من أجل سلام دائم داخل الأسرة المسلمة

الأسرة والمجتمع

من أجل سلام دائم داخل الأسرة المسلمة

إن حدوث الخلافات الزوجية. شيء لا يدعو إلى الانزعاج والخوف، بل إن حياة أزواج لا يحدث فيها خلافات قد تستوجب البحث والدراسة، فالخلافات الزوجية شيء طبيعي، ولا بد من حدوثها، لأن الحياة الزوجية قائمة بين اثنين من البشر، وكل بني آدم خطاء، لأن الكمال لله وحده. فالزوج قد يخطيء وقد يقصر في حق زوجته، أو يصدر عنه تصرفات لا ترضيها، وقد تخطيء الزوجة وتقصر أو يصدر عنها تصرفات لا ترضي زوجها، فينشأ من جراء ذلك بعض الخلافات العارضة، وهذا شيء عادي قد يحدث في كل بيت، حتى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت أزواجه يراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل. وقد أقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يدخل عليهن شهرا من شدة موجدته عليهن حتى عاتبن الله- عز وجل. !

وكان على رضي الله عنه يغضب على فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويخرج من البيت إلى أن يزول الخلاف.

فقد صح عن سهل بن سعد الساعدي قال: جاء الرسول صلى الله عليه وسلم إلى بيت فاطمة فلم يجد عليا، فقال: " أين ابن عمك؟ " فقالت: كان بيني وبينه شيء فغاضبنى فخرج، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" انظر أين هو " فقال: هو في المسجد راقد، فجاء وهو مضطجع، وقد سقط ردأه عن شقه فأصابه تراب، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " قم أبا تراب " قال سهل: وما كان له اسم أحب إليه منه. متفق عليه

... فالمرأة العاقلة الواعية يجب أن تجعل في بداية حياتها مع زوجها نظاما يتفقا عليه، يعرف كل منهما ما يحب الآخر فيعمله، وما يكره، فيجتنبه، ولقد كان الأزواج والزوجات من السلف الصالح يفعلون ذلك في بداية حياتهم ولذلك لم نسمع عن خلافاتهم، مما نسمعه اليوم من الخلافات الزوجية.

فها هي زوجة شريح القاضي قالت له ليلة الزفاف: (إني امرأة غريبة لا علم لي بأخلاقك، فبين لي ماتحب فآتيه وما تكره فأتركه). ولهذا عاشا معا عشرين عاما دون خلاف أو نزاع يعكر صفو حياتهما.

... ويوصى أبو الدرداء امرأته فيقول:

إذا رأيتنى غضبت فرضني، وإذا رأيتك عضبتي رضيتك وإلا لم نصطحب. ويقول آخر:

خذي العفو مني تستديمي مودتي ولا تنطقي في ثورتي حين أغضب

ولا تنقريني نقرك الدف مــرة فإنك لا تـدرين كيـف المغيب

ولا تكثري الشكوى فتذهب بالقوي ويأباك قـلبي والقلـوب تقـلب

فإنـي رأيـت الحـب والأذى... إذا اجـتمعا لم يلبث الحب يذهب

.... حقا إنها وصية إذا عملت بها نساء عصرنا لاستراحت وأراحت زوجها من مشاكل لا حصر لها.

... والمرأة العاقلة كما تحب من زوجها أن يغفر لها هفواتها، فهي أيضا يجب عليها أن تغفر له هفواته،. لأن المرء لم يخلق معصوما من الخطأ. وهو معروف لدينا أن كثرة العتاب تولد الخلافات. فالمرأة أحيانا تعتب على زوجها في أمر ترى أنه كبير، وقد يكون عتابها عنيفا مما يعرضها إلى خطأ أكبر مما عاتبت عليه زوجها، فيؤدي ذلك إلى مشكلة كانت في غنى عنها إذا هي تغاضت عن بعض الأمور البسيطة. فالزوج له محامد، وتكون له أيضا بعض المساويء، فلكل جواد كبوة ولكل عالم هفوة.

ولذلك لا تغضب المرأة إزاء فلتة زل بها لسان زوجها عند الغضب، بل تكون متساهلة متسامحة تقابل السيئة بالحسنة، فحينها يدرك زوجها خطأه، ويعرف أن زوجته عاقلة متسامحة، وحينها يزداد الحب والتفاهم بينهما.

يقول الله تعالى: ((ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم )).

