من أخلاقنا الجميلة ~ الحِلم ~

الحلم هو خلقٌ جميل من أخلاقنا الإسلامية ..
يقصد به الأناة وضبط النفس
والتريث والتثبت في أي أمر ..
وإن وجهت له الإساءة ..
وهذا الضبط يعطى الحليم الفرصة للتفكير الهادئ ..
والتقدير السديد..
فيقرر بطريقة سليمة خلقيًا ودينيًا
أن يعفو .. أو يرد بمثلها .
:
والحلم يكفل لصاحبه البقاء ضمن إطار الفضيلة والقانون
ويجنبه تجاوزهما. .
أما الخير الذى يجنيه الغير من حلم الحليم ..
فهو أنه سيأمن من الظلم والعدوان ..
وربما نال الصفح والعفو عن إساءته
:
والحلم يذكر في القرآن كصفة لله تعالى ..ثم لأنبيائه ...
كمثل قوله تعالى :
( اعلموا أن الله غفورٌ حليم )٢٣٥/ البقرة .
( إن إبراهيم لأوّاهٌ حليم ) ١١٤/ التوبة .
{ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ } ١٠١/ الصافات
:
كما يذكر بالثناء الكبير ، ويعد بمنزلة الإحسان ..
والفوز بمحبة الله تعالى :
{وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ }
١٣٤/ آل عمران
:
ومن الأحاديث النبوية نستقي جرعات إيمانية..
عما ورد في فضائل الحلم :
يقول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم :
{ما من جرعة أعظم أجرًا عند الله
من جرعة غيظ كظمها عبد ابتغاء وجه الله }
:
ومن المسلمات أن الحلم ماكان ليكون ..
لو لم يوجد غضب لأي سبب ..
:
أحلم من معن ~
قصة ...معن بن زائدة كان أميراً على العراق ..
وكانت له اليد الطولى في الكرم ..
والصيت الذائع في الحلم..
وقد تراهن جماعة على مائة ناقة ..
لمن يغضب (معن بن زائدة) ويخرجه عن حلمه ..
فانطلق الأعرابي الفصيح بينهم ..ودخل المجلس ولم يسلم ، ثم ابتدر معناً بالقول :
:
أتذكر إذ لحافك جلد شاةٍ
وإذ نعلاك من جلد البعير؟!
:
فقال معن :
أذكره ولا أنساه والحمد لله ..
:
فقال الرجل:
فسبحان الذي أعطاك ملكاً..
وعلمك الجلوس على السرير!
:
فقال معن:
له الحمد والشكر على ما أعطى ..
:
فقال الرجل:
فلستُ مسلما ما عشتُ دهراً
على معن ٍ بتسليم الأمير..
:
فقال معن :
السلام سنة وشأنك في الأمر ..
:
فقال الرجل:
سأرحلُ عن بلاد أنت فيها
ولو جار الزمان على الفقير
:
فقال معن: إن جاورتنا فمرحبا ..
وإن رحلت صحبتك السلامة ..
:
فقال الرجل:
فجد لي يا ابن ناقصة بمالٍ
فإني قد عزمت على المسير
:
فأعطاه معن ألفا ..
:
فقال الرجل:
قليلٌ ما أتيتَ به وإني
لأطمع منك في المال الكثير
:
فأعطاه ألفا أخرى ..
:
فقال الرجل:
فثنّ فقد أتاك الملك عفوا
بلا عقل و لا رأي منير..
:
فقال :
أعطوه ألفين .. وقال:
هل هدأ بالك يا أخا العرب؟!
:
فبكى وقال:
سألتُ الله أن يبقيك دهرا
فما لك بالبرية من نظير
فمنك الجود والإفضال حقاً
وفيض يديك كالبحر الغزير
فقال معن:
أعطيناه أربعة على ذمه ..
فأعطوه أربعة على مدحه ..
ثم اعتذر الرجل وقص عليه القصة
وقال :
ماجئت إلا مختبراً حلمك لما بلغني منه
فلقد جمع الله فيك مالو قسم على أهل الأرض لكفاهم .
:
وهكذا صار معن بن زائدة مضرب الامثال في الحلم بين الناس .
:
الحلم يتطلب شخصية خلقية قوية ..
وإرادة خلقية ماضية لضبط الانفعال العنيف..
لذا فهو صعب المنال حقاً ..
ولذا يُعدُّ فضيلة عالية القيمة..
ترتهن بنية الفوز برضا الله أو قصد وجه الله
:
من ثمرات الحلم والصفح~
إنّ من أعذب الثمار ..وأطيبهامذاقاً ..
وأنشرها عطراً ..
وأبعدها أثراً ..
الحِلم .. ! وما يتبعه من صفح وغفران ..
فهو يحيل العداوة مودة
ويغسل القلوب من الأدران ..
يقول الله تعالى :
{ وَلَا تَسْتَوِى الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ
ادْفَعْ بِالَّتِى هِى أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ
كَأَنَّهُ وَلِى حَمِيمٌ }٣٤/ فصلت
:
وهو من علامات القوة وضبط النفس ..
وليس دليل الضعف كما يتصور البعض ..
قال تعالى:
{ وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}
٤٣/ الشورى
:
والحليم يحبه الله تعالى ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس:
«إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة»
:
والثواب الأعظم لمن ملك إرادته ..
وكان حليماً ..ليناً ..هيّناً ..سهل الطباع ..
يغفر عن الإساءة ..
ويصفح عند القدرة ..
أن يُحرِّم الله تعالى عليه النار ..
عن ابن مسعود قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
«ألا أخبركم بمن يحرم على النار
-أو بمن تحرم عليه النار -
تحرم على كل قريب هين لين سهل».

❤️
اللهم اجعلنا منهم ..