناعة الجسم والعقل في تناول الأغذية الفاخرة التي يقبل عليها المسرفون والمترفون من المعجنات والحلويات والمثلجات الصيفية ربما يدخلون عليها من أصباغ ومواد ترقق مذاقها بينما تخرب توازن الجسم، فإذا أقبلوا على الأغذية المقوية أصلاً كالزلاليات الموجودة في اللحوم مثلاً جعلوا بطونهم قبوراً للأمراض لكثرة ما يتناولون منها وأرهقوا أجسامهم بتصريف فضلاتها ولم يرعوا الإعتدال في كل ذلك.أما طريقتهم في الحصول على الزلال فقامت أساساً على تناول اللبن، الحليب هو أكمل الأغذية على الإطلاق لولا افتقاره إلى عنصر الحديد إن أخصائيي التغذية العصريين لا يلومون عموم البالغين في العالم على قلة تناوله ويعزون نقص الكالسيوم لديهم لهذا السبب، ولا يخفى على المتتبع أن نقص الكالسيوم لدى البالغين أو غيرهم يتضمن مضاعفات صحية جمة. وقد جاء في سيرة النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه كان يقول حين يوضع أمامه الطعام : ( اللهم أبدلني خيراً من هذا) إلا اللبن! وهذا يدل على تثمينه الجم لهذا الغذاء الممتاز نعود إلى باقي الأغذية البروتينية أو الزلالية لنرى هل عزف عنها النبي (صلى الله عليه وسلم) وصحابته مثل اللحم فنجد برنامجاً غذائياً كاملاً يقنن تناول اللحوم خلال الأسبوع فلا إفراط ولا تفريط وقيل ان بعضهم حرص على تناول لحم السمك يوم الأربعاء من كل أسبوع هذا اللحم الأبيض الذي يعتبر ألطف أنواع اللحوم وأخفها على القلب وجهاز الدوران فضلاً عن اشتهار ما يحويه من زيت على خصائص شفائية أشار إليها الدكتوران ديفيز وآلان ستيوارت في كتابهما nutritonal-medicine)) أي (الطب الغذائي) وعددا الحالات التالية على أنها مما يستجيب لأثر زيت السمك وهي:
1ـ من الحالات الجلدية: الأكزم، والتحسس، وجفاف الجلد وقشرة الرأس، وتقصف الاظافر.
2ـ الحالات العصبية: الإهتياج العصبي لدى الأطفال، وانفصام الشخصية.
3ـ الإلتهابات: التهاب المفاصل، والإلتهابات الجرثومية بشكل عام.
4ـ الأمراض المناعية: ضعف المناعة العامة للجسم والتصلب اللولحي.
5ـ أمراض القلب والعروق: الذبحة الصدرية، وتكدم الجلد، مشاكل تخثر الدم، ومرض رينويد (تضيق الشرايين الطرفية)، وزيادة شحوم الدم.
6ـ الإضطرابات الهرمونية: بالمرض السكري والبدانة.
7ـ الأمراض النسائية: الأورام السليمة في الثدي، واضطرابات ما قبل الدورة الشهرية.
8ـ بعض أمراض الكلى.
أما بقية أنواع اللحوم (كاللحم الأحمر) فيفضل تناولها بما تقتضي حاجة الجسم.. وكذلك النشاط البدني فإذا كان عمل الفرد لا يقتضي الحركة والنشاط نصحوه بالرياضة المنتظمة يومياً، أو بين يوم وآخر على الأقل عشرين إلى ثلاثين دقيقة، رياضة نشيطة تتردد فيها أنفاسه سريعة في صدره ويزاد نبضه 85% عن النبض العادي.
فإذا التفتنا إلى منهج النبي (صلى الله عليه وسلم ) وصحابته وأتباعهم من المؤمنين، لوجدنا الحث على الحركة الفاعلة في طلب الرزق تارة وفي تقوية الجسم والإستعداد لقتال الأعداء تارة أخرى قال الكريم جل وعلا: ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) ونجد تطبيقاته في حياة المؤمنين في تقوية الأجسام (إن لبدنك عليك حق). وفي التدريب على الفروسية والسباحة وحمل السلاح والإستعداد للقاء الأعداء.
أما الشرط الآخر والمطلوب كي يستفيد الجسم من غذائه فهو الراحة النفسية، وهي التي تتحقق من خلال الذكر والصلاة والصيام وقيام الليل، وقراءة القرآن والإستعانة بالله سبحانه.
وحين يفتقد الإنسان الغربي عناصر تربية الروح يعلمونه طرق الإسترخاء العميق (Deep Relaxation) فيتمدد على سرير ويستمع إلى شريط مسجل يلقي إليه بالتعليمات ويرشده إلى تركيز أفكاره على نقطة واحدة من جسمه وينسى ما حوله ويعود يتنفس ببطء واسترخاء حتى يخلد إلى النوم وهذا أقصى ما توصل إليه علم الطب في العلاج الطبيعي للقلق والكآبة والتشنج العصبي وغيرها ليخرج الإنسان الغربي من مشكلاته وصراعه الداخلي مع نفسه ويحافظ على تعادله الروحي والعقلي.