ولبشار بن برد في المعاشرة:

إذا كنت في كل الأمور معاتبا صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه

فعش واحدا أو صل أخـاك فإنه مقارف ذنب مرة ومجانـبه

إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى ظمئت رأي الناس تصفو مشاربه

ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها كفى بالمرء نبـلا أن تعـد معايبه

.... فمن أجل سلام دائم يجب على المرأة المسلمة الاعتراف بفضل زوجها، وعدم نكران إحسانه إليها، حتى لا تكون مع شر النساء اللاتي قال عنهن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اطلعت في النار فإذا أكثر أهلها النساء. يكفرن العشير. لو أحسنت إلى إحداهن الدهر، ثم رأت منك شيئا قالت: ما رأيت منك خيرا قط " (رراه البخاري)

.... ومن أجل سلام دائم يحب على المرأة المسلمة الصلح مع زوجها وإرضائه، لتكون ممن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهن: " أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة " (رواه الترمذي وحسنه)

.... ومن أجل سلام دائم يجب على المرأة أن تنهي خلافاتها مع زوجها دون " أي تدخل من الأهل أو الأصدقاء، فأحيانا تزيد المشكلة بتزايد أفرادها. فالرجل له كرامته وعزته، ولا يرضيه أن يعرف صديقه أو أصهاره ما دار بينه وبين زوجته من خلاف مما يزيد الأمر تعقيدا، ومما يجعل العلاقات متوترة بين الزوج وأصهاره أو بين أهله وأهلها، وقد يصطلح الزوجين ويظل الخلاف بين الأصهار، مما يجعل القلق يحوم حول الزوجين نتيجة لذلك.

.... ومن أجل سلام دائم يجب على الزوجة أن تتودد إلى زوجها بالكلمة الطيبة والاعتذار اللطيف، حتى تنال منزلة في الجنة وتكون ممن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عهن: " ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة الولود الودود العئود على زوجها الذي إذا غضب قالت: لا أذوق غمضا حتى ترضى ".

.... ومن أجل سلام دائم يجب على كل من الطرفين التنازل عن بعض رغباته ولا سيما الزوجة، لأن الرجل يعتز برأيه ويجب أن تقتنع به زوجته. فعلى المرأة الواعية العاقلة أن تتنازل عن رأيها حتى ولو رأت أنه صحيح حسما للخلاف، وحينما يهدأ الزوج تتحين الفرصة في جلسة عائلية هادئة تحاول إقناعه برأيها، فحينها قد يرضخ زوجها لرأيها مقتنعا وراضيا ويمر الأمر بسلام دون عناد وخصام فالشر لا يطفأ بالشر كالنار لا تطفأ إلا بالماء.

فعلى المرأة المسلمة الرفق في الأمور كلها، والحلم والأناة حتى تكون كنز لزوجها المسلم، يسعد إذا رآها، ويطمئن إذا تركها، ويشكر الله دائما على هذه العطية التي جعلت السعادة ترفرف داخل البيت، مما أعانه على عبادة الله وشكر نعمائه.

تلكم أيتها الزوجات المسلمات المنهج الأسري الذي رعه لنا الاسلام بتشريعاته السمحة العادلة.

فعلى كل امرأة مسلمة تريد حياة الدارين الدنيا والآخرة أن تتمسك بالمنهج الذي رسمه لها الإسلام وتؤدي ما عليها من واجبات، وتضع يدها في يد زوجها ليتعاونا على بناء أسرة صالحة، مكونة من زوجين صالحين وأولاد ينشئون ويترعرعون في بيت إسلامي، قائم على أعمدة من الحب والتفاهم والثقة، ويتنفسون في هذا البيت هواء نقيا خاليا من الجراثيم والمشاكل مليئا بالعبادات والذكر،.. وبهذا تكون قد ساهمت في بناء أمة إسلامية بإعطائها جيل صالح خالي من العقد النفسية، قادر على تحمل المسئولية ورفع راية الإسلام.





من كتاب كيف تكونين زوجة صالحة واما ناجحة
2
708

يلزم عليك تسجيل الدخول أولًا لكتابة تعليق.

تسجيل دخول

الجودي
الجودي
اسال الله العظيم رب العرش العظيم ان يذكرك الشهادة كما تذكرينا بامور نحتاجها دائما وان نحمد الله على نعمة الزوج ونرضي بما قسم الله لنا . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغضب في امر الدنيا نهائيا انما غضبه في الدين.
:26:
*حبيبة زوجها*
*حبيبة زوجها*
الفقيرة لله
جزاك الله كل خير
تحياااتي