أما الإسلام ومنهج النبي (صلى الله عليه وسلم) فقد جاءنا بالصلاة والصيام وذكر الله تعالى والإستعانة به لتربية العقل والروح وضمان تعادلهما، وذلك كفيل أيضاً ببناء الأجسام وحسن استفادتها من غذائها وجودة تمثيله ولا يخفى على أي منا كيف يشعر الإنسان بثقل الطعام واضطرابه في المعدة حينما يتناول غذاءه وهو مشغول البال أو حزين لأمر ما ولا عجب أن يعزو الأطباء حدوث القرحة المعدية، والأثني عشرية، والتهاب القولون العصبي إلى الضغط النفسي الذي تحدثه سرعة حركة عجلة العصر واللهاث وراء قاطرة العصر الحديث التي تجري بسرعة فلا يدركها الإنسان العصري بالراحة والإطمئنان.
وقد ورد عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قوله: (المعدة بيت الداء والحمية هي الدواء) فرد أصل جميع الأمراض والمتاعب الصحية إلى الغذاء وهضمه في المعدة.
إذا فالمحافظة على تناول الغذاء المتوازن والالتزام بشروط هضمه الصحيح من التحرك والنشاط وراحة النفس والروح أساس للتخلص من الأمراض كما إن علاج الأمراض يبدأ أساساً من وقاية الجهاز الهضمي بالحمية وملاحظة نوع الغذاء الذي يتناوله المرء.
أما عن الأغذية التي تحتوي الفيتامينات والمعادن كالخضراوات إذا عدنا إلى الغذاء المتوازن، رأينا أن الأغذية الطازجة ضرورية لإكمال الغذاء ويحتاجها الجسم حاجة ماسة. ولكي نطلع على رأي الأبحاث الطبية الحديثة حول برنامج وتصنيف الغذاء المتوازن، نلتفت إلى الدراسة التي أجرتها ثلاث جامعات بالمشاركة هي: (جامعة اكسفورد)، و (الأكاديمية الصينية للطب الوقائي في بكين) وجامعة (كورنل) الأميركية، وخضع لها (6500)شخص أجريت عليهم التجارب والإختبارات، وكانت النتيجة النهائية كما يلي:
1- أن الأفراد الذين يتناولون وجبة واحدة من اللحوم في الأسبوع تقل لديهم الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية كالجلطات القلبية والدماغية التي تؤدي إلى أنواع الشلل، وحتى إلى الموت في بعض الحالات بينما تزيد نسبة هذه الأمراض لدى الأمريكان زيادة هائلة لتناولهم يومياً وبانتظام.
2ـ حيث يقل تناول الدهون عند الأفراد تقل نسبة الكسترول في الدم.
3ـ وعلى هذا الأساس اتخذت إدارات الصحة الأمريكية هرماً يصور النسب الصحيحة للغذاء المتوازن التي يجب الإلتزام بها للحفاظ على صحة الفرد وسلامته.
وقد نشرت (النيوزويك) صورة هذا الهرم الغذائي. وهو يعني أن يكون أساس الغذاء اليومي الحبوب والنشويات المعقدة، ثم يأتي بعدها في الأهمية الخضراوات والفواكه، ثم الحليب ومنتجاته، الزلاليات الحيوانية ومنها اللحم، وأخيراً وعلى نطاق ضيق جداً الدهون والزيوت والسكريات،
ثم يأتي (بوني لبمن) أخصائي التغذية الأمريكي في المركز العلمي يقول: (يجب أن تتألف الوجبة الغذائية غالباً من الحبوب والخضراوات والبقول، أما اللحوم فيجب التأدم بها لا غير) وهو إنما ينبه الأمريكان إلى الغذاء الصحيح المتوازن ويلفت أنظارهم إلى وجوب التقليل من أكل اللحوم لأنهم معروفون في الإسراف بأكلها
أعمدة الصحة الثلاثة
يؤكد أخصائيو التغذية العصريون على ثلاثة عناصر متلازمة من أجل أن يفوز الجسم والعقل والروح بالصحة والسلامة:
اولاً ـ الغذاء المتوازن.
ثانيا ًـ الفعالية والنشاط.
ثالثاً ـ الراحة النفسية.
وهذه العناصر مجتمعة نجدها واضحة في حياة النبي والصحابة ويمكن أن تعزى إليها صحتهم و وفور قدرتهم العقلية والروحية والجسمية. فبعد الغذاء الذي أشرنا إليه تأتي الحركة والفعالية والنشاط، وهي ضرورية لتمثيل الغذاء وحسن استفادة الجسم منه إذ أن الكسل والقعود يؤدي إلى سوء الهضم ، ويرسب الشحوم في مناطق معينة من الجسم يمكن أن توصف نتيجتها بأنها سوء توزيع.
أما العقل والروح فلا ينجوان أيضا من الكسل بل يصيبهما الترهل والركود لذلك رأينا النبي (صلى الله عليه وسلم) والصحابة وهم قدوة البشر يقدمون مثالا رائعا للحركة والنشاط، فقد عرف عنهم الاشتغال بأيديهم حتى ولو اكتفوا بمعيشتهم، وما أكثر ما شوهدوا بالإضافة إلى أعمالهم في تصريف شؤون المسلمين وقيادتهم في الحروب شوهدوا وهم يشتغلون في الزراعة وفلاحة الأرض وهو عمل يتطلب من الإنسان جهداً بدنياً كبيراً ويمنحه في نفس الوقت سعادة روحية عميقة وإذا قلبنا صفحاتهم بشكل عام وجدنا ظاهرة العمل والحركة والنشاط واضحة في سلوكهم .
اليوم
سيدة الوسط @syd_alost
عضوة شرف في عالم حواء
يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.
أوراق الزمن
•
بارك الله فيك اختي سيدة الوسط على هالموضوع القيم ..:26:
الصفحة الأخيرة